لَقِيتُها لَيْتَنِي مَا كُنْتُ أَلْقَاهَا | |
|
| تَمْشِي وَقَدْ أَثْقَلَ الإمْلاقُ مَمْشَاهَا |
|
أَثْوَابُهَا رَثَّةٌ والرِّجْلُ حَافِيَةٌ | |
|
| وَالدَّمْعُ تَذْرِفُهُ في الخَدِّ عَيْنَاهَا |
|
بَكَتْ مِنَ الفَقْرِ فَاحْمَرَّتْ مَدَامِعُهَا | |
|
| وَاصْفَرَّ كَالوَرْسِ مِنْ جُوعٍ مُحَيَّاهَا |
|
مَاتَ الذي كَانَ يَحْمِيهَا وَيُسْعِدُهَا | |
|
| فَالدَّهْرُ مِنْ بَعْدِهِ بِالفَقْرِ أَشْقَاهَا |
|
المَوْتُ أَفْجَعَهَا وَالفَقْرُ أَوْجَعَهَا | |
|
| وَالهَمُّ أَنْحَلَهَا وَالغَمُّ أَضْنَاهَا |
|
فَمَنْظَرُ الحُزْنِ مَشْهُودٌ بِمَنْظَرِهَا | |
|
| وَالبُؤْسُ مَرْآهُ مَقْرُونٌ بِمَرْآهَا |
|
كَرُّ الجَدِيدَيْنِ قَدْ أَبْلَى عَبَاءَتَهَا | |
|
| فَانْشَقَّ أَسْفَلُهَا وَانْشَقَّ أَعْلاَهَا |
|
وَمَزَّقَ الدَّهْرُ، وَيْلَ الدَّهْرِ، مِئْزَرَهَا | |
|
| حَتَّى بَدَا مِنْ شُقُوقِ الثَّوْبِ جَنْبَاهَا |
|
تَمْشِي بِأَطْمَارِهَا وَالبَرْدُ يَلْسَعُهَا | |
|
| كَأَنَّهُ عَقْرَبٌ شَالَتْ زُبَانَاهَا |
|
حَتَّى غَدَا جِسْمُهَا بِالبَرْدِ مُرْتَجِفَاً | |
|
| كَالغُصْنِ في الرِّيحِ وَاصْطَكَّتْ ثَنَايَاهَا |
|
تَمْشِي وَتَحْمِلُ بِاليُسْرَى وَلِيدَتَهَا | |
|
| حَمْلاً عَلَى الصَّدْرِ مَدْعُومَاً بِيُمْنَاهَا |
|
قَدْ قَمَّطَتْهَا بِأَهْدَامٍ مُمَزَّقَةٍ | |
|
| في العَيْنِ مَنْشَرُهَا سَمْجٌ وَمَطْوَاهَا |
|
مَا أَنْسَ لا أنْسَ أَنِّي كُنْتُ أَسْمَعُهَا | |
|
| تَشْكُو إِلَى رَبِّهَا أوْصَابَ دُنْيَاهَا |
|
تَقُولُ يَا رَبِّ، لا تَتْرُكْ بِلاَ لَبَنٍ | |
|
| هَذِي الرَّضِيعَةَ وَارْحَمْنِي وَإيَاهَا |
|
مَا تَصْنَعُ الأُمُّ في تَرْبِيبِ طِفْلَتِهَا | |
|
| إِنْ مَسَّهَا الضُّرُّ حَتَّى جَفَّ ثَدْيَاهَا |
|
يَا رَبِّ مَا حِيلَتِي فِيهَا وَقَدْ ذَبُلَتْ | |
|
| كَزَهْرَةِ الرَّوْضِ فَقْدُ الغَيْثِ أَظْمَاهَا |
|
مَا بَالُهَا وَهْيَ طُولَ اللَّيْلِ بَاكِيَةٌ | |
|
| وَالأُمُّ سَاهِرَةٌ تَبْكِي لِمَبْكَاهَا |
|
يَكَادُ يَنْقَدُّ قَلْبِي حِينَ أَنْظُرُهَا | |
|
| تَبْكِي وَتَفْتَحُ لِي مِنْ جُوعِهَا فَاهَا |
|
وَيْلُمِّهَا طِفْلَةً بَاتَتْ مُرَوَّعَةً | |
|
| وَبِتُّ مِنْ حَوْلِهَا في اللَّيْلِ أَرْعَاهَا |
|
تَبْكِي لِتَشْكُوَ مِنْ دَاءٍ أَلَمَّ بِهَا | |
|
| وَلَسْتُ أَفْهَمُ مِنْهَا كُنْهَ شَكْوَاهَا |
|
قَدْ فَاتَهَا النُّطْقُ كَالعَجْمَاءِ، أَرْحَمُهَا | |
|
| وَلَسْتُ أَعْلَمُ أَيَّ السُّقْمِ آذَاهَا |
|