وِصالُكَ مَقْصودي فهلْ أنتَ واصِلُ | |
|
| فليس بقلبي غيرُ حُبِّكَ حاصلُ |
|
وبي أنَّةٌ من أجلِ بُعْدِكَ قد بدتْ | |
|
| تكادُ لها مِنّي تُقَدُّ المَفاصِلُ |
|
ولو جادَ دَهْري بِقُقربِكَ ساعةً | |
|
| لَنلتُ من الدّنيا الذي أنا آمَلُ |
|
فيا ليتَ شِعري هل أفوزُ بنيلِها | |
|
| وأبلُغُ منها عاجِلاً ما أُحاوِلُ |
|
فقلبي عليها بالمَحَبَّةِ خائِمٌ | |
|
| ودهري بأنواع التّصاريفِ حائلُ |
|
وإنّي على بُعْدِي فوقَ خدِّيَ هامرٌ | |
|
| يَقلُّ له وَبْلٌ من القَطْرِ هَامِلُ |
|
ولي مِنْ وصالي في الصّبابةِ عَاذِرُ | |
|
| ولكنّ لي فيها من الهجر عاذِلُ |
|
وإنّي بأشجاني عن العَذلِ غائِبٌ | |
|
| لأنّ استماعَ العذلِ فِيكَ لَشاغِل |
|
ومَنْ بحِماهُ بالهوى أنا نازِعٌ | |
|
| هو الدّهرَ ما بين الجوانح ماثِلُ |
|
ومِنْ عَجَبٍ أنّي بحبّي سائِرٌ | |
|
| إليه وعنه باشتياقيَ سائِلُ |
|
وزورَتَه أبغي فهل أنا زائرٌ | |
|
| فما بسواها ما أعانيهِ زائلُ |
|
وكَوني بناديه المعظَّمِ قائِمٌ | |
|
| وفي ظلّه الممدودِ عُمرِيَ قايلُ |
|
وحقِّ أيَاديهِ الّتي أنا حامِدٌ | |
|
| بلا كذبٍ منها الذي أنا حامِلُ |
|
لَمَا غيرُه مثواهُ في القلب كامِنٌ | |
|
| وما إنْ سواهُ الدّهرَ للحبِّ كامِلُ |
|
فقدْ ثبتَتْ في الفضل عنه مآثِرٌ | |
|
| بإثباتِها للناس دانَ الأماثِلُ |
|
وضحت له في المكرمات فضائل | |
|
| بتصحيحها للخلق قام الأفاضل |
|
وبلغت له في النقل منها أواخرٌ | |
|
| كما بلغتْ في النقلِ منها أوائِلُ |
|
وَحَسْبِي اكتفاءً أنّها لمحمَّدٍ | |
|
| على الشَّرَفِ العالي العظيم دلائلُ |
|
بأنوارِها بانَتْ نُبوّتُه التي | |
|
| بها بُكُرٌ راقَتْ ورَقَّتْ أصائِلُ |
|
وغَنَّتْ قيانُ الوُرْقِ في كل دوحةٍ | |
|
| ومالَتْ بأعطافِ الغُصونِ الشمائِلُ |
|
وفاحَ نَسيمُ الزّهرِ في كلّ روضةٍ | |
|
| وسالَتْ من الماءِ الفُراتِ الجداوِلُ |
|
وجاء كلامُ الحقّ من عند ربِّهِ | |
|
| وقد شاعَ بين الخلقِ للجهلِ باطِلُ |
|
وما في الورى إلاّ مُصرٌّ على الخنى | |
|
| مُقيمٌ على الآثامِ بالله جاهِلُ |
|
فرائضُ رُشْدٍ جَمَّةٌ ونَوَافِلُ
|
وما منهمُ إلاّ لَبوسُ غوايةٍ | |
|
| وفي بُرْدِها غيرِ المُسَّهَمِ رَفِلُ |
|
فقامَ بإذنِ الله فيهمْ بوحْيِهِ | |
|
| يُخاصِمُهمْ في ذاتِهِ ويُجادِلُ |
|
وكم من تيقيم أبرأ الله سقمه | |
|
| بلمس يدٍ بالجود منه تعامل |
|
وأمْلَى عليهِمْ منه آياتِ حِكمةٍ | |
|
| تُقِرُّ لها بالعجزِ عنها المَقاوِلُ |
|
كتابٌ كريمٌ أعجزَ الخَلقَ نَظْمُهُ | |
|
| فسَحْبانُهم في عجزَه عنه باقلُ |
|
بأكْنافِهِ رَكْبُ البيانِ مُخيِّمٌ | |
|
| فما هو عن آياتِهِ الدّهرَ راحلُ |
|
وأيَّدَه بالمعجزاتِ لأنّها | |
|
| لتَصديقِه فيما يُقالُ رسَائلُ |
|
فشُقَّ له البدرُ المنيرُ بمكّةٍ | |
|
| ونادِي قُريشٍ عند ذلك حافِلُ |
|
وأفصَحَ يَشْكوهُ البعيرُ لضعفِهِ | |
|
| وبالعمل الصّعب الذي هو عامِلُ |
|
وحنَّ له الجذعُ الذي صحَّ يُبْسُه | |
|
| وأنَّ أنيناً مثلَما أنّ عاقِلُ |
|
ومالَ عليه الدّوحُ طوْعاً لأمرِه | |
|
| ولولا عُلاه لَمْ يَمِلْ منه مائلُ |
|
وأقبلتِ الأشجارُ تُسرِعُ نحوَه | |
|
| غداةَ دعاها لا تَنِي أوْ تُماطِلُ |
|
وفي الذئب لمّا كلَّمَ الرّاعِ آيةٌ | |
|
| يُردّدُها بالقطع راوٍ وناقِلُ |
|
وقال لغُصْنٍ جِيءْ فجاءَ فقال عُدْ | |
|
| فعادَ لمَثْواهُ وما هو عاقِلُ |
|
وردَّ بمرْأى الخلقِ عيْنَ قَتادةٍ | |
|
| وقد كان منها سالَ بالخدّ سائِلُ |
|
وفي ليلةِ الإسراء آيةُ عِبْرةٍ | |
|
| يُباهي بها صَبٌّ به ويُجادلُ |
|
وكمْ مِنْ طعامٍ قَلَّ عادَ بجاهِهِ | |
|
| كثيراً وفاءً فَجرّتْهُ الأنامِلُ |
|
فأصبحَ ظمآنُ الصّحابةِ رَاوياً | |
|
| وجائِعُهُمْ شَبعانَ والخيرُ شَامِلُ |
|
وكَمْ من غَوِيٍّ نال منه بدعوةٍ | |
|
| رشاداً فأضحى وهو للرُّشدِ نائلُ |
|
وكَمْ جَحْفلٍ أرْدَاهُ عند لقائِه | |
|
| وصَالَ عليه منه كالشّبلِ صائِلُ |
|
وكَمْ مِنْ غُيُوبٍ أخبرَ الصّحبَ أنها | |
|
| تكونُ فكانتْ وِفقَ ما هو قائلُ |
|