لَعَلَّ رَسُولَ البَرقِ يَغتَنِمُ الأَجرَا | |
|
| فَيَنثُرُ عَنِّي مَاءَ عَبرَتِهِ نَثرا |
|
مُعَامَلةٌ أَربَى بِهَا غَيرَ مُذنِبٍ | |
|
| فَأَقضِيهِ دَمعَ العَينِ عَن نُقطَةٍ بَحرَا |
|
لِيَسقِيَ مِن تُدمِيرَ قُطراً مُحَبَّباً | |
|
| يَقِرُّ بِعَينِ القُطرِ أَن تَشرَبَ القَطرَا |
|
وَيُقرِضُهُ ذَوبَ اللُجينِ وَإِنَّمَا | |
|
| تُوَفِّيهِ عَينِي مِن مَدَامِعِها تِبرَا |
|
وَمَا ذَاكَ تَقصِيراً بِهَا غَيرَ أنَّهُ | |
|
| سَجِيَّةُ مَاء البَحرِ أَن يُذوِيَ الزَّهرَا |
|
خَلِيلَيَّ قُومَا فَاحبِسَا طُرُقَ الصَّبَا | |
|
| مَخَافَةَ أن يَحمَى بِزَفرَتِيَ الحَرَّا |
|
فإِنَّ الصَّبَا رِيحٌ عَليَّ كَرِيمَةٌ | |
|
| بآيَةِ مَا تَسرِي مِنَ الجَنَّةِ الصُّغرَى |
|
خَلِيلَيَّ أعنِي أَرضَ مرسِيَةَ المُنى | |
|
| وَلَولا تَوَخِّي الصِّدق سَمَّيتُها الكُبرَى |
|
مَحَلِّي بَل جَوِّي الَّذِي عَبقَت بِهِ | |
|
| نَوَاسِمُ آدَابِي مُعَطَّرَةً نَشرَا |
|
وَوَكرِي الَّذِي مِنهُ دَرَجتُ فَلَيتَنِي | |
|
| فُجِعتُ بِرِيشِ العَزمِ كَي أَلزَمَ الوَكرَا |
|
وَمَا رَوضَةُ الخَضرَاءِ قَد مُثِّلَت بِهَا | |
|
| مَجَرَّتُهَا نَهراً وَأَنجُمُهَا زهرَا |
|
بِأبهَجَ مِنهَا وَالخَلِيجُ مَجَرَّةٌ | |
|
| وَقَد فَضَحَت أَزهَارُ سَاحَتِهَا الزُّهرَا |
|
وَقَد أَسكَرَت أَعطَافَ أَغصَانِهَا الصَّبَا | |
|
| وَمَا كُنتُ أَعدَدتُّ الصَّبَا قَبلَهَا خَمرَا |
|
هُنَالِكَ بَينَ الغُصنِ وَالقَطرِ وَالصَّبَا | |
|
| وَزَهرِ الرُّبَى وَلَّدتُ آدَابِيَ الغَرَّا |
|
إِذا نَظَمَ الغُصنَ الحَيَا قَالَ خَاطِرِي | |
|
| تَعَلَّم نِظَامَ النَّثرِ مِن هَهُنَا شِعرَا |
|
وَإِن نَثَرَت رِيحُ الصَّبَا زَهَرَ الرُّبَى | |
|
| تَعَلَّمتُ حَلَّ الشِّعرِ أَسبِكُهُ نَثرَا |
|
فَوَائِدُ أَسحَارٍ هُنَاكَ اقتَبَستُها | |
|
| وَلَم أَر رَوضاً غَيرَهُ يُقرئُ السِّحرَا |
|
كَأنَّ هزِيزَ الرِّيحِ يَمدَحُ رَوضَها | |
|
| فَتَملأُ فَاهَا مِن أَزَاهِرِهِ دُرَّا |
|
أَيَا زَنَقَاتِ الحُسنِ هَل فِيكِ نَظرةٌ | |
|
| مِنَ الجُرُفِ الأَعلَى إِلى السِّكَّةِ الغَرَّا |
|
فَأنظُر مِن هَذِي لِتِلكَ كَأَنَّمَا | |
|
| أُغَيِّرُ إِذ غَازَلتُها أُختَهَا الأُخرَى |
|
هِيَ الكَاعِبُ الحَسنَاءُ تُمِّمَ حُسنهَا | |
|
| وَقَدَّت لَهَا أَورَاقُها حُلَلاً خُضرَا |
|
إذا خُطِبَت أَعطَت دَرَاهِمَ زَهرِهَا | |
|
| وَمَا عَادَةُ الحَسناءِ أَن تَنقُدَ المَهرَا |
|
وَقَامَت بِعُرسِ الأُنسِ قَينَةُ أَيكِهَا | |
|
| أَغَارِيدُهَا تَستَرقِصُ الغُصُنَ النَضرَا |
|
فَقُل فِي خَلِيجٍ يُلبِسُ الحُوتَ دِرعَهُ | |
|
| وَلَكِنَّهُ لا يَستَطِيعُ بِهَا نَصرَا |
|
إِذا مَا بَدَا فِيهَا الهِلالُ رَأيتَهُ | |
|
| كَصَفحَةِ سَيفٍ رَسمُها قُبعَةٌ صَفرَا |
|
وَإِن لاحَ فِيهَا البَدرُ شَبَّهتَ مَتنَهُ | |
|
| بِشَطِّ لُجَينٍ ضَمَّ مِن ذَهَبٍ عَشرَا |
|
وَفِي جُرُفَي رَوضٍ هُنَاكَ تَجَافَيَا | |
|
| بِنَهرٍ يَوَدُّ الأُفقُ لَو زَارَهُ فَجرا |
|
كأَنَّهُمَا خِلَّا صَفَاءٍ تَعَاتَبَا | |
|
| وَقَد بَكيَا مِن رِقَّةٍ ذَلِكَ النَّهرَا |
|
وَكَم لِي بِأَبياتِ الحَدِيدِ عَشِيَّةً | |
|
| مِنَ الأُنسِ مَا فِيهِ سِوَى أَنَّهُ مَرَّا |
|
عَشِيَّاتُ كَانَ الدَّهرُ غَضّا بِحُسنِهَا | |
|
| فَأَجلَت سِيَاطُ البَرق أفرَاسَهَا شقرَا |
|
عَلَيهِنَّ أُجرِي خَيلَ دَمعِي بِوَجنَتِي | |
|
| إِذا رَكِبَت حُمراً مَيَادِينَها الصَّفرَا |
|
أَعَهدِي بالغَرسِ المُنَعَّم دَوحُهُ | |
|
| سَقَتكَ دُمُوعِي إِنَّهَا مُزنَةٌ شَكرَا |
|
فَكَم فِيكَ مِن يَومٍ أَغَرَّ مُحَجَّلٍ | |
|
| تَقَضَّت أَمانِيهِ فَخَلَّدتُها ذِكرَا |
|
عَلَى مُذنِبٍ كَالبَحرِ مِن فَرطِ حُسنِهِ | |
|
| تَوَدُّ الثُّرَيَّا أَن يَكُونَ لَهَا نَحرَا |
|
سَقَت أَدمُعِي والقَطرُ أَيُّهُمَا انبَرَى | |
|
| نَقَا الرَّملَةِ البَيضَاءِ فَالنَّهرَ فَالجسرَا |
|
وَإِخوَانِ صِدقٍ لَو قَضَيتُ حُقُوقَهُم | |
|
| لَمَا فَارَقَت عَينِي وُجُوهَهُم الزُّهرَا |
|
وَلَو كُنتُ أقضِي حَقَّ نَفسِي وَلَم أَكُن | |
|
| لَمَا بِتُّ أَستَحلِي فِرَاقَهُمُ المُرَّا |
|
وَمَا اختَرتُ هَذَا البُعدَ إِلا ضَرُورَةً | |
|
| وَهَل تَستَجِيزُ العَينُ أَن تَفقِدَ الشَّفرَا |
|
قَضَى اللَّهُ أن تَنأى بِيَ الدَّارُ عَنهُمُ | |
|
| أَرَادَ بِذَاكَ اللَّهُ أَن أَعتبَ الدَّهرَا |
|
وَوَاللَّهِ لَو نِلتُ المُنَى مَا حَمِدتُّهَا | |
|
| وَمَا عَادَةُ المَشغُوفِ أَن يَحمَدَ الهَجرَا |
|
أَيَأنَسُ بِاللذاتِ قَلبي وَدُونَهُم | |
|
| مَرَامٍ يُجِدُّ الرَّكبُ فِي طَيِّهَا شَهرَا |
|
وَيَصحَبُ هَادِي اللَّيلِ رَاءً وَحَرفَهُ | |
|
| وَصاداً وَنُوناً قَد تَقَوَّسَ وَاصفَرَّا |
|
فَدَيتُهُمُ بَانوا وَضَنّوا بِكَتبِهِم | |
|
| فَلا خَبَراً مِنهُمُ لَقِيتُ وَلا خُبرَا |
|
وَلَولا عَلَى هِمَّاتِهِم لَعَتَبتُهُم | |
|
| وَلَكِن عِرَابُ الخَيلِ لا تَحمِلُ الزَّجرَا |
|
ضَرَبتُ غُبَارَ البِيدِ فِي مُهرَقِ السُّرَى | |
|
| بِحَيثُ جَعَلتُ اللَّيلَ فِي ضَربِهِ حِبرَا |
|
وَحَقَّقتُ ذَاكَ الضَّربَ جَمعاً وَعِدَّةً | |
|
| وَطرحاً وَتَجمِيلاً فَأَخرَجَ لِي صِفرَا |
|
كأَنَّ زَمَانِي حَاسِبٌ مُتَعَسِّفٌ | |
|
| يُطَارِحُنِي كَسراً وَمَا يُحسِنُ الجَبرَا |
|
فَكَم عَارِفٍ بِي وَهوَ يَحسُدُ رُتبتِي | |
|
| فَيَمدَحُنِي سِرّاً وَيَشتمُنِي جَهرَا |
|
لِذَلِكَ مَا أَعطَيتُ نَفسِيَ حَقَّهَا | |
|
| وَقُلتُ لِسِربِ الشِّعرِ لا تَرُم الذِّكرَا |
|
فَمَا بَرِحَت فِكرِي عَذَارَى قَصَائِدِى | |
|
| وَمِن خُلُقِ العَذرَاءِ أَن تَألَفَ الخِدرَا |
|
وَلَستُ وَإِن طَاشَت سِهَامِي بِآيسٍ | |
|
| فَإِنَّ مَعَ العُسرِ الَّذِي يُتَّقَى يُسرَا |
|