قَابَل الصُّبْحُ الدُّجَى فَانْهَزمَا | |
|
| ومحا بالسَّيْفِ أفْق الغَلَسِ |
|
وَعَلَى الغَيْمِ بِبَرْقٍ رَقَمَا | |
|
| ثَوْبَ دِيبَاجٍ بِهِ الجَوُّكُسِي |
|
نَسَخَ الصُّبْحُ أحَادِيثَ الدُّجَى | |
|
| بيدٍ بَيْضَاءَ فِي لَوْحِ النَّهَارْ |
|
وَلِكَهْفِ المغربِ الليْلُ الْتَجَا | |
|
| حِينَ نَادَى الفجرُ في الشرق البِدَارْ |
|
وَجَلاَ الصُّبْحُ جبينًا أبْلَجَا | |
|
| فَاخْتَفَى مِنْ نُورِهِ النجمُ وَغَارْ |
|
وَبَكَى القُمْرِيُّ لَمَّا ابْتَسَمَا | |
|
| عاطرُ الزَّهرِ بثغرٍ ألْعَسِ |
|
وَزَهَا خدُّ الرُّبَى فَانْسَجَمَا | |
|
| دمعُ عينِ العارض المُنبجِسِ |
|
رَقَمَ الغيمُ عَلَى رَدْنِ النَّسِيمْ | |
|
| بِسَنَا البرقِ طِرَازاً مُعْلَمَا |
|
وَاكْتَسَتْ خُودُ الربَى ثَوْبَ النَّعِيمْ | |
|
| فَزَهَتْ خداً وَطَابَتْ مَبْسَمَا |
|
فَامْحُ بِالراح دُجَى اللَّيْلِ البهيمْ | |
|
| فَبِأفْقِ الكَأسِ خِلْنَا أنْجُمَا |
|
وَاسْألِ السَّاقِي لِمَاذَا خَتَمَا | |
|
| قَهْوَةَ الريقِ بِمِسْكِ اللَّعَسِ |
|
وَعَلَى الخدّ بِخَالٍ وَسَمَا | |
|
| نُورَ بَدْرٍ جَلَّ عَنْ مُقْتَبِسِ |
|
يَا شَقِيقَ الرُّوح قُلْ لِي مَنْ أذَابْ | |
|
| بَهْرَمَانَ الرَّاحِ فِي دُرّ الكُؤُوسْ |
|
أزجَاجٌ مَا نَرَاهُ أمْ شَرَابْ | |
|
| أمْ بُرُوجٌ أشْرَقَتْ فِيهَا الشُّمُوسْ |
|
وَلآلٍ مَا عَلاَهُ أمْ حَبَابْ | |
|
| أمْ زُهُورٌ نُضّدَتْ فَوْقَ الغُرُوسْ |
|
أمْ ضِيَا أفْقٍ بِطِرْسٍ رُسِمَا | |
|
| لِشِفَا العَيّ وَبُرءِ الخَرَسِ |
|
أمْ سَنَا نَجْمِ سُرُورٍ رَجَمَا | |
|
| مَارِدَ الْهَمّ بِشُهْبِ الحَرَسِ |
|
بِأبِي بدراً عَلَى غُصْنٍ عَلاَ | |
|
| بَيْنَ جَفْنَيْهِ فتورٌ وَفتُونْ |
|
إنْ رَأتْ عَيْنَاهُ وَلْهَانًا سَلاَ | |
|
| تَدْعُهُ كُنْ مُغْرَمًا بِي فَيَكُونْ |
|
جُنَّ فِيهِ قَيْسُ قَبْلِي المُبْتَلَي | |
|
| وَجُنُونُ النَّاسِ بِالعِشْقِ فُنُونْ |
|
زَارَنِي فِي غَفْلَةٍ مُحْتَشِمَا | |
|
| فَشَفَى رُوحِي وَأحَيَا نَفَسِي |
|
وَحَبَانِي في اخْتِلاَسٍ نِعَمَا | |
|
| يَا لَهَا مِنْ نِعَمٍ فِي خُلَسِ |
|
لحظُهُ وَالجفنُ سهمٌ وحسَامْ | |
|
| وَالحُلَى والقدُّ شمسٌ وَقَضيبْ |
|
والسنا وَالشَّعْرُ نُورٌ وَظَلاَمْ | |
|
| وَاللَّمَى وَالرّيقُ مِسْكٌ وَحَليبْ |
|
وَالحَيَا وَالخَدُّ وَرْدٌ وَمدَامْ | |
|
| وَالطُّلَى وَالردفُ ظَبْيٌ وَكثيبْ |
|
قَدْ زَهَا عَيْنًا وَخَدّاً وَفَمَا | |
|
| فتحاشى من قذًى أوْ خَنَسِ |
|
وَبَدَا فِي شَعْرِهِ مُلْتَثِمَا | |
|
| فَأرَى الشَّمْسَ بليلٍ غَلِسِ |
|
لَوْ رَأى البَدْرُ سنَاه احْتَجَبَا | |
|
| خشيةَ الخَسْفِ بِحُجْبِ الغَسَقِ |
|
أوْ جَلاَ لِلصُّبْحِ خَدّاً لأبَى | |
|
| أنْ يِعيرَ الافْقَ ثَوْبَ الشَّفَقِ |
|
مُذْ رَأتْ هَاروتَ عَيْنَيْهِ الظِّبَا | |
|
| آمَنَتْ حَقًّا بِسِحْرِ الحَدَقِ |
|
أوْ تَرَ الحَاجِبَ قَوْساً وَرَمَى | |
|
| بِسهَامِ اللحظِ قَلْبَ الهَجِسِ |
|
وَنَضَا فِي الجفنِ سَيْفًا وَحَمَى | |
|
| حسنَهُ مِنْ نَظْرَةِ المُخْتَلِسِ |
|
إنْ أضَا الديجُورَ مِنْ طَلْعَتِهِ | |
|
| فَبِخَدَّيْهِ البدورُ الطُّلَّعُ |
|
أوْ أرَانَا الوَرْدَ فِي وجْنَتِهِ | |
|
| فَبعطفيهِ الغُصُونُ اليُنَّعُ |
|
أوسَبَا الآسَادَ مِنْ نَظْرَتِهِ | |
|
| فَبِجفنيهِ الظِّبَاءُ الرُّتَّعُ |
|
آسُ صُدْغَيْهِ عَلَى الوَرْدِ نَمَا | |
|
| وَعَجيبٌ جَنَّةٌ في قَبَسِ |
|
وَبِدُرٍّ فِي عَقِيقٍ نُظِمَا | |
|
| ثغرُه الزاهي الزّكيُّ النَّفَسِ |
|
يَا لَقَوْمِي مَنْ مُجِيرِي مِنْ رَشَا | |
|
| لَمْ يُؤَمِّنْ خَائِفًا مِنْ حَرْبِهِ |
|
كَيْفَ يُصْغِي فِيهِ سَمْعِي لِلْوَشَا | |
|
| وَفُؤَادِي مُحْبَسٌ فِي حُبِّهِ |
|
قَدْ غَزَا سَمْعِي وَعَيْنِي وَالحَشَا | |
|
| وَهْوَ لاَهٍ آمنٌ فِي سِرْبِهِ |
|
غَنِمَ الكُلَّ ولَمَّا قَسَمَا | |
|
| جار إذ حاز الحشا في الخُمُسِ |
|
وَلأحْبَاسِ فُؤَادِي هَدَمَا | |
|
| أمِنَ الجَائِزِ هَدْمُ الحُبُسِ |
|
ظَالِمٌ في الحكمِ غُصْنٌ ذُو اعْتِدَالْ | |
|
| أفْتَدِيهِ من ظَلُومٍ عَادِلِ |
|
أمَرَ الدَّمْعَ عَلَى خَدّي فَسَالْ | |
|
| ثُمَّ لَمْ يَسْمَحْ بِرَدّ السَّائِلِ |
|
وَأضَاعَ العُمْرَ فِي قِيلٍ وَقَالْ | |
|
| يَا لَعُمْرِي ضَاعَ أجْرُ العَامِلِ |
|
مَزَّقَ القَلْبَ وَللطرف عَمَى | |
|
| وَبِهِ بُرْءُ الأسَى وَالطَّمَسِ |
|
وَبِدَمْعِي أغْرَقَ الجفنَ كَمَا | |
|
| أحرقَ القلبَ بِنَارِ الهَجَسِ |
|
ب الخلوف النظمُ في الأفْقِ الرَّفِيعْ | |
|
| وَبِهِ قَدْ صَارَ فِي أعْلَى الرُّتَبْ |
|
شَاعِرُ الدُّنْيَا إمَامُ أهْلِ البَدِيعْ | |
|
| قَيِّمُ النُظَّامِ شَيْخُ أهْلِ الأدَبْ |
|
قَدْ حَبَا اللَّهُ بِأزْهَارِ الرَّبِيعْ | |
|
| شِعْرَهُ فَاعْتَزَّ عَنْ شِعْرِ العَرَبْ |
|
قُلْ لِمَنْ عَارَضَهُ كُنْ فَهِمَا | |
|
| لاَ ترَ الدُّخَّان مثلَ القَبَسِ |
|
إنَّ لِلَّهِ تَعَالَى نِعَمَا | |
|
| لَمْ يَنَلْهَا أحَدٌ بِالْهَوَسِ |
|