هي الهَضْبةُ الشّمّاءُ بادٍ وقارُها | |
|
| تَحامَى حِماها ليلُها ونهارُها |
|
لقدْ أخذَتْ منْ حادِثِ الدّهْرِ حِذْرَها | |
|
| إلى مالهُ يومَ الجَزاءِ انتظارُها |
|
فلم يرْمِها مرُّ الجديدينِ بالبِلَى | |
|
| ولا راعَها مثْلَ البُدورِ سِرارُها |
|
سوى أن بدَتْ منها الهضابُ مَفارقاً | |
|
| ببِنْيَتِها البيْضاءِ شابَ عِذارُها |
|
ومَولَى المُلوكِ البرُّ يوسفٌ الذي | |
|
| لهُ راحةٌ بالجودِ ماجَتْ بحارُها |
|
تواضَعَ لله العظيمِ بوضْعِها | |
|
| تُصافِحُ عُلْويَّ الدّراريّ دارُها |
|
على البِر والتقوَى أقامَ بناءها | |
|
| فقَرّ على رغْمِ العُداةِ قرارُها |
|
وأسّس مَبْناها بكفٍّ كريمَةٍ | |
|
| سحابُ نَداها للعُفاةِ انهمارُها |
|
وقد حجرَ الأعْداءَ عن ربْعِها الذي | |
|
| تناقَلُ بالأيْدي لدَيْهِ حِجارُها |
|
تروقُ على الرّاحاتِ حُسناً كأنها | |
|
| كُؤوسُ مُدامٍ بالأكُفِّ مَدارُها |
|
ودارَتْ بها دوْرَ السّوارِ كتائِبٌ | |
|
| بناصِر دينِ اللهِ فيها انتصارُها |
|
كتائب عزٍّ إن أغارَتْ وأنجَدَتْ | |
|
| تُغيرُ فيُرْدي بالعُداةِ اغتِرارُها |
|
لقد فرَعَتْ نحْرَ الكتائِبِ وارْتَقَتْ | |
|
| وإن عزّ مرْماها وشطّ مزارُها |
|
فعُدّتْ من الشُهْبِ الثّواقبِ عندَما | |
|
| أنارَتْ لدى جِنْحِ الدُّجُنّةِ نارُها |
|
حَمَيْتَ حِماها كالضّبارِمِ والظُبا | |
|
| مُشهّرةٌ في الخافِقينَ اشتِهارُها |
|
وقد نلْتَ بالإنفاقِ بِرّاً ورفْعَةً | |
|
| فكمْ بِدَرٍ نحْو الأكُفِّ بِدارُها |
|
وجالَتْ بها خدّامُ مُلْكِكَ جوْلَةً | |
|
| فبانَ على الصّنْعِ الجميلِ اقْتدارُها |
|
تطوفُ بها للأمْنِ واليُمْنِ كعْبةً | |
|
| فللرُّكْنِ منها حجُّها واعْتِمارُها |
|
وترْمي بأعْلاها الحجارةَ آخِراً | |
|
| كأنّ وفودَ الحجّ تُرْمَى جِمارُها |
|
وفي معْدِن البارودِ أعظَمُ آيةٍ | |
|
| بدَتْ فالنُّهَى فيها يَطولُ اعْتِبارُها |
|
نصبْتَ بها للنفْطِ أبراجَها التي | |
|
| يُضاهي بُروجَ النّيّراتِ جِدارُها |
|
فكيَّفَ منهُ اللهُ للحَرْبِ عُدّةً | |
|
| ففي القَفْرِ منه ما إليْهِ افتِقارُها |
|
وقابَلَها المبْنَى الرّفيعُ مُجاوِراً | |
|
| لها إذْ بمَوْلَى الخَلْقِ عزّ جوارُها |
|
يُريك لدَى الظّلماءِ غُرّةَ أدْهَمٍ | |
|
| بِها غرّةُ الأعداءِ فُلّ غِرارُها |
|
عمرْت به ثَغْراً كأنْ بعُداتِه | |
|
| وقد أقفَرتْ أوْطانُها وديارُها |
|
تسُلُّ عليْها سيْفَ عزْمِكَ إذ لها | |
|
| بهِ حالَتاها قَتْلُها أو إسارُها |
|
أقمْتهما كالفرْقدَيْن لذاك قدْ | |
|
| بَدا منْ شياطِينِ الضّلالِ نفارُها |
|
ودونَكَ يا مَولايَ منها عُجالةً | |
|
| تبيّن للتّقصيرِ فيها اعْتِذارُها |
|
على أنّ أفكاري بوصْفِكَ لا تَفي | |
|
| فسِيّانِ فيهِ طولُها واختِصارُها |
|