اُنشُر حَديثاً قَديماً كُنتَ تَطويهِ | |
|
| وَأَبدِ ذِكرَ حَبيبٍ كُنتَ تُخفيهِ |
|
وَلا تُعَرِّض وَصَرِّح لا بِتَورِيَةٍ | |
|
| وَلا تُمَرِّض وَصَحِّح لا بِتَمويهِ |
|
إِنَّ الحَبيبَ الَّذي هامَ الفُؤادُ بِهِ | |
|
| هامٍ لَهُ دَمعُ عَيني إِذ أُسَمّيهِ |
|
في ناظِرَيهِ وَفي فيهِ لِناظِرِهِ | |
|
| ما لا يَلومُكَ يَوماً لائِمٌ فيهِ |
|
لِلوَردِ وَالدُرِّ خَدّاهُ وَمَبسِمُهُ | |
|
| وَلِلرُدَينِيِّ مُهتَزّاً تثنيهِ |
|
وَلِلأَقاحِ وَلِلتُفّاحِ مَبسَمُهُ | |
|
| وَخَدُّهُ وَاِمتِياحي الراحَ من فيهِ |
|
مَن مُنصِفي مِن بَديعِ الحُسنِ مُعتدل ال | |
|
| قَوامِ أَحوى كَحيلِ الطَرفِ ساجيهِ |
|
حُلوُ المَعاطِفِ مُحلَولي المَراشِفِ مُه | |
|
| تَزُّ الرَوادِفِ ما يَصحو مِنَ التيهِ |
|
ظَبيٌ مِنَ التُركِ لَم تَترُك لَواحِظُهُ | |
|
| شَيئاً مِنَ الحُسنِ إِلّا وَهيَ تَحويهِ |
|
ضاقَت عَلَيَّ بِهِ الدُنيا بِما رَحُبَت | |
|
| لِلضيقِ في لَحظِهِ وَالضيق في فيهِ |
|
فِعل اليَغاليقِ أَدهى في الجُسومِ مِن ال | |
|
| ياسيخِ مُندَفِعاً عَن قَوسِ راميهِ |
|
واهاً لَهُ كُلَّما اِرتَجَّت أَسافِلُهُ | |
|
| وَآه مِنهُ إِذا اِهتَزَّت أَعاليهِ |
|
تُديرُ كَأسينِ عَيناهُ وَمُقلَتُهُ | |
|
| عَلى النَديمِ فَفي سُكرينِ تُلقيهِ |
|
فَأَوَّلُ الشَربِ سُكراً مِن هَواهُ أَنا | |
|
| فَلي خِمارٌ عَسى فوهُ يُداويهِ |
|
يا للرِجالِ لظَبيٍ صائِدٍ أَسَداً | |
|
| قاسي الفُؤاد عَلى صَبٍّ يُقاسيهِ |
|
يَجني عَلَيَّ فَأَستَحلي جنايَتَهُ | |
|
| وَما أَمَرَّ وَما أَحلى تَجنيهِ |
|
دَعني مِنَ الرَشَأِ النَجدِيِّ فَالرَشَأُ ال | |
|
| تُركِيُّ أُوقِعتُ في أَشراكِ حُبّيهِ |
|
فَصُدغُهُ صَولَجانٌ خالُهُ كُرَةٌ | |
|
| وَالخالُ حَبَّةُ قَلبي لا أُخَلّيهِ |
|
بِسَهمِ ناظِرِهِ عَن قَوسِ حاجِبِهِ | |
|
| يَرمي فُؤادي عَلى عَمدٍ فَيُصميهِ |
|
وَلَستُ أَنظُرُهُ إِلا مُخالَسَةً | |
|
| أَكادُ مِن تَرَفٍ بِاللَحظِ أُدميهِ |
|
أَعيا تَلافيهِ صَبّاً لَيسَ يُشرِكُ في ال | |
|
| هَوى وَكَم آي تَوحيدٍ تلافيهِ |
|
وَلَم يَزَل بَينَ عَذلٍ فيهِ يَدرَؤُهُ | |
|
| عَنهُ وَواشٍ لَهُ شاوٍ يُداريهِ |
|
شُربوشُهُ نَكَسَت مِنهُ عَمامَةُ مَن | |
|
| في الحُبِّ دُلِّهَ فيهِ أَيَّ تَدليهِ |
|
وَما تَأَمَّلتُ وَجدي في مَحاسِنِهِ | |
|
| إِلّا تَأَمَّلتُ وَجدي مِن مساويهِ |
|
مَتى تَحَرَّجتُ مِن شُربِ المُدامِ شدا | |
|
| فَدَسَّ في أَدَبي خَمراً يُغَنّيهِ |
|
يا مَن يَلومُ أعِد ذِكرى الحَبيبِ فَما | |
|
| يُنسيهِ شَيءٌ بَلِ الأَيّامُ تُنشيهِ |
|
وَاِذكُر دِمَشقَ فَإِنَّ اللَهَ فَضَّلَها | |
|
| عَلى البِلادِ بِما لا يُمتَرى فيهِ |
|
زَهَت بِجامِعِها وَالنَسرِ مُمتطِياً | |
|
| قَوادِمَ النَسرِ تَتلوها خَوافيهِ |
|
وَقَد أَناخَت عَلى الجَوزاءِ قُبَّتُهُ | |
|
| تُبدي الهِلالَ الَّذي لا شَيءَ يُخفيهِ |
|
شَكَّت بِسَفّودِها جَوزَ الهِلالِ وَقَد | |
|
| نَحَت بِهِ نَحوَ قَلبِ الحوتِ تَشويهِ |
|
وَبابُ جيرونَ قَد فارَت بِساحَتِهِ | |
|
| فَوّارَةٌ هِيَ ظِئرُ الجَديِ تَرويهِ |
|
يا حَبَّذا جَنَّةٌ بابُ البَريدِ بِها | |
|
| وَالحُسنُ قَد حُشِيَت مِنهُ حَواشيهِ |
|
فَالمَرجُ فَالنَهرُ فَالقَصرُ المُنيفُ عَلى ال | |
|
| قُصورِ فَالشَرَفُ الأَعلى فَبانيهِ |
|
فَالجِسرُ جِسرُ اِبنِ شَواسٍ فَنَيرَبُها | |
|
| تَحلو مَعانيهِ لا تَخلو مَغانيهِ |
|
كَأَنَّ في رَأسِ عِلِّيينَ رَبوَتَها | |
|
| يَجري بِها كَوثَرٌ سُبحانَ مُجريهِ |
|
تِلكَ المَرابِعُ لا حَزوى وَكاظِمَةٌ | |
|
| وَلا العَقيقُ بَواديهِ بِواديهِ |
|
أَقَلُّ شِعبٍ تَراهُ في دِمَشقَ يُوا | |
|
| في شِعبَ بَوّانَ وافي الفَخر وَالتيهِ |
|
دَع شِعبَ بَوانَ يا مَن بِالهَجينِ أَتى | |
|
| مُطَهَّماً عَرَبِياً كَي يُباريهِ |
|
كَم يَوم سَبتٍ بَديعٍ في دِمَشقَ أَتى | |
|
| بِحُسنِ مَن يوسُفُ الصديقُ يَحكيهِ |
|
إِذا تَأَمَّلتَها مِن كُلِّ ناحِيَةٍ | |
|
| دَعَتكَ لِلعَجَبِ البادي دَواعيهِ |
|
بِها الجَواسِقُ أَمثالَ المَراكِبِ في | |
|
| بَحرِ البَساتينِ تَعلوها صَواريهِ |
|
كَأَنَّ مِشمِشَها في دَوحِهِ ثَمَرُ ال | |
|
| جِنانِ تَجنيهِ مِنها كَفُّ جانيهِ |
|
كَأَنَّما كُلُّ غُصنٍ مِنهُ ذو كَرَمٍ | |
|
| تَحُلُّ في الناسِ أَيدٍ مِن أَياديهِ |
|
بِها الهَزاراتُ تَشدو في سَتائِرِ أَو | |
|
| راقٍ فَنَحنُ بِما تَأتيهِ في التيهِ |
|
كَأَنَّ نايَ زُنامٍ في مَناقِرِها | |
|
| وعودُ إِسحَق تَتَلوهُ مَثانيهِ |
|
كَأَنَّ في كُلِّ عودٍ عودَ جارِيَةٍ | |
|
| بِصَدرِها مِنهُ مَولودٌ يُناغيهِ |
|
لا شَيءَ أَحسَنَ مِنها غَير سيرَةِ سُل | |
|
| طانِ الأَنامِ الَّذي تَعلو مَعاليهِ |
|
الظاهِرِ المَلِكِ الغازي الغِياثِ مَتى | |
|
| يُعذَل عَلى الجودِ يَزدَد في تَناهيهِ |
|
كَأَنَّهُ في الوَرى فَصلُ الرَبيعِ زَهَت | |
|
| في العامِ أَيّامُهُ حَتّى لَياليهِ |
|
فَلَم يَكُن خائِفاً في الناسِ آمِلُهُ | |
|
| فَقراً وَلا خائِباً بِاليَأسِ راجيهِ |
|
فَمِنهُ يَسعى إِلى الحَربِ اِبنُ بَجدَتِها | |
|
| وَلِلنَجاحِ جَناحٌ في مَساعيهِ |
|
تَهابُهُ الخَيلُ وَالفُرسانُ هَيبَتَها | |
|
| ذا اللِبدَتَينِ جَثا في الغيلِ يَحميهِ |
|
لَمّا رَأَو أَنَّهُم مِن خَوفِ سَطوَتِهِ | |
|
| نَعامُ دَوٍّ تَبارى في نَواحيهِ |
|
أَمسَوا وَرَكضُهُمُ لَو كانَ في لَهَوا | |
|
| تِ الطِفلِ ما كانَ ذاكَ الرَكضُ يُؤذيهِ |
|
بِبَأسِهِ أَمِنَ الثَغرُ المَخوفَ فَما | |
|
| يَخافُ في الدَهرِ صدماً مِن دَواهيهِ |
|
مَلكٌ لَدى الحَربِ تَستَخذي المُلوكُ لَهُ | |
|
| ذُلاً وَفي السِلمِ تَستَجدي أَياديهِ |
|
تَبّاً لَنا إِن مَدَحنا غَيرَهُ مَلِكاً | |
|
| بِالحَمدِ وَالمَدحِ وَالتَنويهِ نَنويهِ |
|
وَهوَ الجَديرُ بِشُكرِ الناسِ كُلِّهِمُ | |
|
| وَمَدحِ كُلِّ اِمرِئٍ جادَت قَوافيهِ |
|
فَما رَأى الناسُ قِدماً مِثلَهُ مَلِكاً | |
|
| كَلا وَلا بَعدُ لا زالَت مَعاليهِ |
|
وَمَن رَمى بِقَوافيهِ إِلى حَلَبٍ | |
|
| يَحلُب بِها خَيرَ دَرٍّ مِن أَمانيهِ |
|
بَنى بِهِ اللَهُ لِلإِسلامِ في حَلَبٍ | |
|
| سوراً مَنيعاً تَعالى اللَهُ بانيهِ |
|
أَساسُهُ العَدلُ وَالإِحسانُ يَدعَمُهُ | |
|
| وَالنَصرُ يَثنيهِ وَالتَأييدُ يُعليهِ |
|
وَدونَهُ البيضُ بيضُ الهِندِ مُصلَتَةً | |
|
| وَالسُّمرُ سُمرُ القنا تَدمى عَواليهِ |
|
كُلُّ المَمالِكِ تَرجو أَن تَكونَ لَهُ | |
|
| مُلكاً أَنِلها إِلَهي ما تُرَجّيهِ |
|
يا صَفوَةَ اللَهِ مِن بَدوٍ وَمِن حَضَرٍ | |
|
| أَنتَ الَّذي لَم يَكُن خَلقٌ يُضاهيهِ |
|
فَالبَدرُ يَقصُرُ باعاً أَن يُساجِلَهُ | |
|
| وَالشَمسُ تَصغُرُ قَدراً أن تُباهيهِ |
|
وَهَل طَنينُ ذُبابِ السَيفِ في رَهَجٍ | |
|
| يُرى طَنينُ ذُبابِ الصَّيفِ يَحكيهِ |
|
وَهَل سَراب بِبَطنِ القاعِ مُلتَمِعٌ | |
|
| كَالبَحرِ يَوماً إِذا جاشَت أَواذيهِ |
|
وَما الغَضَنفَرُ في الآجامِ مُفتَرِساً | |
|
| يَوماً بِأَفتَكَ مِنهُ في أَعاديهِ |
|
لَم يَبلُغِ الفُرسُ وَالأَتراكُ وَالعَرَبُ ال | |
|
| ماضونَ وَالرومُ عُشراً مِن أَياديهِ |
|
مَن تُبَّعٌ مَن أَنو شِروانَ مَن هُوَ سَل | |
|
| جوقٌ وَمَن قَيصَرٌ في أَهلِ ناديهِ |
|
يَرى بِآرائِهِ في اليَومِ أَمرَ غَدٍ | |
|
| كَأَنَّما الغَيبُ بِالنَجوى يُناجيهِ |
|
فَما السَعادَةُ إِلّا في أَوامِرِهِ | |
|
| وَلا السَعادَةُ إِلا في نَواهيهِ |
|
فَدَهرُنا بِلِسانِ الحالِ قالَ لَنا | |
|
| بُشرى لِطائِعِهِ وَيلٌ لِعاصيهِ |
|
كَم صادَ أَصيَدَ قَسراً فَهوَ عانيهِ | |
|
| يَبكي عَلى مَلكٍ وافاهُ ناعيهِ |
|
إِن كانَ أَهلوهُ ما بَينَ الوَرى شُهُباً | |
|
| في مُلكِهِم فَهوَ شَمسٌ بَينَ أَهليهِ |
|
يُغني عُفاةَ نَداهُ سَيبُ نائِلِهِ | |
|
| جوداً وَيَفني عِداهُ سَيلُ واديهِ |
|
حَتّى إِذا ما رَأَوهُ راكِباً فَرَساً | |
|
| تَرَجَّلَ الهامُ يَهوي عَن هَواديهِ |
|
فَفي مَضَلَّتِها بَل في مَذَلَّتِها | |
|
| تَهوي أَعاديهِ إِذ تَنوي تُناويهِ |
|
مِن خَوفِهِ اللَيلُ ما تَسري عَقارِبُهُ | |
|
| عَلى الصَعيدِ وَلا تُؤذي أَفاعيهِ |
|
وَقَد عَجِبتُ لِبَحرٍ طابَ فَاِرتَوَتِ ال | |
|
| بِلادُ مِنهُ وَرَبعي لَيسَ يَسقيهِ |
|
هَذا وَما زِلتُ في كُلِّ المَحافِلِ مُث | |
|
| نِياً عَلَيهِ فَما آلو دَواعيهِ |
|
وَلي مَديحٌ يَهَشُّ السامِعونَ إِلى | |
|
| سَماعِهِ فيهِ ما أَقوَت قَوافيهِ |
|
يا لَيتَ نائِمَ حَظّي هَبَّ مُنتَبِهاً | |
|
| بِيَقظَةٍ مِنهُ بَعدَ الفَقرِ تُغنيهِ |
|
إِن يَفعَلِ الخَيرَ بي يَجزِ الإِلَهُ بِهِ | |
|
| مَن يَفعَلِ الخَيرَ لا يَعدَم جَوازيهِ |
|
فَنالَ مُلكَ سُلَيمانٍ وَعاشَ بِهِ | |
|
| ما عاشَ نَوح سَعيداً في تَرَقّيهِ |
|