عناوين ونصوص القصائد   أسماء الشعراء 
شعراء العصر العثماني > غير مصنف > حمدون بن الحاج السلمي > أيقَظَت زَهرَ رَبوَةٍ زَهرَاءُ

غير مصنف

مشاهدة
1398

إعجاب
0

تعليق
0

مفضل
0

الأبيات
0
إغلاق

ملحوظات عن القصيدة:
بريدك الإلكتروني - غير إلزامي - حتى نتمكن من الرد عليك

إرسال
انتظر إرسال البلاغ...

أيقَظَت زَهرَ رَبوَةٍ زَهرَاءُ

أيقَظَت زَهرَ رَبوَةٍ زَهرَاءُ
أم أرِيجٌ نَمَّت بِهِ الزَّورَاءُ
وبُرُوقٌ مِن رَامَةٍ لَمَعَت أم
ألمَحَتنَا مِن وَجهِهَا العَذرَاءُ
كُلَّمَا فَاحَ نَشرٌ او لاَحَ بَرقٌ
هَشَّ قَلبِي وبَشَّتِ الأعضَاءُ
ومَتَى رَنَّتِ الحَمَامُ بِعُودٍ
وَأغَنَّتهَا الرَّوضَةُ الغَنَّاءُ
طَابَ نَوحِي وَطَالَ مِنِّي نَحِيبُ
لَو نَحِيبُ المَشُوقِ فِيهِ غَنَاءُ
وَعَلَى مِثلِي حَقَّ نَوحٌ ونَحب
ولِمِثلِ الحَمَامِ حَقَّ الغِنَاءُ
طَائِرٌ مِن أزَاهِرٍ بِرِياضٍ
لِمَعِينِ الحِيَاضِ كَيفَ يَشَاءُ
طَاهِرُ الجَيبِ ظَاهِرُ اليُمنِ إِذ مَا
لَوَّثتهُ الأدوَاءُ والأهوَاءُ
ما عَلَيهِ كَمَا عَلَينَا رَقِيبٌ
كاتِبٌ كُلَّ ما اقتَضَاهُ القَضاءُ
لَم يَرُعهُ المُقامُ بَينَ يَدَي
رَبِّ جَلِيلٍ عَنَت لَهُ الوُجَهاءُ
وَلَوَ أنَّهُ كانَ طَوقٌ لَهُ مِن
طَوقِنَا لاستدامَ مِنهُ البُكاءُ
قد حَمَلنا أمانَةَ اللهِ جَهلاً
لَيتَنَا قَد طِبنَا فَطابَ الأداءُ
أينَ ودِّيَ يَومَ يُكشَفُ عَن سا
قٍ يَزولُ عَمَّا جَنَينَا الغِطاءُ
لا تُضِع أنفاسا بِأنفاسِ عُمرٍ
فِي سَوَى تَقوى اللهِ فهيَ الوِقاءُ
ما تَبَقَّى مِن عُمرِكَ اصرِفهُ فِي طا
عاتِ مَولاكَ طالَ مِنك البَقَاءُ
لا تُسَوِّف لا عِطرَ بَعدَ عَرُوسٍ
لَستَ تَدري متَى يكُونُ اللِّقَاءُ
قُلتُ ما لضم أفعَل وَفِي كلِّ وَادٍ
هِمتُ غَيّاً وهكَذَا الشُّعَراءُ
عَمَلِي سَيِّىءُ وَلَكِن بِمَدحِي
أشرَفَ الخَلقِ حاطَنِي استثِنَاءُ
يا رَسُولَ الإلاَهِ فِيكَ وَإِلاَّ
ليسَ يَحلُو الإِنشادُ والإِنشاءُ
قد تَرَقَّيتَ فِي علاءٍ بِقُدسٍ
حَيثُ لا أينٌ بل هُناكَ عَماءُ
وَتَسَنَّمتَ صَهوَةَ العِزِّ فِي مَقعَدِ
صِدقٍ وذَا الوُجودُ هَباءُ
وتَجَلَّيتَ فِي الفَضاءِ عَروسَ المُلكِ
تُجَلَّى فَضَاءَ مِنكَ الفَضاءُ
وتجَلَّت شَمسُ النُّبُوءةِ فِي أفقِكَ
حَيثُ لاَ طِينَةٌ لاَ مَاءُ
لَم يَكُ الكَونُ قَبلَ أن كُنتَ شَيئاً
ثُمَّ كانَت مِن نُورِكَ الأشياءُ
أنتَ بَيتُ التَّمَامِ أنتَ تَمامُ البَيتِ
أنتَ أُساسُهُ والبِنَاءُ
أنتَ مِسكُ الخِتام أنتَ خِتامُ المِسكِ
فيهِ تَنافَسَ الكُبَراءُ
أنتَ جِنسُ الهُدَى وأنتَ هَيُولاَ
هُ وَأنتَ انتِهاؤُهُ وابتِدَاءُ
أنتَ هَادٍ لِكُلِّ بَادٍ وَلَولاَ
كَ لَمَا كانَ للأنامِ اهتِداءُ
أنتَ بَدرٌ مِنكَ البُدُورُ استَنارَت
واستَعارَت أنوارُهَا الأنواءُ
أنتَ بَحرٌ مِنكَ البُحُورُ استَمَدَّت
غَمَرَتهَأ مِن كَفِّكَ الأندَاءُ
أنتَ تَاجُ السِّيَادَةِ المُتَلالِي
بِسَنى أنتَ قُرطُهَا الّلالاءُ
كُلُّ سِمطٍ مِنَ الفَخارِ نَفِيسٍ
أنتَ وُسطاهُ التُّومَةُ الغَرَّاءُ
لم تَزَل مَحفوظاً بقُدسٍ وَمَحفُو
فاً وِعاءٌ يَحميكَ بَعدُ وِعاءُ
مِن أبٍ لأمٍّ حَلِيفَي عَفافٍ
نَيِّرَي أفلاكِ العُصورِ تُجاءُ
مِن لَدُن آدَمٍ إِلَى ابنَةِ وَهبٍ
تُنتَقى أينَ تُوضعُ الحُسَباءُ
لُحتَ نُوراً بِآدَمٍ فَسَما أسمَى
سَماءٍ ونيلّتِ الأسماءُ
وبشيثٍ ومِنهُ مُذ أفرَدَتهُ
دُرَّةُ العِقدِ أمُّنا حَوَّاءُ
وَبَإِدريسٍ فَارتَقَى بِمَكانٍ
مُتَراقٍ تَرنُو بِهِ الحَوراءُ
وَبِنُوحٍ وَلاحتِوائِهِ فِي الفُل
كِ عَلَى الجُودِي استَبَانَ استِواءُ
وبِسامٍ سَمَا فَيَحسِبُهُ رَا
ئِيهِ بَدراً والوَجهُ مِنهُ سَماءُ
وَبإِبراهِيمٍ ثَوَى فَغَدَت نَا
رُ عَدُوٍّ رَوضاً وطابَ الثَّواءُ
وبإسماعِيلٍ فَنَجَّاهُ مِن ذَبحٍ
بِذِبحٍ ورآنَتِ الدَّهماءُ
وبإليَاسٍ كانض تَسمَعُ تَلبِيَّةَ حَجٍّ
مِن صُلبِهِ الدَّهماءُ
وَبِهاشِمٍ كانَ لَم يَبقَ شَيءٌ
بِهِ مَرَّ إِلاَّ لُهُ إيمَاءُ
وبِشَيبَةِ الحَمدِ أصبَحَ يَوماً
فَائِحاً مَكحولاً لَهُ سِيماءُ
وَبَعَبدِ اللهِ الَّذِي راودَتهُ
حَيثُ شامَتهُ يَستَنِيرُ النساءُ
وَحَماهُ مِن كَيدِها ما حَمَى يُو
سُفَ مِنهُ فَلَم تَقَع فَحشاءُ
عِندَما حَلَّ بُرجَ آمِنَةٍ حَلَّ
أمَانٌ بِهِ وَعَمَّ نِداءُ
اشرَفَت مِن مَساكِنِ الخُلدِ حُورٌ
قُلِّدَت مِن نُحورِهَا الشُّرَفاءُ
في سُرُورٍ أملاَكٌ اضحَت وَأمسَت
سُرُرٌ لِلمُلكِ اعتَراها دَاءُ
أصبَحَت أصنامُ الضَّلالَةِ مَنكُو
سَةَ رَأسٍ أصَابَهَا استِحيَاءُ
حَمَلَتهُ حَملاً خَفِيفاً فمرَّت
بِهِ لَم تَحمِل مِثلَهُ نُفَسَاءُ
وبِشَهرِ الرَّبِيعِ في فَصلِهِ ألقَت
رَبِيعاً تَحيَا بِهِ البُصَرَاءُ
لاحَ يَومَ الإثنَينِ مُفرَدَ مَجدٍ
بِهِ تَسمُو الأزمَانُ والأنحَاءُ
قُربَ فَجرٍ تَفَجَّرَت بِهِ أضوَا
ءُ بِها تُمحَى اللَّيلَةُ اللَّيلاَءُ
أشرَقَت مِنهَا الأرضُ والشّامُ شِيِمَت
إذ لَها بَعدَ البِعثَةِ الإسراءُ
آخِذاً قَبضَةً مِنَ الأرضِ أي مُلكُ
الثَّرَى لِي وَلِي بِرَبِّي ثَراءُ
رافِعاً لِلسَّماءِ طَرفَهُ أي عَليَاءُ
شَأني لَم تُعطَهُ العَليَاءُ
فاهَ بِالحَمدِ حَيثُ أقبَلَمِن
حَضرَةِ رَبٍّ وَحَفَّتِ الَّلالاءُ
شَمَّتَتهُ الأملاكُ طَافَت به المَشرِقَ
يَا طِيبَ ما رَوت شَفَّاءُ
حَضَرَتهُ عِينٌ وَآسيةُ وابنَةُ
عِمرانَ مَريَمُالعَذراءُ
وتَدانَت مِنهُ نُجُومٌ فَمَا أبهَى
هِلاَلاً نُجُومُهُ قُرَبَاءُ
وَبَدَت شُهبٌ مِن بَنِي ثُعَلٍ أر
مَى أذيبَت بِنَارها القُرَنَاءُ
كَشَفَت ذِي النُّجُومُ والشُّهبُ عَن حا
لِ صِحابٍ تُشوَى بِهَا الأعداءُ
أطفِئَت نَارُ قُرسٍ ارتَجَّ صَرحٌ
قُضِيَ الأمرُ فِيهِ غِيضَ الماءُ
هَتَفَت أحبارٌ وَجِنُّ بِأخبا
رِ وِلاَدٍ كَأنَّها وَرقاءُ
هَذِهِ لَيلَةٌ مُبَدِّلةُ الأترَاحِ
أفراحاً حَقَّ فِيهَا الهَناءُ
فِي لَيالِي قَدرٍ كَليلَةِ قَدرٍ
فِي اللَّيالِي تَبِينُ لَيسَ بَدَاءُ
نَشتَهِي أن نُمِدَّهَا بِسَوادِ العَينِ
مِنَّا لَيتَ السَّوادَ سَواءُ
أطلَعَت بَدرَها لَنَا فِي صَباحٍ
لاَ تَقُل هَذِي اللَّيلَةُ الدَّرعاءُ
بَدرُ هَذِهِ دائِمٌ فِي ازديادٍ
من كَمالٍ لاَ يعتَريهِ خَفاءُ
رِيءَ فِي مَهدِهِ مُنَاغِيُهُ بَد
رٌ تَمامٌ وذَلِكَ استِدنَاءُ
حَرَّكَت مَهدَهُ مَلاَئِكَةُ اللهِ
اختِدَاماً يَا حَبَّذَا الخُدَماءُ
وأتَتهُ حَليمَةٌ ذَاتُ سَعدٍ
لِسَعِيدٍ تُرِشَّ السُّعَدَاءُ
فَتَلَقَّاهَا بِابتِسامٍ وبِشرٍ
طَلقَ وَجهٍ وهَكَذا الفُضَلاءُ
مِن يَمِينِ الثَّدييَنِ مَصَّ ومَا مَسَّ
يَساراً بَل دامَ مِنهُ إباءُ
نَظَراً لِلشَّرِيكِ ألهِمَ عَدلاً
وَبِهِ فِيهِ لِلأنَامِ ائتِساءُ
وأَتَت بِهِ قَومَهَا تَحمِلُ المَجدَ
أتَانٌ أخفَّهَا الإزدِهاءُ
وَأوَت خَيراتٌ إِلَيهَا وحَلَّت
وَرَوتهَا شِياهُهَا العَجفاءُ
شاؤُها دُونَ الشَّاء تَأتِي شِباعاً
حُفَّلاً تَرعَى حَيثُ يُرعِي الرِّعاءُ
قَد رَعَت خِصبَ اليُمنِ في سَنَةٍ شَه
باءَ والأرضُ كُلُّهَا جَرداءٌ
شَبَّ أنقَى مِن زَهرٍ انمَى شَبابٍ
وَعَجِيبٌ مَا شَامَتِ الشَّيماءُ
حَدَّثَت أن غَمامَةٌ فِي هَجِيرٍ
حَيثُ مَا سَار كَانَ مِنهَا وِقاءُ
شَمسَ حُسنٍ مِن شَمسِ أفقٍ أظَلَّت
ألأصلٍ مِن فَرعِهِ بُرَحاءُ
وأتَت بِهِ عِندَمَا فَطَمَتهُ
ظِئرُهُ والفُؤادُ فِيهِ اصطِلاءُ
رَغِبَت فِيهِ حتَّى آبَت وَباءَت
بِهِ إذ بِالبَطحَاءِ يُخشَى الوَباءُ
وَأتَتهُ لأن تُنَقِّيَ قَلباً
بِطَهُورٍ مَلاَئِكٌ نُزَهاءُ
شُقَّ عَنهُ ولَم يُشَقَّ عَلَيهِ
رُمِيَت مِنهُ مُضغَةٌ سَودَاءُ
خَتَمَتهُ مِن بَعدِ أن مَلأتهُ
بِحُلِيِّ النُبُوءَةِ الكُرَماءُ
فَتَبَدَّى بِخَاتَمٍ فِي مَحَلٍّ
مِنهُ يَأتِيهِ الوَحيُ وَالإلقاءُ
مِنهُ نَمّ مِسكُ الخِتامِ كَما نَمَّت
بِأزهَارِ الرَّوضِ رِيحٌ رُخاءُ
خَشِيَت إِذ رَأتهُ مُنتَقِعَ اللَّو
نِ حَلِيمَةُ أنَّهُم قُرَناءُ
أسرَعَت بِهِ نَحوَ آمِنَةٍ فَاء
تَنَسَت إنَّ أنسَنَا الأبناءُ
لَم يَزَل خَسفُهَا إِلى أن تَوَارَت
بِحِجَابٍ حَفَّت بِهَا الأبواءُ
حَضَنَتهُ أمُّ الظِّبَاءِ رَشاً لَم
يَحكِهِفِي رَقِيقِ حُسنٍ طَلاءُ
ظَمِئَت فَارتَوَت بِدَلوٍ مِنَ الأفقِ
بِيُمنٍ بِهِ وَطَابَ ارتِواءُ
وجَلاهُ بِعَاتِقٍ شَيبَةٌ طا
لِبَ سَحٍّ فَسَحَّتِ الأرماءُ
شَكَرَتهُ قُرَيشُ شُكرَ بِطاحٍ
صَيِّباً أنعَمَت بِهِ الأسمَاءُ
وأتى بِهِ عَمُّهُ بَعدَ هَذا
مِثلَ شَمسٍ عَنهَا انجَلَت ظَلمَاءُ
لاذَ بِاللهِ لِلأنامِلِ يُبدِي
فَتَبَدَّت وَدِيقَةٌ غَرَّاءُ
خَجِلَت مِن أنَامِلٍ فَأراقَت
عَرَقاً يَا حَياً أرَاهُ حَيَاءُ
وبِأنوارِهَا تَبَرَّجَتِ الأر
ضُ وَشَتهَا بِلاَ يَدٍ أنواءُ
أبيَضٌ يُستَسقَى الغَمامُ بِوَجهٍ
مِنهُ فِيهِ عَن شَأنِهِ أنبَاءُ
أسفَرَت عَنهُ سَفرَتاهُ لِشَامٍ
حَيثُ شِيمَت نُعوتُهُ الشَّمَاءُ
ودَعَتهُ خَدِيجَةٌ تَبتَغِي عَصمَتَهُ
وَهيَ الدُّرَّةُ العَصمَاءُ
زَهرُ رَوضٍ ما زَالَ فِي كُمِّهِ تا
قَت وَحَنَّت لِشَمِّهِ زَهرَاءُ
قَامَ فِي قَومِهِ عَفِيفاً أمِيناً
نُسِيَت عِندَ ذِكرِهِ الأمَناءُ
جدَّدُوا الكَعبَةَ الشَّرِيفَةَ كُلٌّ
مِنهُمُ فِي إنفَاقِهِ أسخِياءُ
ثُمَّ شَحُّوا فِي وَاضِعِ الرُّكنِ مِنهُم
وَبِمِثلِهِ تَبخَلُ الأسرِيَاءُ
فأبَانَ حُكماً بِأن يَرفَعُوهُ
فِي كِسَاءٍ وَتَمَّ مِنهُ البِنَاءُ
رَاجِحُ الذِّهنِ قَد تَدَرَّبَ للوَحيِ
بِرُؤياً تَجِيءُ وَهيَ ذُكَاءُ
بَينَمَا هُوَ يَعبُدُ اللهَ فِي غا
رِ حِرَاءٍ إِذ جاءَهُ الإِيحَاءُ
مضجمَعٌ لِلعُلُومِ مَظهَرُ أسرَا
رِ غُيُوبٍ عَنَت لَهُ اللُّطَفاءُ
حَلَّتِ النُّطقَ والمَسَامِعَ والقَلبَ
وَصَبراً آياتُهُ المَزَّاءُ
فدَعاهُم سِراً بِهِ لِرَشادٍ
واستَجابَت لما دَعا رُشدَاءُ
وأتَاهُ مِن بَعدِ ذَا اصدَع بِأمرٍ
فَتَصَدَّعَت مِنهُمُ الأحشاءُ
سَبَّ أوثَانَهُم فَطارَت قُلوبٌ
بِنَكِيرٍ وَثَارَتِ الشَّحناءُ
فَاحتَمى مِنهُم بِرُكنٍ شَدِيدٍ
مِن أبِي طَالِبٍ لَهُ إِيوَاءُ
ظَلَمُوا المُؤمنِينَ مُستَضعَفِيهِم
وَبِرَبٍّ حَلاَ لَهُم إِيذَاءُ
ثُمَّ سَارُوا إِلَى النَّجَاشِيِّ صَارُوا
فِي حِمَى كُلَيبٍ بِهِ لَم يُسَاؤُا
وَمَشَى جَسَّاسُ بِمَكرٍ وَلَكِن
لَم يَنَل خَيراً لاَ احتَظَى مَشَّاءُ
واهتَدَى الحَفصُ حَمزَةٌ وَأبُو حَفصٍ
فَأضحَى الهُدَى لَهُ إفشَاءُ
أجمَعَت قَتلَةَ الرَّسُولِ قُرَيشٌ
فَحَمَاهُ عِصَابَةٌ حُزَمَاءُ
فَجَلَت فِي صَحِيفَةٍ قَطعَهُم لاَ
غَيرَ إسلاَمِهِ إِلَيهَا رِفَاءُ
فَبقُوا مَحصُورِينَ فِيالشَّعبِ حَتَّى
جَهِدُوا وَمسَّتهُمُ البَأسَاءُ
قَامَ فِي نَقضِهَا رِجَالٌ ثَنَتهُم
رَحَمَاتٌ هُم أنجُمٌ عَوَّاءُ
فأشَارَ النَّبِيُّ أن مَا سِوَى اسمِ اللهِ
مَحوٌ لَم يَبقَ فِيهَا خَفَاءُ
وَجَدُوهَا كَمَا أشَارَ وَهَل يَبقَى
مضعَ الحَقِّ بَاطِلٌ وَجُفَاءُ
وَغَداً كَاتِبُ القَطِيعَةِ مَقطُو
عاً بَغِيضاً لَهُ يَدٌ شَلاَّءُ
وَقَضَى عَمُّهُ وَزَوجَتُه فَاشتَدَّ
غَمٌ إذ مَاتَتِ الوُزَرَاءُ
لاحتِمَاءٍ أتَى ثَقِيفاً فَلَم تُشقَق
بِهِم نُصرَةٌ لَهُ وَاحتِظَاءُ
بَل أذَوهُ عَمُوا وَصَمُّوا كَثِيرٌ
مِنهُمُ سَبُّوا إنَّهُم سُفَهَاءُ
فَجَرى طَائِعاً لَهُ مَلَكٌ يَملِكُ
أمرَ الجِبَالِ فِيمَا يَشَاءُ
فَرَجَا أن يَكُونَ مِن صُليِهِم عَا
بِدُ رَبٍّ مَا خَابَ مِنهُ الرَّجَاءُ
وَعَفَا عَنهُم إن مَلَكتَ فَأسجِح
مِثلَ هَذَا فَليَحلمِ الحُلَمَاءُ
صَمَّتِ الإنسُ عَنهُ وَاستَمَعَت جِنّ
لِقُرآنٍ واستُجِيبَ الدُّعَاءُ
صَدَّتَ أحيَاءٌ عَنهُ واشتَاقَتَ اموَا
تُ إلَيهِ لَهَا بِهِ إحيَاءُ
أنبِياءٌ تَاقَت لِلُقيَاهُ لَمَّا
كَانَ مِنهُ لِرَبِّهِ إسرَاءُ
سَارَ لَيلاً وَالبَدرُ بِاللَّيلِ يَسرِي
وَهوَ وَقتٌ لِلوَصلِ فِيهِ انتِقَاءُ
فَجَأتهُ زِيارَةٌ دُونَ وَعدٍ
فَاستَزَادَت حُسناً وَزَانَ التِقَاءُ
حَضَرَتهُ الأملاَكُ يا خَيرَ الخَلقِ
إلَى الرَّبِّ جَلَّ مِنكَ ارتِقَاءُ
أنقَتِ القَلبِ مِنهُ ألقَت بِهِ
سِرّا وَطابَ الإنقَاءُ والإلقَاءُ
وَلَدَى إقبَالٍ لِحَضرَةِ مَلكٍ
وَزِيَارَتٍ تُستَجَدُّ النَّقَاءُ
وَأتَت بالبُرَاقِ يَركَبُهُ فَاهتَزَّ
سُكراً بِهِ وَحُقَّ ازدِهَاءُ
قَالَ جِبرِيلُ يَا بُرَاقُ تأدَّب
فَاعتَرَاهُ مِن فِعلِهِ استِحيَاءُ
أركَبتهُ وَأمسَكَت بِرِكَابٍ
وَعِنَانٍ وهَكَذَا الوُزَرَاءُ
ثُمَّ سَارَت بِهِ إلَى المَسجِدِ الأقصَى
فَصَلَّى والأسرِيَاءُ وَرَاءُ
وَأتَت بالمِعرَاجِ يَعرُجُ فِيهِ
لِطِبَاقٍ سَبعٍ بَدَا الإِرقَاءُ
وَتَلَقَّتهُ فِي السَّمَاوَاتِ بالتَّر
حِيبِ أملاَكُ القُدسِ وَالأنبِيَاءُ
سِدرَةُ المُنتَهَى تَغَشَّت بِحُسنٍ
إِذ أتَاهَا وَلَيسَ مِنهُ انتِهَاءُ
بَل أتَى المُستَوَى بِهِ سَمِعَ الأقلاَمَ
كَانَ مِنهُ عَلَيهِ استِوَاءُ
جَازَ مَا لَم يَجُز إلَيهِ سِوَاهُ
لَيسَ يَرضَى الجَوزَاءَ وَهيَ وِطَاءُ
زَجَّ فِي النُّورِ مُفرَداً خَارِقاً حُجبَ
جَمَالٍ لَهَا الجَلاَلُ غِطاءُ
ثُمَّ أدنَاهُ رَبُّهُ وَحَبَاهُ
بِهِبَاتٍ وَزَالَ عَنهُ الغِشَاءُ
نَالَ أسرَاراً لَم تُكَيَّف بِلُبٍّ
وَلِهَذَا قَد أبهِمَ الإِحيَاءُ
لَم تَزَل فِي أستَارِهَا بَاطِناتٍ
مَا جَلاَهَا نُطقٌ وَلاَ إِيمَاءُ
وَأطَالَ الرُّجُوعَ لِلَّهِ فِي الخَمسِينَ
عَادَت خَمساً وَدَامَ الجَزَاءُ
أظهَرَ البَعضَ حِينَ آبَ فَزَادَ القَومُ
بُغضاً وارتَدَّتِ الرُّذَلاَءُ
لَم يَجِد فِيهِمُ كَفِيلاً إِلَى أن
لَقِيَتهُ أنصَارُهُ الكُفَلاءُ
بَايَعَتهُ وَبَاعَتِ الرُّوح مِنهُ
طَابَ بَيعٌ لَهَا وَطَابَ الشَّرَاءُ
هَاجَرَ المصطَفَى إِلَيهِمُ لَمَّا
أن أحَاطَت لِقَتلِهِ حُرَسَاءُ
سَارَ عَنهُم وَقَد أدرَّ تُرَاباً
بِرُؤوُسٍ أودَت بِهَا رُؤَسَاءُ
وَعَلِيُّ كَانَ الفِداءَ بِنَومٍ
فِي فِرَاشٍ شِلواً عَلَيهِ الرِّدَاءُ
وَأبُو بَكرٍ سَارَ مَعهُ رَفِيقاً
وَشَفِيقاً تُنسَى بِهِ الرُّفَقَاءُ
دخَلَ الغَارَ قَبلَهُ وَاقِياً نَفسَ
حَبِيبٍ وَهَكَذَا الأصدِقَاءُ
لَسَعَتهُ حَيَّاتُ جُحرٍ بِرِجلٍ
سَدَّهُ نَفثُ المُصطَفَى استِشفَاءُ
عَمِيَت كُفَّارٌ قَفَتهُ فَوَلَّت
بِيَدٍ مِنهَا تُصفَعُ الأقفَاءُ
رَفرَفَت أملاَكٌ بِأجنِحَةٍ وَا
قِيَةٍ مِثلَمَا وَقَتهُ الرَّاءُ
رَاٌ ارخَت عَلَى فَمِ الغَارِ أكمَا
ماً أرَت مِثلَمَا أرَت عَنكَبَاءُ
عَنكَبَاءُ أبدَت مَطارِفَ نَسجٍ
فَحَمَت مِثلَمَا حَمَت وَرقَاءُ
وَضَعَت بَيضَهَا بِهِ امَّنَتهُ
وَلَهَا الأمنُ فِي الحَرَامِ كِفَاءُ
سَارَ عَنهُ فِي ذِمَّةِ اللهِ مَحفُو
ظاً بِهِ تُحدَى النَّاقَةُ الأدمَاءُ
رَافِلاً فِي أذيَالِ عِزَّةِ رَبٍّ
فَرَشَت خَدَّهَا لَهُ الجَوزَاءُ
حَلَّ فِي خَيمَةٍ لِعَاتِكَةٍ سَعدَ
سُعُودٍ فَدَرَّتِ العَجفَاءُ
مِن بَقَايَا وَضُوئِهِ أطعِمَت عَو
سَجَةٌ وَانجَلَت لَهَا أفيَاءُ
وَتَلاَهُ سُرَاقَةٌ بِهِ سَاخَت
سَابِحٌ لَم يُنقِدهُ إِلاَّ التِجَاءُ
أشبَهَت إِيوَاناً لِكِسرَى لِهَذَا
بِسَوَارِيهِ كَانَ مِنهُ اجتِلاَءُ
بَشَّرَت نَسمَةُ الصَّبَا بِصَبَاحٍ
مِن رَسُولٍ فاستَيقَظَت نُدَمَاءُ
أضرَمَت فِي جَوانِحِ الصَّحبِ نَارَ الشَّوقِ
والصَّبُّ يَعتَرِيهِ الصِّلاَءُ
وَأمَالَت جَوَارِحاً للإرتقَابٍ
وَارتِقَابُ الحَبِيبِ فِيهِ ارتِقَاءُ
طَلَعَت طَلعَةٌ لَهُ كَهِلاَلِ العِيدِ
ضَاءَت بِالنُّورِ مِنهُ قُبَاءُ
عِندَمَا حَلَّ طَيبَةً حَلَّ فِيهَا
طِيبُ عَيشٍ لَم تُعطَهُ صَنعَاءُ
زَالَ عَجمُ الشُّرُورِ عَنهَا فَعَادَت
لِسُرُورٍ وَدَامَتِ السَّرَّاءُ
وَبنَاتُ النَّجَّارِ قَد صَنَعَت مِنبَرَ
مَجدٍ لَم تَرقَهُ الخُطَبَاءُ
أنشَدَت فِي القُدُومِ نَحن جَوَارٍ
مِن بَنِي النَّجَّارِ الهَنَاءُ الهَنَاءُ
بِالجِوَارِ استَعلَت وَيَا حَبَّذَا
مُحَمَّدٌ مِن جَارٍ بِهِ استِعلاَءُ
أسَّسَ المَسجِدَ الشَّرِيفَ وآخَى
بَينَ صَحبٍ فَطَابَ مِنهُم إِخَاءُ
إنَّمَا هُم يَدٌ عَلَى مَن سِوَاهُم
ضَرَّرَ الكُفرُ بَينَهُم رُحمَاءُ
فِي أعَادٍ سَرَت سَرَايَاهُ مِنهُم
مِثلَمَا فِي عَادٍ سَرَت نَكبَاءُ
وَأتَاهُم مهَنَّدٌ مِن سُيُوفِ اللهِ
مَسلُولٌ لَم يَخُنهُ المَضَاءُ
يَومَ بَدرٍ كَأنَّهُ شَمسُ صَحوٍ
قَد أذِيبَت بِحَرِّهَا الأمعَاءُ
دُونَ وَعدٍ لِيَقضِيَ اللهُ أمراً
كَانَ مَفعُولاً لَم يُرَدَّ القَضَاءُ
حَصَبَتهُم يُمنَاهُ شَاهَت وُجُوهٌ
وَعَجِيبٌ مَا أبدَتِ الحَصبَاءُ
حَصَدتَهُم وَأورَقَت شَجَرُ مِن سُيُوفٍ
كَانَ مِنهَا عَلَى الرُّؤُوسِ عَلاَءُ
ظَلَّتَ أعنَأقُهُم لَهَا خَاضِعِينَ انتَثَرَت
مِنهُمُ بِهَا الكِبرِيَاءُ
قَاتَلَتهُم جُنُودُ رَبٍّ بِأرضٍ
وَسَمَاءٍ وَغَرَّتِ الجِبرِيَاءُ
فَهُم قَتلَى كُبكِبُوا فِي قَلِيبٍ
أو أسَارَى فِي قَيدِهَا ألقَاءُ
أو نَجِيٌّ بِالنَّفسِ مَنزُوقُ فِعلٍ
عَينُهُ بِالتِفَاتِهِ حَولاَءُ
مَا لإبلِيسِهِم عَلَى عَقِبِيهِ
نَاكِصٌ لَم يَبِن لَهُ إِبفَاءُ
خَانَ عَهداً إنَّ الخَبِيثَ لِمَن وَا
لاَهُ غَدَّارٌ مَا عَلَيهِ اتِّكَاءُ
لَبِسُوا جِلدَ النَّمرِ بَعدُ وَجَاءُوا
أحُداً هَيَّجَتهُمُ الهَيجَاءُ
نَفَخَت فِي الخَيشُومِ مِنهُم شَياطِينُهُمُ
أغضَبَتهُمُ الأرزَاءُ
خَرَجَ المُصطفَى إِلَيهِمُ فِي صَحبٍ
يَوَدُّونَ أنَّهُم شُهَدَاءُ
جَاشَت اسدٌ عَلَى ذِئَابِ الأعَادِي
فَأعِلَّت بِمَا أرَاقَت ظِبَاءُ
بَل بُزَاةٌ إِذَا تَحُومُ عَلَى وَكرِ
رُؤُوسٍ غَرَابُهُ أشلاَءُ
ثُمَّ صَبُّوا عَلَيهِمُحَملَةً حَسَّتهُمُ
وَاشتَدَّت بِهِم بَأسَاءُ
بِبُرُوقٍ مِنَ السُّيُوفِ إِذَا شِيمَت
وَلَكِن أمطَارُهُنَ دِمَاءُ
إذ أزِلَّ الرُّمَاةُ عَن مَركَزٍ لَمَّا
رَأت أنَّ الإغتِنَامَ اغتِنَاءُ
لَسَعَت شَوكَةُ الأعَادِي وَفِي ذَ
لِكَ لِلَّهِ حِكمَةٌ ورَبَاءُ
جُرِحَت وَجنَةُ النَّبِيِّ وَشُجَّت
جَبهَةٌ زَهرٌ زَالَ عَنهُ الغِشَاءُ
كُسِرَت سَنُّهُ فَيَا حُسنَ عِقدٍ
زَادَ بِالنَّقشِ حُسنُهُ وَالبَهَاءُ
خَانَ عَهداً بَنُو النَّضِيرِ فَأجلُوا
وَخَلاَءُ الأوطَانِ فِيهِ البَلاَءُ
فِي مُرَيسِيعٍ بَعضُ أعدَائِهِ
قَتلَى وَبَعضٌ غَنِيمَةٌ وَسِبَاءُ
وَأتَت أحزَابٌ تَخُبُّ لِحَربٍ
رَجَعُوا خَاسِئِينَ مِن حَيثُ جَاءُوا
دَهَمَتهُم مِنَ السَّمَاءِ جُنُودٌ
وَلِنَارِهِم أخمَدَت حَدرَاءُ
وكَفَى اللهُ المُؤمنِينَ قِتَالاً
بَعدَ أن زُلزِلُوا وكَانَ ابتِلاَءُ
سُنَّةُ اللهِ فِي الَّذِينَ خَلَوا مِن
قَبلُ سَرَّاءً تَعقُبُ الضَّرَّاءُ
إِذ قُرَيظَةُ سَنبَلَت بِاختِيانٍ
حُمُرٌ فِي كُفرٍ أضَلُّوا وَبَاءُوا
حَصَدَتهُم مَنَاجِلٌ مِن سُيُوفٍ
يَا وَبَالٌ سَرَى لَهُم وَوَبَاءُ
وَرَأى صُلحاً فِي حُدَيبِيَةٍ إذ
كَانَ فِيهِ لأمرِهِ إبدَاءُ
بَايَعَتهُ الأصحَابُ فِيهَا وَآبَت
وَعَلَيهَا مِنَ الجَلِيلِ رِضَاءُ
يَا لَهَا خِلعَةٌ لَقَد رَضِي اللهُ
عَنِ المُؤمِنينَفِيهَا الجَلاَءُ
خُصَّ عُثمَانُ حَيثُ بَايَعَ عَنهُ المُصطَفى
لِلخَواصِ خِصِّيصَاءُ
خَرِبَت خَيبَرٌ وَمَا مَعقَلٌ إِلا
وَألقَى مِفتَاحَهُ لاَ إبَاءُ
صَعبُهَا لَم يَصعُب وَمَا شَقَّ شَقٌّ
وَبَدَا فِيهَأ مِن عَلِيٌّ عَلاَءُ
جَاءَهُ مَرحَبٌ فَقَالَ لَهُ لاَ
مَرحَباً بالّذِي أتَاهُ القَضَاءُ
يَومَ فضحٍ قَد اشرَقَت وَجنَة مِن
مَكَّةٍ وافتَرَّت كُدًى وكَدَاءُ
إذ تَجَلَّى بَدرُ الدُّجُنَّةِ فِي هَا
لَةِ صَحبٍ ضاءت به الأرجَاءُ
وَلَو أنَّهُ لَيسَ خَالِصَ جُودٍ
طَحَنَت قُريشاُ لَه أرحَاءُ
إِذا أحَاطَت بِهِم جُيُوشٌ وَدَارَت
بِدِيارٍ ضَاقَت بِهَا الأنحَاءُ
بِسُيُوفٍ تُنِيرُ لَيلَ عَجَاجٍ
لِخُيُولٍ تَبدُو بِهَا خُيَلاَءُ
بَل رِياحٍ تُثِيرُ سُحباً صَهِيلٌ
رَعدُهُ قَدحٌ بَرقُهُ اللألاَءُ
وَغَذَا المُصطَفَى بِصَفحٍ جَمِيلٍ
أيُّ فَضلٍ خَبَّت بِهِ القَصوَاءُ
قالَ لِلقَومِ حِينَ أزعَجَهُم خَو
فُهُ سيرُوا فَأنتُمُ الطُّلَقَاءُ
عَجَباً لِلأوثَانِ كَيفَ بِنَخسٍ
كَانَ مِنهَا عَلَى الثَّرَى إلقَاءُ
بِحُنَينٍ عَلَى هَوَازِنَ كَانَت
آخِرَ الأمرِ وَقعَةٌ قَرعَاءُ
إذ حُمُوا وَاحمَرَّ الوَطِيسُ وَوَلَّت
عَن رَسُولٍ كَتِيبَةٌ خَضرَاءُ
هَزَمَتهُم يَدُ الرَّسُولِ وكَم تَهزِمُ
زُرقاً تِلكَ اليَدُ البَيضَاءُ
أثخَنَتهُم حُمرُ العَمَائِمِ أملاَ
كُ سَمَاءٍ سَرَت بِهَا الغَبرَاءُ
جَبَرَ اللهُ الصَّدعَ مِن بَعدِ كَسرِ القَلبِ
والجَبرُ بَعدَ كَسرٍ يُجَاءُ
ثُمَّ جَاءُوا بَعدَ اقتِسامِ غَنِيما
تِهِمُ مُسلِمِينَ لِلَّهِ فَاءُوا
رَاغِبِينَ والعَفوُ عِندَ رَسُولِ اللهِ
مأمُولٌ لَم يُخَيَّب رَجَاءُ
فِي تَبُوكٍ تَبَدَّتَ آيٌ وَبَانَت
قَاصِعَاءُ النِّفَاقِ والنَّافِقَاءُ
وَلَدَى أوبَةٍ لِطَيبَةَ هَبَّت
لِتَلَقٍّ وِلدَانُهَا والنِّسَاءُ
أنشَدَت ذَاتَ بَهجَةٍ طَلَعَ البَد
رُ عَلَينَا لَهُ سَنًى وسَنَاءُ
وَانثَنَت ذَاتَ بَهجَةٍ مِن ثَنِيَّا
تِ الوَدَاعِ تَقُولُ طَابَ اللِّقَاءُ
اسبَغَ اللهُ نِعمَةً وَجَبَ الشُّكرُ
عَلَينَا وَحَقَّ مِنَّا الثَّنَاءُ
وعَلَيكَ مِن رَبِّنَا ما دَعَا لِلَّهِ
دَاعٍ صَلاَتُهُ السَّحَّاءُ
قَد أتَيناكَ رَغبَةً أيُّهَا المَبعُوثُ
فِينَا وَحَقَّتِ الرَّغباءُ
نَحَنُ سَمعٌ وطَاعَةٌ جِئتَ بالأمرِ
المُطَاعِ فَمَا بِنَا استِعصَاءُ
استَمالَ القُلُوبض حُبًّا ودَاعي الحُبِّ
فِي المُصطَفَى لَهُ استِيفَاءُ
أحسَنُ النَّاسِ خَلقاً أحسَنُهُم خُلقاً
وعَنهُ استَفَاضَتِ النَّعمَاءُ
طَبقَاتٌ لِلحُسنِ فِيهِ تَسامَت
وَبَهَاءٌ لَهُ البَهاءُ وِقاءُ
ولَوَ أنَّ الأحدَاقَ مِن كُلِّ شَيءٍ
أحدَقَت بِهِ لَم يَكُ استقِصاءُ
لَيِّنُ العَطفِ فيهِ هامَت غُصونٌ
فتَبَدَّى مِنها عَلَيهِ انثِناءُ
رَبعَةٌ غَيرَ أنَّهُ لَم تُقَارِنهُ
طشوالٌ إلاّ وَهُم قُصَرَاءُ
ومِنِ اكرامِهِ عَلَى رَبِّهِ أنَّهُ
لَم تَستَبِن لَهُ أفياءُ
هُوَ نُورُ الأنوارِ مَملُوءٌ انوا
راً فَمِن أينَ لِلظَّلاَمِ انتِهَاءُ
أزهَرُ اللَّونِ صِيغَ مِن ذَوبِ دُرٍّ
مَازَجَتهُ يَاقُوتَةٌ حَمرَاءُ
بَل نَسيجُ مِن وَردِ جُورَ وَنِسرِينِ
نَصِيبِينَ لُحمَةٌ وسَدَاءُ
رَشحُهُ العِطرُ كَانَ مِن عَرَقٍ
يَعصِرُهُ لِلمُطَيِّبِ استِغنَاءُ
أغيَدٌ لَكِن ذُو مُماسَكَةٍ قَد
عَدِمَتهَا الهَيفاءُ والغَيدَاءُ
وَلَدَى فَرقِهِ تَبَيَّنض فَجرٌ
بِهِ تُبدِيهِ اللَّيلَةُ الدَّأدَاءُ
وَجهُهُ شَمسُ الحُسنِ أوقِفَتِ
الشَّمسُ لَهُ وَرُدَّت فَطالَ مَساءُ
ولَهُ قَوسُ حاجِبٍ جلَّ عَن رَهنٍ
بِبَدرِ الجَبِينِ مِنهُ اجتِلاءُ
شُقَّ مِنهُ بَدرٌ يَحُلُّ بِقَوسٍ
لِهِلاَلَينِ كَي يَكُونَ استِوَاءُ
أهدَبُ الشَّفرِ أشكَلُ الطَّرفِ أحوَى
إِثمِدُ الرَّاءِي عَينُهُ الكَحلاَءُ
أشبَهَتهُ الغِزلانُ فِي بَعضِ مَعنًى
وَبِهِ كَانَ لِلغَزَالِ احتِمَاءُ
أنفُهُ أقنَى يَعتَلِيهِ ضِيَاءٌ
بُهتَت فِي جَمالِهِ الأوضِيَاءُ
كَادَ يَحكِي أسِيلَ خَدِّهِ وَردٌ
فِي قَضِيبٍ لَو طَالَ مِنهُ البَقَاءُ
وَلَوِ الزَّهرُ فِي الأفانِينِ مُبدِي
شَنَبٍ كَانَ للثَّنَايَا كَفاءُ
لِثَنَايَا ثَغرٍ تَتِينُ عَلَى الجُد
رَانِ مِنهُ بَرقٌ لَهُ أضوَاءُ
لَهُ قَد ذُلِّلَت نُجُومٌ نوَشدَّت
لاختِدَامٍ نِطاقَهَا الجَوزَاءُ
جِيدُهُ إبرِيقُ اللُّجَينِ طِلاَهُ
ذَهَبٌ لم تَظفَر بِهِ جَيدَاءُ
يَدُهُ مِثلُ الخَزِّ لِيناً ومِثلُ المِسكِ
رِيحاً وَلَمسُهَا استِشفَاءُ
صَدرُهُ قِرطَاسٌ بِهِ سَطرُ مِسكٍ
قَرَأتهُ بِلَحظِهَا القُرَّاءُ
أخمِصُ الرِّجلِ قَد تَماسَكَ رَملٌ
وَطِئَتهُ وَلانَتِ الصَّفوَاءُ
مُنتَقىً عَينُهُ فُرَارُهُ لاَحَت
كالضُّحَى مِنهُ شِيمَةٌ شَمَّاءُ
أرجَحُ النَّاسِ عَقلاً أنجَحَهُم عِلماً
وَمِن فَيضِهِ ارتَوَى العُلَمَاءُ
كاشِفٌ لِلنِّقابِ عَن لَدُنِيَّا
تِ عُلُومٍ لَم تَدرِهَا الأذكِياءُ
أفصَحُ النَّاسِ نُطقاً أبلَغُهُم فِي
كَلِمَاتٍ عَنَت لَهَا الفُصَحَاءُ
هِيَ فَصلُ الخِطَابِ يَشفِي يَشفِي غَلِيلاً
مَا شَفَتهُ بِرِيقِهَا لَميَاءُ
مُستَثِيرٌ أصحابَهُ بَاذِراً فِيهِمُ
حُبّاً وَالسُّنبُلاَتُ اقتِفاءُ
جاذِبٌ للقَلبِ الحَدِيدِ بِمِغنا
طِيسِ طَبعٍ تُنسَى بِهِ الأقرِباءُ
صَفحَةُ الوَجهِ مِنهُ فِيهَا اصفَحِ الصَّفحَ
الجَمِيلَ مَكتُوبَةٌ لاَ انمِحاءُ
سَالِكٌ في مَناهِجٍ وَسَطاً فِي السِّلمِ
ظِلٌّ وَفِي الوَغَى رَمضاءُ
إنَّمَا يُوضَعُ الهَنا مَوضِعَ النُّق
بِ وَحَيثُ يُرجَى بِوَضعٍ شِفاءُ
مُظهِرٌ بِشراً بِالمُحَيَّا وَقَد يُب
دِي مِزاحاً طَابَت بِهِ الخُلَصاءُ
فِي وقَارٍ وَفِي حَياءٍ شَدِيدٍ
ما اكتَسَتهُ فِي خشدرها عَذراءُ
وإِذَا الحَربُ أسفَرَت عَن عَبُوسِ الوَجهِ
فَهوَ الضَّحَّاكُ وَالأتَّاءُ
باسِمٌ في وَجهِ العُفاةِ مُنِيلٌ
عَن عَطائِهِ قَد رَوَت أسماءُ
وإِذَا أقلَعَت وَبَانَ لَهَا كَفٌّ
رَوَى الخَلقَ كَفُّهُ المِعطاءُ
أجمَلَ اللهُ خُلقَهُ ولِهَذَا
أحجَمَت عَن تَفصِيلِهِ البُلغاءُ
كُلُّ سَامٍ مِنَ المَقاماتِ يَسمُو
لَهُ فِيهِ مَكانَةٌ قَعسَاءُ
مَنُّهُ وَافِرٌ وقَد دامَ قَطفٌ
لِجَنَاهُ وَلًم يَسُمهُ انقِضاءُ
مُسفِرٌ عَن أثمارِ أفنانِ هَديٍ
هَصَرَتها الأنامِلُ الرَّخصَاءُ
وأتَتهُ مِن كُلِّ فَجٍّ وُفُودُ السُّودِ
والحُمرِ كُلُّهُم حُنَفاءُ
فَرَأى النَّاسَ يَدخُلُونَ بِدِينِ اللهِ
افواجاً واستَوَت عَوجاءُ
قَد أقِيمَت بِالمَاضِيَينِ لَهُ سَي
فٍ وحُجَّاتٍ مَا بِهَا حَوجاءُ
تَمّ قَصدٌ مِن بَعثِهِ فَدَعَاهُ
رَبُّهُ لِلَّذِي لَهُ استِبقاءُ
وسَجَى ظَاهِرُ البَسِيطةِ لمّا
صارَ فِي باطِنٍ بِهِ يُستَضاءُ
طابَ حَيّاً وَمَيِّتاً فَهوَ في غَيبٍ
وَفِي شاهِدٍ بِهِ الإِحياءُ
هُوَ رُوحٌ وَسائِرُ الكَونِ جِسمٌ
مَا لِجِسمٍ بِدُونِ رُوحٍ بَهاءُ
وَحَياةٌ لِلعالَمِينَ تَسَامَت
وَبِهَا أحياءُ الوَرَى أحياءُ
مَفزَعُ الكُلِّ يَومَ حَشرٍ وَنَشرٍ
إن أحاطَت مَلاَئِكٌ أقوِياءُ
مَلجَأ العاصِي إنِ تَطايَرَتِ الصُّحفُ
وَفِيهَا ما كانَ مِنهُ وَفاءُ
وتُرِيهِ ما خَالَهُ حَسَناتٍ
حَسراتٍ ما مِثلُها شَوهاءُ
كُلَّمَا ألَمَّت أمُورٌ أغَمَّت
نُودِيَ المُصطَفَى فَبانَ انجِلاءُ
بِكَ أحظَى رَسُولَ رَبِّي وَأحبى
بِسَنى تَنجَلِي بِهِ الظَّلمَاءُ
وبِنَفسِي إلَيكَ أعظَمُ حاجا
تٍ وَعَن ذِكرِهَا كَفَانِي الثَّنَاءُ
أعجَزَ اللُّسنَ بَعضُ بَعضِ مَعانِي
كَ وَمِن أينَ لِلحَصَى الإِحصاءُ
صَلَواتٌ عَلَيكَ ما وَدَّ سَمعٌ
انَّ خَتمَ المَدِيحِ فِيكَ ابتِداءُ
وَتَحِيَّاتٌ فائِحٌ نَشرُهَا مَا
أيقَظَت زَهرَ رَبوَةٍ زَهراءُ
حمدون بن الحاج السلمي
بواسطة: ملآذ الزايري
التعديل بواسطة: ملآذ الزايري
الإضافة: الثلاثاء 2012/10/16 12:15:30 صباحاً
إعجاب
مفضلة

أضف تعليق

يجب تسجيل الدخول أو الاشتراك أو تفعيل الحساب اذا كنت مشترك لإضافة التعليق


أعلى القصائد مشاهدة للشاعر
أعلى القصائد مشاهدة خلال 24 ساعة الماضية
انتظر معالجة القصيدة ...
جميع الحقوق محفوظة لبوابة الشعراء .. حمد الحجري © 2005 - برمجة وتصميم
info@poetsgate.com