رِضى بِقَضاءِ اللَهِ فَهوَ مُصيبُ | |
|
| وَصَبراً عَلى الأَحداثِ فَهيَ تَنوبُ |
|
خَليلَيَّ قَد وارى التُرابُ أَحِبَّتي | |
|
| فَلَم يَبقَ لي فَوقَ التُرابِ حَبيبُ |
|
أَقَلّا وُقوفاً بِالمَنازِلِ أَوقِفا | |
|
| فَإَنَّ الَّذي تَستَبعِدانِ قَريبُ |
|
أَلَم تُخبَرا عَن صاحِبِ القَبرِ إِنَّهُ | |
|
| بِمَرأى مِنَ الأَهلَينِ وَهوَ غَريبُ |
|
تَناذَرَهُ الخِلّانُ يَأساً فَأَصبَحوا | |
|
| لَهُم جيئَةٌ مِن حَولِهِ وَذَهوبُ |
|
وَأَيُّ نَوى أَنأى مِنَ القَبرِ شُقَّةً | |
|
| وَأَيُّ بَقاءٍ بِالمَماتِ يَطيبُ |
|
عَلى الجَدَثِ المَهجورِ عوجا فَسَلِّما | |
|
| سَقاهُ الحَيا الوَسمِيُّ حينَ يَصوبُ |
|
وَإِلّا فَعَيني إِن أَبى الغَيثُ مُزنَةٌ | |
|
| يَدِرُّ شَمالُ صَوبِها وَجنوبُ |
|
إِذا هاجَها ذِكرُ الأَحِبَّةِ أَجهَشَت | |
|
| وَأَسبَلَ دَمعٌ بِالدِماءِ مَشوبُ |
|
تَأَوينَني هَمّي فَبِتُّ كَأَنَّني | |
|
| عَلى مُستَقِلّاتِ النُجومِ رَقيبُ |
|
كَأَنَّ اِطِّلاعَ الشُهبِ بَينَ مَحاجِري | |
|
| فَمِن ناظِري تَبدو وَفيهِ تَغيبُ |
|
كَأَنَّ الدُجى وَالشُهبُ هَمّي | |
|
| وَنارَهُ إِذا شَبَّ مِنها في الضُلوعِ لَهيبُ |
|
تَقَطَّعُ أَنفاسي فَأَقطَعُ لَيلَتي | |
|
| حَنيناً كَما حَنَّت رَوائِمٌ نيبُ |
|
أَقولُ وَنَفسي وَالأَسى قَد تَمازَجا | |
|
| وَقَلبِيَ مِن حَرِّ الفِراقِ يَذوبُ |
|
أَلا مِثلَ لي فَإِنَّهُ لي مُعجِزٌ | |
|
| وَإِنّي لِأَمثالِ الوَرى لَضَروبُ |
|
إِذا قُلتُ في شَيءٍ كَأَنّي كُنتُهُ | |
|
| وَسِرُّ اِتِّخاذِ المُشبِهينَ عَجيبُ |
|
أَنا المَيتُ وَالثَكلانُ وَالصَبُّ وَالشَجي | |
|
| فَأَيُّ شَبيهٍ بَعدَ ذاكَ أُصيبُ |
|
وَما سَكَني إِلّا ضَريحٌ كَأَنَّهُ | |
|
| لِأُنسي بِهِ ظَبٌ أَحَم رَبيبُ |
|
أَعاوِدُ لَثمَ التُرب فيهِ كَأَنَّهُ | |
|
| لِرَشفي لَهُ ثَغرٌ أَغَرُّ شَبيبُ |
|
أَقامَ عَلِيُّ في ثَراهُ مُغَيَّباً | |
|
| وَلِلبَدرِ مِن بَعدِ الطُلوعِ غُروبُ |
|
بَعيداً عَنِ الإِخوانِ رَهنَ قَررَةٍ | |
|
| تَضَوَّعُ مِن أَنفاسِهِ وَتَطيبُ |
|
عَلى سَفَرٍ لا زادَ فيهِ سِوى التُقى | |
|
| وَلا ظاعِنَ الأَقوامِ عَنهُ يَؤوبُ |
|
أَخي سَلَبَتنيهِ الخُطوبُ مُشيحَةً | |
|
| وَما الدَهرُ إِلّا سالِبٌ وَسَليبُ |
|
وَكُنتُ أُرَجّي أَن تَزيدَ حَياتَهُ | |
|
| حَياتي فَشانَتها عَلَيَّ شُعوبُ |
|
وَكُنتُ أُرَجّيهِ لِكُلِّ مُلِمَّةٍ | |
|
| فَقالَ الرَدى إِنَّ الرَجاءَ كَذوبُ |
|
وَكانَ سَريعاً حينَ يُدعى إِلى النَدا | |
|
| وَكَم مِن فَتىً يُدعى وَلَيسَ يُجيبُ |
|
وَكانَ حَياً في المَحلِ يَعلَمُ ضَيفُهُ | |
|
| إِذا أَمَّهُ أَنَّ المَحَلَّ خَصيبُ |
|
وَلَم يَكُ ذ عَيبٍ وَلا كانَ عائِباً | |
|
| وَلَكِن نَقِيَّ اللِبسَتَينِ أَديبُ |
|
فَتىً هُوَ حَدُّ السَيفِ إِن رُمتَ ضَيمَهُ | |
|
| وَغُصنٌ لِمَن رامَ السَماحَ رَطيبُ |
|
غَنِيٌّ عَنِ الأَقوامِ لَيسَ بِباسِطٍ | |
|
| يَداً لِثَوابٍ وَهوَ كانَ يُثيبُ |
|
جَميلٌ فَأَمّا وَجهُهُ فَمُنَوَّرٌ | |
|
| طَليقٌ وَأَمّا صَدرُهُ فَرَحيبُ |
|
رُزيناهُ لَمّا لَم يَكُن فيهِ مَطعَنٌ | |
|
| وَلَم يَكُ راجي الخَيرِ مِنهُ يَخيبُ |
|
وَأَلوى بِهِ المِقدارُ غَضاً شَبابُهُ | |
|
| تَميلُ إِلَيهِ أَعيُنٌ وَقُلوبُ |
|
فَضاعَفَ وَجدي وَاِستَحَرَّ مُصابُهُ | |
|
| وَوَلّى عَزائي عَنهُ وَهوَ مُريبُ |
|
وَلَيسَ كَمَفقودٍ تَقادَمَ عَهدُهُ | |
|
| وَغَطّى عَلَيهِ مَسحَنا وَمَشيبُ |
|
أَقولُ وَقَد غَنَّت حَمامَةُ أَيكَةٍ | |
|
| وَمالَ بِها بَينَ الأَراكِ قَضيبُ |
|
أَساجِعَةَ الأَغصانِ نوحاً فَإِنَّني | |
|
| عَلى النَوحِ مِن بَينِ اللُحونِ طَروبُ |
|
سُقيتُ حُمَيا الشَوقِ فَالهَمُّ سُكرُها | |
|
| وَأَكثَرُ ما أَلهى المَشوقَ نَحيبُ |
|
وَمُستَبشِرٍ أَبدى السُرورَ لِنَكبَةٍ | |
|
| أَلَمَّت بِنا وَالحادِثاتُ ضُروبُ |
|
فَقُلتُ اِنتَظِر عُقبى الزَمانِ فَرُبَّما | |
|
| سَقاكَ ذُنوباً إِن كَفاكَ ذُنوبُ |
|
فَنَحنُ بَكينا نَبتَغي الأَجرَ في البُكا | |
|
| وَنَحنُ صَبَرنا وَالصَبورُ لَبيبُ |
|
وَما جَزَعي لِلحادِثاتِ اِستِكانَةً | |
|
| وَلَكِنَّهُ لِلهالِكينَ نَصيبُ |
|
وَلا جَلَدي عَنهُم سَلُوّاً وَقَسوَةً | |
|
| وَلَكِنَّ عودُ الأَكرَمينَ صَليبُ |
|
فَطوبى لِمَن لَم يُعنَ إِلّا بِنَفسِهِ | |
|
| وَيا رَبَّنا إِنّي إِلَيكَ أَتوبُ |
|