إبلاغ عن خطأ
ملحوظات عن القصيدة:
بريدك الإلكتروني - غير إلزامي - حتى نتمكن من الرد عليك
انتظر إرسال البلاغ...
|
تلاَقفَهُ الملائِكُ ليلة قالوا: |
هُنا في البردِ وسْطَ الغيمة |
البيضاءِ مأواهُ |
فروحي أنتِ واشتدِّي بلوْنٍ |
يشْبهُ الموْتى |
فأنت اغتبتِ لونَ الطفلِ |
لا لا تصلُحينَ لَه |
وكُفيِّ الدمْعَ عن رجليْهِ .. |
يجرَحُهُ ويؤلِمُهُ .. |
فوسْطَ الغيمة الأحبابُ تلقاهُ |
ولو أبقيْت صَوْتَ النَّدْبِ للماضي .. |
لأخَلفْنا وعودَ الفَجْرِ |
ما جئْنا لنَرْعاهُ |
وإنْ كُنْت اسْتَفَقْتِ اليْومَ |
ثَكْلى لا تطيقُ النومَ |
فالأطْيارُ أقْوى من عرائِسِ |
عالَمِ الأوهام سيدتي .. |
وما يوْماً تَمَلُّ الحوْمْ .. |
أنْتِ الغربةُ الصَّفْراءُ |
لوَّنْتِ البريءَ النَّاعِمَ .. الشَّادي |
وحبُّك يا فُتاتَ الأمِّ أشْقاهُ .. |
وندْري أنَّكِ الثَّكْلى .. |
وكَمْ ناحَ الفؤادُ الماردُ الجبَّارُ .. |
أشقاكِ العَذابُ المرُّ .. |
أفقَدَكِ الدِّما .. |
حتىَّ بَكَتْ في حِضِنْكِ السِّريِّ عَيْناهُ .. |
ولكنْ ما رأيْتِ الحزنَ |
في أمْصارِ عالَمِكُمْ |
بحينٍ لَوَّحَتْ لأمومةِ الفِقدانِ يُمْناهُ ..؟؟ |
شُهور أشْفَقَت كمَدَا.. |
وخافَ عليْكِ من حُقَنٍ |
ومنْ زمَنٍ عَقيمٍ |
لا يُفَسَّرُ فيه مَعْناهُ.. |
***** |
زمانُك أسود قانٍ .. |
بلوْنِ دوائِكِ المُلْقى |
دَخيلاً في عُروقِ القَلْبِ .. |
خَلِّيهِ .. رُويْداً |
يَجْرَعُ القَطَراتِ |
من عيْنِ النُّجومِ الصُّفْرِ |
ألَبسنْاه جْلداً رقَ |
من بَطْنِ العيونِ السُّودِ .. |
حينَ أتى ... |
سنأخُذُهُ إليْنا ينطُرُ الزُوَّارَ |
من ملَلٍ ومنْ أصْقاعِ واديكُمْ .. |
لماذا تُسْرعينَ الآنَ هَرْولَةً |
كريحٍ تضْرِبُ الأصْقاعَ |
صارخةً ولا أعتْى؟ |
تَسابَق في سنَاكِ النَّبْضُ |
نَحَوْ الصَّمْتِ |
سَيِّدتي .. ويا سجَّادةَ الموْتى .. |
رُويْداً .. واسْمَعي نُصْحَ الملائِكِ.. |
آه .. سيِّدتي |
يفَارِقُ طِفلُكِ الأحْزانَ والأوجْاعَ |
مَسْروراً .. ويَشتْاقُ الوجوهَ الحُلْوةَ العُليا .. |
لوجْهك قَدْ أدارَ الظَّهْرَ |
ما الَتفَتَا .. |
ضَعيفُ الصَّوتْ ما غَنىَّ .. |
وما ردَّ النُّواحَ اليَوْمَ .. |
للقلْبِ الشَّقيِّ الآنَ. |
ما هَانَتْ بُنُوَّتُهُ .. |
سَمعنْاهُ يُناديكِ ... |
يرنِّمُ باسْمِكِ المعْكوسْ .. |
وحينَ استرسلت رِجْلاهُ |
بين الغْيمِ والأحْضَانِ |
في أمٍ تعانقُهُ .. |
أبلَّ الدَّاءُ سيِّدَتي .. |
ونامَ بدونِ هَدْهَدةٍ .. |
وَنشْغُ الطّفْلِ يُنْهِضُهُ .. |
وقَدْ أبْكى طيورَ الفجْرِ |
حينَ بَكَى .. |
وعنْدَ البردِ في الأطْرافِ .. |
نِصْفَ الَّليْلِ .. |
قامَ شكا .. |
ونعرفُ أنّ قلبَ الكوْنِ |
منْ وجْدٍ بصدْر الأُمِّ |
رُجَّ الآنَ وارْتَبَكَا .. |
فَقُلنْا: يا ضياءَ الشَّمْس |
ما للكَونِ قدْ حَلَكا ...؟؟ |
***** |
أنا يا حُجْرةً .. ما قلَّبَتْها الكَفُّ |
في بيْتي إليكَ أسيرْ.. |
كأمٍّ لاقَت السَّجانَ تَرْجوهُ |
يَفُكُّ الآن قيدَ أسيرْ .. |
فَلا السَّجانُ يَقْنَعُ من تَوَسُّلِها .. |
ولا للأمرِ من أسرارِ هذا السجنِ |
مرساةٌ لِقَلْبِ كَسيرْ .. |
يظلُّ القَلْبُ يا وَلَدي .. |
صَليباً مُجْبَراً بالسَّطْوَةِ النَّكْراءِ .. يَصْلِبُني .. |
فأمْرُكَ يا حشايا الرُّوحِ جِدُّ عَسِيرْ.. |
***** |
سَأكْسِرُ شَوكْةَ الإبْحارِ |
قَدْ لا يَركْبُ القُرصْانُ بَحْراً قانياً.. |
وَيخافُ من صَوتْي .. |
إليَّ .. إليَّ .. يا وَلدي .. |
فإنَّ تَمائِمَ السِّحْرِ المُخيفَةِ .. |
شاخَتِ احْتَرقَتْ ... |
يقولُ الصَّحْبُ .. |
هبَّ الَطَّيْرُ مِنْ عينْي .. |
وإنَّ يَمامَتي سُرِقَتْ.. |
أنا أدْري بأنْ قَدْ طارَتِ الأطيْارُ من جَنْبي .. |
تَجَاهَلَني الأحَّبةُ والدُّنى مَرَقَتْ .. |
أنا أدْري بهَميِّ يا ضَنَا روحي .. |
وكيْفَ الرُّوحُ قَدْ شَرِقَتْ .. |
وأنَّ بريشِ وَزّاتٍ |
تُرَفْرفُ في رُبى رِئَتيَّ .. أمْواجاً .. |
وقد عَلِقَتْ .. |
***** |
أنا من كلِّ ريشٍ قد نسَجْتُ الثَّوْبَ |
أبْيَضَ ناصِعاً |
في الظُّلْمةِ الظَّلْماءِ .. |
يا وَلَدي .. وَلَمْ أعْلَمْ .. |
بأنَّكَ دونَ ثَوْبِ الأمِّ |
تَجْتاحُ الفَضَا وتَطيرْ .. |
وَلمْ أعْلمَ بأنَّ الرِّيحَ |
يخذلهاجَناحُ صَغيرْ .. |
أنا يا حُجْرةً ما قلَّبتْها الكَفُّ |
في بْيتي إليْكَ أطيرْ .. |
وأحملُ صُرّةَ الأثْوابِ |
أحْمِلُ قُفّةَ الأتْعابِ.. |
أصْقِلُ مِحْجَنَ الأحْبابِ .. |
يا وَلَدي .. |
وأطْرقُ عالَمَ الأبوابِ.. |
أبْحَثُ عَنْكْ .. |
فَتَحْتُ الغَيْمَ حينَ وَصَلْتُ من سَفَري .. |
أطلَّ الحارِسُ الحافي تَنَاول من يَدي وَتَري .. |
وَهمْهَمَ: لا خُطىً في اللَّيْل سيِّدتي .. |
وألقْيتُ السَّلامَ الرَّاعشَ الخَجْلانَ .. |
حطَّ الصٌّرَةَ البَيْضاءَ جانِبَهُ |
وكانَ شَفيقْ .. |
تجوَّل نَاظِري في روْعَةِ المضْيافْ .. |
جميلا كَانَ يا وعْدي .. وكانَ أنيقْ .. |
وكانَ بوجْهِهِ نورٌ عليَّ يُفيقْ .. |
عيونُ الجنَّةِ الخَضْراءِ .. عَيْناهُ .. |
لبؤبؤ عينه اليُسْرى خرائطُ |
مِنْ خُطوطِ الدَّمَّ .. |
فيها قُبةٌ ذهبيَّةٌ ... |
مِصْباحُها الزَّيْتيُّ .. |
نورُ طَريقْ .. |
وفي هوْلِ المسافَةِ فارِسٌ |
يسْتلُّ سيفاً لامِعاً .. |
في جفْنِهِ الهادِي خَيالُ رفيقْ .. |
حَدَّقَ في عيوني غَابَ .. |
في أمْواجِ غَيِمْ الصَّمْتِ |
مِثْلَ غَريقْ .. |
سَالَ الدَّمعُ من نَهرينِ |
مشتاقيْنِ .. |
ما لَفَتَ انْتباهي مِثْلَ لوْنِ الَدمِّ |
ياَ نزفْي على الغَيْماتِ .. |
كانَ أرُيقْ .. |
كانَ الحارسُ الحافي ... ينقِّلُ |
روحَهُ بيْني وبيْنَ النَّزف .. |
لا يَطَأ الغُيومَ . ولا تَمَسُّ |
الكَفَّ كَفَّاهُ .. |
وَحارَتْ مُقْلتَي في وَجْهِهِ السحريِّ .. |
ربيِّ يا وليَّ العَرْشِ |
مَنْ مِنْ قُبْلَةٍ للعَيْن أعْفاهُ ..؟؟؟؟ |
وَمِنْ في دَفْقةِ الأرْواحِ |
نَظَّفَ كُلَّ شائبةٍ وصفَّاهُ؟ |
وَضَمَّ الحارسُ الحافي رداءَ البَرْدِ |
حَوْلَ الخَصْرِ .. |
تَمْتَمَ لي: تعاليْ واجْلِسي بهدوءْ |
لا تَتَكلَّمي كالإنْس أوْ كالجِنِّ |
أجْلسَني واقْفَلَ بابَ حَنْجَرتي .. |
كَبابِ القَصْرِ .. |
هَمْهَمَ لا خُطىً في اللَّيْلِ سَيِّدتي .. |
ففي هذا المكانِ الآنَ عزفٌ |
منِ أغاني الطَّيْرْ .. |
فقلت: أصنَعْةُ الأطيارِ فَوْقَ الغَيْمِ .. |
عزفُ النَّايِ ..؟ |
إمْتاعٌ لسَمْعِ الغَيْر ..؟؟؟؟ |
قالَ: كَفى .. |
صَريخُ الإنْسِ يُزْعِجُهُ .. |
فكَيْفَ الحظُّ ألقاكِ على غَيْماتِ |
ذي الحارة ..؟؟؟؟ |
أكيدٌ أنَّكِ الحوريَّةُ الجارة !! |
فأهْلاً بالنساءِ الحاملات |
الكْونَ .. لا يَجْهلْنَ أسرْارَه ...!! |
وهاتيْ .. ما لَدْيكِ الآنَ |
قَلْبَ الكيسِ .. سُنَّارة ...؟؟؟؟ |
وقُطْناً أبيْضَ اللَّفاتِ |
رُطِّبَ مِنْ دُموعِ الأمِّ .. |
ياَ لدُموعِها في الصَّيْفِ مِدْرارَهْ !! |
***** |
وحينَ وَدِدْتُ هَمْساً |
أسألُ المضيافَ هَل مرَّ الحلو من هون ..؟ |
أطبَقَ فَوْقَ أجْفاني نُعاسٌ |
أنعَشَ الماضي .. |
وألقاني على طولي .. |
وطالَ الصَّمْتُ أسوْارَه .. |
فمَهْلاً يا أنيسَ الغَيْمِ .. |
إني ألمحُ العُصْفورَ يُشْبِهُ وجْهَكَ العالي .. |
ويُشْبهُني .. |
وَقدْ مَيَّزْتُ جَبْهَتَهُ .. ومِنْقارَهْ .. |
يَشحُّ الغيْثُ سيِّدتي .. |
وعُذْراً عَنْ مُعَامَلتي .. |
فحالُ الطَّيْرِ عنْ دنياكُمُ انزاحَتْ |
هُنا سَمِعَتْ سراديبُ السَّما خَطْوي .. |
وكمْ ناحَتْ على صَدْري بَناتُ الجانِ .. |
حين خُطايَ قَدْ ضلَّتْ طَريقي .. |
أوشَكَتْ تَهوْي .. |
وَكَمْ عَطَفَتْ جِبالُ البَرْزَخِ الظَّمآنِ |
تَحْتَ هُمومِ آلامي .. |
وَكمْ رقَّتْ لِسَاقي ذئبةٌ ثَكْلى .. |
ولاقَتنْي .. تَلمَّسُ في جوانِبِها .. |
بِحْزنٍ وانْحَنَتْ تَعوْي .. |
وَكَمْ ناءَ الحَواريُّون مِن عَطَشي؟؟؟.. |
وَكَمْ نَظرَتْ لوجْهي ثُلَّةٌ شَمْطاءُ .. |
هَزَّتْني بأذْيَالٍ وراحَتْ نَحْوَ أسْطُرِها |
فلا تَلويْ ..!!! |
وكَمْ بَعُدَتْ سِعانُ الماءِ لَّما |
حَلَّتِ الغيماتُ قُرْبَ الشَّمْسِ |
أسْقَتْ كُلَّ أهْلِ الأرْضِ .. |
إلاَّ مهجتي تذوْي .. |
هَلْ في حيِّكُمْ جرَّاتُ ماءٍ |
باردٍ فالقَلْبُ مَرْثْاةٌ |
لَقَدْ أحْضَرْتُ قُطْناً ناصِعاً |
أحْشُو بهِ طُرَّاحةَ الأحْبابِ |
فاسْمَحْ لي برؤياهُمْ ..!!! |
لقد حُمِّلْتُ جَوْفَ الصَّدرِ مِنْ روحي |
حلِيباً دافئاً وغِذا ... |
فَأشْفِقْ يا جَميلَ الوَجْهِ مِنْ وَجَعي .. |
أصَمْتُ القَصْرِ يُخرِسُني؟؟ |
عيونُ الَّطْيرِ مُغْمِضة ٌ.. |
يَداهُ ضَمَّتِ الدَّمعاتِ .. |
فتَّحَ عيْنَه اليُمْنى |
يُسائِلُ عَنْ مِخَدَّتهِ |
سَريرُ الطَّيْرِ قَدْ ناءَتْ محامِلُهُ ..!! |
ويُلْقى الرأس دونَ لِفاعِ أشْجاني .. |
تُخَرمِشُهُ أنامِلُهُ |
حبيبي يا جَناحاً واحداً .. ما طَارَ .. |
لا ما صفَّقَتْ للطَّيْرِ أطيارٌ .. |
حَزيناً .. باكِراً ودَّعْتَ أقرانَك .. |
فلا مَّرغْتَ بالكَفَّيْنِ مَرْيولَكْ .. |
ولا جرَّحْتَ خَدَّ |
الغُنْوَةِ .. الترويدةِ .. |
احتلَّتْ مناديلَكْ .. |
ولا أشَّرْتَ لي بالكَفِّ .. |
غطَّاكَ النَّدى واجْتاحَ اسْمالَكْ .. |
ولا رتَّلْتَ آياتٍ من القرآن .. فوْقَ الكوعِ .. |
لَّما الكوعُ ألْقى ناحلاً شالَكْ .. |
وإنْ ناحَ الحَمامُ الأبيْضُ المجْروحُ |
ننِيِّ فالحمامُ النائحُ |
المحزونُ يهْوى |
في السَّما خاَلَكْ .. |