الدَّهْرُ يَتْبَعُ ما يَجري به القَلَمُ | |
|
| والمَرْءُ يَلْحقُهُ النَّعْماءُ والأَلَمُ |
|
خاب امْرُؤٌ خافَ ما يُقْضي عليه به | |
|
| وَارْتَدَّ عن نَيْل ما تأتي به الهِمَمُ |
|
أَنا امْرُؤُ بلَغَتْ نفسي بما أَمَلَتْ | |
|
| وإِنَّني في بني الدنيا لهم عَلَمُ |
|
وقد بَلَغْتُ من العَلْياء غايتها | |
|
| ما ليس يُدْرِكُهُ كَفٌّ ولا قَدمُ |
|
وقد طبعت على عَزْمٍ عُرِفْتُ به | |
|
| يمْلا الفَرائِص حتَّى ليس يُكْتَظَم |
|
وقد أَقَمْتُ بِفعْلي كل بينةٍ | |
|
| وقد نَطَقْتُ بِقْولٍ كُلُّهُ حِكَمُ |
|
وقد أنَلْتُ عُفاتي مِلْكَ بُغْيَتِهم | |
|
| ونالَ منّي عُداتي الُبؤسُ والعَدَمُ |
|
وإِنَّ خَوْفي لذي الشنآن مختلِطٌ | |
|
| بحيث منه يحلّ الروح والنَّسَمُ |
|
ولي من الناس إِخْوانٌ صحِبْتُهُم | |
|
| على الوفاءِ فلم تُبْخَسْ لهم ذِمَمُ |
|
قَوْمي حَجورٌ جناح لي أَطِيُر به | |
|
| وأَهْلُ عِزّىَ من دون الوَرَى قُدَمُ |
|
لا أَعرفُ الدهر لي في الناس غيرهمُ | |
|
| قِسماً إذا الناس يوم البأس يقتسمُ |
|
لا يُبْدِلون لَرسْمٍ حين أرْسُمُهُ | |
|
| ولا أُبَدِّلُ رَسْماً غير ما رسَمُوا |
|
يا أَيّها الناطِقُ الناهي يُحَذِّرُني | |
|
| إِنَّ الحذير من المقدور مُخْتَرَمُ |
|
إِنْ كان قد حَلَّ حقّاً ما أُحاذِرُهُ | |
|
| فلَيْسَ لي من قضاءِ الله مُعْتَصَمُ |
|
كم من عَدُدٍّ سَقيْتُ السيفَ من دمه | |
|
| لم يُثْني عنه تعنيفٌ ولا نَدَمُ |
|
كم مُفْسِدٍ مَردٍ لم يَدْر ذي مَرحٍ | |
|
| إلا وقد حَلَّ من بأسي به النِّقَم |
|
كم من أَعادٍ ذَمَرْتُ الخَيْلَ نَحْوَهُمُ | |
|
| وكل أَرْوَعَ في يَمْنائِهِ خَذِمُ |
|
حتَّى تركتُ يقول القائِلون لهم | |
|
| كانوا وكان لهم عِزٌّ له حَرَمُ |
|
فإِنْ أَصِرْ مِثْل من قد صيَّرتْهُ يدي | |
|
| فالله أكبر وَهْوَ العادِلُ الحَكَمُ |
|
ولَسْتُ أَجزعُ من مَوْتٍ على كَرَمٍ | |
|
| وذاك أَكرم شيءٍ اسمُهُ الكَرمُ |
|
قد قام لي الأَمُر وَاسْتَغْلَظْن أَعْمِدَةٌ | |
|
| دَهْراً فما ظلموا قَوماً وما ظُلِمُوا |
|
أَقْسَمْتُ بالله ربِّ الناس كلّهمُ | |
|
| باري النفوس ومن يُخْشى به القَسَمُ |
|
إِنَّ الجُريْبَ لَمِشْكالٌ لِساكِنها | |
|
| لكنَّنا قد نراها أَنَّها إِرَمُ |
|
هذا لآخر منَّا من يحلُّ بها | |
|
| فسوف يبقى على أَفعاله النَّدَمُ |
|
يا أيّها الدهر كم تلهو بِغِرَّتنا | |
|
| أشكو إلى الله دهراً ليس ينْصَرِمُ |
|
وعادَ بعدي وربّي خَيْرُ ذُرِّيَةٍ | |
|
| والمال والخَيْلُ والأَسْيافُ والخَدَمُ |
|
لكنْ تُلِمُّ أمورٌ ليس يعرفها | |
|
| غيري ويذهبُ عمّن بعدي النِّعَمُ |
|
ويذهبون الأُلى تزداد هِمَّتُهم | |
|
| كلٌّ على نِيَّةٍ يسْعَى ولا يسمُ |
|
وهكذا الناسُ دُنْياهم تُبدِّدُهم | |
|
| وهكذا قد مضى من قَبْلنا أُمم |
|
ويذهبون شَتيتاً في الورى مِزقا | |
|
| بين البريَّةِ لا عُربٌ ولا عَجمُ |
|