الحمدُ لِلّهِ أضحى الدِّينُ مُعتَليا | |
|
| وباتَ سَيفُ الهدى الظَّمآن قد رَويا |
|
إن كنتَ ترتاحُ للأَمر الذي قُضيا | |
|
| فسَلهُ نَشراً ودَع عنكَ الَّذي طُوِيا |
|
فالسَّيفُ أَصدَقُ أَنباءً من الكُتب
|
هو المقيّدُ للآثارِ والحِكَمِ | |
|
| لولا وقائِعُهُ في سَالِف الأُمَمِ |
|
لم يَحفل النّاسُ بالقِرطاس والقَلمِ | |
|
| أينَ اليَراعةُ من صَمصَامَةٍ خَذِمِ |
|
في حَدّهِ الحَدُّ بين الجِدِّ واللَّعِبِ
|
والسَّمهَرِيَّة تتلوهُ وتتبَعُهُ | |
|
| ما مالَ عَرشٌ رماحُ الخَطّ ترفَعُهُ |
|
خُذ ما تراهُ ودَع ما كنتَ تَسمَعُهُ | |
|
| فالعِلمُ في شُهبِ الأرماحِ أَجمَعُهُ |
|
بينَ الخميسينِ لا في السَّبعَةِ الشُّهُبِ
|
في أَمرِ قُورِيّةٍ سِرُّ ومُعتَبَرُ | |
|
| هل للكواكبِ في استفتاحِها أَثَرُ |
|
حتى انتحاها أبو إسحاق والقَدَرُ | |
|
| وعَزمَةٌ ما لهم من دونها وَزَرُ |
|
كالسَّيل في اللَّيلِ ذي التَّيار والحَدَبِ
|
سَما إلى الدّين والدُّنيا فشَدَّهما | |
|
| بفتكةٍ رَفَّعَت فِي اللَه حَدَّهُما |
|
وجَحفَلين أعضَّ الكفر حَدَّهما | |
|
| رَمى بك اللَهُ بُرجيها فهدَّمها |
|
ولو رَمى بكَ غيرُ اللَهِ لم يُصِبِ
|
سواكَ تُخفَرُ بعد العقدِ ذِمَّتُه | |
|
| وأنت من كَملت في الصَّفح نِعمَتُهُ |
|
ولا تُبَتُّ بملءِ الأَرضِ عِصمَتُه | |
|
| ورُبَّما أعرضت للحَزمِ هِمَّتُهُ |
|
يومَ الحِفاظِ عن المَسلُوب والسَّلبِ
|
أَبقى كَنِيُّكَ عَمُّورية مَثَلا | |
|
| فجئتَ تفعَلُ محموداً كما فَعلا |
|
لَمَّا رَأَوا بك صرفَ الموتِ قد نَزلا | |
|
| ولم يدع لهُم صِدقُ الرَّدى أَمَلا |
|
لديكَ إذ جَنَحُوا للسّلم من كَثبِ
|
رضيتَ عنهُم وصدر السَّيف ذو حَنِق | |
|
| والسَّمهرِيَّةُ تَستَسقي على حُرَقِ |
|
وتلك سَمُّورة تهوي من الغَرَقِ | |
|
| وفي ضَمانِكَ أَن تَروى من العَلقِ |
|
ظُبى السُّيوفِ وأَطرافُ القَنا السُّلُبِ
|
فاصمد إليها وثِق بالواحد الصَّمَدِ | |
|
| لا تَخشَ مَطلاً وناجِزها يداً بِيَدِ |
|
فما تُصاولُ أُسد الغابِ بالنَّقَدِ | |
|
| وانهَد فجيشُك لم ينهد إلى بلدِ |
|
إلا تقدّمَهُ جيشٌ من الرُّعُبِ
|
لاقَتكَ قوريّة بالذُّلِّ واعترفَت | |
|
| في فتيةٍ صُبُرٍ ليسوا كمن عَرَفَت |
|
كم خاطبٍ بأَليمِ القَدعِ قد صَرفَت | |
|
| لكن بِرُعبِكَ درّ الرِّسلُ وانصرفت |
|
منها المُنى حُفَّلاً معسولَةَ الحَلَبِ
|
أبوكَ ناصِرُ هذا الدّين إذ خُذِلا | |
|
| ومُنشِرُ العَدلِ لمّا ماتَ أو قُتِلا |
|
فكن على هَديهِ الميمونِ مُحتَمِلا | |
|
| وأَورد الأَمرَ مهما شئتَ مُشتَمِلا |
|
ففي نِصابكَ ما يكفي من النَّصَبِ
|
لكنّكَ الشَّمسُ لا تنفكُّ في سَفرِ | |
|
| وفي بَشائِرَ تُهدِيها إلى البَشَرِ |
|
ودِيمةٌ لم تكن من هذه الدِّيَمِ | |
|
| سَقت بَوارِقُها أَرضَ العِدَا بدمِ |
|
فيها الصواعق من سُمرٍ ومن قُضُبِ
|
اِختارَهُ اللَهُ عن علمٍ ومكَّنهُ | |
|
| فزلزل الشِّركَ والإسلام سكَّنَهُ |
|
حتّى تَبوّأَ عند اللَهِ مَأمَنهُ | |
|
| صَلّى الإلهُ على تُربٍ تَضَمَّنَهُ |
|
فَكُلُّ مَعلُوَةٍ في ذلك التُّربِ
|
طودٌ نَمَتهُ إلى العَليَاءِ أَطوادُ | |
|
| كيف استقلّت بهِ في النَّعشِ أَعوادُ |
|
كأنهم حَملُوا رَضوى وما كادُوا | |
|
| والعدلُ والبِرُّ والتقوى لهُ زادُ |
|
فَحَلَّ من ذروةِ الفِردوسِ في رُتَبِ
|
مع ابنِ عبدِ العَزيز المُرتَضى عُمَر | |
|
| قد كانَ ثانِيَهُ في فاضِلِ السِّيَرِ |
|
فصارَ أَولى من الأَولَين في السُّورِ | |
|
| إِنَّ المُصَلّيَ بعد السابقِ الظفِرِ |
|
أَدنى إليه من الأذنين في النَّسَبِ
|
يا قَبرُ زارك عَنّا وابِلٌ عذِقٌ | |
|
| وروضَةٌ للحِجَا رَيحانُها عَبِقُ |
|
يضاحكُ الشّمسَ منها كوكبٌ شرِقٌ | |
|
| لو ما علمتَ على مَن أنت مُنطَبِقُ |
|
لاختالَ تُربُكَ من عُجبٍ وم عَجَبِ
|
هَل من بشيرٍ بهذا الفتح يُعلِمهُ | |
|
| ما شاءَ من بعدِهِ بِرٌّ يَعُظِّمهُ |
|
واللَهُ في أجرِه الموفُورِ ينظمهُ | |
|
| فإنّهُ في الثَّرى تَهتَزّ أعظمهُ |
|
بما استباح من الأَوثانِ والصُّلُبِ
|
هذا حَديثٌ إلى الرَّحمن مصعدُه | |
|
| ويوسفٌ عن يمين اللَه مقعَدُهُ |
|
وروحُه الطيّبُ الزاكي سَيشهدُه | |
|
| وأحمدٌ ثَمّ عند اللَهِ يَحمَدُهُ |
|
عن العبادِ وعينُ اللَهِ لم تَغِب
|
يا حائط الدِّينِ في ماضٍ ومُقتَبَلِ | |
|
| لم تُبقِ لِلمُلكِ والإِسلام من أَمَلِ |
|
خَصَصتنا بأمير المؤمنين عَلي | |
|
| ناهيكَ من عِوَضٍ ضَخمٍ ومن بَدَلِ |
|
تدورُ من رأيهِ الدُّنيا على قُطبِ
|
أَعلى المُلوكِ واتقَاهم لمالكِهِ | |
|
| للعدل فَيضٌ وَبَسطٌ في ممالِكِهِ |
|
والمشرفيّةُ تَدمى من مالكِهِ | |
|
| والحِلمُ وهو حَياةٌ من مهالِكِه |
|
لَمّا رأيت جُنودَ اللَهِ في الضَّرَب
|
خاصِم بدعوته المنصورةِ الحُجَجِ | |
|
| وكن من النًّصر والعُقبى على ثَلَجِ |
|
وافرُج بها كُرَبَ الإسلامِ تنفرجِ | |
|
| واقرَع بها كلّ بابٍ مُبهم تَلِجِ |
|
فنِعمَ مِفتاحُ بابِ المعقلِ الأَشِب
|
ها إنّها نَفثةٌ زارتك عن أثرِ | |
|
| مبشراتٌ من الرُّؤيا على قَدَر |
|
باحَت كما باحَت الأَكمامُ بالزَّهرِ | |
|
| والليلُ تُدرجُه طيّاً يد السَّحَرِ |
|
والفَجرُ راياتهُ منشورةُ العَذبِ
|
تأويلُ رؤيايَ قد لاحَت أَوائلهُ | |
|
| ويُمنُ رأيكَ قد قامت دلائلُهُ |
|
وأنجحت نحو ما تَبغِي وسائلهُ | |
|
| واللَهُ يُعطيك مِمّا أنتَ سائِلهُ |
|
كلَّ الذي بَعضُه يأتي على الأرَبِ
|
لازِلتَ تَقدَحُ زندَ البأس والكَرمِ | |
|
| ودُمتَ تَرفَعُ للسَّارين في الظُّلَمِ |
|
نارَي نَدىً ووَغىً تُذكى على عَلمِ | |
|
| والنَّاسُ من بأسِك المحمرِّ في ذِمَمِ |
|
وجودُك النَّضرُ في ماءٍ وفي عُشُبِ
|
هو الأميرُ أبو اسحاق ما نَهَدا | |
|
| إلا أعادَ عزيزَ الكُفرِ مضطهدا |
|
واستصحب الملأَ الأعلى لهُ مددا | |
|
| ولم يمدّ إلى المستعصبات يَدا |
|
إلا اتّقت بِرضاهُ سَورَةَ الغَضَبِ
|
أمطَتهُ قُورِيّةٌ أَعنانَ صَهوتِها | |
|
| أَولى لَها لو تَمادى عَقدُ جَفوَتِها |
|
من الجُيوشِ التي حَلّت بِعَقوَتِها | |
|
| لو حاولت رأسَ غمدانٍ بِعَنوَتِها |
|
ماتَ ابنُ ذي يَزَنٍ من شِدَّة الرَّهَبِ
|
لم تستطع مع ما أحكَمتَهُ حَركا | |
|
| لَمّا نصَبتَ على أَقطارِها الشَّرَكا |
|
حتى أخذت عليها الجَوَّ والفَلَكا | |
|
| بطامحٍ فاتَ أسبابَ السُّها دَركا |
|
ذَلّت به راسِياتُ الصَّخرِ للخشَبِ
|
يُونانُ تعجز عن إِحكام ما اختَرعا | |
|
| والفُرسُ لا تَدَّعي بعض الذي صَنعا |
|
لو رامَ ذاكَ أَنُو شروانُ لامتَنعا | |
|
| ولو أبو كَرِب في وصلِها طمعَا |
|
ندّت وصَدَّت صُدوداً عن أبي كَرِبِ
|
أَثبَتَّ بعد زَوالٍ أرض أَندَلُسٍ | |
|
| وقُمتَ تُذكرنا بالأَمنِ والأَنَسِ |
|
والفَتح عَهداً من الإقبال كانَ نُسِي | |
|
| فالنّاسُ ما دُمتَ في عيدٍ وفي عُرُسِ |
|
والأَرضُ تبرزُ في أَثوابِها القُشُبِ
|
اغضَب لِعَيثِ ابن رُذميرٍ فقَد مَرَدا | |
|
| واجرُر عَلَيهِ لريحِ النَّصرِ ذَيلَ رَدى |
|
بوقعةٍ تَرتمي أَمواجُها زَبَدا | |
|
| بكلِّ أَدهمَ تُعطيه البُروق يَدا |
|
بالليلِ مُشتملٍ بالفجرِ مُنتَقِبِ
|
وانهَض نُهوضَ أَبيّ النَّفس معتزمِ | |
|
| واسلك سبيلَ أبي إسحاق معتصمِ |
|
وخُذ بثأرك في البَيضاء واحتكمِ | |
|
| يا غيرةَ اللَهِ قد عاينتِ فانتقمي |
|
بغزوِ مُحتسِبٍ لا غزوِ مُكتَسِب
|
وارمِ العَدُوَّ بسهمٍ منك لم يطشِ | |
|
| وانعش بحزمِكَ ذاك الثّغرَ يَنتَعِشِ |
|
وارغَب بتابعِ أصحاب الهدى حَنَشِ | |
|
| عن كُلّ رجسٍ لحرِّ الجمرِ مفترشِ |
|
واربأ بأعظُمِه عن ذلكَ اللّهَبِ
|
واهاً لوحشة مَبداها ومَحضَرِها | |
|
| واهاً لرفضِ مُصلاها ومنحَرِها |
|
واهاً لمسجِدها الأَعلى ومنبرِها | |
|
| لشَدَّ ما سُلبت إشراقَ مَنظَرِها |
|
وغُودرت وحشَةَ السَّاحات والرَّحَبِ
|
معَاهد تعرفُ التَّوحيد والسُّوَرا | |
|
| وسُنّة المصطفى المُختار والأَثَرا |
|
وجَنّة أَصبحَت روضاتُها سَقَرا | |
|
| وبُدّلت بِذَوي الإيمانِ مَن كفرا |
|
فأَيُّ طِفلٍ لِهذا الهَولِ لم يَشِبِ
|
الدِّينُ جِسمٌ سَوِيٌّ باسقُ القَدَرِ | |
|
| وإن أَلَّم بِعُضوٍ منه ذي خَطَرِ |
|
داءٌ تَضعضعَ بالحُمَّى وبالسَّهرِ | |
|
| فانظر وفي الجسمِ مَدعاةٌ إلى النَّظَرِ |
|
فإنَّما الغَوثُ قبل الفوتِ والعَطَبِ
|
إليكَ بعد أَمير المؤمنين عَلِي | |
|
| نشكُو ونَفزَعُ عند الحادث الجللِ |
|
فاكشف أراجيفَ هذا الرَّوع والوَهَلِ | |
|
| بعارضٍ للمنايا مسبِلٍ هَطِلِ |
|
بالمَشرفِيّة والأَرواحِ مُنسَكِبِ
|
أَغِر أَبر انهل اعلُل سُلَّ شلَّ غرِ | |
|
| أَنِر أثر اخطِر انفِر اسفر أَسرِ سِرِ |
|
أَحط أمط اقبض ابسط نُط أَبح أَجرِ | |
|
| أَفِد أَفت ارفِد اخفِض ارفَع انهَ مُرِ |
|
زَلزل أَزِل أَرعِد ابرِق استَهِلّ صُبِ
|
لعلّ ما سَرّ هذا الحائن البَطِرا | |
|
| يَجنِيهِ ما ساءَهُ غِبّاً ومُختَبرا |
|
فَرُبَّ واردِ غيٍّ لم يَجِد صَدَرا | |
|
| وساقِطٍ ليديهِ في الذي حَفرا |
|
ومُحرَقٍ بِلَظى ما حَشّ من حَطبِ
|
أَراهُ قد لَجّفي استِدراجهِ القَدرُ | |
|
| واستشرَفَتهُ وحثّت نحوه سقَرُ |
|
وكلّ يومٍ لهُ نحوَ الرّدى سَفَرُ | |
|
| تُدني منيّتَهُ الآصالُ والبُكَر |
|
إنّ القَضاءَ ليحدُودهُ بلا طَلَبِ
|
فَتحُ الفُتوح الذي هذي أَمارَتُهُ | |
|
| وافَت بقوبّةٍ عنهُ بشارتُهُ |
|
وبعدَها وقعَةٌ فيها إبارَتُهُ | |
|
| يا حَبَّذا ناطِقٌ هذي عِبَارَتُه |
|
باللَهِ قُل وأَعِد يا أَفصَحَ العرَبِ
|