سَلِ البَدرَ عَنِّي إِن قَدِمتَ عَلَى البَدرِ |
يُخَبِّركَ أَنِّي مِثلُه أبَداً أَسرِي |
وأَنِّي أَهفُو بِالمَطَايَا عَلَى الوَجَا |
وَأحمِلُهَا مِن حَيثُ أَدرِي وَلا أَدرِي |
بِعَزمٍ يَخَالُ البَحر شَربَةَ مُرتَوٍ |
وَيَحسَب طُولَ الأَرضِ فِي سَعَةِ الشِّبرِ |
نَذَرتُ عَلَيهِ أَن يُبَلِّغَنِي المُنَى |
فَهَل إِن بَلَغتُ النَّجمَ يَكمُلُ فِي نَذرِي |
إِذَا الأُفقُ يَتلُو سُورَة اللَّيلِ بِالفَلا |
تَلَوتُ لَهُ مِن صَارِمِي سُورَةَ الفَجرِ |
وَإِن خَانَنِي خِلٌّ أَعُدُّ وَفاءَهُ |
فَسَيفِي وَزِيرٌ لِي أَشُدُّ بِهِ أَزرِي |
سَيَدرِي زَمَانِي أَيَّ عِلق مَضِنَّةٍ |
أَضَاعَ وَيُفنِي السِّنَّ قَرعاً إِذَا يَدرِي |
خَلِيلَيَّ مَا لِلدَّهرِ يَطوِي مَآرِبي |
أَلا حَكَمٌ فَصلٌ يُقيدُ مِن الدَّهرِ |
وَمَا لِعُقَابِ النَّائِبَاتِ تَصِيدُنِي |
أَمَا عَلِمَت فِي الأَرضِ وَكراً سِوَى وَكرِي |
نَعَم عَلِمَت وَكراً سِوَاهُ وَإِنَّمَا |
صُرُوفُ اللَّيَالِي تَستَطِيلُ عَلَى الحُرِّ |
خَلِيلَيَّ قَد أَفنَيتُ دَمعِي صَبَابَةً |
فَمَن عِندَهُ دَمعٌ أُقيمُ بِهِ عُذرِي |
وَهَا سِمطُ دَمعِي مُذ نَأَيتُم كَأَنَّمَا |
أُعَلِّمُهُ مِن بَعدِكُم صَنعَةَ النَّثرِ |
فَلَمّا رَأَوا دَمعِي تَلاطَم مَوجُهُ |
دَعَونِي عَلَى حُكمِ البُكَا بِأَبِي بَحرِ |
أَخِلايَ بِالخَضرَاءِ دُومُوا بِنعمَةٍ |
فَوَالعَصرِ أَنِّي مُذ نَأَيتُم لَفِي خُسرِ |
إِذا نَسَمَت رِيحُ الجَزِيرَةِ هَيَّجَت |
ذمَاءَ نُفَيسٍ لا تَرِيشُ وَلا تَبرِي |
تَقِ اللَّهَ فِيهَا يَا نَسِيمُ فَإِنَّهَا |
إِذَا فُقِدَت ضَاعَ الصِّبَا وَالهَوَى العُذرِي |
يقِرُّ لِعَينَي بَانَة السِّدرِ أَنَّنِي |
أَحِنُّ عَلَى عُفرٍ إِلَى بَانَةِ السِّدرِ |
أُغازِلُ بَرقَ الغَربِ حُبّاً لِعَهدِكُم |
فَمَهمَا بَدَا بَرقٌ أَقُل كُن أَبَا ذَرِّ |
كَأَن لَم نرد زَهرَ الرِّيَاضِ وَلَم نرِد |
مَشَارِعَ ذَاكَ النَّهرِ بُورِكَ مِن نَهرِ |
وَلَم نَلتَحِف ظِلَّ الأَرَاكَةِ بُردَةً |
مُنَمَّقَةَ الأَعطَافِ بِالزَّهَرِ النَّضرِ |
وَلم نَلتَقِط دُرَّ الحَديثِ عَشِيَّةً |
بِسَاحَةِ ذَاكَ القَصرِ أَفدِيهِ مِن قَصرِ |
شَبَابٌ وَإخوَانٌ تَوَلَّى كِلاهُمَا |
فَلا خَانَنِي دَمعِي وَلا جَدَّ لِي صَبرِي |
وَكَم رُمتُ أَلا يَشعَبَ الدَّهرُ شَملَنَا |
وَلَكِنَّ سِحرَ الدَّهرِ أَنفَذُ مِن سِحري |
ثَلاثَةُ إخوَانٍ تَأَلَّفَ شَملُهُم |
تَأَلَّفَ شَملِ الظِّلِّ وَالمَاءِ وَالزَّهرِ |
فَأمَّا أبُو مُوسَى فَنَأيُهُ عَبرَةٌ |
وَيَا لَيتَنِي أَلفَاهُ أَعلَى مِنَ العَصرِ |
لَهُ أَدَبٌ سَمحٌ كَمَا رَقَّتِ الصَّبَا |
إِلَى أَدَبٍ كَسبٍ كَعَهدِكَ بِالشِّحرِ |
أَقُولُ خَلِيلِي وَهوُ أَعظَمُ رُتبَةً |
وَلَكِنَّهُ تَأتِي الضَّرُورَاتُ فِي الشِّعرِ |
وَمَا شَبَّ عَمرٌو فِي الزَّمَانِ الَّذِي مَضَى |
عَنِ الطَّوقِ لَكِن شَبَّ عَنهُ أَبُو عَمرِ |
وَإِنَّ بَنِي حَسُّونَ سَادَةُ دَهرِهِم |
وَلَكنَّ هَذَا فِيهِمُ بيضةُ العُقرِ |
وَلا عَجَبٌ أَن سَادَهُم وَهو مِنهُمُ |
فَمِن جُملَةِ الأَسيَافِ صَمصَامَتا عَمرو |
وَبِي مِن نَوَى ابنِ القَاسِمِ النَّدبِ لَوعَةٌ |
تعَلّم قَلبِي كَيفَ يَنزَحُ عَن صَدرِي |
تَنَاءى فَمَا مَرَّ السُّلُوُّ بِخَاطِرِي |
وَلا أَشرَقَت فِي مُقلَتِي غُرَّةُ البَدرِ |
وَتُطرِبُنِي ذِكرَاهُ حَتَّى يَقُولَ مَن |
يُعَاينُنِي حُدُّوا فَلاناً عَلَى السُّكرِ |
أَحِبَّتَنَا قَصَّرتُ فِي شُكرِ مَجدِكُم |
وَلَكِنَّنِي أَغيَيَتُ فِيهِ عَلَى قَدرِي |
فَأَنتُم ظُبَا بَاسِي وَأَطوَادُ عِصمَتِي |
وَمُستَوطِنُو صَدري وَمُستَوجِبُو شُكرِي |
وَدُونَكُمُوهَا تُحفَةً مِن أَخِيكُمُ |
تَصُوغُ سِوَارَ الشُّكرِ فِي مِعصَمِ البرِّ |
عَسَى اللَّهُ يُدنِينَا عَلَى بُعدِ دَارِنَا |
فَقَد يَلتَقِي مَاءُ الغَمَامِ مَعَ الخَمرِ |