حتّى الكلابُ تحنّ للضوءِ المُشرَّد في الطريقْ
|
حتّى الكلاب لها معَ الظلماءِ ألسنةٌ تُفيقْ
|
فتصكّ آذانَ المغامر لاح في النبْتِ السَّموقْ
|
وتودّ لو يدنو،فتشعلَ شِدْقها لَهَباً حريقْ
|
وتودّ لو يعلو بمركَبِه على موجٍ دفيقْ
|
فيحطّمَ الحِصنَ المرصّع بالّلآلئ،والعقيقْ
|
لا يرفُق الموجُ المُعاند بابتهالاتِ الغريقْ
|
|
زمنٌ به صار المصلّي دونَ مرتبة الكلابْ
|
زمنٌ به صارتْ صلاتي مثلَ حرباء السّرابْ
|
الناسُ مشغولون عن وَرَع ٍبأوتار الرّبابْ
|
شغلتهمُ الدنيا،وأمتعةُ الغرور لهم رِطابْ
|
فتّشتُ فيهم عن إمامٍ عادلٍ مثل السّحابْ
|
يستنبتُ الآذانَ،والأضلاع بالآيِ العِذابْ
|
|
يتلو بحبِّ الزّاهدين على أناسٍ كالجمادْ
|
لم ألقَ إلا غافلاً،أو نائماً مَيْتَ الفؤادْ
|
هَوَتِ النجومُ بشِدقه،فالكلْمُ مُعْتكِرُ القِلادْ
|
ولّى عن الآيِ الحَماماتُ المطوّقة الجِيادْ
|
أين الفراشاتُ التي كانتْ موزِّعةَ الوِدادْ؟
|
أين العصافيرُ التي كانت ترافقها الوِهادْ؟
|
أين الورود تُضمِّخُ الأفْقَ المكّلَل بالحِدادْ؟
|
|
البحرُ جُمِّد موجه حتّى تحوّل كالجليدْ
|
ماتتْ به أحلامُ صَبٍّ حالم ٍيبغي الجديدْ
|
أين المراكبُ،والنّوارس،والمرافئ،والحدودْ؟
|
والشمسُ ضائعةٌ،فما عادتْ بأذيالٍ تميدْ
|
|
باتتْ بمضجعه الزّوابعُ تقلَعُ الحرفَ النّضيرْ
|
وتُذيبُ أصداءً له حتّى تلاشى لا صَفيرْ
|
صلبوا رسائلَ عشقنا القدسيّ من خلف السُّتورْ
|
كونٌ من السّحرِ الطهور له على الأيّام نُورْ
|
|
فليرحمِ المولى زماناً فيه أهلٌ للغناءْ
|
قد حلّقتْ بحُلوقهم أطيارُ صدق ٍ،أو وفاءْ
|
كانوا إذا غنّوا بأرض ٍبين أعمدة السماءْ
|
أحسستَ أنّك هائمٌ يعلو بقلبٍ ذي دماءْ
|
لا، لن يعيشَ بغير حبٍّ يستقي منه الدّواءْ
|
ذاك الكتابُ كتابُه،فابنوا معي سُور الفداءْ
|