أَفَضتَ على الأَعداءِ بَحرَ الكَتَائِبِ |
وأَغرَقتَهُم في مَاءِ بيضِ القَوَاضِبِ |
وَكُلُّهُمُ إِن قالَ قالَ بِواجِبِ |
كِليني لِهَمٍّ يَا أُمَيمَة نَاصِبِ |
وَليلٍ أُقَاسِيهِ بَطِيءِ الكَوَاكِبِ |
سُيُوفُكَ أَرواحَ الأَعاجِمِ تَقتَضِي |
وَتَنقُلُهُم مِن نُورِ صُبحٍ مُفَضَّضِ |
لِلَيل سُيوف الرّوع والهَمِّ يَنتَضِي |
تَطاوَلَ حَتَّى قُلتُ لَيسَ بِمُنقَضِ |
وَلَيسَ الّذي يَرعَى النُّجومَ بآيِبِ |
أَطاعَكُم الدَّهرُ العَصِيّ وَلا أَقل |
فَأَنتُم عَلَى الإِلحَادِ أمضَى مِنَ الأَجَل |
وَأَنتُم لَدَى الإِسلامِ أَحلَى مِنَ الأَمَل |
تَرَكتُم دِيَارَ الشِّركِ أعفَى مِن الطّلَل |
تَضَاعَفَ فيها الحُزنُ مِن كُلّ جانبِ |
فَكَم شَامِخٍ ذَلَّ الزَّمَانُ لِحُكمِهِ |
يُقَرطِسُ أَغرَاضَ الأَمَانِي بِسَهمِهِ |
وَتَقصِفُ دَوحَ الأَمنِ هَبّةُ عَزمِهِ |
وَيُقسِمُ إِعجَاباً عَلَى الدَّهرِ باسمِهِ |
لَيلتمسَنْ بالجَيشِ دَارَ المُحارِبِ |
جَنَبتُم إِلَيهِ كُلَّ أَجردَ ضَامِرِ |
وَكُلّ طَوِيلِ البَاسِ يُدعَى بِبَاتِرِ |
وَكُلّ فَتىً عَن صُورَةِ المَوتِ سَافِرِ |
يُزَيِّفُ غَسّاناً وَعَمرَو بنَ عَامِرِ |
أَولَئِكَ قَومٌ بَأسُهُم غَيرُ كَاذِبِ |
جُيُوشٌ تَسُدُّ الخَافِقَينِ رعَالُهَا |
وَتُرعِد أحشَاءَ النّجوم نِصالُهَا |
وَتَملِكُ أحرارَ المُلُوكِ فِصالُهَا |
إِذَا أَمَّمَت أَرضَ العِدَى فَظِلالُهَا |
عَصَائِبُ طَيرٍ تَهتَدِي بِعَصَائِبِ |
لِسَيِّدِنَا ذلّ الزّمانُ وَأَذعَنَا |
وكلُّ بعيدٍ عِندَ عَزمتِهِ دَنَا |
وَهَل يَبلُغُ الآمَالَ أَو يُدرِكُ الغِنَى |
سِوَى مَن غَدَت أَسيَافُه البِيضُ وَالقَنَا |
مِن الضّارِيات بالدِّماءِ الدّوارِب |
شَجَاعَتُهُ دِرعٌ وَهَيبَتُهُ جَيشُ |
وَفِي يَدِهِ مِن دَهرِهِ البَريُ وَالرَّيشُ |
بِهِ يَقرُبُ النَّائِي وَيُستَعذَبُ العَيشُ |
وَيَجلِسُ مَن قَد كَانَ مِن شَأنِهِ الطَّيشُ |
جُلُوسَ الشّيوخ فِي ثِيَاب المَرَاتِبِ |
دُيونَ العِدَى أَنجَزتَها بِقَواضِبك |
وَعِندَ الرّدى يَنحَطّ رَحلُ مطالِبِك |
وَأَروَاحُ مَن عَادَيتَ أَدنَى مَطَالِبك |
عَلَى السَّعد عَهدٌ أَنَّ جُندَ كَتَائِبِك |
إِذَا مَا التَقَى الجَمعَان أَوَّلُ غَالِبِ |
صَفَت لَكم الأَيّامُ وَاستَوسَقَ الأَمر |
وَأَمَّا الَّذِي قَد كَانَ مِن شَأنِهِ الغَدرُ |
فَغَشّاهُ مَا غَشّى وَحَاقَ بِهِ المكرُ |
وَهَل يَنفَعُ التَّخييلُ وَالكَيدُ والسِّحرُ |
إِذا عُرِضَ الخَطِيُّ فَوقَ الكَوَاثِبِ |
عَلَى قَفصَةٍ هَبّت هُبوبَ الرَّوَامِسِ |
رِيَاحُ المَنَايَا مِن سَحَابِ الفَوَارِسِ |
فَكَم عَامِرٍ قَد أَلحَقَتهُ بِدَارِسِ |
عَلَى عَارِفَاتٍ لِلطّعانِ عَوَابِسِ |
بِهِنّ كُلومٌ بَينَ دَامٍ وجَالِبِ |
رِيَاحٌ وَمَا فِيهَا جَنُوبٌ وَشَمأَلُ |
إِذا تَستَثِيرُ البَرقَ فَهوَ مُكَبّل |
عِتَاقٌ وَلَكِن أَعتَقَ النَّاسِ تَحمِلُ |
إِذا استُنزِلُوا عَنهُنّ لِلطّعن أَرقَلوا |
إِلَى المَوتِ إِرقالَ الجِمالِ |
أُنَاسٌ مُقَامُ الشِّركِ فِيهِم عَلَى شَفَا |
إِذَا مَا دَعَا المَحروبُ باسمِهِمُ اكتَفَى |
وَمَن كَانَ لِلرّاحاتِ وَالرّاحِ قَد صَفَا |
فَهُم يَتَعَاطَونَ المَنِيَةَ قَرقَفَا |
بِأَيدِيهِمُ بِيضٌ رِقَاقُ المَضَارِبِ |
سَلِ النَّيّرَاتِ أَينَ مِنهَا عُلاهُمُ |
وَقُل لِلحَضِيضِ أَينَ مِنهُ عِدَاهُمُ |
مَآثِرُ لَم تَمدُدُ يداً لِسِوَاهُمُ |
وَلا عيبَ فيهِم غَيرَ أَنَّ ظُبَاهُمُ |
بِهِنّ فُلُولٌ مِن قِرَاعِ الكَتَائِبِ |
كَرِيمَةُ أَنسَابٍ بِأيدٍ كَرِيمَةٍ |
مُسَهِّدة في حالةٍ وَمُنيمَةٍ |
يَروقُ لَهَا ماءُ الطّلى صَوبَ ديمةٍ |
تُورّثنَ مِن أَزمانِ يَومِ حَلِيمَةٍ |
إِلَى اليَوم قَد جرّبن كُلّ التّجارب |
هَوَ الخَارِقُ العَادَاتِ فِي الحِلمِ والنّدَى |
تَعَوّد مِن هَذَا وَذَا مَا تَعَوّدا |
يَكَادُ يُنيلُ الجودَ والعَفوَ لِلعِدَى |
لَه شِيمَةٌ لَم يُعطِها اللَّهُ سَيِّدا |
مِنَ الجُودِ وَالأَحلامِ غَير عَوَازِبِ |
تَأَلَّقَ فِي أُفقِ الهِدَايَةِ نَجمُهُ |
وَأَفصَحَ عَن سِرِّ الضَّمَائِرِ عِلمُه |
وَكَيفَ يَفوتُ السِّرُّ عَنهُ وَفَهمُهُ |
يَقُدُّ السَّلُوقِيّ المُضاعَف سَهمُهُ |
وَيوقِدُ بالصُّفّاح نَارَ الحباحِبِ |
سَجيتُه عَدلٌ وَشيمَتُه رِفقُ |
وَطَاعتُهُ الدُّنيا وَعُبدَانُه الخَلقُ |
وحق بأن يَسمو فتىً وَشيمَتُه الحَقّ |
يُنازِعُه غَربُ البَسيطَةِ والشَّرقُ |
وَلا عِلمَ إِلا حُسنُ ظَنٍّ بِصَاحِبِ |
بِمُرسيةٍ أَلقَى عَصَاهُ وَخَيّما |
فَأَنجَدَ بالنَّاسِ السُّرُورُ وَأَتهَما |
فَيَا مَا أَشَدَّ الأُنس فِيهِ وَمَا وَمَا |
وَمَن لَم يَكُن يَدرِي السُّرورَ تَعَلَّمَا |
وَفَازوا فَمَا يَرجون غَيرَ العواقِبِ |
بِسَيِّدِنا الأَعلَى استَبَدّ كَليمُها |
وأَضحى سَليماً مِن رَدَاهُ سَليمُها |
فَأَبنَاؤُهُ في نِعمَةٍ يَستَدِيمُهَا |
يَصونُونَ أَجسَاداً قَدِيماً نَعِيمُهَا |
بِخَالِصَةِ الأَردَانِ خُضرِ المَنَاكِبِ |
أَمِيرٌ تُراعُ الأُسدُ مِن فَتَكَاتِهِ |
غِذا رَاعَ صَرفُ الدّهرِ سِربَ عُفَاتِهِ |
يَذُوقونَه مِن جودِهِ وَهِبَاتِه |
بِضَربٍ يُزيلُ الهَامَ عَن سَكَناتِهِ |
وَطَعنٍ كَإِيزاعِ المَخَاضِ الضّوَارِبِ |
فَيَا سَيِّداً يَحكِي الرّياضَ خلائِقَا |
ركبتُ لَكم ظَهر النّشاطِ بَوَارِقَا |
وَروّضتُ مِن أَزهَارِ فِكري حدائقَا |
حَبَوتُ بِهَا مَولايَ إِذ كُنتُ لاحقَا |
بِقَومِي وَمَا أَعيَت عَلَيّ مَذَاهِبِي |