لابُدَّ أنْ يَضْحَكَ الدّهرُ الذي عَبَسَا | |
|
| ويَنْعَمَ البالُ مِمَّنْ ظَلَّ قد يَئِسَا |
|
ويَكْتَسِي الغُصْنَ في روض المُنى زَهَراً | |
|
| من بعْدِ ما قَدْ ذَوى فيه وقد يَبِسَا |
|
والمَرْبَعُ الدّارسُ الخالي يعودُ غَداً | |
|
| كأنَّه ما خَلاَ يوْماَ ولا دَرَسَا |
|
ومن غَدَا وهُموم الدّهْرِ تُثْقِلُهُ | |
|
| يروحُ منها خفيفَ الحِمل ما نُكِسَا |
|
فلا الصَّبرُ أوْلى بَمَنْ ضاقتْ مذاهبُهُ | |
|
| يوماً وأصبحَ في دنياهُ مُبْتَئِسَا |
|
بالضِّيقِ تَعْقُبُهُ مِنْ بَعْدِه سَعَةٌ | |
|
| تُبْدِي له مِنْ سَنَا أنْوارِه قَبَسَا |
|
فيا فؤاديَ كُنْ للأسْرِ مُصْطَبِراً | |
|
| وارْجُ السَّراحَ عساهُ أن يكون عَسَى |
|
فكَمْ أسيرٍ حَبِيسٍ في القيودِ غَدَا | |
|
| كأنَّه ما رأى أسْراً وما حُبِسَا |
|
واجعَلْ رئيسَكَ في الصّبر الإمامَ أبا | |
|
| عبد الإلاه البيانيَّ خيْرَ مَنْ رَأسَا |
|
ذا الحِلْمِ والصّفحِ والعلمِ الذي بَهَرَتْ | |
|
| أنوارُ أنواعِه مَنْ ظَلَّ مُقْتَبِسَا |
|
قُسُّ الفصاحةِ إنْ وافيتَ مُسْتَمِعاَ | |
|
| مَعْنُ السَّماحةِ إنْ يَمّمتَ مُلْتَمِسَا |
|
إنْ جادَ جادَ كَمِثْلِ الغيثِ مُنْسَكِباً | |
|
| أوْ صالَ صالَ كمثْلِ اللّيثِ مُفْتَرِسَا |
|
يَلينُ إنْ لاَنَ في ذات الإلاهِ وإنْ | |
|
| قَسَا ففي ذاتِهِ منْهُ الفؤادُ قَسَا |
|
قَبُولُهُ يُخْجِلُ الرَّوْضَ الْمنيرَ بدَا | |
|
| وقارُهُ يَبْهَرُ الطَّوْدَ العظيمَ رَسَا |
|
يدْري بفِطْنَتِه ما الصّدْرُ يُضْمِرُهُ | |
|
| سِرّاً فيُعربُ عمّا فيه قد هَجَسَا |
|
كأنّه عارِفٌ بالغيبِ يَعْلَمُهُ | |
|
| إذا غَدَا مُدَّعيهِ يَدَّعِي هَوَسَا |
|
فَراسَةٌ فضحتْ سِرَّ الكَتومِ كما | |
|
| بَدْرُ الدُّجُنَّةِ أمسَى يَفْضَحُ الغَلَسَا |
|
إذا ارْتَقَى مِنْبَراً للوعظِ تَحْسَبُهُ | |
|
| قَرْماً غَدَا راكِباً يوْمَ الوغَى فَرَسَا |
|
في كلّ يومٍ له علمٌ يُقرّره | |
|
| ترى الفَصيحَ لديْهِ ساكِتاً خَرِسَا |
|
لله مَجْلِسُه يُلْقِي العلومَ به | |
|
| وفَوْزُ صَبٍّ إلى إلْقائِهِ جَلَسَا |
|
نِعْمَ المحلُّ مَحَلٌّ مُونقٌ عَبِقٌ | |
|
| يَهْدي لِمَنْ أمَّهُ مِنْ طيبِهِ نَفَسَا |
|
يَمَّمْتُه زمناً أجْنِي فوائدَه | |
|
| مُصَابِراً عندما أجْنِي ومُخْتَلِسَا |
|
والجِدُّ يَبْعَثُنِي والمَجْدُ يَسعدنِي | |
|
| مَعَ الشَّبابِ وطَرْفُ الدّهر قَدْ نَعَسَا |
|
حتّى جَرَى القدر المَحْتُومُ سَابِقُهُ | |
|
| فخابَ ظنّي وما أمّلتُه انْعَكَسَا |
|
فحَرُّ صدْري يُحاكِي النّارَ مُلْهَبَةً | |
|
| ودمْعُ عيني يُحاكِي الماءَ مُنْبَجِسَا |
|
لكِنَّني صابرٌ أرجو بدَعْوتِهِ | |
|
| عوْدَ الزّمانِ الّذي إصباحُه انْطَمَسَا |
|
فهو الذي مُذْ بّدتْ أنوارُ حكمتِه | |
|
| وفَّى مؤمَّلَه منها وما بَخَسَا |
|
ما أمَّهُ طالبٌ إلاّ وشاطرَهُ | |
|
| في قوتِهِ دائماً دَعْ ناجِباً وكَسَا |
|
فيَنْثَنِي عن مَحَلِّ الجودِ حَضْرَتُهُ | |
|
| كأنّه ما رأى فقْراً ولا فَلَسَا |
|
نَعَمْ ولا الْتَبَستْ في العلمِ مسألة | |
|
| إلا وبين منها كل ما التبسا |
|
فطالب العلم يجني مِنْ بدائِعِه | |
|
| غَرْساً زَكَا ما سِواهُ مِثْلَه غَرَسَا |
|
وحَقِّ والدِهِ الحبْرِ الإمامِ وما | |
|
| حَوَى مِن العلْمِ بالدّرس الذي دَرَسَا |
|
ما أبْصَرتْ مُقْلَتِي شخصاً يُماثِلُه | |
|
| في بعضِ أوصافِهِ مُذْ جُلْتُ أنْدَلُسَا |
|
فيا وحيداً عَلَتْ في العِلْم رُتْبَتُهُ | |
|
| فباتَ يَرْشُفُ لِلْعَلْيا جَنىً سَلِسَا |
|
خُذْها إليْكَ عَرُوساً حَلْيُها أدَبٌ | |
|
| تَبْغِي القبول عليها المهر ما بخسا |
|
جاءتك من خجل التقصير لابسة | |
|
| ثوب الحياءِ الذي ما مِثْلُهُ لُبِسَا |
|
فاعذُرْ بِفَضْلِكَ صَبّاً صاغَها عجَلا | |
|
| يَشْكُو بآبُرَةٍ أسْراً صباحَ مَسَا |
|
أتى بها يبتغِي مِنْكَ الدُّعَاءَ لَهُ | |
|
| لَمَّا رأى أنّه فيها حليفُ أسَى |
|
فَهَبْ له منه حَظّاً وافِراَ لِيَرَى | |
|
| مِنَ السَّراحِ به ما مِنْهُ قد يَئِسَا |
|
لا زِلْتَ تُدْرِكُ ما تَبْغيهِ مِنْ أمَلٍ | |
|
| ومَنْ يَرُومُكَ بالمَكْرُوهِ قَد تَعِسَا |
|