أَقْوَى الضَّلالُ وأقْفَرَتْ عَرَصَاتُهُ | |
|
| وعَلا الهدى وتبلَّجَتْ قسماتُهُ |
|
واِنْتَاشَ دينَ محمَّدٍ محمودُهُ | |
|
| من بعد ما عُلَّتْ دماً عَبَراتُهُ |
|
رَدَّتْ على الإسلام عصرَ شبابِهِ | |
|
| وَثباته مِن دونِهِ وثباتُهُ |
|
أَرسَى قَواعِدَهُ وَمَدَّ عِمادَه | |
|
| صُعُداً وشيَّد سورَه سوراتُهُ |
|
وَأَعادَ وَجهَ الحَقِّ أَبيضَ ناصِعاً | |
|
| إصْلاتُهُ وصِلاتُه وَصَلاتُهُ |
|
لَمّا تَواكَلَ حِزبُهُ وَتَخاذَلت | |
|
| أَنصارُهُ وَتَقاصَرَت خطواتُهُ |
|
رَفَعت لِنورِ الدّينِ نارَ عزيمَةٍ | |
|
| رَجَعَت لَها عَن طَبعِها ظُلُماتُهُ |
|
مَلكٌ مَجالسُ لهوه شدَّاتُه | |
|
| ومشُوقُهُ بين الصُّفوف شذاتُهُ |
|
يُغْرَى بِحَثحثةِ اليَراعِ بَنانُهُ | |
|
| إِنْ لذّ حَثحَثةَ الكُؤوسِ لِداتُهُ |
|
ويروقُهُ ثَغْرُ العداء قانٍ دَما | |
|
| لا الثّغْر يَعبِق في لَماهُ لثاتُهُ |
|
فصَبُوحُهُ خمْرُ الطَّلَى وغُبُوقُه | |
|
| تطف النّفوس تديرها نشواتُهُ |
|
فتحٌ تعمَّمتِ السَّماءُ بفخرهِ | |
|
| وهَفَتْ على أغصانها عَذَباتُهُ |
|
سَبَغَتْ على الإسلام بيض حُجُوله | |
|
| وَاِختالَ في أَوضاحِها جبهاتُهُ |
|
واِنْهَلَّ فَوقَ الأَبطَحينِ غَمامُهُ | |
|
| وسَرَتْ إلى سَكِينها نَفَحَاتُهُ |
|
للَّه بَلجَةُ لَيلَةٍ مَحَصت بِهِ | |
|
| واليوم دَبَّجَ وشْيَهُ ساعاتُهُ |
|
حَطَّ القَوامِص فيهِ قِماصها | |
|
| ضَربٌ يُصلصلُ في الطّلى صعقاتُهُ |
|
نَبذوا السّلاحَ لِضَيْغَمٍ عاداتُه | |
|
| فَرْسُ الفوارسِ والقَنا غاباتُهُ |
|
لِمُجرّب عُمَرِيَّة غضباتُه | |
|
| للَّه مُعْتَصِمِيَّةٌ غَزَواتُهُ |
|
تَحيا لِضِيق صفاده أُسَراؤه | |
|
| وَتغيض ماءً شؤونها نقماتُهُ |
|
بَينَ الجَبالِ خَواضِعاً أَعناقُها | |
|
| كَالذَّوْد نابَت عن براه حداتُهُ |
|
نَشَرت عَلى حَلبٍ عقودُ بُنُودهم | |
|
| حُلَل الربيعِ تَناسَقَت زهراتُهُ |
|
رَوضٌ جَناهُ لها مكرُّ جيادِه | |
|
| وَاِستَوأَرَتْ حمّاله حملاتُهُ |
|
مُتَسانِدين على الرّحالِ كَما اِنتَشى | |
|
| شرْب أمالت هامَه قهواتُهُ |
|
لم تُنْبِتِ الآجام قبل رماحِهِ | |
|
| شجراً أصولُ فروعِه ثمراتُهُ |
|
فلْيَحْمَدِ الإسلامُ ما جَحَدت له | |
|
| شربات غَرس هَذِهِ مَجناتُهُ |
|
وَسَقى صَدى ذاكَ الحَيا صَوبَ الحَيا | |
|
| خَيرُ الثَرى ما كنتَ أَنتَ نباتُهُ |
|
نَصَبَ السّريرَ ومالَ عَنهُ وَمَهّدَت | |
|
| لِمَقَرِّ مَنصِبك السّريّ سراتُهُ |
|
ما ضَرّ هَذا البدرَ وهو محلّقٌ | |
|
| أَنَّ الكواكبَ في الذُّرا ضرّاتُهُ |
|
في كُلِّ يَومٍ تَستطيلُ قَناتُهُ | |
|
| فَوقَ السّماءِ وتعْتَلي دَرَجاتُهُ |
|
وَتَظلّ ترقم في الضُّحَى آثارُهُ | |
|
| مَجداً وَأَلسِنَةُ الزَّمانِ رُواتُهُ |
|
أَين الأُلَى ملأوا الطُّرُوسَ زَخارِفاً | |
|
| عَن نَزفِ بَحرٍ هَذِهِ قَطَراتُهُ |
|
غَدَقوا بِأَعناقِ العَواطِلِ ما لهُ | |
|
| مِن جوهرٍ فَأَتتهم فذاتُهُ |
|
لَو فَصّلوا سِمطاً بِبَعضِ فتوحِهِ | |
|
| سَخِرت بما اِفتَعلوا لهم فِعلاتُهُ |
|
يُمْسِي قَنانيه بَناتُ قيونه | |
|
| فَوقَ القَوانِسِ والقينا قيناتُهُ |
|
صِلَتان من دونِ المُلوكِ تُقرّها | |
|
| حرَكاتهُ وتُنيمُها يقظاتُهُ |
|
قَعَدَت بهم عَن خَطوِهِ هِمّاتُهم | |
|
| وَسَمَت بِه عن قَطوِهم همّاتُهُ |
|
سَكَنوا مُسجَّفة الحجالِ وأسكنَت | |
|
| زُحَل الرّحال مع السُّها عزماتُهُ |
|
لو لاحَ لِلطّائِيّ غُرَّةُ فتْحِهِ | |
|
| باءَت بِحَملِ تَأوّه باءاتُهُ |
|
أو هَبَّ للطَّبَرِيّ طِيبُ نسيمِه | |
|
| لَاِحْتَشَّ من تاريخهِ حَشواتُهُ |
|
صَدَمَ الصَّليب على صلابَةِ عُودِهِ | |
|
| فتفرَّقَتْ أيدي سَبا خَشَباتُهُ |
|
وَسَقى البِرِنْس وقد تَبَرْنَسَ ذِلَّةً | |
|
| بالرُّوج ممقر ما جَنَتْ غَدَراتُهُ |
|
فَاِنقادَ في خِطَمِ المَنِيَّة أنفُهُ | |
|
| يَومَ الخَطيمِ وأقطرت نزواتُهُ |
|
وَمَضى يُؤنِّب تَحتَ إِنِّبّ همَّةً | |
|
| أمْسَتْ زوافر غيّها زفراتُهُ |
|
أسدٌ تَبوأ كالغرنفِ فجأتهُ | |
|
| فتبوّأتْ طرفَ السِّنان شواتُهُ |
|
دونَ النُّجُومِ مغمضاً ولَطالَما | |
|
| أَغضَت وَقَد كَرَّت لها لحظاتُهُ |
|
فَجَلَوته تَبكي الأَصادِق تَحتَهُ | |
|
| بِدَمٍ إِذا ضَحِكَت لَه شُمَّاتُهُ |
|
تَمشي القَناةُ بِرَأسِهِ وَهوَ الّذي | |
|
| نَظَمتْ مدار النَّيِّرَيْن قناتُهُ |
|
لَو عانَقَ العَيُّوقَ يوم رفعتَهُ | |
|
| لأَراكَ شاهِدَ خفضه إخْبَاتُهُ |
|
ما اِنْقادَ قَبلَكَ أَنفُهُ بِخُزَامِهِ | |
|
| كلّا وَلا هَمَّت لها هدراتُهُ |
|
طيّان خفّ السَّرْح طالَ زَئيرهُ | |
|
| نَطَقَت سُطاكَ لَهُ فَطالَ صُماتُهُ |
|
لَمّا بدا مُسْوَدُّ رايكَ فَوقهُ | |
|
| مُبْيَضُّ نصْرك نُكسَتْ راياتُهُ |
|
وَرَأَى سُيوفَك كَالصَّوالِجِ طاوَحت | |
|
| مِثل الكرين تَقَلَّصت كرّاتُهُ |
|
ولّى وقَد شَرِبَت ظُباك كُمَاتَه | |
|
| تحت العَجاج وأَسْلَمَتْه حُمَاتُهُ |
|
تَرَكَ الكَنائِسَ وَالكناس لِناهِبٍ | |
|
| بِالبيضِ يَنهبُ ما حَواهُ عُفاتُهُ |
|
غَلّاب أَروع لا يُميتُ عِداته | |
|
| داءُ المطال ولا تعيشُ عُداتُهُ |
|
لِلوَحشِ مُلْقىً بالعرا يقتاتُهُ | |
|
| ما كان قبلُ بصيدِهِ يقتاتُهُ |
|
اليَّومَ مَلّككَ القراعُ قِلاعَهُ | |
|
| مُتسنِّماً ما اِستَشرَقَت شرفاتُهُ |
|
وَغَداً تحلّ لَكَ الحلائل أَسهُم | |
|
| مُتَوزّعات بَينَهنّ بناتُهُ |
|
أَوطَأتَ أَطرافَ السَّنابكِ هامَهُ | |
|
| فَتَقاذَفَت بعتيقها قذفاتُهُ |
|
لا زالَ هَذا الملك يَشمَخُ شأنه | |
|
| أبداً ويكفت في الحضيض شتاتُهُ |
|
ما أَخطأتكَ يَدُ الزّمانِ فَدونهُ | |
|
| مَن شاءَ فلتُسْرع إليه هناتُهُ |
|
أَنتَ الَّذي تُحلي الحياةَ حياتُهُ | |
|
| وَتَهبُ أَرواح القصيدِ هِباتُهُ |
|