فُؤادٌ بِهِ شَمسُ المَحَبَّةِ طالِعُ | |
|
| وَلَيسَ لِنَجمِ العَذلِ فيهِ مَواقِعُ |
|
صَحا الناسُ مِن سُكرِ الغَرامِ وَما صَحا | |
|
| وَأفرق كُلٌّ وَهوَ في الحانِ جامِعُ |
|
حُمَيّا هَواهُ عَينُ قَهوَةِ غَيرِهِ | |
|
| مُدامٌ دَواماً تَقتَنيها الأَضالِعُ |
|
هَوى وَصَباباتٌ وَنارُ مَحَبَّةٍ | |
|
| وَتُربَةُ صَبرٍ قَد سَقَتها المَدامِعُ |
|
وَأَولَعَ قَلبي مِن زَرودٍ بِمائِهِ | |
|
| وَيا لَهفي كَم ماتَ ثَمَّةَ والِعُ |
|
وَلي طَمَعٌ بَينَ الأَجارِعِ عَهدُه | |
|
| قَديمٌ وَكَم خابَت هُناكَ المَطامِعُ |
|
أَيا زَمَنَ الرَندِ الَّذي بَينَ لَعلَعٍ | |
|
| تَقَضّى لَنا هَل أَنتَ يا عَصرُ راجِعُ |
|
لَقَد كانَ لي في ظِلِّ جاهِكَ مَرتَعٌ | |
|
| هَنيءٌ وَلي بِالرَقمَتَينِ مَرابِعُ |
|
أَجُرُّ ذُيولَ اللَهوِ في ساحَةِ اللِقا | |
|
| وَأَجني ثِمارَ القُربِ وَهيَ أَيانِعُ |
|
وَأَشرَبُ راحَ الوَصلِ صَرفاً بِراحَةٍ | |
|
| تُصَفِّقُ بِالراحاتِ مِنها الأَصابِعُ |
|
تَصَرَّمَ ذاكَ العُمرُ حَتّى كَأَنَّني | |
|
| أَعيشُ بِلا عُمرٍ وَلِلعَيشِ مانِعُ |
|
وَمُذ مَرَّ عَنّي العَيسُ وَاِبيَضَّ لِمَّتي | |
|
| تَسَوَّد صُبحي فَالدُموعُ فَواقِعُ |
|
وَسِربٍ مِنَ الغِزلانِ فيهِنَّ قَينَةٌ | |
|
| لَنا هُنَّ في سَقطِ العُذيبِ مَراتِعُ |
|
سَفَرنَ بُدوراً مُذ قَلَبنَ عَقارِباً | |
|
| مِنَ الشِعرِ خِلنا أَنَّهُنَّ بَراقِعُ |
|
رَعى اللَهُ ذاكَ السِربَ لي وَسَقى ال | |
|
| حمى وَلا ضُيِّعَت سِربٌ فَإِنّي ضائِعُ |
|
صَليتُ بِنارٍ أَضرَمَتها ثَلاثَةٌ | |
|
| غَرامٌ وَشَوقٌ وَالدِيارُ الشَواسِعُ |
|
يُخَيَّلُ لي أَنَّ العُذَيبَ وَماءهُ | |
|
| مَنامٌ وَمِن فَرطِ المُحالِ الأَجارِعُ |
|
فَلا نارَ إِلّا ما فُؤادي مَحَلُّهُ | |
|
| وَلا السُحبَ إِلّا ما الجُفونُ تُدافِعُ |
|
وَلا وَجدَ إِلّا ما أُقاسيهِ في الهَوى | |
|
| وَلا المَوتَ إِلّا ما إِلَيهِ أُسارِعُ |
|
فَلَو قيسَ ما قاسَيتُهُ بِجَهَنَّم | |
|
| مِنَ الوَجدِ كانَت بَعضَ ما أَنا قارِعُ |
|
جُفوني بِها نوحٌ وَطوفانُها الدِما | |
|
| وَنَوحِيَ رَعدٌ وَالزَفيرُ اللَوامِعُ |
|
وَجِسمي بِهِ أَيّوبُ قَد حَلَّ لِلبَلا | |
|
| وَكَم مَسَّني ضُرٌّ وَما أَناجازِعُ |
|
وَما نارُ إِبراهيمَ إِلّا كَجَمرَةٍ | |
|
| مِنَ الجمرِ اللاتي خَبَتها الأَضالِعُ |
|
لِسِرّي في بَحرِ الصبابَةِ يونُسُ | |
|
| تَلَقَّمَهُ حوتُ الهَوى وَهو خاشِعُ |
|
وَكَم في فُؤادِي مِن شُعَيبِ كَآبَة | |
|
| تَشَعَّبَ مُذ شَطَّت مَزاراً مَرابِعُ |
|
حَكى زَكَرِيّا وَهنَ عَظمي مِنَ الضَنا | |
|
| أَيَحيى اِصطِباري وَهوَ بِالمَوتِ نافِعُ |
|
أَيا يوسُفَ الدُنيا لِفَقدِكَ في الحَشا | |
|
| مِنَ الحُزنِ يَعقوبٌ فَهَل أَنتَ راجِعُ |
|
أَتَينا تجارَ الذُلِّ نَحوَ عَزيزِكُم | |
|
| وَأَرواحُنا المُزجاةُ تِلكَ البَضائِعُ |
|
فَإِن يَكُ عَطفاً أَنتَ أَهل وَأَهلُهُ | |
|
| وَإِن لَم يَكُن كانَ العَذابُ مواقِعُ |
|
فَكُلُّ الَّذي يَقضيهِ فِيَّ رِضاكُمُ | |
|
| مرامي وَفَوقَ القَصدِ ما أَنا صانِعُ |
|
تَلَذُّ لِيَ الآلامُ إِذ أَنتَ مُسقِمي | |
|
| وَإِن تَمتَحِنّي فَهيَ عِندي صَنائِعُ |
|
تَحَكَّم بِما تَهواهُ فِيَّ فَإِنَّني | |
|
| فَقيرٌ لِسُلطانِ المَحَبَّةِ طائِعُ |
|
حَبَبتُكَ لا لي بَل لِأَنَّكَ أَهلُهُ | |
|
| وَما لِيَ في شَيءٍ سِواكَ مَطامِعُ |
|
فَصِل إِن تَرى أَو دَع وَعَدَّ عَنِ اللِقا | |
|
| وَإِلّا فَدونَ الوَصلِ ما أَنا قانِعُ |
|
تَمَكَّنَ مِنّي الحُبُّ فَاِمتَحَقَ الحَشا | |
|
| وَأَتلَفَني الوَجدُ الشَديدُ المُنازِعُ |
|
وَأَشغَلَني شُغلي بِها عَن سوائِها | |
|
| وَأَذهَلَني عَنّي الهَوى وَالهَوامِعُ |
|
وَقَد فَنِيَت روحي لِقارِعَةِ الهَوى | |
|
| وَأُفنِيتُ عَن مَحوي بِما أَنا قارِعُ |
|
فَقامَ الهَوى عِندي مَقاما فَكُنتُهُ | |
|
| وَغُيِّبتُ عَن كَوني فَعِشقِيَ جامِعُ |
|
غَرامي غَرامٌ لا يُقاسُ بِغَيرِهِ | |
|
| وَدونَ هُيامي لِلمُحِبّينَ مانِعُ |
|
فُؤادِيَ وَالتَبريحُ لِلروحِ لازِمٌ | |
|
| وَسُقمِيَ وَالآلامُ لِلجِسمِ تابِعُ |
|
وُلوعي وَأَشجاني وَشَوقي وَلَوعَتي | |
|
| لِجَوهَرِ ذاتي في الغَرامِ طَبائِعُ |
|
غَرامِيَ نارٌ وَالهَوى فَهوَ الهَوا | |
|
| وَتُربِيَ وَالما ذِلَّتي وَالمَدامِعُ |
|
يَلومُ الوَرى نَفسي لِفَرطِ جُنونِها | |
|
| وَلَيسَ بِأُذني لِلمَلامِ مَسامِعُ |
|
وَمُذ أَوتَرَت أَحشايَ حُبَّكَ إِنَّني | |
|
| لِسَهم قَسِيِّ النائِباتِ مَواقِعُ |
|
وَما لِيَ إِن حَلَّ البَلاءُ التِفاتَةٌ | |
|
| وَما لِيَ إِن جاءَ النَعيمُ مَراتِعُ |
|
وَما أَنا مَن يَسلو بِبَعضِ غَرامِهِ | |
|
| عَنِ البَعضِ بَل بِالكُلِّ ما أَنا قانِعُ |
|
وَشَوقي ما شَوقي وُقيتُ فَإِنَّهُ | |
|
| جَحيمٌ لَهُ بَينَ الضُلوعِ فَراقِعُ |
|
وَبي كَمَدٌ لَو حُمِّلَتهُ جِبالُها | |
|
| لَدُكَّت بِرُضواها وَهُدَّت صَوامِعُ |
|
وَلي كَبِدٌ حَرّاءَ مِن ظَمَأٍ بِها | |
|
| إِلَيكَ وَلَم يَبرُد غَليلاً مُصانِعُ |
|
يُخَيَّلُ لي أَنَّ السَماءَ عَلى الثَرى | |
|
| طَبَقنَ وَأَنّي بَينَ ذَلِكَ واقِعُ |
|
وَنَفسِيَ نَفسٌ أَيُّ نَفسٍ أَبِيَّةٌ | |
|
| تَرى المَوتَ نَصبَ العَينِ وَهيَ تُسارِعُ |
|
فَهَمّي وَفَهمي ذا عَلَيكَ وَفيكَ ذا | |
|
| وَجِدّي وَوَجدي زايِدٌ وَمُتابِعُ |
|
وَعَزمي وَزَعمي أَنَّهُ فَوقَ كلِّ ما | |
|
| يُرادُ وَظَنّي إِنَّما هُوَ واقِعُ |
|
تُسامِرُ عَينايَ السُها بِسُهادِها | |
|
| وَتَسأَلُ بَل ما سالَ إِلّا المَدامِعُ |
|
وَيَرقُبُ مِنكَ الطَيفَ جَفنِيَ دُجنَةً | |
|
| وَكَم زارَهُ طَيفٌ وَما هُوَ هاجِعُ |
|
وَيُخبِرُني عَنكَ الصَبا وَهوَ جاهِلٌ | |
|
| فَتَلتَذُّ مِن أَخبارِكُم لي مَسامِعُ |
|
إِذا غَرَّدَت وَرَقا عَلى غُصنِ بانَةٍ | |
|
| وَجاوَبَ قُمرِيٌّ عَلى الأَيكِ ساجِعُ |
|
فَأُذنِيَ لَم تَسمَع سِوى نَغمَةِ الهَوى | |
|
| وَمِنكُم فَإِنّي لا مِنَ الطَيرِ سامِعُ |
|
وَمِن أَيِّ أَينٍ كان إِن هَبَّ ضايِعٌ | |
|
| فَلي فيهِ مِن عِطرِ الغَرامِ بَضائِعُ |
|
وَإِن زَمجَرَ الرَعدُ الحِجازِيُّ بِالصَفا | |
|
| وَأَبرَقَ مِن شُعبى جِياد لَوامِعُ |
|
يُصَوِّرُ لي الوَهمُ المُخَيّلُ أَنَّ ذا | |
|
| سَناكَ وَهَذا مِن ثَناياكَ ساطِعُ |
|
فَأَسمَعُ عَنكُم كُلَّ أَخرَسَ ناطِقاً | |
|
| وَأُبصِرُكُم في كُلِّ شَيءٍ أُطالِعُ |
|
إِذا شاهَدَت عَيني جَمالَ مَلاحَةٍ | |
|
| فَما نَظَري إِلّا بِعَينِكَ واقِعُ |
|
وَما اِهتَزَّ من قَدِّ قَنا تَحتَ طَلعَةٍ | |
|
| مِنَ البَدرِ أَبدَت أَم خَبَتها البَراقِعُ |
|
وَلا سَلسَلَت أَعناقَها بِغَرامِها | |
|
| تَصافيفَ جَعدٍ خَطّهُنَّ وَقائِعُ |
|
وَلا نَقَطَت خالَ الملاحَةِ بَهجَةٌ | |
|
| عَلى وَجنَةٍ إِلّا وَحَرفُكَ بارِعُ |
|
فَأَنتَ الَّذي فيهِ يَظهَرُ حُسنُهُ | |
|
| بِهِ لا بِنَفسي ما لَهُ مَن يُنازِعُ |
|
وَإِن حَسَّ جِلدي مِن كَثيفِ خُشونَةٍ | |
|
| فَلي فيهِ مِن أَلطافِ حُسنِكَ رادِعُ |
|
تَخِذتُكَ وَجهاً وَالأَنامَ بِطانَةً | |
|
| فَأَنجُمُهُم غابَت وَشَمسُكَ طالِعُ |
|
فَديني وَإِسلامي وَتَقوايَ إِنَّني | |
|
| بِحُسنِكَ فَانٍ لِأَتمارِكَ طائِعُ |
|
إِذا قيلَ قُل لا قُلتُ غَيرَ جمالِها | |
|
| وَإِن قيلَ إِلّا قُلتُ حُسنُكَ شاسِعُ |
|
أُصَلّي إِذا صَلّى الأَنامُ وَإِنَّما | |
|
| صَلاتي بِأَنّي لِاِعتِزازِكَ خاضِعُ |
|
أُكَبِّرُ في التَحريمِ ذاتَكَ عَن سِوى | |
|
| وَاِسمُكَ تَسبيحي إِذا أَنا خاشِعُ |
|
أَقومُ أُصَلّي أَي أُقيمُ عَلى الوَفا | |
|
| بِأَنَّكَ فَردٌ واحِدُ الحُسنِ جامِعُ |
|
وَأَقرَأُ مِن قُرآنِ حسنِكَ آيَةً | |
|
| فَذَلِكَ قُرآني إِذا أَنا راكِعُ |
|
وَأَسجُدُ أَي أَفنى وَأَفني عَنِ الفَنا | |
|
| فَأَسجُدُ أُخرى وَالمُتَيَّمُ والِعُ |
|
وَقَلبِيَ مُذ أَبقاهُ حُسنُكَ عِندَهُ | |
|
| تَحِيّاتُهُ مِنكُم إِلَيكُم تُسارِعُ |
|
صِيامي هُوَ الإِمساكُ عَن رُؤيَةِ السوى | |
|
| وَفِطرِيَ أَنّي نَحوَ وَجهِكَ راجِعُ |
|
وَبَذلِيَ نَفسي في هَواكَ صَبابَةً | |
|
| زَكاةُ جَمالٍ مِنكَ في القَلبِ ساطِعُ |
|
أَرى مَزجَ قَلبي مَع وُجودي جَنابَةً | |
|
| فَماءُ طَهوري أَنتَ وَالغَيرُ مائِعُ |
|
أَيا كَعبَةَ الآمالِ وَجهُكَ حجَّتي | |
|
| وَعُمرَةُ نُسكي أَنَّني فيكَ والِعُ |
|
وَتَجريدُ نَفسي عَن مَخيطِ صِفاتِها | |
|
| بِوَصفِكَ إِحرامي عَن الغَيرِ قاطِعُ |
|
وَتَلبِيَتي أَنّي أُذَلِّلُ مُهجَتي | |
|
| لِما مِنكَ في ذاتي مِنَ الحُسنِ لامِعُ |
|
وَكانَت صِفاتٌ مِنكَ تَدعو إِلى العُلا | |
|
| لِذاتي فَلَبَّت فَاِستَبانَت شَواسِعُ |
|
وَتَركي لِطيبي وَالنِكاحِ فَإِنَّ ذا | |
|
| صِفاتي وَذا ذاتي فَهُنَّ مَوانِعُ |
|
وَإِعفاءُ حَلقِ الرَأسِ تَركُ رِياسَةٍ | |
|
| فَشَرطُ الهَوى أَنَّ المُتَيَّمَ خاضِعُ |
|
إِذا تَرَكَ الحُجّاجُ تَقليمَ ظُفرِهِم | |
|
| تَرَكتُ مِنَ الأَفعالِ ما أَنا صانِعُ |
|
وَكُنتُ كَآلاتٍ وأَنتَ الَّذي بِها | |
|
| تُصَرِّفُ بِالتَقديرِ ما هُوَ واقِعُ |
|
وَما أَنا جَبرِيُّ العَقيدَةِ إِنَّني | |
|
| مُحِبٌّ فَنى فيمَن خَبَتهُ الأَضالِعُ |
|
فَها أَنا في تَطوافِ كَعبَةِ حُسنِهِ | |
|
| أَدورُ وَمَعنى الدَورِ أَنِّيَ راجِعُ |
|
وَمُذ عَلِمَت نَفسي صِفاتِكَ سَبعَةً | |
|
| فَأَعدادُ تَطوافي حماكَ سَوابِعُ |
|
أُقَبِّلُ خالَ الحُسنِ في الحَجَرِ الَّذي | |
|
| لَنا مِن قَديمِ العَهدِ فيهِ وَدائِعُ |
|
وَمَعناهُ أَنَّ النَفسَ فيها لَطيفَةٌ | |
|
| بِها تُقبَلُ الأَوصافُ وَالذاتُ شائِعُ |
|
وَأَستَلِمُ الرُكنَ اليَمانِيَّ إِنَّهُ | |
|
| بِهِ نَفَسُ الرَحمَنِ وَالنَفسُ جامِعُ |
|
وَأَختِمُ تطوافَ الغَرامِ بِرَكعَةٍ | |
|
| مِنَ المَحوِ عَمّا أَحدَثَتهُ الطَبائِعُ |
|
تُرى هَل لِموسى القَلب مِن زَمزَمِ اللِقا | |
|
| مَراضِعُ لا حُرِّمنَ تِلكَ المَراضِعُ |
|
فَتَذهَبُ نَفسي في صَفاءِ صِفاتِكُم | |
|
| لِتَسعى بِمَروَ الذاتِ وَهيَ تُسارِعُ |
|
فَلَيسَ الصَفا إِلّا صَفايَ وَمَروَتي | |
|
| بِأني عَلى تَحقيقِ حَقِّيَ صادِعُ |
|
وَما القَصرُ إِلّا غَن سِواكُم حَقيقَةً | |
|
| وَلا الحَلقُ إِلّا تَركُ ما هُو قاطِعُ |
|
وَلا عَرَفاتُ الوَصلِ إِلّا جَنابُكُم | |
|
| فَطوبى لِمَن في حَضرَةِ القُربِ راتِعُ |
|
عَلى عِلمِيَ مَعناكَ ضِدّانِ جُمِّعا | |
|
| وَيا لَهفيَ ضِدّانِ كَيفَ التَجامُعُ |
|
بِمُزدَلِفاتٍ في طَريقِ غَرامِكُم | |
|
| عَوائِقُ مِن دونِ اللِقا وَقَواطِعُ |
|
فَإِن حَصَلَ الإِشعارُ في مَشعَرِ الهَوى | |
|
| وَساعَدَ جَذبُ العَزمِ فَالفَوزُ واقِعُ |
|
عَلى مَشعَرِ التَحقيقِ عَظَّمتُ في الهَوى | |
|
| شَعائِرَ حُكمٍ أَصَّلَتها الشَرائِعُ |
|
وَكَم مِن مُنىً لي في مِنى حَضَراتِكُم | |
|
| وَيا حَسَراتي وَالمُحَسِّر شاسِعُ |
|
رَمَيتُ جِمارَ النَفسِ بِالروحِ فَانتَشَت | |
|
| جُهَنَّمُها ماءً وَصاحَت ضَفادِعُ |
|
وَأُبدِلَ رُضوانٌ بِمالِك وَاِنتَشا | |
|
| بِها شَجَرُ الجَرجيرِ وَالغُصنُ يانِعُ |
|
فَفاضَت عَلى نَفسي يَنابيعُ وَصفِها | |
|
| وَناهيكَ صِرفُ الحَقِّ تِلكَ اليَنابِعُ |
|
فَطُفتُ طَوافاً لِلإِفاضَةِ بِالحِمى | |
|
| وَقُمتُ مَقاماً لِلخَليلِ أُبايِعُ |
|
فَمُكِّنتُ مِن مُلكِ الغَرامِ وَها أَنا | |
|
| مَليكٌ وَسَيفي بِالصبابَةِ قاطِعُ |
|
وَحَقَّقتُ عِلماً وَاِقتِدارَ جَميعِ ما | |
|
| تَضَمَّنَهُ مُلكي وَما لي مُنازِعُ |
|
فَلَمّا قَضَينا النُسكَ مِن حَجَّة الهَوى | |
|
| وَتَمَّت لَنا مِن حَيِّ لَيلى مَطامِعُ |
|
شَدَدنا مَطايا العَزمِ نَحوَ مُحَمَّدٍ | |
|
| وَطُفنا وَداعاً وَالدُموعُ هَوامِعُ |
|
وَجُبنا بِتَهذيبِ النُفوسِ مَفاوِزاً | |
|
| سَباسِبَ فيها لِلرِجالِ مَصارِعُ |
|
حمىً دَرَسَت لِلعاشِقينَ طُروقُهُ | |
|
| عَزيزٌ وَكَم خابَ في العِزِّ طامِعُ |
|
مَحَلٌّ مَجالي القُربِ حالَت رُسومُهُ | |
|
| وَأَوجٌ مَنيعٌ دونَهُ البَرقُ لامِعُ |
|
يُنَكَّسُ رَأسُ الريحِ عِندَ اِرتِفاعِهِ | |
|
| وَكَم زالَ عَنهُ السُحبُ وَالغَيثُ هامِعُ |
|
يُرى تَحتَهُ بِهرامُ في الأَوجِ ساجِداً | |
|
| وَكيوانُ مِن فَوقِ السَماواتِ راكِعُ |
|
وَكَم رامِحٍ مُذ رَامَهُ صارَ أَعزَلاً | |
|
| وَفي قَلبِهِ مِن عَقرَبِ العقرِ لاذِعُ |
|
سَرَيتُ بِهِ وَاللَيلُ أَدجى مِنَ العَمى | |
|
| عَلى بازِلٍ أَفديهِ ما هُوَ ضالِعُ |
|
يَجوبُ الفَلا جَوبَ الصَواعِقِ في الدُجى | |
|
| وَيَرحَلُ عَن مَرعى الكَلا وَهوَ جامِعُ |
|
وَإِن مَرَّ بَعدَ العُسرِ بِالماءِ إِنَّهُ | |
|
| عَلى ظَمَأٍ عَن ذاكَ بِالسَيرِ قانِعُ |
|
هِيَ النَفسُ نِعمَت مَركَباً مُطمَئِنَّةً | |
|
| فَلَيسَ لَها دونَ المرامِ مَوانِعُ |
|
فَيا سَعدُ إِن رُمتَ السَعادَةَ فَاِغتَنِم | |
|
| فَقَد جاءَ في نَظمِ البَديعِ بَدائِعُ |
|
مَفاتيحُ أَقفالِ الغُيوبِ أَتَتكَ في | |
|
| خَزائِنِ أَقوالي فَهَل أَنتَ سامِعُ |
|
كَشَفتُكَ أَسرارَ الشَريعَةِ فَاِنحُها | |
|
| فَما وُضِعَت إِلّا لِتِلكَ الشَرائِعُ |
|
وَها أَنا ذا أُخفي وَأُظهِرُ تارَةً | |
|
| لِرَمزِ الهَوى ما السِرُ عِندِيَ ذائِعُ |
|
وَإِيّاكِ أَعني فَاِسمَعي جارَتي فَما | |
|
| يُصَرِّحُ إِلّا جاهِلٌ أَو مُخادِعُ |
|
وَلَكِنَّني آتيكَ بِالبَدرِ أَبلَجاً | |
|
| وَأُخفيهِ أُخرى كَي تُصانَ الوَدائِعُ |
|
خُذِ الأَمرَ بِالإيمانِ مِن فَوقِ أَوجِهِ | |
|
| وَنازِع إِذا نَفسٌ أَتَتكَ تُنازِعُ |
|
فَلِلمَرءِ في التَنزيلِ أَوفى أَدِلَّة | |
|
| وَلَكِنَّ قَلبي بِالحَقائِقِ والِعُ |
|
وَفي السُنَّةِ الزَهراءِ كُلُّ عِبارَةٍ | |
|
| بِنا مِن إِشاراتِ الغَرامِ وَقائِعُ |
|
فَإِن كُنتَ مِمَّن مالَهُ يَدُ مَأخَذٍ | |
|
| سَوِيٍّ بِتَصريحِ التَشكُّلِ قانِعُ |
|
سَأُنشي رِواياتٍ إِلى الحَقِّ أُسنِدَت | |
|
| وَأضرِبُ أَمثالاً لِما أَنا واضِعُ |
|
وَأوضِحُ بِالمَعقولِ سِرَّ حَقيقَةٍ | |
|
| لِمَن هُوَ ذو قَلبٍ إِلى الحَقِّ راجِعُ |
|
تَجَلّى حَبيبي في مَرائي جَمالِهِ | |
|
| فَفي كُلِّ مَرأىً لِلحَبيبِ طَلائِعُ |
|
فَلَمّا تَبَدّى حُسنُهُ مُتَنَوِّعاً | |
|
| تَسَمّى بِأَسماء فَهُنَّ مطالِعُ |
|
وَأَبرَزَ مِنهُ فيهِ آثارَ وَصفِهِ | |
|
| فَذَلِكُمُ الآثارُ مَن هُوَ صانِعُ |
|
فَأَوصافُهُ وَالاسمُ وَالأَثَرُ الَّذي | |
|
| هُوَ الكَونُ عَينُ الذاتِ وَاللَهُ جامِعُ |
|
فَما ثَمَّ مِن شَيءٍ سِوى اللَهُ في الوَرى | |
|
| وَما ثَمَّ مَسموعٌ وَما ثَمَّ سامِعُ |
|
هُوَ العَرشُ وَالكُرسِيُّ وَالمَنظَرُ العَلي | |
|
| هُوَ السِدرَةُ اللاتي إِلَيها المَراجِعُ |
|
هُوَ الأَصلُ حَقّا وَالهَيولي مَعَ الهَبا | |
|
| هُوَ الفَلَكُ الدَوّارُ وَهوَ الطَبائِعُ |
|
هُوَ النورُ وَالظَلماءُ وَالماءُ وَالهَوا | |
|
| هُوَ العُنصُرُ النارِيُّ وَهوَ البَلاقِعُ |
|
هُوَ الشَمسُ وَالبَدرُ المُنيرُ هُوَ السُها | |
|
| هُوَ الأُفقُ وَهوَ النَجمُ وَهوَ المَواقِعُ |
|
هُوَ المَركَزُ الحُكمي هُوَ الأَرضُ وَالسَما | |
|
| هُوَ المُظلِمُ المِقتامُ وَهوَ اللَوامِعُ |
|
هُوَ الدارُ وَهوَ الأَثلُ وَالحَيُّ وَالغَضا | |
|
| هُوَ الناسُ وَالسُكّانُ وَهوَ المَراتِعُ |
|
هُوَ الحُكمُ وَالتَأثيرُ وَالأَمرُ وَالقَضا | |
|
| هُوَ العِزُّ وَالسُلطانُ وَالمُتَواضِعُ |
|
هُوَ اللَفظُ وَالمَعنى وَصورَةُ كُلِّ ما | |
|
| يُخالُ مِن المَعقولِ أَو هُوَ واقِعُ |
|
هُوَ الجِنسُ وَهوَ النَوعُ وَالفَصلُ إِنَّهُ | |
|
| هُوَ الواجِبُ الذاتِيُّ وَالمُتَمانِعُ |
|
هُوَ العَرَضُ الطارِيُّ نَعَم وَهوَ جَوهَرٌ | |
|
| هُوَ المَعدِنُ الصَلدِيُّ وَهو المَوانِعُ |
|
هُوَ الحَيَوانُ الحَيُّ وَهو حَياتُهُ | |
|
| هُوَ الوَحشُ وَالإِنسُ وَهوَ السَواجِعُ |
|
هُوَ القَيسُ بَل لَيلاهُ وَهو بُثَينَةٌ | |
|
| أَجَل بِشرُها وَالخَيفُ وَهوَ الأَجارِعُ |
|
هُوَ العَقلُ وَهوَ القَلبُ وَالنَفسُ وَالحَشا | |
|
| هُوَ الروحُ وَهوَ الجِسمُ وَالمُتَدافِعُ |
|
هُوَ الموجِدُ الأَشياءَ وَهوَ وُجودُها | |
|
| وَعَينُ ذَواتِ الكُلِّ وَهوَ الجَوامِعُ |
|
بَدَت في نُجومِ الخَلقِ أَنوارُ شَمسِهِ | |
|
| فَلَم يَبقَ حُكمُ النَجمِ وَالشَمسُ طالِعُ |
|
حَقائِقُ ذاتٍ في مَراتِبِ حَقِّهِ | |
|
| تُسَمّى بِاِسمِ الخَلقِ وَالحَقُّ واسِعُ |
|
وَفي فيهِ مِن روحي نُفِختَ كِنايَةً | |
|
| هَلِ الروحُ إِلّا عَينُهُ يا مُنازِعُ |
|
وَنَزِّههُ عَن حُكمِ الحُلولِ فَما لَهُ | |
|
| سِوى وَإِلى تَوحيدِهِ الأَمرُ راجِعُ |
|
فَيا أحَدِيَّ الذاتِ في عَينِ كَثرَةٍ | |
|
| وَيا واحِدَ الأَشياءِ ذاتُكَ شائِعُ |
|
تَجَلَّيتَ في الأَشياءِ حينَ خَلَفتَها | |
|
| فَها هِيَ ميطَت عَنكَ فيها البَراقِعُ |
|
قَطَعتَ الوَرى مِن ذاتِ نَفسِكَ قِطعَةً | |
|
| وَلَم تَكُ مَوصولاً وَلا فَصلُ قاطِعُ |
|
وَلَكِنَّها أَحكامُ رُتبَتِكَ اِقتَضَت | |
|
| أُلوهِيَّةً لِلضِدِ فيها التَجامُعُ |
|
فَأَنتَ الوَرى حَقّاً وَأَنتَ إِمامُنا | |
|
| وَأَنتَ لَما يَعلو وَما هُوَ واضِعُ |
|
وَما الخَلقُ في التِمثالِ إِلّا كَثَلجَةٍ | |
|
| وَأَنتَ بِها الماءُ الَّذي هُوَ نابِعُ |
|
فَما الثَلجُ في تَحقيقِنا غَيرَ مائِهِ | |
|
| وَغَيرَ آنِ في حُكمٍ دَعَتها الشَرائِعُ |
|
وَلَكِن بِذَوبِ الثَلجِ يُرفَعُ حُكمُهُ | |
|
| وَيوضَعُ حُكمُ الماءِ وَالأَمرُ واقِعُ |
|
تَجَمَّعَتِ الأَضدادُ في واحِدِ البَها | |
|
| وَفيهِ تَلاشَت فَهوَ عَنهُنَّ ساطِعُ |
|
فَكُلُّ بَهاءٍ في مَلاحَةِ صورَةٍ | |
|
| عَلى كُلِّ قَدٍّ شابَهَ الغُصنَ يانِعُ |
|
وَكُلُّ اِسوِدادٍ في تَصافيفِ طُرَّةٍ | |
|
| وَكُلُّ اِحمِرارٍ في الطَلايِعِ ناصِعُ |
|
وَكُلُّ كَحيلِ الطَرفِ يَقتُلُ صَبَّهُ | |
|
| بِماضٍ كَسَيفِ الهِندِ مُضارِعُ |
|
وَكُلُّ اِسمِرارٍ في القَوائِمِ كَالقَنا | |
|
| عَلَيهِ مِنَ الشَعرِ الرَسيلِ شَرائِعُ |
|
وَكُلُّ مَليحٍ بِالمِلاحَةِ قَد زَها | |
|
| وَكُلُّ جَميلٍ بِالمَحاسِنِ بارِعُ |
|
وَكُلُّ لَطيفٍ جَلَّ أَو دَقَّ حُسنُهُ | |
|
| وَكُلُّ جَليلٍ وَهوَ بِاللُطفِ صادِعُ |
|
مَحاسِنُ مَن أَنشَأَ ذَلِكَ كُلُّهُ | |
|
| فَوَحِّد وَلا تُشرِك بِهِ فَهوَ واسِعُ |
|
وَإِيّاكَ أَن تَلفَظَ بِعارِيَّةِ البِها | |
|
| فَما ثَمَّ غَيرٌ وَهوَ بِالحُسنِ بادِعُ |
|
وَكُلُّ قَبيحٍ إِن نَسَبتَ لِحُسنِهِ | |
|
| أَتَتكَ مَعاني الحُسنِ فيهِ تُسارِعُ |
|
وَلا تَحسَبَنَّ الحُسنَ يُنسَبُ وَحدَهُ | |
|
| إِلَيهِ البَها وَالقُبحُ بِالذاتِ راجِعُ |
|
يُكَمِّلُ نُقصانَ القَبيحِ جَمالُهُ | |
|
| فَما ثَمَّ نُقصانٌ وَلا ثَمَّ باشِعُ |
|
وَيَرفَعُ مِقدارَ الوَضيعِ جَلالُهُ | |
|
| إِذا لاحَ فيهِ فَهوَ لِلوَضعِ رافِعُ |
|
فَلا تَحتَجِب عَنهُ لِشَينٍ بِصورَةٍ | |
|
| فَخَلفُ حِجابِ العَينِ لِلحُسنِ لامِعُ |
|
وَأطلِق عِنانَ الحَقِّ في كُلِّ ما تَرى | |
|
| فَتِلكَ تَجَلِّيّاتِ مَن هُوَ صانِعُ |
|
فَقَد خَلَقَ الأَرضِينَ بِالحَقِّ وَالسَما | |
|
| كَذا جاءَ في القُرآنِ إِذ أَنتَ سامِعُ |
|
وَما الحَقُّ إِلّا اللَهُ لا شَيءَ غَيرُهُ | |
|
| فَشمَّ شَذاهُ فَهوَ في الخَلقِ ضايِعُ |
|
وَشاهِدهُ حَقّاً مِنكَ فيكَ فَإِنَّهُ | |
|
| هُوِيَّتُكَ اللاتي بِها أَنتَ يانِعُ |
|
وَفي أَينَما حَقّا تُوَلّوا وجوهَكُم | |
|
| فَثَمَّةَ وَجهُ اللَهِ هَل مَن يُطالِعُ |
|
فَبِع مِنكَ نَفساً لِلإِلَهِ وَكُنهُ إِذ | |
|
| تَكونُ كَما إِن لَم تَكُن وَهوَ صادِعُ |
|
وَدَع عَنكَ أَوصافاً بِها كُنتَ عارِفاً | |
|
| لِنَفسِكَ فيها لِلإِلَهِ وَدائِعُ |
|
فَشاهِدُ بِوَصفِ الحَقِّ نَفسَكَ أَنتَ هُو | |
|
| وَلا تَلتَبِس لِلحَقِّ ما أَنتَ خالِعُ |
|
وَكُن بِاليَقينِ الحَقِّ لِلخَلقِ جاحِداً | |
|
| وَجَمعَكَ صِلهُ إِنَّ فَرقَكَ قاطِعُ |
|
وَلا تَنحَصِر بِالاسمِ فَالاسمُ دارِسٌ | |
|
| وَلا تَفتَقِر لِلعَينِ فَالعَينُ تابِعُ |
|
وَإِيّاكَ حَزماً لا يَهولُكَ أَمرُها | |
|
| فَما نالَها إِلّا الشُجاعُ المُقارِعُ |
|
حَنانَيكَ وَاِحذَر مِن تَأَدُّبِ جاهِلٍ | |
|
| فَيا رُبَّ آدابٍ لِقَومٍ قَواطِعُ |
|
وَكُن ناظِراً في القَلبِ صورَةَ حُسنِهِ | |
|
| عَلى هَيئَةِ المَنقوشِ يَظهَرُ طابِعُ |
|
فَقَد صَحَّ في مَتنِ الحَديثِ تَخَلَّقوا | |
|
| بِأَخلاقِهِ ما لِلحَقيقَةِ مانِعُ |
|
وَها هُوَ سَمعٌ بَل لِسانٌ أَجَل يَدٌ | |
|
| لَنا هَكَذا بِالنَقلِ أَخبَرَ شارِعُ |
|
فَعَمَّ قُوانا وَالجَوارِحَ كَونُهُ | |
|
| لِساناً وَسَمعاً ثُمَّ رِجلاً تُسارِعُ |
|
وَلَسنا سِوى هَذي الجَوارِحِ وَالقُوى | |
|
| هُوَ الكُلُّ مِنّا ما لِقَولِيَ دافِعُ |
|
وَيَكفيكَ ما قَد جاءَ في الخَلقِ أَنَّهُ | |
|
| عَلى صورَةِ الرَحمَنِ آدَمُ واقِعُ |
|
وَلَو لَم تَكُن في وَجهِ آدَمَ عَينُهُ | |
|
| لَما سَجَدَ الأَملاكُ وَهيَ خَواضِعُ |
|
وَلَو شاهَدَت عَينٌ لِإِبليسَ وَجهَهُ | |
|
| عَلى آدَمٍ لَم يَعصِ وَهوَ مُطاوِعُ |
|
وَلَكِن جَرى المَقدورُ فَهوَ عَلى عَمىً | |
|
| عَنِ العَينِ إِذ حالَت هُناكَ مَوانِعُ |
|
فَلا تَكُ مَع إِبليسَ في شِبهِ سيرَةٍ | |
|
| وَدَع قَيدَهُ العَقلِيَّ فَالعَقلُ رادِعُ |
|
وَغُص في بِحارِ الاِتِّحادِ مُنَزِّهاً | |
|
| عَنِ المَزجِ بِالأَغيارِ إِذ أَنتَ شاجِعُ |
|
وَإِيّاكَ وَالتَنزيهَ فَهوَ مُقَيَّدٌ | |
|
| وَإِيّاكَ وَالتَشبيهَ فَهوَ مُخادِعُ |
|
وَشَبِّههُ في تَنزيهِ سُبحاتِ قُدسِهِ | |
|
| وَنَزِّههُ في تَشبيهِ ما هُوَ صانِعُ |
|
وَقُل هُوَ ذا بَل غَيرُهُ وَهوَ غَيرُ ما | |
|
| عَرَفتَ وَعَينُ العِلمِ فَالحَقُّ شائِعُ |
|
وَلا تَكُ مَحجوباً بِرُؤيَةِ حُسنِهِ | |
|
| عَنِ الذاتِ أَنتَ الذاتُ أَنتَ المُجامِعُ |
|
فَعَينَكَ شاهِدها بِمُحتَدِّ أَصلِها | |
|
| فَإِنَّ عَلَيها لِلجَمالِ لَوامِعُ |
|
أَنِيَّاتُكَ اللاتي هِيَ القَصدُ وَالمُنى | |
|
| بِها الأَمرُ مَرموزٌ وَحُسنُكَ بارِعُ |
|
وَنَفسُكَ تَحوي بِالحَقيقَةِ كُلَّ ما | |
|
| أَشَرتُ بِجِدِّ القَولِ ما أَنا خادِعُ |
|
تَهَنَّ بِها وَاِعرِف حَقيقَتَها فَما | |
|
| كَعِرفانِها شَيءٌ لِذاتِكَ نافِعُ |
|
فَحَقِّق وَكُن حَقّاً فَأَنتَ حَقيقَةٌ | |
|
| وَخَلفَ حِجابِ الكَونِ لِلنورِ ساطِعُ |
|
وَلا تَطلُبَن فيهِ الدَليلَ فَإِنَّهُ | |
|
| وَراءَ كِتابِ العَقلِ تِلكَ الوَقائِعُ |
|
وَلَكِن بِإيمانٍ وَحُسنِ تَتَبُّعٍ | |
|
| إِذا قُمتَ جاءَتكَ الأُمورُ تَوابِعُ |
|
فَإِن قَيَّدَتكَ النَفسُ فَاِطلِق عِنانَها | |
|
| وَسِر مَعها حَتّى تَهونَ الوَقائِعُ |
|
وَبَرهِن لَها التَحقيقَ عَقلاً مُؤَيَّداً | |
|
| بِنَقلٍ بِهِ جاءَت إِلَيكَ الشَرائِعُ |
|
وَثَمَّ أُصولٌ في الطَريقِ لِأَهلِهِ | |
|
| وَهُنَّ إِلى سُبلِ النَجاةِ ذَرائِعُ |
|
تَمَسَّك بِها تَنجو وَزِن كُلَّ وارِد | |
|
| بِقِسطاسِها عَدلاً فَثَمَّ قَواطِعُ |
|
وَدَع ما تَراهُ مالَ عَن حَدِّ عَدلِها | |
|
| إِلى أَن تُفاجِئكَ الشُموسُ الطَوالِعُ |
|
فَذاكَ سَبيلي رِدهُ إِن ترِدِ العُلا | |
|
| وَلا تَعدُ عَنكَ تَعتَريكَ القَواطِعُ |
|
وَإِيّاكَ فَاِصبِر لا تَمَلَّ فَإِنَّما | |
|
| بِصَبرِ الفَتى جاءَت إِلَيهِ المَطامِعُ |
|
وَهَوِّن عَلى النَفسِ اِرتِكاباً لِهَولِها | |
|
| فَغَيرُ مُحِبٍّ مَن دَهَتهُ الفَجائِعُ |
|
وَرِد كُلَّ حَوضٍ لِلرَدى فيهِ مَورِداً | |
|
| وَرُدَّ إِذا ما العَقلُ جاءَ يُدافِعُ |
|
وَشَمِّر بِبَذلِ النُصحِ ساقَ عَزيمَةٍ | |
|
| عَلى قَدمِ الإِقدامِ فَالعَجزُ مانِعُ |
|
وَدَع عَنكَ عَلَّ وَعَسى وَلَرُبَّما | |
|
| وَسَوفَ إِذا نوديتَ قَمتَ تُسارِعُ |
|
فَلَيسَ لِنَفسٍ غَيرُ حالَةِ وَقتِها | |
|
| وَقَد فاتَ ماضيها وَغابَ المُضارِعُ |
|
وَجَدِّد مَعَ الأَنفاسِ صِدقَ إِرادَةٍ | |
|
| وَداوِم عَلى الإِقبالِ ما أَنتَ تابِعُ |
|
وَجَرِّع حَشاكَ السُمَّ في طاعَةِ الهَوى | |
|
| فَما خابَ مَن في الحُبِّ لِلسُّم جارِعُ |
|
وَعِدَّ عَلَى اللَحَظاتِ أَنفاسَكَ الَّتي | |
|
| عَلى غَفَلاتٍ قَد صَدَرنَ زَوامِعُ |
|
وَلا تَنتَظِر أَيّامَ صِحَّتِكَ الَّتي | |
|
| تُمَنّيكَ نَفسٌ فَالأَماني خَدائِعُ |
|
وَسِر فَوقَ نيرانِ المَلامِ مُهَروِلاً | |
|
| إِلَيها فَفي قَصدِ الغَرامِ مَصارِعُ |
|
وَغُضَّ عَنِ الآلامِ جَفنَ مُطالِعٍ | |
|
| أَلا إِنَّ نَعتَ الحُبِّ نَفسٌ تُنازِعُ |
|
فَكُلُّ البَلا إِن خُضتَهُ في هَوائِها | |
|
| هَواناً فَلا لسوى عَلَيكَ صَنائِعُ |
|
وَإِن شَبَّ نارُ النَفسِ يَوماً مَلالَها | |
|
| فَصُبَّ سَحاباً بِالتَصَبُّرِ هامِعُ |
|
وَإِن خاطَبَتكَ النَفسُ يَوماً بِرَجعَةٍ | |
|
| فَشَفِّف لَها كَأساً مِنَ السُمِّ ناقِعُ |
|
وَعاقِب وَرَكِّبها عَلى مَتنِ نازِلٍ | |
|
| بِما هُوَ فيما هالَها مُتَدافِعُ |
|
وَجَرِّد لَها مِن غَمدِ عَزمِكَ صارِماً | |
|
| يَبُتُّ التَواني لِلعَلائِقِ قاطِعُ |
|
وَاِلبَس سَراويلَ الخَلاعَةِ خالِعاً | |
|
| ثِيابَ الغِنى تَخلَع عَلَيكَ الخَلائِعُ |
|
وَقُم وَأَقِم حَرباً عَلى النَفسِ حاذِراً | |
|
| فَما مَوتُها لِلآمِنينَ مُخادِعُ |
|
وَدَع عَنكَ آمالاً فَكَم مِن مُؤَمِّلٍ | |
|
| لِشُؤم هَوى آمالِهِ العُمرُ ضائِعُ |
|
وَحاسِب عَلى الخَطراتِ قَلبَكَ حافِظاً | |
|
| لَهُ عَن حَديثِ النَفسِ فَهوَ شَنائِعُ |
|
وَاِضبِط لَها الإِحساسَ فيهِ مُراقِباً | |
|
| فَإِنَّ لِنَقشِ الحِسِّ في النَفسِ طابِعُ |
|
وَوِردُكَ في صُبحِ الهَوى وَمَسائِهِ | |
|
| أَسىً وَعُيونٌ بِالدُموعِ هَوامِعُ |
|
وَقاطِع لِمَن واصَلتَ أَيّامَ غَفلَةٍ | |
|
| فَما واصَلَ العُذّالَ إِلّا مُقاطِعُ |
|
وَجانِبُ جَنابَ الأَجنَبِي وَلَو أَنَّهُ | |
|
| لِقُربِ اِنتِسابٍ في المَنامِ مُضاجِعُ |
|
فَلِلنَفسِ مِن جُلّاسِها كُلُّ نِسبَةٍ | |
|
| وَمِن خُلَّةٍ لِلقَلبِ تِلكَ الطَبائِعُ |
|
وَلا تَنهَمِك في القَولِ أَو في سَماعِهِ | |
|
| وَلَو أَنَّ فيهِ مِن بَلاغٍ مُصاقِعُ |
|
فَكُلُّ حَديثٍ قيلَ أَو سَنَقولُهُ | |
|
| عَنِ العَينِ في التَحقيقِ لِلعَينِ رادِعُ |
|
فَسِرُّ الهَوى عَن قائِليهِ مُحَجَّبٌ | |
|
| وَما القيلُ لِلعُشّاقِ وَالقالُ نافِعُ |
|
وَرَمزُ الهَوى سِرٌّ وَمَدفَنُهُ الحَشا | |
|
| وَدونَكَ وَالتَصريحَ عَنهُ مَوانِعُ |
|
وَإِنّي لمن في الحُبِّ يُهدى بِهَديِهِ | |
|
| فَإِنَّكَ لا تَهدي مَن أَحبَبتَ قانِعُ |
|
فَدَع عَنكَ دَعوى القَولِ في نُكتَةِ الهَوى | |
|
| فَراحِلَةُ الأَلفاظِ في السَيرِ ضالِعُ |
|
وَسِر في الهَوى بِالروحِ وَاِصغِ إِلى الهَوا | |
|
| لِتَسمَعَ مِنهُ سِرَّ ما أَنتَ والِعُ |
|
وَمِن دونِ هَذاكِ السَماعِ مَهالِكٌ | |
|
| وَما كُلُّ أُذنٍ فيهِ تِلكَ المَسامِعُ |
|
فَشَمِّر وَلُذ بِالأَولِياءِ فَإِنَّهُم | |
|
| لَهُم مِن كِتابِ الحَقِّ تِلكَ الوَقائِعُ |
|
هُمُ الذُخرُ لِلمَلهوفِ وَالكَنزُ لِلرَجا | |
|
| وَمِنهُم يَنالُ الصَبُّ ما هُوَ طامِعُ |
|
بِهِم يُهتَدى لِلعَينِ مَن ضَلَّ في العَمى | |
|
| لَهُم يُجذَبُ العُشّاقُ وَالرَبعُ شاسِعُ |
|
هُمُ القَصدُ وَالمَطلوبُ وَالسُؤلُ وَالمُنى | |
|
| وَاِسمُهُم لِلصَبِّ في الحُبِّ شافِعُ |
|
هُمُ الناسُ فَالزَم إِن عَرَفتَ طَريقَهُم | |
|
| فَفيهِم لِضُرِّ العالَمينَ مَنافِعُ |
|
فَإِن جهِلوا فَاِنظُر بِحُسنِ عَقيدَةٍ | |
|
| إِلى كُلِّ مَن تَلقاهُ بِالفَقرِ ضارِعُ |
|
وَحافِظ مَواثيقَ الإِرادَةِ قائِماً | |
|
| بِشَرعِ الهَوى إِن أَنتَ في الحُبِّ شارِعُ |
|
وَداوِم عَلى شَرطَينِ ذِكرُ أَحِبَّةٍ | |
|
| وَتَسليكُ نَفسٍ لِلخِلافِ تُسارِعُ |
|
فَلا تُهمِلَن ذِكرَ الأَحِبَّةِ لَمحَةً | |
|
| وَداوِم خِلافَ النَفسِ فَهيَ تُتابِعُ |
|
وَقُم وَاِستَقِم في الحُبِّ لا تَخشى ضَلَّةً | |
|
| فَمَيلُ الفَتى عَمّا يُحاوِلُ رادِعُ |
|
وَإِن ساعَدَ المَقدورُ أَو ساقَكَ القَضا | |
|
| إِلى شَيخِ حَقٍّ في الحَقيقَةِ بارِعُ |
|
فَقُم في رِضاهُ وَاِتَّبِع لِمُرادِهِ | |
|
| وَدَع كُلَّ ما مِن قَبلُ كُنتَ تُصانِعُ |
|
وَكُن عِندَهُ كَالمَيتِ عِندَ مُغَسِّلٍ | |
|
| يُقَلِّبُهُ ما شاءَ وَهوَ مُطاوِعُ |
|
وَلا تَعتَرِض فيما جَهِلتَ مِنَ امرِهِ | |
|
| عَلَيهِ فَإِنَّ الإِعتِراضَ تنازعُ |
|
وَسَلِّم لَهُ مَهما تَراهُ وَلَو يَكُن | |
|
| عَلى غَيرِ مَشروعٍ فثَمَّ مَخادِعُ |
|
فَفي قِصَّةِ الخضرِ الكَريمِ كِفايَةٌ | |
|
| بِقَتلِ الغُلامِ وَالكَليمُ يُدافِعُ |
|
فَلَمّا أَضاءَ الصُبحُ عَن لَيلِ سِرِّهِ | |
|
| وَسَلَّ حُساماً لِلمُحاجِجِ قاطِعُ |
|
أَقامَ لَهُ العُذرَ الكَليمُ وَإِنَّهُ | |
|
| كَذَلِكَ عِلمُ القَومِ فيهِ بَدائِعُ |
|
وَواظِب شُهودَ العِلمِ فيكَ فَإِنَّهُ | |
|
| هُوَ الحَقُّ وَالأَنوارُ فيكَ سَواطِعُ |
|
وَرَقّ مَقامَ القَلبِ مِن نَجمِ رَبِّهِ | |
|
| إِلى قَمَرِ الرَحمَنِ إِذ هُوَ طالِعُ |
|
إِلى شَمسِ تَحقيقِ الأُلوهَةِ رافِعاً | |
|
| إِلى ذاتِهِ لِلقَدرِ إِذ أَنتَ رافِعُ |
|
فَلِلَّهِ خَلفَ الاسمِ وَالوَصفِ مَظهَرٌ | |
|
| وَعَنهُ عُيونُ العالَمينَ هَواجِعُ |
|
فَلَيسَ يُرى الرَحمَنُ إِلّا بِعَينِهِ | |
|
| وَذَلِكَ حُكمٌ في الحَقيقَةِ واقِعُ |
|
وَإِيّاكَ لا تَستَبعِدِ الأَمرَ إِنَّهُ | |
|
| قَريبٌ عَلى مَن فيهِ لِلحَقِّ تابِعُ |
|
وَها أَنا ذا أُنبيكَ عَن سُبُلِ الهَوى | |
|
| وَأُفصِحُ عَمّا قَد حَوَتهُ المَشارِعُ |
|
أَقُصُّ حَديثاً تَمَّ لي مِن بِدايَتي | |
|
| لِنَحوِ اِنتِهائي عَلَّهُ لَكَ نافِعُ |
|
بَرَزتُ مِنَ النورِ الإِلَهِيِّ لَمعَةً | |
|
| لِحِكمَةِ تَرتيبٍ قَضَتها البَدائِعُ |
|
إِلى سَقفِ عَرشِ اللَهِ في أُفُقِ العُلا | |
|
| وَمِنهُ إِلى الكُرسِيّ حَيثُ أُسارِعُ |
|
إِلى القَلَمِ الأَعلى وَلي مِنهُ بَرزَةٌ | |
|
| إِلى اللَوحِ لَوحِ الأَمرِ لِلخَلقِ واسِعُ |
|
إِلى الهَبَإِ السامي وَقيلَ مُكَرَّماً | |
|
| نَزَلتَ الهُيولى وَهيَ لِلخَلقِ جامِعُ |
|
هُناكَ تَلَقَّتني العَناصِرُ حِكمَةً | |
|
| وَمِنها اِجتَلَتني في حِماها الطَبائِعُ |
|
وَأَنزَلَني المَقدورُ مِن أَوجِ أَطلَسٍ | |
|
| إِلى الفَلَكِ العالي الذُرى وَهوَ تاسِعُ |
|
وَمِنهُ هُبوطي لِلكَواكِبِ نازِلاً | |
|
| عَلى فَلَكِ كيوانَ ثَمَّةَ سابِعُ |
|
فَلَمّا نَزَلتُ المُشتَرى وَهوَ سادِسٌ | |
|
| سَماءٌ بِهِ لِلسَعدِ في الكَونِ تابِعُ |
|
أَتَيتُ سَما بِهرامَ مِن بَعد هابِطاً | |
|
| عَلى فَلَكٍ لِلشَمسِ وَالشَمسُ رابِعُ |
|
وَفي كُرَةِ الزَهراءِ أَعني سَماءها | |
|
| حَثَثتُ مَطِيَّ السَيرِ وَالدارُ شاسِعُ |
|
عَلى كاتِبِ الأَفلاكِ وَهوَ عطارِدُ | |
|
| وَفَدتُ وَكانَت لي هُناكَ مَراتِعُ |
|
وَبِالقَمَرِ الباهي نَزَلتُ وَشُرِّعَت | |
|
| عَلى الفَلَكِ الناري الأَثيرِ شَرائِعُ |
|
وَمِنهُ هَوى لِلأَمرِ في فَلَكِ الهَوا | |
|
| رَكائِبُ عَزمٍ ما لَهُنَّ مَوانِعُ |
|
وَبِالكُرَةِ المائِيَّةِ العَينِ إِذ سَرَت | |
|
| أَضافَت رِكابَ العَزمِ فيها البَلاقِعُ |
|
فَهَذا نُزولُ الجِسمِ مِن عِندِ رَبِّهِ | |
|
| وَلِلروحِ تَنزيلٌ مَجازٌ مُتابِعُ |
|
وَذَلِكَ أَنَّ الروحَ في المَركَزِ الَّذي | |
|
| لَها هِيَ روحُ الحَقِّ فَافهَم أسامِعُ |
|
فَلَيسَ لَها فيهِ هُبوطٌ مُنَزَّلٌ | |
|
| وَلَيسَ لَها مِنهُ صُعودٌ مُرافِعُ |
|
وَلَكِنَّ في تَعيينِها بِمُخَصَّصٍ | |
|
| تَنَزَّلَ عَن حُكمٍ بِأَن هُوَ شائِعُ |
|
وَذَلِكَ لِلأَرواحِ خَلقٌ حَقيقَةً | |
|
| وَذَلِكَ تَنزيلٌ لَها وَقَواطِعُ |
|
فَفي المَثَلِ المَشهورِ وَجهٌ تَنَوَّعَت | |
|
| سَرائِرُهُ حَتّى بَدا مُتَناوِعُ |
|
فَيَبرُزُ في حُكمِ المِرآةِ لِلوَرى | |
|
| عَلى الجُرمِ وَالمِقدارِ إِذ ذاكَ طابعُ |
|
فَتَنويعُها ذاكَ التَجَلّي هُوَ الَّذي | |
|
| تُسَمّيهِ روحاً وَهوَ بِالنَفخِ واقِعُ |
|
وَإِلّا فَلا اسمٌ لَهُ غَيرَ رَبِّنا | |
|
| وَلَيسَ لَهُ إِلّا الصِفاتُ مَواضِعُ |
|
تَنَزَّهَ رَبّي عَن حُلولٍ بِقُدسِهِ | |
|
| وَحاشاهُ ما بِالإِتِّحادِ تُجامِعُ |
|
فَمَهما تَحِلُّ الروحُ جِسماً فَإِنَّها | |
|
| لِتَصويرِ ذاكَ الجِسمِ في الصورِ تابِعُ |
|
وَيَتبَعُها في نَصبِها وَاِرتِفاعِها | |
|
| وَتَتبعُهُ إِن جَرَّ يَوماً طَبائِعُ |
|
فإِن قَوِيَت بِالتَزكِياتِ رَقَت بِهِ | |
|
| إِلى المَركَزِ العالي الَّذي هُوَ رافِعُ |
|
وَإِن ضَعُفَت وَاِستَقوَتِ النَفسُ وَالهَوى | |
|
| تَكُن تَبَعاً لِلجِسمِ إِذ هُوَ تابِعُ |
|
فَتَشقى بِهِ في سِجنِ طَبعٍ وَإِن رَقَت | |
|
| بِهِ كانَ مَسعوداً وَفي العِزِّ راتِعُ |
|
وَإِنَّ نُزولَ الجِسمِ لِلخَلقِ في الثَرى | |
|
| سَواءٌ وَلَكِن بَعدَ ذاكَ تُنازِعُ |
|
فَمَن سَبَقَت لِلَهِ فيهِ عِنايَةٌ | |
|
| فَغَيرُ مَكوثٍ في التُرابِ مُسارِعُ |
|
وَمَن أَبعَدَتهُ السابِقاتُ فَإِنَّهُ | |
|
| لَهُ بَينَ نَبتٍ وَالتُرابِ مَراجِعُ |
|
فَقَد يَكُ عُشباً ثُمَّ تَرعاهُ دابَةٌ | |
|
| وَيَترُبُ إِذ يَفنى وَيَخضَرُّ يانِعُ |
|
عَلى قَدرِ تكرارِ التَرَدُّدِ بَعدَهُ | |
|
| لَنَسِيَ عُهوداً بِالحِمى وَوَقائِعُ |
|
وَعِندَ مُرورِ النَفسِ في كُلِّ مَنزِلٍ | |
|
| سَيُنقَشُ فيها مِنهُ طَبعاً طَبائِعُ |
|
فَتَظهَرُ نَفسُ المَرءِ كامِلَةَ البَها | |
|
| وَمِن نُسخَةِ الأَكوانِ فيها خَلائِعُ |
|
لِتَذكُرَ بِالمَشهودِ غائِبَ أَمرِها | |
|
| فَيَرجِعَ لِلأَوطانِ مَن هُوَ راجِعُ |
|
جَرى أَشهبُ الأَلفاظِ في بَيانِها | |
|
| بِمِضمارِهِ حَتّى عَلَونَ مَنافِعُ |
|
سَأَلوي عِنانَ القَولِ نَحوَ مَكانِهِ | |
|
| لِتُطلَقَ فيهِ عَن قُيودٍ شَرائِعُ |
|
فَلَمّا نَزَلتُ الأَرضَ ماءَ حَياتِها | |
|
| وَأَثمَرَ لي أَصلٌ هُنالِكَ يانِعُ |
|
وَكانَ إِذا أَنبَت حَبَّ غُصونِها | |
|
| أَرُزّاً فَصَدِّق أَنَّني لمُطالِعُ |
|
وَساقَ القَضا تِلكَ الحُبوبَ فَغُذِّيا | |
|
| بِها أَبَوايَ الأَطهَرانِ جَوامِعُ |
|
وَحَلَّ مِزاجُ الحَبِّ في الجِسمِ مادةً | |
|
| وَتَمَّت لِكَيموسَ دَمٍ وَبَخائِعُ |
|
فَلَمّا دَنا آنُ البُروزِ تَجامَعا | |
|
| بِعَقدِ حَلالٍ نِعمَ ذاكَ التَجامُعُ |
|
وَلَمّا تَلاقى مِنهُ ماءٌ بِمائِها | |
|
| وَأَبدَعَ بِالتَرتيبِ نَشوِيَ بادِعُ |
|
وَكانَ اِقتِضاءُ النشوءِ أَنِّيَ روحُهُ | |
|
| وَتَعبيرُ نَفخِ الروحِ عَن ذاكَ واقِعُ |
|
فَصَوَّرَ شَخصي بِاليَدَينِ مُصَوِّري | |
|
| لِيَطبَعَ لِلضِدَّينِ فِيَّ طَوابِعُ |
|
وَأَخرَجَني مِن بَعدِ تَكميلِ هَيكَلي | |
|
| إِلى العالَمِ الأَرضِيِّ مَن هُوَ صانِعُ |
|
فَفي أَوَّلِ الشَهرِ الحَرامِ مُحَرَّمٌ | |
|
| ظُهوري وَبِالسَعدِ العطارِدِ طالِعُ |
|
لِسِتّينَ مِن سَبعٍ عَلى سُبعُمائَةٍ | |
|
| مِنَ الهِجرَةِ الغَرّا سَقَتني المَراضِعُ |
|
وَمُذ كُنتُ طِفلاً فَالمَعالي تَطَلُّبي | |
|
| وَتَأنَفُ نَفسي كُلَّ ما هُوَ واضِعُ |
|
وَلي هِمَّةٌ كانَت وَها هِيَ لَم تَزَل | |
|
| عَلى أَن لَها فَوقَ الطِباقِ مَواضِعُ |
|
وَقَد كُنتُ جَمّاحاً إِلى كُلِّ هَيئَةٍ | |
|
| فَخُضتُ بِحاراً دونَهُنَّ فَجائِعُ |
|
وَكُلُّ الأَماني نِلتُها وَهيَ إِن عَلَت | |
|
| بِها بَعدَ نَيلِ القَصدِ ما أَنا قانِعُ |
|
إِلى أَن أَتَتني مِن قَديمِ عِنايَةٍ | |
|
| أَيادٍ لَها مُذ كُنتُ عِندي صَنائِعُ |
|
وَهَبَّ نَسيمُ الجودِ مِن أَيمَنِ الحِما | |
|
| وَصُبَّ سَحابٌ بِالتَعَطُّفِ هامِعُ |
|
وَأَحيا الحَيا أَرضَ الفُؤادِ فَأَعشَبَت | |
|
| وَغَنَّت عَلى عودِ الوِصالِ سَواجِعُ |
|
فَهِمتُ مِنَ المَغنى مَعاني أَحِبَّتي | |
|
| فَهِمتُ مُعَنّى بِالصَبابَةِ والِعُ |
|
وَلاحَظتُ في فِعلي قَضاءَ مُرادِها | |
|
| وَأَبصَرت صُنعي أَنَّها هِيَ صانِعُ |
|
أَتَيتُ إِلَيها راغِباً في مُرادِها | |
|
| وَما لِيَ في شَيءٍ سِواها مَطامِعُ |
|
وَفَرَّغتُ مَشغولَ الفُؤادِ عَنِ السَوى | |
|
| فَما أَنا في غَيرِ الحَبيبِ مُطالِعُ |
|
فَلَمّا أَضاءَت في الحَشا جَذوَةُ الهَوى | |
|
| وَأَومَضَ مِن سَفحِ المَحَبَّةِ لامِعُ |
|
سَقاني الهَوى كَأسَ الغَرامِ وَلَم يَكُن | |
|
| عَلى ساحَةِ الوِجدانِ بِالكَرمِ مانِعُ |
|
فَقاطَعتُ نِدماني وَواصَلتُ لَوعَتي | |
|
| وَهاجَرتُ أَوطاني فَبانَت مَرابِعُ |
|
تَرَكتُ لَها الأَسبابَ شُغلاً بِحُبِّها | |
|
| وَوَجداً بِنارٍ قَد حَوَتها الأَضالِعُ |
|
وَأَشغَلَني شُغلي بِها عَن شَواغِلي | |
|
| وَفيها فَإِنّي لِلعَذارِ مُخالِعُ |
|
خَلَعتُ عَذاري في الهَوى وَزَهِدتُ في | |
|
| مَكاني وَإِمكاني وَما أَنا جامِعُ |
|
وَأَلقَيتُ إِنساني فَأَلفَيتُ مُنيَتي | |
|
| وَجافَيتُ نَومي بَل جَفَتني المَضاجِعُ |
|
وَسَلَّمتُ نَفسي لِلصَبابَةِ راضِياً | |
|
| بِحُكمِ الهَوى تَحتَ المَذَلَّةِ خاضِعُ |
|
وَفَوَّضتُ أَمري في هَواها تَوَكُلا | |
|
| لِيَقطَعَ في حُكمي بِما هُوَ قاطِعُ |
|
وَأَنزَلَني مِن أَوجِ عِزِّيَ ذِلَّة | |
|
| فَلي بَعدَ رَفعِ الإِقتِدارِ تواضعُ |
|
غَنِيتُ فَأَغنَانِي غِنَايَ بِحُبِّهَا | |
|
| وَعِندِي افتِقَاراً نَحوَهَا وَضَرَائِعُ |
|
طَرَحتُ عَلى أَرضِ الهَوانِ رِياسَتي | |
|
| لَها نعَمٌ طَرحاً لِقَدرِيَ رافِعُ |
|
لَبستُ لِباسَ الوَجدِ فيها خَلاعَةً | |
|
| لِباسَ الهَوى في الحُبِّ ما أَنا خالِعُ |
|
وَمُذ أَودَعَتني تُربَةُ الذُلِّ وَالشَقا | |
|
| فَروحي وَروحي راحِلٌ وَمُوادِعُ |
|
وَلي في هَواها هَتكَةٌ وَتَبَدُّدٌ | |
|
| عَلى أَنَّهُ لي مِن نَواها مَصارِعُ |
|
جَعَلتُ اِفتِقاري في الغَرامِ وَسيلَتي | |
|
| وَيا ضَعفَ مَشغوفٍ لَهُ الفَقرُ شافِعُ |
|
وَجِئتُ إِلَيها راغِباً لا مَثوبَةً | |
|
| وَلَكِن لَها مُنىً إِلَيها أُسارِعُ |
|
سَكَنتُ الفَلا مُستَوحِشَاً مِن أَنيسِها | |
|
| وَمُستَأنِساً بالوَحشِ وَهيَ رَواتِعُ |
|
أَنوحُ فَيُسجيني حَمامٌ سَواجِعُ | |
|
| وَأَبكي فَيَحكيني غَمامٌ هوامِعُ |
|
وَلي إِن عَوى ذِئبٌ عَلى فَقدِ إِلفِهِ | |
|
| زَفيرٌ لَهُ في الخافِقَينِ صَدائِعُ |
|
وَإِن غَرَّدَت قُمرِيَّةٌ فَوقَ أَيكَةٍ | |
|
| تُجاوِبُ قُمرِيّاً عَلى البابِ ساجِعُ |
|
فَإِنَّ لِأَنّاتي وَتَأويهِ لَوعَتي | |
|
| بِتِلكَ الفَيافي في الظَلامِ تَراجُعُ |
|
وَبي مِن مَريضِ الجَفنِ سُقمٌ مُبَرِّحٌ | |
|
| وَلي مِن عَصِيِّ القَلبِ دَمعٌ مُطاوِعُ |
|
نَحلتُ مِنَ الآلامِ حَتّى كَأَنَّني | |
|
| مُقَدَّر مَفروض وَما هُوَ واقِعُ |
|
فَجِسمي وَأَسقامي مُحالٌ وَواجِبٌ | |
|
| وَدَمعي وَخَدّي أَحمَرٌ وَفَواقِعُ |
|
فَلَو نَقَطَ الخَطّاطُ حَرفاً لِهَيكَلي | |
|
| عَلى سَطحِ لَوحٍ ما رَآهُ مُطالِعُ |
|
أُسائِلُ مَن لاقَيتُ وَالدَمعُ سائِلٌ | |
|
| عَنِ الجِزعِ وَالسُكّانِ وَالقَلبُ جازِعُ |
|
تَحارَبَ جَفني وَالكَرى فَتَفانَيا | |
|
| وَسالَمَ قَلبي الحُزنَ فَهوَ مُبايِعُ |
|
وَقَد قُيِّدَت بِالنَجمِ أَهدابُ مُقلَتي | |
|
| كَما أُطلِقَت عَن قَيدِهِنَّ المَدامِعُ |
|
وَأَسقَطَ قَدري في الوَرى شِنعَةُ الهَوى | |
|
| وَعِندِيَ أَنَّ العِزَّ تِلكَ الشَنائِعُ |
|
وَكَم مَرَّ بِي مَن كُنتُ أَرفَعُ قَدرَهُ | |
|
| كَأَنِّي لَهُ مِن بَعدِ ذَلِكَ وَاضِعُ |
|
وَيَنكُفُ إِن أَلقاهُ بي مُتَطَيِّراً | |
|
| وَما هُوَ إِن حَدَّثتُهُ لِيَ سامِعُ |
|
فَما لِيَ في الأَحياءِ ما عِشتُ صاحِبٌ | |
|
| وَما لِيَ حَقّاً لَو أَموتُ مُشايِعُ |
|
وَما لِيَ إِن حَدَّثتُهُم مِن مُجاوِبٍ | |
|
| وَلا إِن دَهاني الخَطبُ فيهِم مُدافِعُ |
|
كَأَن لَم أَكُن في الحَيِّ أَرفَعَ أَهله | |
|
| مَكاناً وَقَدري في المَكانَةِ مانِعُ |
|
ذَلَلتُ إِلى أَن خِلتُ أَنّي لَم أَزَل | |
|
| أَذَلَّهُم قَدراً فَها أَنا خاضِعُ |
|
وَأَحسبُ أَنَّ الأَرضَ تَنكُفُ أَن تَرى | |
|
| وَلي في ثَراها مَذهَبٌ وَمَشارِعُ |
|
رَعى اللَهُ أَحزاناً رَعَينَ مَوَدَّتي | |
|
| فَهُنَّ لِقَلبي حَيثُ كُنتُ تَوابِعُ |
|
نَعَم وَسَقى وَجداً مَدى الدَهرِ مُؤنِسي | |
|
| فَكَم لَكَ يا وَجدي عَلَيَّ صَنائِعُ |
|
وَيا زَفَراتي اِصعَدي وَتَنفَّسي | |
|
| فَقَد هَمَلت مِن فَيضِ جَفني المَدامِعُ |
|
وَيا كَبِدي في الحُبِّ ذوبي صَبابَةً | |
|
| وَيا كَمَدي دُم إِنَّني بِكَ يانِعُ |
|
وَيا جَسَدي هَل فيكَ مِن رَمَقٍ فَما | |
|
| أَراكَ سِوى بِالوَهمِ عَبدٌ مُطاوِعُ |
|
وَيا مُهجَتي وَالرَسمُ مِنّي دارِسٌ | |
|
| وَيا طَلَلَ الأَحشاءِ فَجعُكَ صارِعُ |
|
وَيا جَفنِيَ المَقروحَ قَد فَنِيَ الدِما | |
|
| وَيا قَلبِيَ المَجروح هَل أَنتَ قارِعُ |
|
وَيا ذاتِيَ المَعدومَ هَل لَكَ بَعثَةٌ | |
|
| وَيا صَبرِيَ المَهزومَ هَل أَنتَ راجِعُ |
|
وَيا خَفَقانَ القَلبِ زِدني كَآبَةً | |
|
| وَيا نارَ أَحشايَ حَنينَ الأَضالِعُ |
|
وَيا نَفسِيَ الحَرّاءَ موتي تَلَهُّفاً | |
|
| فَما لَكِ في دينِ المَحَبَّةِ شافِعُ |
|
وَيا روحِيَ المَتعوبَ صَبراً عَلى البَلا | |
|
| وَيا عَقلِيَ المَسلوبَ هَل أَنتَ والِعُ |
|
وَيا ما بَقي في الوَهمِ مِنّي وُجودُهُ | |
|
| عَدِمتُكَ شَيئاً وَقعُهُ مُتَمانِعُ |
|
وَيا مُسقِمي زِدني أَسىً وَتَبَدُّداً | |
|
| فَلَيسَ لِضُرّي غَيرَ سُقمِيَ نافِعُ |
|
وَيا عاذِلي كَرِّر فَإِنّي وَإِن أَكُن | |
|
| إِلى العَذلِ لا أُصغي فَلِلذِكرِ سامِعُ |
|
وَيا قاضِياً في الحُبِّ يُقضى بِعَدلِهِ | |
|
| تَحَكَّم بِجَورٍ إِنَّني لَكَ طائِعُ |
|
جَعَلت وُجودي فانِياً في بَقائِها | |
|
| أَلا فَاِقضِ ما تَقضي فَما أَنا جازِعُ |
|
وَحَقَّقتُ أَنّي في وُجودِيَ قائِماً | |
|
| بِها وَوُجودي مَكرَةٌ وَخَدائِعُ |
|
فَمِن مِصرَ أَرضي قَد خَرَجتُ لِمَديَنٍ | |
|
| لَعَلَّ شُعَيبَ القَلب فيهِ صَدائِعُ |
|
فَأَلفَيتُ بِنتَي عادَتي وَطَبائِعي | |
|
| تَذودانِ أَغنامي وَمائِيَ نابِعُ |
|
سَقَيتُ مِنَ الماءِ اليَقينِ غَنائِمي | |
|
| وَمِن رَعيِ زَهرِ العِلمِ هُنَّ شَوابِعُ |
|
وَجاءَت عَلى اِستِحياءِ ذاتي لِرَبِّها | |
|
| بِتَوحيدِها إِحداهُما وَهيَ تُسارِعُ |
|
فَلَمّا تَزَوَّجتُ الحَقيقَةَ صُنتُها | |
|
| وَأَمهَرتُها بِالروحِ تِلكَ الشَرائِعُ |
|
صَعَدتُ مَعالي طورِ قَلبي مُناجِياً | |
|
| لِرَبّي حَتّى أَن بَدَت لي لَوامِعُ |
|
وَخَلَّفتُ أَهلي وَهيَ نَفسي تَرَكتُها | |
|
| وَجِئتُ إِلى النورِ الَّذي هُوَ ساطِعُ |
|
فَنادانِيَ التَوحيدُ نَعلَيكَ دَعهُما | |
|
| فَها أَنا ذا لِلروحِ وَالجِسمِ خالِعُ |
|
وَكَلَّمني التَحقيقُ مِن شَجَرِ الحَشا | |
|
| بِأَنِّيَ بِالوادي المُقَدَّسِ راتِعُ |
|
فَسِرتُ بِعَقلي مَع فَتايَ وَحوتِهِ | |
|
| إِلى مَجمَعِ البَحرَينِ وَالعَقلُ تابِعُ |
|
هُناكَ نَسيتُ الحوتَ وَهوَ أَنِيَّتِي | |
|
| فَسَبَّحَ في بَحرِ الحَقيقَةِ شارِعُ |
|
عَلى إِثرِيَ اِرتَدَّيتُ حَتّى لَقيتُ مَن | |
|
| هُوَ الأَصلُ إِذ نَقشٌ أَنا وَهوَ طابعُ |
|
فَلَمّا تَعارَفنا وَلَم يَبقَ نُكرَةٌ | |
|
| طَلَبتُ اِتِّباعاً كَي يَفوزَ مُتابِعُ |
|
فَأَغرَقَ فَي بَحرِ الإِلَهِ سَفينَتي | |
|
| وَخَرَّ غُلامُ الشِركِ إِذ هُوَ جازِعُ |
|
وَجُزنا بِلادَ اللَهِ قَريَةَ غُربَةٍ | |
|
| وَفيها لِقَلبي مُنحَنىً وَأَجارِعُ |
|
أَرَدنا ضِيافاتٍ أَبَوا أَن يُضَيِّفوا | |
|
| لِتُسدَلَ في وَجهِ البُدورِ بَراقِعُ |
|
هُناكَ جِدارُ الشَرعِ خضري أَقامَهُ | |
|
| لَئِلّا تُرى بِالعَينِ تِلكَ الشَرائِعُ |
|
فَإِن فَهِمَت أَحشاكَ ما قُلتُ مُجمَلاً | |
|
| وَإِلّا فَبِالتَفصيلِ ها أَنا صادِعُ |
|
رَأَيتُ قِيامي راجِعاً نَحوَ رَبِّهِ | |
|
| تَقَهقَرَ مِنّي لِلحَبيبِ مَراجِعُ |
|
فَعايَنتُ أَنّي كُنتُ في العِلمِ ثابِتاً | |
|
| وَلِلحَقِّ عِلمُ الحَقِّ في الحُكمِ تابِعُ |
|
وَبِالعِلمِ فَالمَعلومُ أَيضاً مُلَحّقٌ | |
|
| وَلَيسَ لِهَذا الحُكمِ في العَقلِ رادِعُ |
|
فَحينَئِذٍ حَقَّقتُ أَنّي نَفخَةٌ | |
|
| مِنَ الطيبِ طيبِ اللَهِ في الخَلقِ ضايِعُ |
|
وَما النَشرُ غَيرُ المِسكِ فَاِفهَم إِشارَتي | |
|
| وَيُغنيكَ فَالتَصريحُ لِلسِرِّ ذائِعُ |
|
فَلاحَظتُ في فِعلي قَضاءَ مُرادِها | |
|
| وَأَبصَرتُ صُنعي أَنَّها هِيَ صانِعُ |
|
تُحَرِّكُني مَستورَةً بِأَنِيَّتي | |
|
| وَما سِترُها إِلّا لِما فِيَّ مانِعُ |
|
فَسَلَّمتُ نَفسي حَيثُ أَسلَمَني القَضا | |
|
| وَما لِيَ مَع فِعلِ الحَبيبِ تَنازُعُ |
|
فَطَوراً تَراني في المَساجِدِ عاكِفاً | |
|
| وَأَنّي طَوراً في الكَنائِسِ راتِعُ |
|
أَرانيَ كَالآلاتِ وَهوَ مُحَرِّكي | |
|
| أَنا قَلَمٌ وَالاقتِدارُ الأَصابِعُ |
|
وَلَستُ بِجَبرِيٍّ وَلَكِن مُشاهِد | |
|
| فِعالُ مُريدٍ ما لَهُ مَن يُدافِعُ |
|
فَآوِنَة يَقضي عَلَيَّ بِطاعَةٍ | |
|
| وَحيناً بِما عَنهُ نَهَتنا الشَرائِعُ |
|
لِذاكَ تَراني كُنتُ أَترُكُ أَمرَهُ | |
|
| وَآتي الَّذي يَنهاهُ وَالجَفنُ دامِعُ |
|
وَلي نُكتَةٌ غَرّا هُنا سَأَقولُها | |
|
| وَحُقَّ لَها أَن تَرعَويها المَسامِعُ |
|
هِيَ الفَرقُ ما بَينَ الوَلِيِّ وَفاسِقٍ | |
|
| تَنَبَّه لَها فَالأَمرُ فيهِ بَدائِعُ |
|
فَما هُوَ إِلّا أَنَّهُ قَبلَ وَقعِهِ | |
|
| يُخَبِّرُ قَلبي بِالَّذي هُوَ واقِعُ |
|
فَأَجني الَّذي يَقضيهِ فِيَّ مُرادُها | |
|
| وَعَيني لَها قَبلَ الفِعالِ تُطالِعُ |
|
وَكُنتُ أَرى مِنها الإِرادَةَ قَبلَ ما | |
|
| أَرى الفِعلَ مِنّي وَالأَسيرُ مُطاوِعُ |
|
فَآتي الَّذي تَهواهُ مِنّي وَمُهجَتي | |
|
| لِذَلِكَ في نارٍ حَوَتها الأَضالِعُ |
|
فَإِن كُنتُ في حُكمِ الشَريعَةِ عاصِياً | |
|
| فَإِنِّيَ في عِلمِ الحَقيقَةِ طائِعُ |
|
وَكَم رَكِبَت نَفسي مِنَ الهَولِ مَركَباً | |
|
| فَيا درّها لِلَّهِ كَيفَ تُصارِعُ |
|
فَكانَت إِذا هالَها الأَمرُ عايَنَت | |
|
| إِرادَةَ مَن تَهوى أَتَتهُ تُسارِعُ |
|
وَكَم جَرَّدوا لِلحَربِ فَاِستَلهَت بِما | |
|
| أَرادَ حَبيبي فَاِزدَرَتها الوَقائِعُ |
|
وَكَم داسَها نَعلٌ عَلى أُمِّ رَأسِها | |
|
| فَلَمّا تَوَلَّت أَقبَلَت وَهيَ خاضِعُ |
|
وَكَم كانَ صَدري لِلنِبالِ عَريضَةً | |
|
| وَعِرضي لِسَهمِ الطاعِنينَ مَواقِعُ |
|
وَكَم كُنتُ أَيضاً لِلمُرادِ مُجَرّداً | |
|
| مِنَ الغِمدِ سَيفاً بِالدِما وَهوَ ناشِعُ |
|
وَكَم هِجتُ ناراً لِلوَغى بَينَ أَضلُعي | |
|
| وَبَيني وَبَينَ الغَيرِ وَالأَمرُ شائِعُ |
|
وَكَم قَبَّلَت رِجلي فَمٌ فَضَرَبتُهُ | |
|
| بِها عَامِداً إِضرارَهُ وَمُقاطِعُ |
|
وَكُلُّ الَّذي آتيهِ آتيهِ ناظِراً | |
|
| لِمَثبَتَةٍ في اللَوحِ أَنِّيَ تابِعُ |
|
فَلَمّا مَضى لَيلي وَوَلَّت نُجومُهُ | |
|
| وَأَشرَقَ شَمسي في الألوهَةِ ساطِعُ |
|
سُلِبتُ إِرادَتي وَحَولي وَقُوَّتي | |
|
| وَكُلُّ وُجودي وَالحَيا وَالمَجامِعُ |
|
فَنيتُ بِها عَنّي فَما لي أَنِيَّةٌ | |
|
| هوِيَّةُ لَيلى لِلأَنِيّاتِ قامِعُ |
|
وَكُنتُ كَما أَن لَم أَكُن وَهوَ أَنَّهُ | |
|
| كَما لَم يَزَل فَرداً وَلِلكُلِّ جامِعُ |
|
وَغُيِّبتُ عَن تِلكَ المَشاهِدِ كُلِّها | |
|
| وَعَنّي وَعَن غَيبوبَتي أَنا زامِعُ |
|
فَلا أَنا إِن حَدَّثتُ يَوماً مُخاطِبٌ | |
|
| وَإِن أَسمَعوني القَولَ ما أَنا سامِعُ |
|
وَلا أَنا إِن كَلَّمتُهُم مُتَكَلِّمٌ | |
|
| وَلا أَنا إِن نازَعوني مُنازِعُ |
|
فَلَمّا فَنى مِنّي وُجودُ هوِيَّتي | |
|
| وَباعَ البَقا بِالمَوتِ مَن هُوَ بائِعُ |
|
خَبَتني فَكانَت فِيَّ عَينَ نِيابَةٍ | |
|
| أَجَل عوضاً بَل عَينُ ما أَنا واقِعُ |
|
فَكُنتُ أَنا هِيَ وَهيَ كانَت أَنا وَما | |
|
| لَها مِن وُجودٍ مُفرَدٍ مَن يُنازِعُ |
|
بَقيتُ بِها فيها وَلا تاءَ بَينَنا | |
|
| وَحالي بِها ماضٍ كَذا وَمُضارِعُ |
|
وَلَكِن رفعت النَفسَ فَاِرتَفَعَ الحِجا | |
|
| وَنُبِّهتُ مِن نَومي فَما أَنا ضاجِعُ |
|
وَشاهَدتَني حَقاً بِعَينِ حَقيقَتي | |
|
| فَلي في جَبينِ الحُسنِ تِلكَ الطَلائِعُ |
|
جَلَوتُ جَمالِيَ فَاِجتَلَيتُ مِرآتي | |
|
| لِيُطبَعَ فيها لِلكَمالِ مَطابِعُ |
|
فَأَوصافُها وَصفي وَذاتِيَ ذاتُها | |
|
| وَأَخلاقُها لي في الجَمالِ مَطالِعُ |
|
وَاِسمِيَ حَقّاً اِسمُها وَاِسمُ ذاتِها | |
|
| لِيَ اِسمٌ وَلي تِلكَ النُعوتُ تَوابِعُ |
|
فَشَمسِيَ في أُفُقِ الأُلوهَةِ مُشرِقٌ | |
|
| وَبَدرِيَ في شَرقِ الرُبوبَةِ طالِعُ |
|
وَنَفسِيَ بِالتَحقيقِ يا صاحِ نَفسُها | |
|
| وَلَيسَ لِتَوحيدي مِنَ الشِركِ رادِعُ |
|
فَمَن نَظَرَتها عَينُهُ فَهوَ ناظِري | |
|
| وَتُبصِرُها عَينٌ إِلَيَّ تُطالِعُ |
|
وَيَحمَدُها بِالشُكرِ مَن هُوَ حامِدي | |
|
| وَيُثني بِحَمدي مَن لَهُ الحَمدُ رافِعُ |
|
وَيَعبُدُني بِالذاتِ عابِدُها كَما | |
|
| لَها خَضَعَت أَحشاءُ مَن لِيَ خاضِعُ |
|
تُجيبُ إِذا نادَيتَ بِاِسمي وَإِنَّني | |
|
| مُجيبٌ إِذا نادَيتَها لَكَ فازِعُ |
|
وَقَد مُحِيَت أَوصافُنا في ذَواتِنا | |
|
| كَما فَنِيَت مِنّي نُعوتٌ ضَرايِعُ |
|
فَأَفنَيتُها حَتّى فَنيتُ وَلَم تَكُن | |
|
| وَلَكِنَّني بِالوَهمِ كُنتُ أُطالِعُ |
|
كَذا الخَلقُ فَاِفهَم إِنَّهُ مُتَوَهِّمٌ | |
|
| وَهَذا كَقِشرٍ كَي يَضِلَّ مُخادِعُ |
|
وَها هِيَ ما كانَت سِوى مَخزِنٍ وَلي | |
|
| هُناكَ مِنَ الحُسنِ البَديعِ وَدائِعُ |
|
فَلَمّا قَبَضتُ الإِرثَ مِن مَخزَنِ الهَوى | |
|
| تَناقَضَ عَن جُدرانِهِ فهوَ واقِعُ |
|
فَكانَت كَعَنقا مَغرِبٍ وَصفَةً وَما | |
|
| حَوَت غَيرَ ذاكَ الوَصفِ مِنها البَقائِعُ |
|
هِيَ الذاتُ طاحَت إِن فَهِمتَ إِشارَتي | |
|
| نَجَوتَ وَإِلّا فَالجَهالَةُ خادِعُ |
|
وَهاكَ حَديثَ المُنحَنا غَيرَ أَنَّهُ | |
|
| عَلى الوَردِ مِن قِشرِ الكَمامِ قَمائِعُ |
|
غَزالٌ لَهُ عَينانِ بِالسِحرِ كُحِّلا | |
|
| فَواحِدَةٌ فَقعا وَأُخرى فَواقِعُ |
|
كَثَوبٍ لَهُ طولٌ وَلَكِنَّ لَونَهُ | |
|
| حَكى وَرَقَ الرَيحانِ أَخضَرُ يانِعُ |
|
فَما الطولُ إِلّا الثَوبُ وَاللَونُ عَينُهُ | |
|
| إِذِ الحُكمُ في المَحكومِ لِلأَمرِ تابِعُ |
|
وَما الثَوبُ طولاً لا وَلا اللَونُ ذاتُهُ | |
|
| وَما ثَمَّ إِلّا الثَوبُ تِلكَ المَجامِعُ |
|
زَرَعتُ لَكَ المَعنى بِلَفظِيَ فَاجنِ ما | |
|
| مَنَحتُكَ مِن أَثمارِ ما أَنا زارِعُ |
|
فَإِنّي لَمّا أَن تَبَدَّت هوِيَّتي | |
|
| خَفيتُ وَإِن تَغرُب فَإِنِّيَ طالِعُ |
|
وَلَيسَت سِوايَ لا ولا كُنتُ غَيرَها | |
|
| وَمِن بَينِنا تاءُ التَكَلُّمِ ضائِعُ |
|
فَإِنّي إِيّاها بِغَيرِ تَساؤُلٍ | |
|
| كَما أَنَّها إِيّايَ وَالحَقُّ واسِعُ |
|
فَكُلُّ عَجيبٍ مِن جَمالِيَ شاهِدٌ | |
|
| وَكُلُّ غَريبٍ مِن كَمالِيَ شائِعُ |
|
وَكُلُّ الوَرى طُرّاً مَظاهِرُ طَلعَتي | |
|
| مراءٍ بِها مِن حُسنِ وَجهِيَ لامِعُ |
|
ظَهَرتُ بِأَوصافِ البَرِيَّةِ كُلَّها | |
|
| أَجَل في ذَواتِ الكُلِّ نورِيَ ساطِعُ |
|
تَخَلَّفتُ بِالتَحقيقِ في كُلِّ صورَةٍ | |
|
| فَفي كُلِّ شَيءٍ مِن جَمالي لَوامِعُ |
|
فَما الكَونُ في التِمثالِ إِلّا كَدِحيَةٍ | |
|
| تَصَورُ روحي فيهِ شَكلٌ مُخادِعُ |
|
فَصِفني بِأَوصافِ البَرِيَّةِ جَمعِها | |
|
| فَإِنّي لِذَيّاكَ المَحاسِنِ جامِعُ |
|
وَعَن كُلِّ تَشبيهٍ فَإِنّي مُنَزَّهٌ | |
|
| وَفي كُلِّ تَنزيهٍ فَإِنّي مُضارِعُ |
|
وَجِسمي لِلأَجسامِ روحٌ مُدَبِّرٌ | |
|
| وَفي ذَرَّةٍ مِنهُ الأَنامُ جَوامِعُ |
|
وَلَو لَم يَكُن في الحُسنِ مِنّي لَطيفَةٌ | |
|
| لَما كانَتِ الأَجفانُ فِيَّ تُطالِعُ |
|
وَلَولا لذاتي في الكَمالِ مَحاسِنُ | |
|
| تَلوحُ لَما مالَت إِلَيها الطَبائِعُ |
|
فَهَيكَلُ شَخصي كُلُّ فَرد بَسيطَةٍ | |
|
| لِجَوهَرِ أَوصافِ المَحاسِنِ جامِعُ |
|
وَإِنّي عَلى تَنزيهِ رَبّي لَقائِلٌ | |
|
| بِأَوصافِهِ عَنّي فَحَقِّيَ صادِعُ |
|
أَنا الحَقُّ وَالتَحقيقُ جامِعُ خَلقِهِ | |
|
| أَنا الذاتُ وَالوَصفُ الَّذي هُوَ تابِعُ |
|
فَأَحوي بِذاتي ما عَلِمتُ حَقيقَةً | |
|
| وَنوري فيما قَد أَضاءَ فَلامِعُ |
|
وَيَسمَعُ تَسبيحَ الصَوامِتِ مَسمَعي | |
|
| وَإِنّي لِأَسرارِ الصُدورِ أُطالِعُ |
|
وَأَعلَمُ ما قَد كانَ في زَمَنٍ مَضى | |
|
| وَحالاً وَأَدري ما أَراهُ مُضارِعُ |
|
وَلَو خَطَرَت في أَسوَدِ اللَيلِ نَملَةٌ | |
|
| عَلى صَخرَةٍ صَمّا فَإِنّي مُطالِعُ |
|
أُعِدُّ الثَرى رَملاً مَثاقيلَ ذَرَّةٍ | |
|
| وَأُحصي غَزيرَ القَطرِ وَهيَ هَوامِعُ |
|
وَأَحكُمُ مَوجَ البَحرِ وَسطَ خِضَمِّهِ | |
|
| عِياراً وَمِقداراً كَما هُوَ واقِعُ |
|
وَأَنظُرُ تَحقيقاً بِعَيني مُحَقِّقاً | |
|
| قُصورَ جِنانِ الخُلدِ وَهيَ قَلائِعُ |
|
وَأُتقِنُ عِلماً بِالإِحاطَةِ جُملَةً | |
|
| لِأَوراقِ أَشجارٍ هُناكَ أَيانِعُ |
|
وَكُلُّ طِباقٍ في الجَحيمِ عَرَفتُها | |
|
| وَأَعرِفُ أَهليها وَمن ثَمَّ واضِعُ |
|
وَأَنواعُ تَعذيبٍ هُناكَ عَلِمتُها | |
|
| وَأَهوالَها طُرّاً وَهُنَّ فَظائِعُ |
|
وَأَملاكها حَقّاً عَرَفتُ وَلَم يَكُن | |
|
| عَلَيَّ بِخافٍ ما لَهُ أَنا صانِعُ |
|
وَكُلُّ عَذابٍ ذُقتُ ثُمَّ وَلَم أُبَل | |
|
| أَأَخشى وَإِنّي لِلمَقامَينِ جامِعُ |
|
وَكُلُّ نَعيمٍ إِنَّني لَمُنَعّمٌ | |
|
| بِهِ وَهوَ لي مِلكٌ وَما ثَمَّ رادِعُ |
|
وَكُلُّ عَليمٍ في البَرِيَّةِ إِنَّهُ | |
|
| لَقَطرَةُ ماءٍ مِن بِحارِيَ دافِعُ |
|
وَكُلُّ حَكيمٍ كانَ أَو هُوَ كائِنٌ | |
|
| فَمِن نورِيَ الوَضّاحِ في الخَلقِ لامِعُ |
|
وَكُلُّ عَزيزٍ بِالتَجَبُّرِ قاهِرٌ | |
|
| بِبَطشِ اِقتِداري لِلبَرِيَّةِ قامِعُ |
|
وَكُلُّ هُدىً في العالَمينَ فَإِنَّهُ | |
|
| هُدايَ وَما لي في الوُجودِ مُنازِعُ |
|
أُصَوِّرُ مَهما شِئتُ مِن عَدَمٍ كَما | |
|
| أُقَدِّرُ مَهما شِئتُ وَهوَ مُطاوِعُ |
|
وَأُفني إِذا شِئتُ الأَنامَ بِلَمحَةٍ | |
|
| وَأُحيي بِلَفظٍ ما حَوَتهُ البَلاقِعُ |
|
وَأَجمَعُ ذَرّاتِ الجُسومِ مِنَ الثَرى | |
|
| وَأُنشي كَما كانَت وَإِنِّيَ بادِعُ |
|
وَفي البَحرِ لَو نادى بِاِسمِيَ حُوتُها | |
|
| أَجَبتُ وَإِنّي لِلمُناجينَ سامِعُ |
|
وَفي البَرِّ لَو هَبَّ الرِياحُ عَلى الثَرى | |
|
| أُحيطُ وَأُحصي ما حَوَتهُ البَقائِعُ |
|
وَخَلفَ مَعالي قافَ لَو يَستَغيثُ بي | |
|
| مُغاثٌ فَإِنّي ثَمَّ لِلضُرِّ دافِعُ |
|
وَأَقلِبُ أَعيانَ الجِبالِ فَلَو أَقُل | |
|
| لَها ذَهَباً كوني فَهُنَّ فَواقِعُ |
|
وَأُجرِيَ إِن شِئتُ السَفايِنَ في الثَرى | |
|
| وَفي البَحرِ لَو أَبغي المَطِيُّ تُسارِعُ |
|
وَإِنَّ الطِباقَ السَبعَ تَحتَ قَوائِمي | |
|
| وَرِجلي عَلى الكُرسِيِّ ثَمَّةَ رافِعُ |
|
وَبَيتي سَقفُ العَرشِ حاشايَ لَيسَ لي | |
|
| مَكانٌ وَمِن فَيضي خُلِقنَ المَواضِعُ |
|
وَأُجري عَلى لَوحِ المَقاديرِ ما أَشا | |
|
| وَبِالقَلَمِ الأَعلى فَكَفِّيَ بارِعُ |
|
فَسِدرَةُ أَوجِ المُنتَهى لِيَ مَوطِن | |
|
| وَغايَةُ غاياتِ الكَمالِ مَشارِعُ |
|
وَكُلُّ مَعاشِ الخَلقِ تُجريهِ راحَتي | |
|
| لِراحَتِهِم جُوداً وَلَستُ أُصانِعُ |
|
وَفي كُلِّ جُزءٍ مِن تَراكيبِ هَيكَلي | |
|
| لِوُسعِيَ فَالكُرسِيُّ وَالعَرشُ ضائِعُ |
|
وَلا فَلَكٌ إِلّا وَتُجريهِ قُدرَتي | |
|
| وَلا مَلِكٌ إِلّا لِحُكمِيَ طائِعُ |
|
وَأَمحو لِما قَد كانَ في اللَوحِ مُثبَتاً | |
|
| وَتَثبُت إِذا وَقَّعتُ ثَمَّ وَقائِعُ |
|
وَإِنّي عَلى هَذا عَنِ الكُلِّ فارِغٌ | |
|
| وَلَيسَ بِهِ لي هِمَّةٌ وَتَنازعُ |
|
وَوَصفِيَ حَقّاً فَوقَ ما قَد وَصَفتُهُ | |
|
| وَحَشايَ مِن حَصرٍ وَما لي قاطِعُ |
|
وَإِنّي عَلى مِقدارِ فَهمِكَ واصِفٌ | |
|
| وَإِلّا فَلي مِن بَعدِ ذاكَ بَدائِعُ |
|
وَثَمَّ أُمورٌ لَيسَ يُمكِنُ كَشفُها | |
|
| لَها قَلَّدَتني عقدهنَّ شَرائِعُ |
|
قَفَوتُ بِها آثارَ أَحمَدَ تابِعاً | |
|
| فَأَعجب لِمَتبوعٍ وَما هُوَ تابِعُ |
|
نَبِيٌّ لَهُ فَوقَ المَكانَةِ رُتبَةٌ | |
|
| وَمِن عَينِهِ لِلناهِلينَ مَنابِعُ |
|
عَلَيهِ سَلامُ اللَهِ مِنّي وَإِنَّما | |
|
| سَلامي عَلى نَفسي النَفيسَةِ واقِعُ |
|
كَذا الآلِ وَالأَصحابِ ما ذَرَّ شارِقٌ | |
|
| وَما ناحَ قُمرِيٌّ عَلى البابِ ساجِعُ |
|