عناوين ونصوص القصائد   أسماء الشعراء 
شعراء العصر العثماني > غير مصنف > فتح الله القادري الموصلي > أَحمدُ رَبّي خالِقي مُعيني

غير مصنف

مشاهدة
890

إعجاب
0

تعليق
0

مفضل
0

الأبيات
0
إغلاق

ملحوظات عن القصيدة:
بريدك الإلكتروني - غير إلزامي - حتى نتمكن من الرد عليك

إرسال
انتظر إرسال البلاغ...

أَحمدُ رَبّي خالِقي مُعيني

أَحمدُ رَبّي خالِقي مُعيني
في كُلّ وَقت بَل وَكُلّ حينِ
وَالشُكر في كُلّ أَوان وَنَفس
صُبحاً مَساء وَعشاء وَغَلس
أُثني عَلَيه لِزوال النِّقمه
إِذ بَدّل العُسر بِيُسر النِعمه
ثُمَّ صَلاة اللَهِ تَغشى أَحمدا
محمد الهادي النَبِيِّ الأَوحَدا
فَإِنَّهُ زبدَةُ خَلقِ اللَهِ
وَإِنَّهُ درّة كَون اللَهِ
ثُمَّ عَلى الشَيخَين مِن بَعدِهِما
أَفضَلُ صِهرَين نعم هما هما
ثُمَّ عَلى الستّة الباقِيَة
وَالآل أَيضاً هكَذا وَالعترة
وَبعد فَاِسمَع يا أَخي مَقالَنا
ثُمَّ اِعتَبِر صاح بِما جَرى لَنا
فَبينَما الناسُ بِأَهنا الوَقتِ
وَغافِلين عَن حُلول المَقتِ
لِكَونِهِم قَد رحموا بِالمَطر
وَزادوا أَفراحاً بِنَيل الوَطَر
إِذ صاحَ في النّاسِ رَسول صادِق
لِعقله مِن خَوفِهِ مفارقُ
رَسولُ طهمازَ أَتى بَغدادا
وَضَجر العالَم والعِبادا
وَقالَ إِنّي سائِر لِلدَولَة
أخبرهُم بِالحال وَالقضيّة
فَمُذ تَرى سَمعنا هَذا القال
زادَ بِنا الوسواس وَالبلبالُ
وَطاشَتِ الذُّكور وَالإِناث
وَاِختَلَفَت في العالَم الأبحاثُ
فَمِنهُم مصدّق المَقالِ
وَمِنهم يوري بِالمحالِ
فَبينَما نَحنُ بِهذا الشَانِ
ألا وَقَد جاءَ رَسول ثاني
فأَكّد القِصَّة بِالأَقوالِ
وَزادَ أَشياء بِلا سُؤالِ
وَقالَ يَأتي نَحو شهرَزور
بِفِعلِهِ الضال وَقَول الزورِ
مِن بَعدها يَأتي إِلى الحَدباءِ
يَبغي إِمام الجَيش في الشَهباءِ
وَثمَّ يَمضي نَحو دارِ السَلطَنَه
في قَولِهِ الإفك وَسوء الملعَنَه
لمّا تَحقَّقنا بِهذا الخَبَر
فَكَم تَرى مِن بَطل في فِكر
إِن تَنظُر الناس تَرى سكارى
بِغَير خَمر وَهم حَيارى
وَإِذا أَرادَ اللَهُ صَونَ النّاس
مِن كَيدِ ذي الرَفض شَديدِ البَأسِ
وَلّى عَلَينا آصفَ الزَّمانِ
وَرستم الأَيّام وَالأَوانِ
واسِطَة في جيد هذا الدَهرِ
حُسين آراء شَديد القَهرِ
فَنادى في الناسِ هلمّوا وَاِقبَلوا
إِن تَسمَعوا قَولي وإلا فَاِهملوا
فَاِجتَمَع النّاسُ بِدارِ الحُكم
بَل شَمل الكُلّ عَظيمُ السّقمِ
وَقالَ يا ناسُ فَما التَدبيرُ
ما الفِعل ما القَول وَما التَقريرُ
فَالسور مِن بَلدَتِكُم مَدثورُ
وَخَندق مِن قدَمٍ مَهجورُ
وَآلَة الحَصرِ نعَم مَعدومَه
وَهذِهِ عِندَكُم مَعلومَه
فَاِستَمِعوا نُصحي وَما أُخبركُم
لَعلّ جبّار السّما يُجيركُم
فَأَذعَن النّاسُ إِلى مَقالهِ
وَطَأطَأوا الرَأس إِلى فِعالهِ
فَلتَخرج الخواص وَالعَوام
كَذا خَطيب وَكَذا إِمامُ
نَحفر خَندَقاً وَنَبني سورا
وَنَحفَظ العِيال ثُمَّ الدورا
أَجابَتِ الناسُ لِهذا القَول
مِن غَيرِ إِهمال وَغير عَولِ
بَل خَرج الناسُ عَلى الإِطلاقِ
مِن عالَم بَل عَلوي راقي
وَدقَّت الطُّبول وَالبوقات
وَدقَّت الأسحار وَالأَوقاتُ
وَاِختَلَف الناي كَذا المِزمار
وَحضر العَبيد وَالأَحرارُ
وَكَم تَرانا في ظَلام اللَيلِ
نَرفَعُ زَنبيلاً كَهَطل السَيلِ
وَيُسمَع الصِّياحُ وَالضَجيجُ
كَأَنَّما في مَكَّة حَجيجُ
وَصَوتُ مِعول وَضَرب المر
بعد أَنفاس عَلى المَمَر
وَغلق الحانوت وَالأسواق
وَزادَ خَوف وَكَذا إِشفاق
هَذا وَأَهل اللبنِ كَم نَراهُم
بِالطين في البَردِ وَفي قراهم
نَعم وَوالينا رَفيعُ الشّيم
ذو الهمَّةِ العُليا كثَير الكَرَمِ
باشَر ذا الأَمرَ نَعم بِنَفسِه
آنسَه اللَّهُ بِحُسن أُنسِهِ
قَبل كَمال خَندَق وَسور
عاد إِلَينا صادِق بِالزورِ
وَقالَ بشراكُم فَعَن قَريب
يَأتي لِواء صاحِب القَضيبِ
لِواء خَيرِ الخَلق طهَ المُصطَفى
وَصاحِب الدَولَة ذات الشّرفا
فَبَعض ناسٍ صَدّقوا مَقالَه
وَالعُقَلاء كَذَّبوا فعالَهُ
وَأما نَحن بِاِشتِغال كامِل
في الحَفر وَالبناء كَالعَوامِلِ
فأَدرَكَتنا غيرَة الغَيور
في حَفر خَندَق وَضَرب سورِ
بَذَلنا جُهدا وَصَرفنا مالا
لِنَحفَظ الأَولاد وَالعِيالا
إِذ ما يُريد اللَه أَمراً يسّره
وَإِن يَرد سواه حَقّاً عَسّره
وَكان ذا مِن هِمَّة الوَزير
صاحِب عَزم كامِل غَفيرِ
لِأَنَّنا في قلة الأَيّامِ
خَندقنا سورنا عَلى التمامِ
هَذا وَقد صارَ حَصاد الغلّه
وَكانَ بِالموصِل مِنها قِلَّه
فَأَخرَجَ النّاسَ إِلى الحَصاد
أَجابوا بِالسَمعِ بِلا عنادِ
وَقالوا دوسوا ثُمَّ ذَرّوا وَاِنقُلوا
غَلّتكم وَاِحذَروا نُصحي تهملوا
هذا وَقَد آوى لِكُلِّ قَريَة
مُباشِر لِحِفظ تِلكَ الغلّةِ
فَكلُّ من كانَ قَريب المَوصِل
فازَ بِتبنِ وَبقوت وَحلي
وَبَينَما الناس بِحالات الأَلَم
إِذ قيلَ قَد جاءَكم مير عَلم
وَقد أَتى بِخَزنَة عَظيمَه
دراهِما وَصرَّة جسيمَه
يَمضي بِها نَحو الوَزير الأَكرَمِ
مفردِ عَصرِ أَحمد مكرّمِ
لكِنَّهُ من قَبلِهِ جاءَ الخَبَر
وَشاعَ في الناسِ حَقّاً وَاِشتَهَر
بِأَنّ طهمازَ اللَعين قَد أَتى
نَحوَ قُرى الصورانِ حقّاً ثَبَتا
ثُمَّ سَراياه أَتَت للحلَّه
وَنحو بَغداد بِغَير عِلَّه
ثُمَّ أَتَوا نَحو قُرى بَغداد
لِأَخذِ قوت غلَّة وَالزادِ
فَعادَ في خَوف أَمير العلم
قَد شابَه الضُرّ وَسوء النَدَم
عادَ فِرارا طالِبَ النَّجاه
وَهل يَرى نَفسَهُ في الحَياه
وَالناس أَضحَت بَينَ عَلّ وَعَسى
لَم يفرقوا بَينَ صباح وَمَسا
إِذ جاءَ فَوجُ زمرِ الأَكرادِ
بِالمال وَالعِيال وَالأَولادِ
فَقيل مَن هذا فَقالوا خالِد
حامي قَره جولان ذا المعاندُ
وَسار يَبغي آمد وَالعسكرا
وَإِنَّه مُنذَعرٌ مِمّا جَرى
مِن بَعد أَن ضَرّ قُرى النافكر
وَسارَ يَطوي سَبسَباً مع قَفر
مِن بَعدِ أَن أَدّى شُروط الخِدمَه
في نادي والينا كَثير النِعمَه
وَاِشتَغَلَت أَهل القُرى بِالنَّقل
مِن غلّة وَخشب وَثقلِ
فَالبَرّ أَضحى مِثل يومِ الحَشرِ
مِن سَبسبٍ وَمَهمهٍ وَقفرِ
تَرى عِيالا سرحاً رِجاله
كَذاكَ أَطفالاً وَكَم خَياله
وَكَم عَلى الجِسر مِنَ اِزدِحامِ
وَكَم عَويل وَصراخٍ نامي
هَذا وَنَحنُ في اِنتِظارِ العَسكَر
وَالنّاسُ مِن خَوفٍ نعم في سكرِ
إِذ جاءَنا مَولى مِن المَوالي
بلا إِفادَة وَلا مَآلي
بِفَتوَة في يَدهِ وَحجّه
رجّت لَها العالم أَي رجّه
وَقالَ يا ناسُ أَلا أُخبِركُم
فَشَيخ الاِسلامِ بذا يُنبئكُم
قاتِلُكُم غازي بِغَير شُبهَة
مَقتولكم مُستَشهَد في الجَنَّة
أَوّاه عدوّنا مِن الجهّال
وَفينا أَهل العِلم مِن رِجالِ
لكِن أَجَبناه نعم يا فاضِل
ذا القَول مَشهور وَذي المَسائِل
إِن كُنت أَنتَ صادِق المَقال
فَاِثبُت وَساوي النّاس في القِتالِ
لمّا أَحسّ هذا قُرب الجُند
مخرّب الهِند كَذا وَالسّندِ
عادَ مفرّا يَطلُبُ السَّلامَه
يَعضّ بِالكَفّين لِلنَّدامَه
وَاِبتَهَل الوالي الوَزيرُ الكامِل
أَبو مراد الخَير وَهوَ الفاضِلُ
يَعمرُ السورَ لِحِفظِ النّاس
مِن كَيد أَعجامٍ وَمَنع الباسِ
وَنادى في النّاس هلمّوا وَاِسرِعوا
وَأَصلِحوا السّلاحَ ثُمَّ اِجتَمِعوا
فَبَينَما الناسُ بِإِصلاحِ العَدد
يَبغون من مَولاهُم خَير مَدَد
إِذ جاءَنا مُبشِّر السّراءِ
مُخبراً بحامي الشّبهاءِ
نعمَ وَزيرٌ بِطل ذو عَدد
مُكمل البَأس كَثيرُ العدد
فَهو حُسين وَعَظيم الهمَّه
عَنتَر وَقت وَكَثير النِّعمَه
وَإِذ جَمَعنا الحسَنين عِندَنا
زال بُؤس وَاِبتَغَينا رُشدنا
وَمُذ أَتى شَهر جَمادى الأَوّل
قَد زَحَف المَلعون لِلمَعولِ
صادِق بولاغ أَتاها يَسعى
وَجُندُه لا لِلذِّمام تَرعى
فَطالَ في أَهليها وَاِستَطالا
بَل أَسرَ النِّساءَ وَالأَطفالا
مِن بَعدِها جاءَ لِشَهرزور
وَضرّ بِالدورِ وَبِالقُصورِ
وَجُندُه تَنهَب في الأَطرافِ
وَهَذا مَشهورٌ بِلا خِلافِ
وَمُذ أَتى شَهر جَمادى الآخر
أَتانا خَوف ما لَهُ مِن آخر
لِكَونِهِ جاءَ إِلى كركوك
أَحاطَ بِالمالِكِ وَالمَملوكِ
وَصاحَ في أَجنادِهِ المَشهورَه
فيما لَدَيهِم لَم تَزَل مَقهورَه
نادَوا سَريعاً أَهلَ هذا البَلَد
قولوا لَهُم لَيسَ لَكُم مِن مَدَد
قوموا اِنزِلوا ثُمَّ أَطيعوا الشاها
لِأَنَّهُ بِجُندِهِ قَد باهى
فَما أَجابوهُ عَلى الفَور وَقَد
كانَ بِهِم خُبث عَظيم وَحِقد
فَصاح ذا المَلعون بِالجُنودِ
بِالعجمِ وَالأَفغانِ وَالهنودِ
فَأَحدَقوا مِن طرفِ القَرايا
ثُمَّ أَحلّوا بِهِم الرَزايا
فَأَرسلوا القنبرَ وَالمَدافِعا
وَقد أَحلّوا فيهِم المَشانعا
فَأَمطَر القنبر وَالنار عَلى
أهَيل كَركوك مصرّاً في الولا
ثَمانِ ساعاتٍ عَلى التَوالي
بِغَير تَقليل وَلا إِمهالِ
فَصاحَت المَخلوق بِالأَمانِ
في ذلِكَ الوَقت لِهذا الشَانِ
هذا وَواليهِم حُسين واقِف
وَإِنَّهُ بِفِعلهم لا يعرفُ
اِبن بداغ وَكَذاكَ حَسن
وَكُلّ مَن تابَعَهم قَد رَكنوا
طَوعاً لِطهمازَ اللّعين الكافِر
فَيا لَهُ مِن رافِضي فاجِرِ
وَمُذ أَتى المِسكين ذاكَ الوالي
بَينَ يَدَيهِ جال بِالأَوحالِ
وَسبّه المَلعون بَل عاتَبَه
ما خافَ مِن مَولاه ما راقَبَه
فَقالَ أَعطوهُ جَواداً هزلا
وَسيّروهُ مِن هُنا بَينَ المَلا
فَبَينَما نَحنُ بِضيق الآن
وَأَخوَف الوَقت مِن الزَمانِ
إِذ جاءَت الرّسل بِهذا القال
وَأَخذ كركوك وَسوء الحالِ
فَاِختَلّ عَقلُ الناسِ مِن هذا الخَبَر
وَشاعَ هذا القَول فينا وَاِشتَهَر
وَبَعد أَيّامٍ قَلائِل أَتى
حافِظ كَركوكَ بكياً بهتا
بِحالَةٍ رَزيّة جاءَ وَما
يَنظُر في الناسِ حَياءاً نَدما
فَصاحَت المَخلوق بِالبُكاءِ
بَل مُشخص الطرفِ إلى السَماءِ
وقالَت النّاسُ إِلَهي لا تَذر
طهمازَ مَع أَجنادِهِ وَمن كَفَر
وَقُلنا أربيلُ تُحاصر أَبداً
وَلم تَخف مِن كيد أَشرارِ العِدا
مِن بَعدِ أَن مَرَّ قَليلُ الوَقت
كَعشرَة أَو خَمسَة أَو سِتِّ
إِلّا وَجاءَ القَول مِن أَربيل
بِأَنَّهُ طاعَت لَهُ بِالقيل
لِأَنَّهُ قَد باشَرَ القِتالا
أَربَع ساعاتٍ طَغى وَصالا
وَأَنَّهُ قَد أَرسَل القنبرَ وَال
مدافِع الكبار مِن غَير مَهل
فَنادى كُلّ طالِب الأَمان
أَي شاه عال نادِر الزَمانِ
أَبقِ عَلى الأولادِ وَالعِيال
ثُمَّ دَع النِّسا مَع الأَطفالِ
فَأَخَذَ العَذارى وَالرّجالا
وَتَركَ العِيالَ وَالأَطفالا
وَسارَ ذا المَلعون بِالأَجناد
وَبدّل الرّقاد بِالسهادِ
هَذا وَوالينا حُسين الشيَم
أَنالَه اللَهُ عَلوّ الهِمَم
قَد جَمَع النّاس وَأَفشى الخَبَرا
أَذاعَ فيما بَينَهُم ما قَد جَرى
وَقالَ يا ناسُ أَلا فَاِجتَمِعوا
وَحال كَركوك وَأربل اِسمَعوا
وَما جَرى قصّه بِالتمام
دامَ بِحِفظ رَبِّنا السَلامِ
فَقالَ نَحنُ وَبنو أَعمامي
نَشدّ حَزمَ العزمِ لِلإِقدامِ
لَقَد أَتَت نَوبَة ذي الحدباء
وَأَنَّهُ آت بِلا مرآءِ
فَنَحن مِنكُم ثُمَّ أَنتُم مِنّا
فَلا تَخافوا فَشلاً وَجُبنا
وَعِرضكم عِرضي وَأَنتُم مِنّي
وَطِفلُكم طِفلي خُذوا ذا عَنّي
فَوطّنوا القَلبَ عَلى الثَبات
وَأَخلِصوا لِلَّهِ بِالنِيّات
فَقوموا يا قَومي إِلى البُروج
وَهمّوا يا ناس عَلى الخُروجِ
فَقامَتِ الناس إِلى السّلاح
وَصاحَ فينا صائِح الفَلاحِ
وَرَتّب الناس عَلى البُروج
وَما تَرى في السور مِن فُروجِ
فَرق اِبنا عَمّه في القلل
وَما بِهِم مِن ضَجَر أَو مَلَل
هم اللُيوث بَل كَأُسد الغابَة
فَيا لَهُم مِن سادَة وَقادَة
وَعقّد الرايات وَالبنودا
وَحرّض الرِجال وَالجُنودا
وَغلّق الأَبواب ثُمَّ سدّها
بِذاك ظهر الناس قوّى شَدَّها
أَعطى مِن السِلاح وَالسُيوف
وَصرنا لا نَخشى مِن الحتوفِ
وَقَبل هَذا قَلّع الروابي
وَكانَ ذا في غايَة الصَوابِ
وَكُلّ تلٍّ كانَ في قُرب البَلَد
ساواهُ إِذ فازَ بأحسنِ الرشَد
كَم مَدفَع جرّ إِلى الأَسوارِ
كَم تَفكٍ أَعطى إِلى الأحرارِ
أَيقَظَه اللَهُ لِشَيء آخره
عمره اللَه بِدار الآخِرَه
إِذ اِهتَدى لِجري ماءِ الدجلَة
ما بَينَ سور ثُمَّ بَينَ القَلعَة
كَيلا يَكون لِلعدا تَسلّط
وَلا يَكون بِالوَرى تفرّط
فَصرّفَ الهمّة مِن ذا العَقل
فَيا لَهُ مِن كامِل ذي عَقلِ
وَقَسَّم البارودَ في الأَنام
وَأَوهَبَ المالَ إِلى الخدّامِ
كانَ يَدور السورَ في اللَيالي
يُحذِّرُ الناسَ مِن الوبالِ
مِن بَعدِه نَجلُ مراد السَعد
كَريمِ جدٍّ منجِز لِلوَعدِ
يَعقبهُ الأَمين في الأُمور
لا زالَ في العِزّ وَفي السُرورِ
مِن بَعدِهِ قَريب نِصف اللَيل
يَمرُّ سَيفي طاهِراً لِلذيلِ
مِن بَعدِهِ المَطاره جي المصدّر
يَمرُّ في النّاس كذا يحذر
نَعم بَنو عَمّ الوَزير إِذ ما
مَرّوا فَيوصونَ الأَنامَ جمّا
يَهدونَ ناساً سُبلَ الرَّشاد
يَعلَمون طُرق الجِهادِ
تَسَبَّبوا في صَونِ أَعراضِ الوَرى
هَداهُم اللَهُ لِخَير ما يَرى
هَذا وَكلُّ الناسِ قَد تَشَجَّعوا
بِحرزِ مَولاهُم لَقَد تَدَرَّعوا
وَكَم لَهُم في البُرج مِن صياح
اللَه اللَه إِلى الصَباحِ
وَقامَ طهماز اللَّعينُ آتٍ
لِنَحونا يَبتَغي لِلشَّتاتِ
أَجنادُه أَرسَلَها في القَفرِ
حَتّى اِنتَهَت نَحو قَرايا العقرِ
وَبَعضُ أَفغانٍ لَقد أَرسَلَها
إِلى اليَزيديين ما أَهملها
فَأَحرَقوا التِبن كَذا البُيوتا
وأَخَذوا إِبلَها وَالقوتا
بَل أَسروا النِساء وَالأَطفال
وَقَتَلوا الشُبّان وَالرِجال
وَمُذ أَتى اللَعين ماءَ الزاب
وَجَمعَ الجُند بِلا اِرتِيابِ
ثُمَّ دَعى خاناته وَالملا
شَيخ الشَياطين كَثير العله
وَحرّر الملا لَنا رَسائِلا
كَيما تَكون بَينَنا وَسائِلا
وَنادى أَقبِل حَسن الكَركوكي
وَخُذ كِتابي وَاِمضِ لِلمُلوكِ
وَقُل لَهُم يَأتوا إِلى سَلامي
يُقدّموا ذَخيرَةً أَمامي
وَخَمسُمائَة مِنَ الأَلوف
دَراهِماً نَقداً بِلا زُيوفِ
لِكَي أَمرّ عَنهُم مُستَبعداً
أَطلُب ماردين وَأَبغي آمدا
وَقامَ يَسعى حَسن الرَسول
وَقد صَبا لِدينِهِم أفول
حَتّى اِنتَهى لِنحو شاطئ الدجلَةِ
وَصاحَ إِنّي قاصِد يا سادَتي
أرسل مَولانا حُسين الوالي
طرادَة أَتوا بِهِ في الحالِ
أَعطى الكِتاب بأَداء الخِدمَه
بِحَضرَة الوالي كَثير النِعمَه
وَحَضرَة الحُسينِ والي حَلبا
كَم بَذلا جُهداً وَقاسا تَعَبا
لمّا أَحسّا مَطلَب المَلعون
وَكم لَهُ في القَول مِن فُنون
سَباه في القَول وَأَخرجاه
مِن حَيثُ ما جاءَنا أرسَلاه
فَأَرسَل المَولى الوَزير الوالي
وَجمع العالَم مِن رِجالِ
قالَ طَردنا ذا رَسول الشاه
فَإِنَّهُ آتٍ بِلا اِشتِباهِ
وَما لَنا اِلّا الجِهاد الوافِر
وَكُلّ من خالَف قَولي كافِر
أَجابَت الناسُ بِسَمع الطاعَه
وَكانَ ذا من أَربحِ البِضاعَه
وَبايَعَتهُ الناس بِالقَتل وَقَد
تَحالَفوا لا يَنقضن مِنّا أَحَد
ثُمَّ تَراجَعنا إِلى الأَسوار
مِن غَيرِ خَوف لا وَلا أَفكارِ
ثُمَّ أَتانا كَتخدا محمَّد
وَأنَّهُ في نُصحِنا مجتَهِد
وَطّى كَلاماً وَرى بِالمَقال
بِحَضرَةِ المَولى حسين الوالي
وَقالَ إِنّي سائِر لِلدَولَة
أُخبرُ عَن شَوكَتِه وَالقُوَّة
مُذ سَمِعَ الناسُ بِهذا الخَبَر
فَكَم ثَرى مِن مَوكِب أَو زمرِ
فَوجاً وَفَوجاً مَلَأوا الأَزِقَّة
يَبغون قَتل كَتخداي حَقّا
قامَ بَنو عمِّ الوَزير الوالي
صَدّوهُم بِأَحسَنِ المَقالِ
في الحال قَد جاؤُوه بِالدَوابِ
سارَ فِراراً يَقطَع الرَوابي
ثالِث يَوم بانَت المَرايا
مِن بَعدها قَد أَحرَقوا القَرايا
تَشاخَصَت لِنَحوِها الأَبصار
وَزادَت الأَكدارُ وَالأَفكارُ
جُنودُ والي حَلَب تَبادَرَت
مِثل سَلاهِب سعت تَصادَرَت
وَعَبروا الدجلَة ذاكَ الشاطي
شَبيه أَسد حلّوا مِن رباطِ
لَمّا رَأى حِزب حُسين الأَمجد
تَلاحمَ الرّجال والحالُ ردي
تَقَلَّدوا السُيوفَ وَالرِماحا
نَطلب حَرباً نَبتَغي كِفاحا
تابَعَهُم فَوجٌ مَع الأَكرادِ
يَبتَغي في ذا سُبل الجِهادِ
مقدّم الجَيش مُراد الخَير
كَذاكَ فتّاح شَديد السَيرِ
فَاِجتَمَعوا عِندَ فناءِ البَلَد
مِقدار خَمسُمائَة مِن عَدَد
وَساروا جَمعا طَلَبوا الصُفوفا
وَيَعلَمون ضدّهم أُلوفا
قَد عَبَرواالدّجلَة يا إِخواني
وَهذا فِعل عَنتَر الزَمانِ
تَقابَلوا تَقاتَلوا فَريا
تَصادَموا تَصارَموا مَلِيّا
وَاِختَلَف الرَصاص وَالرِماح
تَفانَت الأَرواحُ وَالأَشباحُ
تَقطّع الرُّؤوس وَالكُفوف
تَثَلَّمَت لِأَجلِ ذا السُيوف
قَد رَبِحَت أَجنادُنا عَلَيهِم
وَصارَتِ الأَرفاضُ في يَدَيهِم
كادوا نَعم بِحِزبنا مَكيدَه
إِذ لَحِقوهُم زُمَراً عَديدَه
فَهَل تَرى مِن واحِد يَلقى مِائَه
وَهَل جَرى هذا زَماناً في فِئَه
فَعادوا سَرعى لِعُبور الدجلَه
مِن بَعدِ إِلقاءِ العدا في العلَّه
هَذا وَقَد تَكاثَر الأعجام
وَصارَ في العُبور اِزدِحام
اِختَلَط الأَرفاضُ وَالإِسلام
أَنجاهُم اللَهُ هُوَ السَلام
خَزنوي والينا هناكَ اِستشهَدا
مِن بَعدِهِ مَحمود نَجل المُقتَدى
مِقدار عِشرينَ أَيا إِخواني
قَد عانَفوا الحورَ مَع الولدانِ
ثُمَّ ثَلاثينَ بِقَيد الأَسر
قَد أَوقَعونا في شَديدِ الفِكر
وَإِن تَسل عَن جُندِ أَقوامِ العَجم
مائَة وَخَمسونَ شُجاعاً اِنعَدَم
ثُمَّ أَتَت فُرساننا وَدَخَلوا
لِداخِل عَلى الحِصار عوّلوا
وَزادَت الأَفكارُ وَالأَشجان
ثُمَّ بَكى الخلّان وَالإِخوان
وَاِكتَحَل الجُفون بِالسُّهاد
وَلَم تَر العُيون في رُقاد
فَثاني يَوم جاءَت المَواكِب
وَراجِل أَيضاً أَتى وَراكب
ثالِث يَوم جاءَ حَقّا وَنَزَل
يارمجة مَنزل قَهرٍ قَد نَزَل
وَأَركَزَت أَعلامهُ المَكسورَه
بَل نَزَلَت جُنودهُ المَقهورَه
سَوادهُ قَد مَلَأ القِفارا
مِثل الشَياطين إِذا ما سارا
خِيامهُ مَنشورَة في البرّ
مُمتَدَّة في مَهمَهٍ وَقفرِ
هَذا وَقَد قَلَّله الرّحمن
في أَعيُن الناس وَذا أَمانُ
لَقَد فَهِمنا أَنَّهُ المَكسور
لِكَون حامينا هو الغَيورُ
حَضرَة ذو النون رَسول اللَهِ
كَذاكَ جَرجيس نَبيّ اللَهِ
قَد عوّد اللَه أهيلَ الموصِل
مِن قدم وَفي الزَمان الأَوَّلِ
لَو أَذنَبوا وَأَخطَأوا وَتابوا
ثُمَّ إِلى مَولاهُم أَنابوا
يَكشفُ عَنهُم نازِلَ العَذاب
كَرامَة لِيونس الأَوابِ
هذا وَفي سَبع بَقينَ مِن رَجَب
في الشاطِئ الشَرقي خيّم النَصب
وَفي الصَباح أَرسَل السَرايا
لِنَحوِنا طالِبَة الرازيا
قَد رَتَّب الجُنود وَالمَواكِبا
في أَوَّل القَوم اللَعين راكِبا
وَاِنتَشَروا في البَرِّ كَالجَراد
وَمَلَأوا تَلّاً كَذا وَوادي
فَما تَرى إِلّا سَوادا أَعظما
صارَ النَّهار في غُبار أَدهَما
لكِنَّهُم لَم يَقرَبوا لِلسّور
وَكانَ طهمازُ مَع الجُمهورِ
حَتّى اِنتَهى نَحو قَضيب البان
تَشاخَصَت لِنَحوِهِ العَينانِ
وَعادَ أَيضاً طالِب الخِيام
وَالجُند كَالجَرادِ بِاِزدِحامِ
وَطبّق النَقع إِلى العناق
وَاِرتَفَع الغُبار كَالدُخانِ
وَثاني يَوم ثالِث وَرابِع
يَعرِض أَجنادَه حَتّى السابِع
فَاِنسَلَخ الشَهر الحَرام مُذ أَتى
هِلال شَعبان المُعظم ثَبتا
أَوّل يَوم زَحف الجُنود
وَبانَت الرايات وَالبنودُ
رِجاله المَلعون قَد تَبادَرَت
لِجامِع الأَحمَر قَد تَوارَدَت
أَعقَبَهُم مِن خَلفِهِم بِالخيل
نُسوقهم تَجري بِهِم كَالسَيلِ
وَفِرقَة أَعظَم مِنها قَد أَتَت
لِقَصر يَحيى ههنا قَد ثَبَتَت
وَالناسُ تَنظُر نَحوَهُم لا تَدري
ماذا يُريدونَ بِهذا الأَمرِ
تَراهُم في ساعَة قَد جَمَعوا
أَعظَم تُرب مِثل تَلّ رَفعوا
لمّا عَلِمنا أَمرَهُم وَالمَقصِدا
وَأَيّ شَيء ضَرر مِنهُم بَدا
فَاِبتَدَر الطوب كَما الرعود
يَهدِر مِن سورِنا في سعود
فَطيّر الرُؤوس وَالأَشباحا
وَسلّ مِن بَعضِهِم الأَرواحا
هذا وَلم يَخشوا وَلم يَنصَرِفوا
مِثل الشَياطينِ فَلَم يخالفوا
وَقَطّعوا الأَشجار مِن أُصولِها
نَحو المتاريس لَقَد أَتوا بِها
فَذو تفنك صائِراً يَحميهِم
يَخافُ مِن رَصاصِنا يَرميهِم
حَتّى أَتمّوا لِلمتاريسين
وَلم يَخافوا أَلَم النارين
تَراجَعوا يَمشونَ لِلخِيام
وَلا يَخافونَ مِن الحمام
وَثاني يَوم هكَذا لِلسّابِع
أَتمّوا ما شاؤوا بِلا مَوانِع
سَبعَة عَشر مِن متاريس بَنوا
وَالناس في أَعيُنِهِم هذا رَأوا
وَأَصلَحوا جِسراً عَلى التَحقيق
كيما يَمرّون لَدى المَضيقِ
خَمسَة آلافٍ مِن الأَفغان
أَرسَلَها تَبغي أَبا سَلمانِ
مُذ أَدرَكوهُم وَضَعوا السُيوفا
أَسقوهُم الضرّ كَذا الحُتوفا
وَجاؤوا بِالأَموالِ وَالرِجال
وَبِالنِساء ثمَّ بِالأَطفالِ
وَقَد رَأى العالَم أَشقى حيرَه
إِذ أَرسَل الجُند إِلى الجَزيرَه
وَأَحرَقوا زاخو وَما يَليها
وَأَحرَزوا مِن كُلّ مالٍ فيها
قُرى النّصارى فَتكوا فيها وَفي
تَلكيف بَطنه ثُمَّ في تَللسقف
فَجَمَعوا ذَخائِراً لا تُحصى
ثيران أَغناماً فَلا تُستَقصى
وَثمَّ في الخامِسِ مِن شَعبان
قَد نَشَروا في حومَة الميدانِ
فَبَعضُهُم يُجِرجر الأَشجارا
وَآخرونَ تَجمَع الأَحجارا
يَمضون لِلمَتريس كَالكِلاب
وَبَعضُهُم يَغور كَالذِئابِ
في سادِس مِن شَهرِنا النَفيس
قَد سَحَبوا الأطواب لِلمتريسِ
هَواون القَنبَرة القَبيحَه
قَد سحبَت في أَنفُس جَريحَه
في كُلّ متريس من السَبع عَشر
عَشرَة أَطواب نعم يا من حَضَر
وَأَرسَلوا أَطوابَهم في السادِس
فَعادَ ضوء الشَمسِ كَالحَنادسِ
فَكَم تَرى أَطوابنا إِذ هدَرَت
مِثل صَواعِق السَما إِذ رَعَدت
فَذلِكَ اليَوم أَتوا بِالهاوِنِ
وَأَركَبوها في المَتاريس الدني
وَقبلَها بِخَمسَة أَيّام
قَد قَطَعوا الماء عَن الأَنامِ
قَد جاهَد المَلعون كَي يَقطَعَه
وَعن عِباد اللَه أَن يَمنَعَه
عارَضَه المَولى الوَزير الأَكرَم
السَيِّد الحبر الجَليل الأَفخَمُ
قَد جاءَ بِالأَخشابِ وَالدلاء
وَاِستَحضَر الأَحواض لِلسقاءِ
قابَل ذا المَلعون بِالرَصاص
ما كانَ لِلسّاقينَ مِن خَلاصِ
فَاِمتَنَع الناس عَن المِياه
بَل تَرَكوا السَقيَ بِلا اِستِثناءِ
ثُمَّ اِبتَدَأنا شُرب ماء البِئر
كلّ كَبير كانَ أَو صَغير
وَلَيلَة السابِع مِن شَعبانِ
وَكانَت الجُمعَة يا إِخواني
قَد مَلَأ الأطواب وَالقَنابِرا
وَأَدخَل جُنداً لَهُ المَقابِرا
فَاِبتَدَروا قُبَيل فَجر الجُمعَه
مِن سائِر الجِهات بَل وَبقعه
فَأَرسَلوا الأَطوابَ وَالقَنابِرا
فَلا تَسَل عَن حالِنا وَما جَرى
شَرقاً وَغَرباً قبلَة شَمالا
بَرقاً وَرَعداً مِثل سيلٍ سالا
فَإِن نَظَرت صاح لِلعَلاء
تَظُنُّ شُهباً خرّ مِن سَماء
إِن وَقَعَت في الدارِ مزّقتهُ
أَو ألقِيَت في السَطح خرقَتهُ
فَكَم ترى تَطايُر البِناء
كَم أَرسَلَت شَخصاً إِلى الفَناء
وَإِن يُرِد أَحدُنا الرّجوعا
لِبَيتِه يَسدّ عَنهُ الجوعا
لا يَستَطيع مِن عَظيم القنبرِ
وَمِن رَصاص وَوقوع الأكرِ
فَاِنعَقَد الدخانُ وَالغُبار
تَساقَطَت مِن هَولِها الأَطيار
تَرى الكِلاب سرّحاً مُنهَزِمَه
كَذاكَ أَطياراً نَعم مُنعَدِمَه
صَوتُ الوَشيش مالئ الفَضاء
مُرتَفِعاً صارَ إِلى الجَوزاء
تَصَدَّعَت مِن هَولِها القُلوب
تَزايَدَت لِأَجلِها الكُروب
فَاِلتَجَأَ النّاسُ نَعم لِلسّور
وَفَوّضوا الأَمرَ إِلى الغيور
وَأَخلَصوا لِلَّهِ بِالنِيّات
وَوَطَّؤوا الروح عَلى الثَبات
وَاِبتَهَل النِساءُ وَالأَطفال
لِلَّهِ مَولاهُم كَذا الرِجال
وَصاحَتِ الأَبكارُ وَالحَرائِرُ
تَفطّرت لِأَجلِ ذا المَرائِرُ
كَم وَلد طِفل وَكَم مِن مَرأة
تُنادي سَلمت مِن القنبرَة
كَم صائِحٍ يُنادي يا ذا النون
كُن عَونَنا مِن كيد ذا المَلعون
كَم كادَنا المَلعون مِن مَكيدة
أَنواعُ حَربٍ ما لَها مِن عدَّة
أَربَع ألغام نَعم قَد حَفَروا
سَلالِم أَلفاً كَذاكَ أَحضَروا
وَمُنذُ رَأى المَلعون نِصف السور
مِن جانِب الغَربيّ كَالمَدثور
زادَ بِهِ أَطماعهُ ثُمَّ رَحل
بِجُندِهِ مِن قاض كند قَد نَزَل
وَثاني جِسر هَهنا قَد نصبا
وَلا يُبالي ضَجراً أَو تَعبا
وَجرّ مِن أَطوابِهِ العَظيمَة
حَتّى اِنتَهَت تجاهَ أَعلى قلّة
لباب سِنجار كَذاكَ مدّها
ما أَحد مِنّا ليحصي عَدَّها
بَل أَمر الضّراب بِالضَّربِ وَقَد
اِمتَثَل الضَرب وَلاء ما رَقَد
كَذلِكَ القنبَرجي المَلعون
ما ذاقَ ما غَفت بِهِ العُيون
هذا وَوالينا الوَزير الأَفضَل
ذو الهِمَّة العَلياء ذا المبجّل
قَد جَعَل النّجل السَعيد المُقتَدى
نعم مُراد في مَقامات الجدى
فَلَم يَزَل في بابِ سنجار وَلَم
يُبال أَطواباً وَلَم يَحذر أَلَم
وَثمَّ والينا المُفدّى قَد بَنى
خَيمَته لِلقلَّة العُليا دَنى
قَد تَقَع القُنبل في أَطرافِه
فَتنثُر الترب عَلى أَكتافِه
وَإِنَّهُ كَالسَبعِ إِذ ما رَبض
أَو شِبه لَيثٍ حيثُ ما قَد عَرَض
كَم بَذل المال لِحفر الأَلغم
فَدامَ في عِزّ وَسعدٍ أَعظم
كَم حَفَر الآبار في الخَندَق كَم
وَهب أَموالاً إِلى كُلّ الأمَم
مِن حَيثُ لا يَبقى لِأَلغامِ العدا
مِن فسحَةٍ في البُرج أَصلاً أَبدا
فَقلّة العَلياء نعم قَد مزّقَت
وَثمَّ أَحجار لَها قَد فرّقَت
وَكُلّ بناءٍ لَقَد أَحضَرَه
بَل هُوَ أَيضاً فَوقَ بُرج مَعه
في الخَيرِ قَد أَقامَ خير قلَّه
قَد مُلئت تُرباً بِغَير عِلَّه
قَد أَخذ الجَنَّة في راحَتِه
يُشبِه ليثاً وَهو في ساحَتِه
مِن داخِل السور وَقَد اِرتَفَعَت
بُرجاً مشيداً كلّ قَلب قَطعت
أَيضاً وَوالي حَلب الهَزبر
فَكَم لَهُ تِلكَ اللَيالي صَبر
كَم بَذل المال عَلى العمّال
كَم شَجّع الناسَ عَلى الوبال
فَهَذا وَالأطواب وَالزّمبَركُ
نعم كَذا القنبر فينا فَتكوا
سَبعَة أَيّام مَع اللَيالي
يَرمونَ نيراناً عَلى التَوالي
حَتّى أَتَت لَيلَة خامِس عَشرة
مِن شَهر شَعبان وَذي بَراءَة
وَأَيضاً كانَت جُمعَة يا صاح
وَنَحنُ نَدعو اللَهَ لِلفَلاح
فَنبّه المَلعونُ ذا الأَلغام
أَن يَضَع البارود بِالتَمام
حَتّى إِذا صارَ اِنفِلاق الفَجر
أَلقى بِهِم نارَه حَتّى تَسري
مِنَ العشاءِ أَرسَل الرِجالا
يعقبُها الخانات وَالخيّالَه
وَكُلّ ذي سَيفٍ كَذا أَرسَله
وَكلّ ذي رُمحٍ فَما أَمهَلَه
وَلحّ تِلكَ اللَيلَة الطواب
يَظُنّ أَن ضَربَه صَواب
حَتّى إِذا صارَ قَريبَ الصُّبح
وَبانَ ذو نجحٍ كَذا وَربح
تَطايرَ الناسُ مِنَ الأَطواب
وَاِنعَجَم اللسنُ عَنِ الجَواب
مِنَ الجِهاتِ الكلّ تَنظُر السَما
قَد صارَ نارا بَعد أَن قَد أَعتَما
وَتَسمَع الرَعد مَع الهَدير مَع
ضَرب الرَصاص كُلّ قَلبٍ قَد صَدع
وَالقنبرُ المَلعون مِثل الشُهب
يَنقضّ مِن أَعلى كَنارِ اللَهب
مَزّق مَن صادَفَه تَمزيقا
فَرّق مَن قارَبهُ تَفريقا
إِن صادَفَ الشَخص نَعم أَفناه
أَو قارَب الشَيء نعم أَبلاه
تَزاحَفت أَجنادهُم جَميعا
تَبادَرَت لِنَحوِنا سَريعا
قَد مَلَأوا الأتبان في الوِعاء
لِيَجعَلوا ذلِكَ كَالوِقاء
ذو سلَّمٍ قَد قَصَد التَسليقا
وَغَيرهُ قَد طَلَب التَعليقا
كَم تَسمَع الضَجيجَ فَوقَ السور
كَذلِكَ الأَطفال في القصور
تَظنُّ حَقّاً قامَت القِيامَه
ما مِنّا شَخصٌ أَمِنَ السَلامَه
وَالصُبح قَد عادَ كَليلٍ داج
مِن شِدَّة النَقع وَمِن عَجاج
وَقد عَلا مِن حَولنا الصِياح
تَفانَتِ الأَرواح وَالأَشباح
صَوت الهَدير مالئ الفَلاة
أَحاطَنا من سائِر الجهات
تَواصَلوا حَتّى أَتوا لِلخَندَق
وَما بِهِم مِن ضَجَر أَو قَلَق
وَراءَهُم مَواكِب الخيل أَتوا
وَقد بَغوا حَقّاً عَلَينا بَل عَتوا
تَسلّق البَعضُ لِفَوق السور
ما لَهُ من خَوف وَلا مَحذورِ
أَسيافُهم مَشهورَة في الأَيدي
كَأَنَّهُم قاصِدوا خَير الصَيد
هُنالِكَ المَولى حسين الوالي
قد حَرّض الناسَ عَلى القِتالِ
وَهو يُنادي دونَكُم وَالجَنَّه
قَد فُتِحت لِأَجل أَهل السُنَّه
فَدافِعوا عَن دينِكُم وَالمال
كَذلكَ الطِفل مَع العِيال
هُنالِكَ اِبن عَمِّهِ عُثمان
صارَ شَهيداً فَبَكى الإِخوانُ
وَنادَت المَخلوق يا اللَه
هوَ الَّذي لِيونس أَنجاهُ
وَأَعلَن النِساء بِالبُكاء
وَاِبتَهَل الأَطفال بِالدُعاءُ
لِلَّهِ قَد أَخلَصَت العِباد
تَفطّرت لِأَجل ذا الأَكبادُ
حينَئِذٍ قَد لَطف الرَحيم
سامَحنا في ذَنبِنا الكَريمُ
أَدرَكنا ذُنون حامي المَوصل
كَذاكَ جرجيسُ النَبِيّ الأَكمَل
إِذ ضَرَبوا لُغماً غَدا إِلَيهِم
وَعادَ نار لُغمِهِم عَلَيهِم
تَشجّع الناسُ بِذاك الوَقت
فَلَم يُبالوا ضَرَراً مِن مَقتِ
وَاِشتَغَلوا بِالضَرب لِلأحجارِ
كَذاكَ رَمي القنبر الصغارِ
وَمن أَتى مِنهُم لِتَحت السور
لَم يَقدِر الفرار لِلعبورِ
فَتَنظر الرَصاصَ مِن سورِنا قَد
أَفنى رِجالا مِثل سيلٍ إِذ وَرَد
فَولّوا الأَعقاب بِالفِرار
وَاِنقَلَبوا صَرعى عَلى الأَدبارِ
تَطايَر الرُؤوس وَالكفوف
تَساقَط المِئات وَالأُلوف
فَاِمتَلَأَ الخَندَق من أَشباحِهِم
إِلى الجَحيم سير في أَرواحِهِم
مِن سورِنا شُجعاننا قَد نَزَلوا
كَم كافِرٍ من قَجرٍ قَد قتلوا
وَأَحرَزوا التَفنك وَالسيوفا
وَقَطّعوا الرُؤوسَ وَالكُفوفا
كَم سلم سَحبنا فَوقَ السُور
كَم قَجر قَتلنا بَل كَم لور
فَوَلّى طهماز إِلى الخِيام
وَالجُند مِن خَلفِهِ بِاِزدِحامِ
وَالخيلُ قَد عادَت عَلى الأَعقاب
وَالعُجم مِن وَراه كَالكِلابِ
هذا وَوالينا الوَزير الأَفخَم
الباذِل المال الشُجاع الأَكرَم
كَم بَذل المال لِكُلِّ الأُمَم
بَل كُلّ دينارٍ بِكُلّ سلم
وَكلّ دينارَين يا إمامي
بِكُلّ رَأسٍ مِن بَني الأَعجامِ
نَصبت الرُؤوس كَالتِلال
سَلالِم صارَت كَما الغلالِ
وَاِغتَنَم المَخلوق بِالسِلاح
وَصِرنا ذاكَ اليَوم في نَجاحِ
وَالفُقَراء فازوا بِالأسلاب
وَنَظر الأعجام كَالذُبابِ
فَاِنكَسَرت شَوكَة طهمازَ وَقَد
عادَ وَربعُ جُندهِ لَقَد فَقَد
وَربعه الثاني جَريحاً قَد رَجَع
وَقَلبهُ مِن شِدَّة الغَيظ اِنصَدَع
فَاِجتَمَعَت خاناتَه جَميعا
بَل عَرَضوا دَفتَرَهُم سَريعا
خَمس وَأَربَعون أَلفَ قنبَره
مِن بَعدَها خَمسونَ أَلف حَجرَه
بَل مائِتا أَلفٍ مِنَ الطوبِ نعم
قَد عدَّه الحاسِب هكَذا رَقَم
زَنبَلكُ تَفنكهم لا يُحصى
وَمَكرُهم كَذاك لا يُستَقصى
هذا جَميعاً صَرفوهُ عِندَنا
بِإِذن بارينا فَما أَضرّنا
لِأَنّ أَرواح النَبِيّين نعم
كانَت تُحامي عَنّا أَشرار الأَلَم
خصّ النَبي ذنون حامي المَوصلِ
كَذاكَ جرجيسُ كَذا كلّ وَلي
وَثمَّ مِن بَعد اِنكِسار جُنده
وَقَتلِ لور قَجر مع هندهِ
وَصَرف ما حرّر من آلاتِه
وَبعدما شاهَد مِن حالاتِهِ
نادى لِإِبراهيم بَل لِصالِح
وأَرسَلا نَحوَنا لِلمَصالِح
كَذاكَ مَحمود رَسول ثالِث
يَطلُب صُلحاً وَهو حقّا حانِثُ
مُذ أَقبَلوا نَحوَ الوَزير الأَمجَدِ
وَقد عَلِمنا حالَهُم صارَ ردي
فَقالوا وَاللَه فَإِنّ الشاها
في قوَّةِ المَولى حُسين باها
وَإنَّهُ الآن يُريدُ الصّلحا
فَكَم تَنالون بِهذا رِبحا
وَيَطلُب المُفتي مَع القاضي وَقَد
أَصبَحَ مَجنوناً بِلَيل ما رَقَد
هُناكَ والينا الهِزبرُ الأَكرَم
البَطل اللَيث الشُجاع الأَفخَمُ
قَد صَدَّهُم مِن حَيثُ ما جاؤوا إِلى
شاهِهم المَلعون صدّاً موهِلا
مُذ وَصَلوا تَفطّرَ المَلعون
مِن غيظِهِ وَزادَه الجُنونُ
أَرجَعَهُم في مَرَّة ثانِيَة
لِعَلَّهُم يَمضون في هاوِيَة
عادوا إِلَينا وَهم حَيارى
مِن هَيبَةِ الوالي نَعم سكارى
وَقالوا يا مَولانا هذا الشاه
يَعود من طرق الَّذي أَتاه
لكِنَّهُ يَرجو من الوَزير
إِرسالَ شَخصٍ كامِل نِحريرِ
تَشاوَر المَولى حُسين الوالي
مَع حامي الشَبهاءِ في ذا الحالِ
فَأَرسَل القاضي مَع المُفتي عَلي
مَع مُصطَفى مير ألاي المَوصِلِ
مُذ حَضَروا أَدّوا شُروط الخِدمَة
في نادي المَلعون والي النِقمَة
فَقالَ أَحبَبت حُسين الخانا
لِكَونِهِ ذو قُوَّة قَد بانا
أَرجو يحرّر نامة لِلدَولَة
يَعقد صُلحاً بَينَنا في سُرعَة
وَإِنَّني أُوهبهُ الأسارى
كَي بانَ في أَجنادِنا الخَسارا
مِن بَعدِهِ قَد أَقبَلوا لِلملا
أَكرَمَهُم حَقّاً بِغَيرِ عِلّه
وَقالَ هذا الشاه قَد أَحبَّكُم
وَإِنَّهُ الآن يُريد صُلحَكُم
فَبَلّغوا سَلامي نَحو الوالي
لا زال في حِفظ الكَريم العالي
وَإِنَّني أَبتَغي من حَضرَتِه
عَشراً مِن الخَيل وَمن طولَته
وَهَذا عِند مِثلهِ قَليل
وَعِند مِثل غَيرِهِ جَزيل
وَمُذ أَتَت رُسلنا قصوا الخبرا
بَل ذَكَروا اِلتَماسَه وَما جَرى
في الحالِ قَد أَحضَرَ من طولَتِه
خَيلاً وَرختا كانَ في خَزنَتِهِ
قاسِم أَغا ابن عَمّه أَرسَلَهُ
مَع خَيلِهِ في الحال ما أَمهَلَهُ
لِأَنَّهُ الكامِل في التَدبير
وَأَنَّهُ الفاضِل في التَقريرِ
مُذ وَصل المَولى المُفَدّى قاسِم
وَهو لِأَمر الشاه رَفض حاسِم
كَلّمهُ الشاهُ بِرِفق القَول
مِن غَير إِكراه وَغير عَولِ
بَل مائَتي دينارهم أَكرَمَه
وَخلعَة سنيّة أَلبسَهُ
فَكُلُّ دينارٍ بِأربَع نعم
يَروج فيما بَينَنا يا مَن رَقم
وَثُمَّ لِلمُفتي وَلِلقاضي كَذا
أَكرَمَهُم وَقائِد الخَيل بِذا
وَقالَ أَرجو مِن حُسين الأَكرم
تَوسّطا في الصُلح وَالتَكَرُّم
بَيني وَبَينَ الدَولَة العليّه
وَتَرفَع الحَرب مَع الأَذيَّه
وَحرّر المَولى الوَزير الأَفخم
رِسالَة بِكُلِّ حال تعلَم
مَع نامَة المَلعون طهماز نعم
يا لَيتَه مِن هذِهِ الدُنيا اِنعَدَم
وَأَرسَل القاضي مَع المُفتي بِها
لِلدَّولَة العليا فَكن منتَبِها
وَقَلبُ طهمازَ نَعم مُنقَطِع
من غَيظِه وَعَقله مُنصَدِع
فَثاني يَوم قَصد الرَحيلا
شَيئاً فَشَيئاً أَولا قَليلا
أَهل المَتاريس دَعوا خاناتهم
مُذ حَضَروا قَصّوا لهُ حالَتَهُم
فَقالَ جرّوا هاونا وَمدفعا
لِهذِهِ الحالَة شَخص ما وَعى
فَجاؤَوا سَرعى نَقَلوا الآلات
وَصاحَ فيهِم صائِح الشتاتِ
في الحالِ أَضحوا كَهباء نَثرا
وَهذا عَقبى كافِر قَد فَجرا
قَد لَبِثوا مِقدار عَشرَة وَقد
اِنفَشَلوا ما واحد مِنهُم رَقد
في خامِس من رَمَضان قاموا
في بَحر سوء كُلُّهُم قَد عاموا
مِن بَعد ذا أَصبَحنا في أَمان
مِن فَيضِ فَضلِ الواحِد المنّانِ
وَالسَبَب الأَعظَم كانَ الوالي
لا زالَ في حِرزِ القَديم العالي
قَد بَذَلَ الروح مَعَ الأَموال
وَحفظ الناسَ مَعَ العِيالِ
جازاهُ رَبّي كُلّ خَير دائِماً
ما سَبحت أَملاك رَبّي في السَما
الحَمد لِلَّهِ عَلى التَمامِ
أَشكُرُه لِلفَضلِ وَالإنعامِ
فتح الله القادري الموصلي
بواسطة: حمد الحجري
التعديل بواسطة: حمد الحجري
الإضافة: الثلاثاء 2012/12/11 01:15:27 صباحاً
التعديل: الثلاثاء 2012/12/11 01:16:27 صباحاً
إعجاب
مفضلة

أضف تعليق

يجب تسجيل الدخول أو الاشتراك أو تفعيل الحساب اذا كنت مشترك لإضافة التعليق


أعلى القصائد مشاهدة للشاعر
أعلى القصائد مشاهدة خلال 24 ساعة الماضية
انتظر معالجة القصيدة ...
جميع الحقوق محفوظة لبوابة الشعراء .. حمد الحجري © 2005 - برمجة وتصميم
info@poetsgate.com