حمل الفؤاد على الهوى وتحمّلا |
فأساء لي من بعد ما قد أجملا |
واقتاد أهواء النفوس فما ترى |
إلاَّ حجا ماض وعشقاً مقبلا |
من كلِّ من يفني الظلام مململا |
في حب من يفني النَّهار تدللا |
ظبي حكى الآس المنضَّد وفرةً |
والورد خدا والأقاح مقبّلا |
فمتى أراد تنزّها في روضة |
وازى المراة بوجهه وتأملا |
وإذا بدا خلت الهلال وإن خطا |
خلت القضيب وإن رنا خلت الطلا |
في كل عضو منه حسن مفردٌ |
ما حلَّ طرف ظرفه فترحَّلا |
يرمي ويصمي حيث شاء كأنه |
في كلِّ جارحة يصادف مقتلا |
فيرى اللقا وهو الحلال محرما |
ويرى الأسى وهو الحرام محللا |
كانت مقاساة الهوى في قربه |
شهدا فلما صدَّ عادت حنظلا |
ما باله والعدل سيمى قدِّه |
يابى وقد حكّمته أن يعدلا |
يا أيها الواري عليَّ لأنني |
أرخصت نفسي في الهوى لما علا |
غيرتني طول السُّهاد كأنما |
أنسيت من قبلي الصدود الأطولا |
أيدت دمعي بالنحول شهادة |
لي بالغرام فقال لي لن يقبلا |
ورأى ادعائي في المحبة دعوة |
أنَّى ولي نسب يبكت داغلا |
قل ما تشاء فإنني لك طائع |
إنَّ المحبَّ بمن يحب لمبتلي |
ما حال من سبك الفؤاد مدامعا |
وأماله وجداً عليك وماسلا |
مرهت جفوني مذ صددت وإنما |
كحل الجفون لدائها كحل الجلا |
إني وقد افنى اصطباري حبَّه |
أفني الزمان بذكره متعللا |
في ذكر من تهوى وفي آثاره |
أنسٌ ومن عَدِمَ المثال تمثلا |
وإذا المحب ألمَّ بالدار التي |
نزل الحبيب بها أحبَّ المنزلا |
لله أيامُ الوصال فإنما |
كان الزمان بها أغرَّ محجَّلا |
إن نحن لم ينعب غرابٌ بيننا |
نقصي الوشاةَ بنا ونعصي العذّل |
ونديرها حمراء ياقوتية |
لم تُبقِ إلاًَّ وصفَها أيدي البل |
رقَّت لطول العهد حتى خِلتَهَا |
دمعاً وخلت الدَّن جفناً أكحلا |
ما إن رأيت ولا سمعتُ لمثلها |
جسماً يعود وجوده متخيلا |
فَضَّ الختام فقلت صفحٌ مُذهَبُ |
خَطَّ الحبابُ عليه خطا مُشكِلا |
أهدت لنا طرَفُ الربيع بدائعا |
أضحى لها وجه الثرى متهلِّلا |
قد أنبتت في كلِّ سهل روضةً |
مذ أنبطت في كلِّ حزن جدولا |
كست الفجاج غلائلاً من سندس |
تلقى بها الريح البليل تبدلا |
والنُّور بين مدنَّرٍ ومدرهم |
حيث التفتّ رأيته ملء الملا |
والريح تلعب بالغصون كأنها |
أيد تقلّب في طراد ذُلَّلا |
والغيم قد حجب السماء بمطرف |
نسجته كفُّ الريح نسجاً هلهلا |
وافي يجر ذيوله متبخترا |
فعل الهَدِيِّ يَسِيرُ سَيراً مثقلاً |
خاف النسيم على تألف شمله |
فاستل من برق عليه منصلا |
فكأنه والبرق يخفق فوقه |
كفٌ تُصَرِّفُ في حساب أنملا |
حتى إذا استوفى تَكَونّ درّه |
ألقاه في حجر الفلا ثم انجلا |
فتخاله من رعده في برقه |
متبسماً حيناً وحيناً معولا |
ينحى على صدأ الهباء كأنه |
فيما انتحى للأرض أصبح صيقل |
وكأنه أثرا حبيبٌ خاطب |
وكانه زهراً عروسٌ تجتلي |
نطقت بشكر الغيث فيما أودعت |
نشر النّسيم وما تحرك مقولا |
والقضبُ في الوشي المنمق تنثني |
تيهاً محلاة المفارق والطلا |
نظمت حبابَ الطَلِّ في نورانها |
فكأن إكليل اللُّجين مكلَّلا |
قامت بها سوق المجون وقلَّما |
ألفيتني إلاَّ لها متأثلا |
فترى الغمام مساقيا وترى الحما |
م مغنيا وترى النسيم مولولا |
ما حُسن ذاك الفصل إلا أنه |
بالقائد الأعلى يروم تمثلا |
بالأوحد الفذّ الذي وسع الورى |
بأساً وجوداً هيبة وتطولا |
سيف الإمام ورمحه ومحبه |
والحربُ نار غير أن لا تصطلي |
الرئاسة وهي ما هي خطة |
قطب الجزيرة وهي ما هي منزلا |
ظمنت له الذِّكرَ الجميلا معجلا |
جدواهُ والأجر الجزيلَ مؤجلا |
نِيطَت به عُظمَى الأمور فلم يدع |
فيها بحمدالله أمراً مغفلا |
وشفى النفوس من العدا في مأزق |
يقتات أرواح الكماة تآكلا |
مستوجبٌ شيم العلاء وغَيرُهُ |
يغدو على أوصافها متطفِّلا |
راموا اللحاق به فجاءوا آخرا |
شدُّوا وأقبل سابقاً متهللا |
وإذا كبا في محفل وإذا احتبى |
أبصرته كاليم جاوز يذبلا |
ولرب يوم للمنية فوقه |
سحب مكفكفة دعافاً مسبلا |
طير تحوم على الرؤوس يحثُّها |
موتٌ يروم إلى النفوس توصلا |
يَذَرُ الكميّ معفراً والسمهر |
ي مقصفاً والمشرفي مفلّلا |
جلَّى به الغمرات ليثٌ محدر |
يحذي رؤوس الدارعين الأرجلا |
ومثلثٌ شام الحسام بكفِّه |
والموت يمسح جانبيه فهللا |
أمسى ولم تطرقه خيلك ملحداً |
جهلاً وأصبح مسلماً متبتلا |
في موقف أما أسنته فمف |
طرة وأما أعوجيته فلا |
جمع البسالة والندى فقد اغتدى |
ناراً مضرّمة وماء سلسلاً |
فإذا احتمى كان الغضنفر صولة |
وإذا انتمى كان المعمّ المخولا |
أدى فرائض جوده مبرورة |
ثم استدام أداءه متنفلا |
يلقي الكمي إذا تقدم رامحاً |
ويحيد عنه إذا تأخر أعزلا |
متصرف في الحرب كيف تصرفت |
متنقل بالجود حيث تنقلا |
سل عنه عُبَّاد الصليب تسل به |
غرض المذلة موثقا ومجدلا |
لا يرفعون إلى منادٍ ناظرا |
ذُلاً ولا يلفون خوفاً معقلا |
ما أسلموا أوطانهم حتى رأوا |
ضرب الطُّلي عطفاً على طعن الكلي |
خضعوا له فاسترجعوا أرماقهم |
منه ومن وجد القبول تنصَّلا |
يا ابن الصناديد الذين عليهم |
وقفت نهايات النهي وحلا العلا |
من كلِّ وضاح الجبين تخاله |
في هفوة الهيجاء عصباً مفصلا |
لك يا أبا عبدالإله مناقبٌ |
تُرضي إلاهك والنبي المرسلا |
وكُلت بالأعداء قلباً لم يزل |
مستسلماً في أمره متوكلا |
فتركتَ مجهل كلَّ فضل معلماً |
وتركت معلم كل جهل مجهلا |
فشجاعةٌ كانت وراءك معقلا |
ومهابةٌ صارت وراءك جحفلاً |
يا قائد الأُسدِ الغضاب وشبَّهت |
بالأُسد لمّا كنت فيه الأولا |
يهنيك إن لم تبق روعاً في حشى |
يُعزَى إليك ولا محلا ممحلا |
بهرت معاليك العراق ففارساًُ |
فالشام فالفسطاط ثم الموصلا |
قل للذي الحديث عن الن |
دي رفقاً فلستُ أرى الحديث المرسلا |
هاك السّماح عن العيان وخلِّ ما |
نسب السَّماعُ بذكره فيما خلا |
وإليكها يا ابن الكرام لوافد |
لم يرض غيرك للوفادة منزلا |
يثني بما آليت قبلُ بمقول |
أرويته براً لصاغ قرنفلا |
حيَّا على شحط المزار وليته |
كان القصيد فنال ما قد أمَّلا |
حسب المخيّم في ذُرَاك فضيلةً |
وكفاه فخراً مجتلى تلك الحلى |
أعيت حبيباً والوليد وقبله |
أعيت جريراً والبعيث وجندلا |
أمَّلت بسطاً في الثناءِ وغايتي |
أن أنثر الأمداح نثراً مجملا |
لا زلتَ في برٍّ وقَدرٍ معتل |
متملئاً سعداً وجداًّ مقبلا |
ما أمَّ أرضك رائحاً ومبكراً |
متقلل فرجعته متمولا |
ونقلت فضلك حيث يخلد نقله |
بالوعي فاتصل الحديث مسلسلا |