إِن كُنتَ تُشفِقُ مِن نُزوحِ نَواهُ | |
|
| فَهُنَاكَ مَقبَرُهُ وَذا مَثواه |
|
قَسِّم زَمانَكَ عَبرَةً أَو عِبرَةً | |
|
| وأَحِل تشوُّقَهُ على ذِكراهُ |
|
واعدُدهُ ما امتدَّت حَياتُكَ غائِباً | |
|
| أَو عاتِباً إِن لم يَزُر زُرناهُ |
|
أَو نائِماً غَلَبَت عليهِ رَقدَةٌ | |
|
| لِمُسَهَّدٍ لم تَغتَمِض عَيناهُ |
|
أَو لَفظَ نادرةٍ تَوَلَّى خَطُّها | |
|
| وأَقامَ طيَّ صدورِنا مَعناهُ |
|
أَو عارِضاً حَدَتِ الشّمالُ بِمُزنِهِ | |
|
| وَالأَرضُ مُلبَسَةٌ بُرودَ نَداهُ |
|
أَو كوكَباً سَرَتِ الرِّكابُ بِنُورِهِ | |
|
| فَمَضى وَبلَّغَها المحلَّ سَناهُ |
|
فمتى تبعَّدَ والنُّفوسُ تحبُّهُ | |
|
| ومتى تغيَّبَ والقُلوبُ تَراهُ |
|
لَم أَدرِ إِلَّا بَعدَ يَومِكَ في الثَّرى | |
|
| أَنَّ الزَّمانَ وأَهلَهُ أَشباهُ |
|
فَالعيدُ ليسَ بِسَيِّدٍ لسواهُ | |
|
| والعَبدُ ليسَ يفوتُهُ مَولاهُ |
|
يا واحِداً عَدَلَ الجميعَ وأَصلَحَت | |
|
| دُنيا الجميعِ وَدينَهُم دُنياهُ |
|
وَتَخَلَّدت آثارُهُ وتقيَّدَت | |
|
| بالرّغمِ في إِنسان مَن عاداهُ |
|
الشَّامُ شامُكَ في يَدَيكَ زِمامُها | |
|
| وَمَنِ ادَّعى لَم تُلتَفَت دَعواهُ |
|
طالَت أَذاتُكَ بِالحَياةِ كرامَةً | |
|
| وَاللَهُ يُكرِمُ عَبدَهُ بِأَذاهُ |
|
حَتّى خَلَصت مِنَ الذُّنوبِ كَمُرهَفٍ | |
|
| أَبدى الفِرَند صقاله وَجَلاهُ |
|
فَهُناكَ وافَتكَ المنيَّةُ سَمحَةً | |
|
| نَزعَ الكَرِيمِ عَنِ الكَريم قَذاهُ |
|
والذِّهن صافٍ والفُؤادُ مُشَيَّعٌ | |
|
| لا تستفزُّ يَدُ الحِمام نُهاهُ |
|
لِشهادَةِ التَّوحيدِ بَينَ لِسانِهِ | |
|
| وَجَنانِهِ نورٌ يُرَى مَسراهُ |
|
وَبوَجههِ سِيمى أَغَرَّ مُحَجَّلٍ | |
|
| مَهما بَدا لم تَلتَبِس سيماهُ |
|
وكانه هو في الحياة سكينةٌ | |
|
| لولا اهتزازٌ في النَّدى يَغشاهُ |
|
قد أطرقَت بتفكُّرٍ عَيناهُ | |
|
| وتقلَّصَت لتبسُّمٍ شَفَتاهُ |
|
وكأنَّهُ لَحَظَ العفاة توجُّعاً | |
|
| فتلازَمَت فَوقَ الفُؤادِ يَداهُ |
|
أَتراهُ وكَّلَ بالعواقِبِ هَمَّهُ | |
|
| حَسبُ الجوادِ الغَمرِ نَيلُ مَداهُ |
|
ولَقَد مَضى لك مشهدٌ غَصَّت بِهِ ال | |
|
| أَرضُ الفَضاءُ فَهالَهُم مرآهُ |
|
أَبدى رضا الرَّحمن عَنكَ ثَناؤُهُم | |
|
| إنَّ الثَّناءَ عَلامةٌ لِرِضاهُ |
|
كلٌّ قَدِ استبَقَت عَلَيكَ دُموعُه | |
|
| وَالوَجدُ يأمُرُه ولا يَنهاهُ |
|
ماذا الَّذي شَغَلَ القلوبَ بهِ وذا | |
|
| لا يرتجيه وَذاكَ لا يَخشاهُ |
|
ما ذاكَ إلَّا أَنَّهُ فرعٌ زكا | |
|
| وَسِعَ الجميعَ بِظلِّه وَجَناهُ |
|
عندي عَليكَ وأَنتَ مجداً مالِكٌ | |
|
| حُزنٌ يَهُدُّ مُتَمِّماً أَدناهُ |
|
وَتَحطُّ شَخصكَ في الضَّميرِ سَجيَّةٌ | |
|
| غَرَّاء تَأتي البِرَّ مِن مَأتاهُ |
|
وَخلائقٌ تَأبى القَبيحَ وكلُّ ما | |
|
| يعتنُّ من حَسَنٍ فلا تَأباهُ |
|
فَاليومَ أَودى كلُّ مَن أَحبَبتُهُ | |
|
| ونعى إليَّ النَّفسَ مَن أَنعاهُ |
|
ماذا يُؤمِّلُ في دِمَشقَ مُسَهَّدُ | |
|
| قد كُنتَ ناظِرَ جَفنِهِ وَكَراهُ |
|
يعتادُ قبرَك للبُكا أَسفاً بِما | |
|
| قَد كان أَضحَكَهُ الَّذي أَبكاهُ |
|
يا تُربَةً حَلَّ الوَزيرُ ضَريحَها | |
|
| سقَّاكِ بَل صلَّى عليكِ اللَهُ |
|
وَسَرى إليكِ وَمنكِ ذكرٌ ساطعٌ | |
|
| كالمسكِ عاطرةً بهِ الأَفواهُ |
|