تُضايِقُنا الدُّنيا وَنَحنُ لَها نَهب |
وَتُوسِعُنا حَرباً وَنَحنُ لَها حَربُ |
وَما وَهَبَت إِلّا اِستَرَدّت هِباتها |
وَجَدوى اللَّيالي إن تَحقَّقتها سَلبُ |
تُؤمّل أَن يَصفو بِها العَيش ضلة |
وَهَيهات أَن يَصفو لِساكِنِها شِربُ |
إِذا سَقبت دار بأَهلِ مودّةٍ |
رَغا بِتنائي الدار بَينَهُمُ سقبُ |
أَلا إِنّ أَيّام الحَياةِ بِأَسرِها |
مَراحِلُ نَطويها وَنَحنُ بِها رَكبُ |
وَما أَنشَبَت كفّ المَنيّةِ ظِفرها |
فَيُنجي طَبيبٌ مِن شَباها وَلا طبُّ |
وَلا وَألت مِن صيدِها ذاتُ مِخلبٍ |
بِهِ كُل حينٍ مِن فرائِسِها خلبُ |
وَلا حَيدر ذو لبدَتَين غَضنفَر |
لَهُ مِن قُلوب الأرض في صَدرِهِ قلبُ |
وَلَم أَر يَوماً مِثلَ يَوم شَهِدتهُ |
وَقَد غابَ حسنُ الصَبر واِستَحوذَ الكربُ |
وَمَأتم شَكوى وَاِنتِحاب تَشابَهَت |
دُموعُ البَواكي فيه وَاللؤلؤ الرّطبُ |
فَلا قَلبَ إِلّا وَهوَ دامٍ مُفجّع |
وَلا دَمع إِلّا وَهوَ مُنهَمل سَكبُ |
وَقَد كسفَت شَمس العُلا وَتضاءَلَت |
لَها الشَمسُ حَتّى كادَ مِصباحُها يَخبو |
مَشَت حَولَها الصّيد الكِرام كَرامَةً |
إِلى أَن تَلَقّتها المَلائِكُ وَالسِربُ |
فَإِن لا تَكُن شَمسُ النَهار الَّتي وَهَت |
وَهيل عَلَيها التربُ فَهيَ لَها تربُ |
لَها كَنفٌ مِن رَحمَةِ اللَهِ واسِعٌ |
وَمَنزلُ صِدقٍ عِندَ فردوسهِ رَحبُ |
وَربّ قَريب الدارِ أَبعدهُ القَلى |
وَرُبّ بَعيدِ الدارِ وَهوَ قَريبُ |
وَما اِئتَلَفَت أَجسامُ قَومٍ تَناكَرَت |
عَلى القربِ أَرواحٌ لَهُم وَقُلوبُ |