ممنَّعُ عهدٍ لم يَضِع عِندَهُ عهدُ | |
|
| لأَمنَعِ وِدٍ لا يُهانُ بهِ وِدُّ |
|
بَعُدتُ ولم تَبعُد علي مَحَبَّةٌ | |
|
| لِرَبِّ إِخاءٍ لا يغيِّرهُ البُعدُ |
|
وما انا ممن يخلف الوعد خيمه | |
|
| فما مخلف بالوعد إلا الفتى الوغد |
|
تُطِّلُني بالقُرب وَهيَ تَعِلَّةٌ | |
|
| فهل نَهلةٌ لي منك يا أيُّها الوِردُ |
|
كأنكَ أمسٌ أو سِهامٌ أو القَضا | |
|
| تَمُرُّ بإِسراعٍ وليسَ لها رَدُّ |
|
سدَدتُمُ دوني بابَ وصلكمُ فهل | |
|
| لإِسكندرِ القرنينِ ما بيننا سُدُّ |
|
وما كلُّ ذي هجرٍ يؤَلِّمُ هجرُهُ | |
|
| ولا كلُّ معشوقٍ يَلَذُّ بهِ الوجدُ |
|
من الوصلِ ما يُستعذَبُ الهجرُ دُونَهُ | |
|
| ويَعذُبُ أما غاضَ وِردُ الوَفا الصَدُّ |
|
يُسهِّدُني ذِكرُ الليالي التي مضت | |
|
| سَهدتُ ولكن حَبَّذا ذلكَ السُهدُ |
|
فجَفنُ عُيوني لا يُلِمُّ غِرارُهُ | |
|
| وأَنَّي كَرَى عينٍ على حدها حدُّ |
|
تملَّكتَ كُلِّي بالصنيعِ وإِنَّني | |
|
| لديكَ فُؤادي والحُشاشةُ والكِبدُ |
|
فهَبكَ حُساماً والديارةُ غِمدهُ | |
|
| فهلَّا لسيفٍ أَن يُباعِدَهُ الغِمد |
|
سقتكِ الغوادي يا معاهدَ معهدي | |
|
| ويا عهدَنا باللَه باكَرَكَ العهد |
|
رَعَى اللَه ديراً أنتَ فيهِ ولا تَزَل | |
|
| عليهِ ظِلالٌ بالنعائِم تمتدُّ |
|
وأحيىَ الحيا أَحياءَهُ ورُبوعَهُ | |
|
| وحيَّى مغانيهِ الملائكُ والوَفدُ |
|
فواللَهِ إِنّي لستُ أَجحَدُ حُبَّهُ | |
|
| فشرُّ الوَرَى مَن كانَ شِيمتَهُ الجحدُ |
|
فان أَنسَ ذاك الحُبَّ والوُدَّ تَنسَني | |
|
| يميني ويُخبَن ثم يُخبَر بها الزَندُ |
|
تَلَذُّ ليَ الأشواقُ فيهِ كأَنَّها | |
|
| حَلاوةُ قندٍ أو خلائقهُ الشهدُ |
|
أثيرٌ خطيرٌ حازمٌ مُتَهذِّبٌ | |
|
| أثيلٌ فضيلٌ جِهبِذٌ ما لهُ نِدُّ |
|
وأبلغُ من أَملَي وأفصحُ من رَوَى | |
|
| وأبهى الوَرَى خُلقاً وخَلقاً إذا عُدُّوا |
|
صنائعهُ النُعمَى وأقوالهُ الهُدَى | |
|
| وأفعالُهُ الحُسنَى وسِيماؤُهُ الرُشدُ |
|
وأثوابُهُ التقوى وبُردتُهُ الحِجَى | |
|
| ومَوطِنُهُ العُليا وحِليتُهُ الرِفدُ |
|
مَخايلُهُ روضٌ وأَخلاقُهُ الصبا | |
|
| ونَفحتُهُ زَهرٌ ونَكهتُهُ الرَندُ |
|
فكلٌّ من الصَلصالِ اصلاً وطِينةً | |
|
| ولكنَّ ذا من أصلهِ المِسكُ والنَدُّ |
|
سليلُ كرامٍ قد حَيي فيهِ ذِكرُهم | |
|
| كأَن لم تَمُت أَسلافُهُ الأَبُ والجَدُّ |
|
إذا فاهَ خِلتَ اللؤلؤَ الرَطبَ مَلفِظاً | |
|
| وكم منهُ في جِيدِ النفوسِ لهُ عِقدُ |
|
غَنائي وذُخري واعتِمادي وسيِّدي | |
|
| ومَن لي بهِ مولىً واني لهُ عبدُ |
|
فمني اليهِ المدحُ والسُحبُ تستقي | |
|
| من البحرِ ماءً وهو للبحرِ يرتدُّ |
|
فتىً كادَ من تهذيبهِ كلُّ جامحٍ | |
|
| مع الشاءِ يألفنَ الأساودُ والأُسدُ |
|
يُخلِّصُ بينَ الماءِ والراحِ رأيُهُ | |
|
| ويألَفُ ضِدّاً من سكينتهِ الضَدُّ |
|
بسيطٌ وأَعراضُ الفضائِلِ قائِمٌ | |
|
| بها شخصُهُ القُدسي وجوهرُهُ الفردُ |
|
وَداعةُ موسَى قد ثوت في جَنانِهِ | |
|
| وغَيرةُ ايليَّا يلينُ ويشتدُّ |
|
فيخضلُّ من ترغيبهِ العودُ يابساً | |
|
| وتَيبَسُ من ترهيبهِ القُضُبُ المُلدُ |
|
تلينُ لهُ في وعظهِ وخِطابهِ | |
|
| قلوبُ الورى لو أَنَّها الحَجَرُ الصَلدُ |
|
ويَهجُرُ جمعَ المال سامعُ وعظِهِ | |
|
| ولو أَنَّهُ فيما تكلِّفُهُ الخُلدُ |
|
فكم طامعٍ بالعيش اصبحَ ناسكاً | |
|
| لِأَن عادَ سِيماهُ الزَهادةُ والزُهدُ |
|
إذا قام يوماً خاطباً تُبصِرُ الوَرَى | |
|
| لفرطِ تَباكيهِم لهم مُقَلٌ رُمدُ |
|
تَسُحُّ الدِما لا الدمعَ حتى تَخالُهم | |
|
| كأَنَّ شُؤُوناً منهمُ غالَها الفَصدُ |
|
يُدَكدِكُ طُورَ الإِثم من كل صَعقةٍ | |
|
| بأَغوارِ أَنجادِ القلوبِ لها رَعدُ |
|
تكادُ تُضِيءُ النارُ من نَفَثاتِهِ | |
|
| ويلمعُ جهراً من جوانحِهِ الوَقدُ |
|
ويُضرِمُ من عزم الحَرارةِ أَنفُساً | |
|
| ويَقدَحُ ناراً ليسَ يَقدَحُها الزَندُ |
|
كانَّ بهِ موسى بسينا وشعبُهُ | |
|
| هَلُوعٌ وقد وافاهُ من ربِّه العهدُ |
|
لهُ زَأَراتٌ تبايعوهنَّ أَجمَعَت | |
|
| فرائصهم في المِنبَرِ الاسدُ الوَردُ |
|
فهل إِن بُوقاتِ القيامةِ شُرَّعٌ | |
|
| وهل تلكمُ الاشباحُ أَخرَجَها اللحدُ |
|
فان كان مجدُ اللَهِ يَسلُبُهُ الوَرَى | |
|
| بإِثمٍ بهِ للَهِ قد يُوجَبُ المجدُ |
|
أَصُورةَ بِرِّ اللَهِ في الناسِ حيَّةً | |
|
| فريدةَ حسنٍ ليسَ قبلٌ ولا بعدُ |
|
ومرآةَ عدلِ اللَه من دونِ شُبهةٍ | |
|
| لك المجدُ بعدَ اللَهِ والشُكرُ والحمدُ |
|
شأَوتَ الوَرَى فضلاً فمالكَ سابقٌ | |
|
| ولا لاحقٌ لو ظَلَّ طولَ المَدَى يعدو |
|
وليسَ لَمِا أدركتَ في الدهرِ مُدرِكٌ | |
|
| ولو جَهَدَ الساعي وأَجهَدَهُ الجَهدُ |
|
فهذا هُوَ القِدحُ المُعلَّى وانَّهُ | |
|
| لكلِّ سِهامٍ عن إِصابتهِ صَردُ |
|
واسبق في الغاياتِ كُلّاً لِأَن غدا | |
|
| يُقصِّرُ عن إِدراكهِ الفَرَسُ النَهدُ |
|
سميُّ بشيرِ البِكرِ مريمَ والتي | |
|
| بها انجابَ ليلٌ بالضلالةِ مسودُّ |
|
بتولٌ وأُمٌّ حيَّرَ الفَهمَ امرُها | |
|
| أَبَى اللَه ان يَحوِي فضائلَها حدُّ |
|
أَبَت ان تَرُدَّ السائليها لأنها | |
|
| لها مُزنُ جُودٍ ما لسائلهِ ردُّ |
|
هيَ الحُسُنُ الموموقُ من كل مُتَّقٍ | |
|
| فما هندُ ما بينَ الانامِ وما دعدُ |
|
نِعِمَّا سُعودي حُبُّها وسَعادتي | |
|
| ولاحظَّ لي من دونهِ لا ولا سعدُ |
|
حِماها غدا للمستجيرِ حِمايةً | |
|
| ولا غورَ يَحميهِ سِواها ولا نجدُ |
|
عليها سلامُ اللَه ما غرَّدَت ضُحىً | |
|
| حَمامةُ روضٍ فوقَ أَدواحِهِ تشدو |
|
وسارت مَطِيُّ العِيسِ سارعةً إلى | |
|
| حِماها بمدحٍ ظلَّ سائقُها يحدو |
|