عناوين ونصوص القصائد   أسماء الشعراء 
شعراء الفصحى في العصر الحديث > سورية > بدوي الجبل > البلبل الغريب

سورية

مشاهدة
18304

إعجاب
33

تعليق
0

مفضل
0

الأبيات
0
إغلاق

ملحوظات عن القصيدة:
بريدك الإلكتروني - غير إلزامي - حتى نتمكن من الرد عليك

إرسال
انتظر إرسال البلاغ...

البلبل الغريب

سلي الجمر هل غالى وجنّ وعذّبا
كفرت به حتّى يشوق ويعذبا
ولا تحرميني جذوة بعد جذوة
فما اخضلّ هذا القلب حتّى تلهّبا
وما نال معنى القلب إلاّ لأنّه
تمرّغ في سكب اللّظى وتقلّبا
هبيني حزنا لم يمرّ بمهجة
فما كنت أرضى منك حزنا مجرّبا
وصوغيه لي وحدي فريدا وأشفقي
على سرّه المكنون أن يتسرّبا
مصونا كأغلى الدرّ عزّ يتيمه
فأودع في أخفى الكنوز وغيّبا
وصوغيه مشبوب اللّظى وتخيّري
لآلامه ما كان أقسى وأغربا
وصوغيه كالفنّان يبدع تحفه
و يرمقها نشوان هيمان معجبا
فما الحزن إلاّ كالجمال، أحبّه
و أترفه، ما كان أنأى وأصعبا
خيالك يا سمراء، مرّ بغربتي
فحيّا ورحّبنا طويلا ورحّبا
جلاك لعيني مقلتين وناهدا
و ثغرا كمطول الرياحين أشنبا
فصانك حبّي في الخيال كرامة
و همّ بما يهواه لكن تهيّبا
وبعض الهوى كالغيث إن فاض يأتلق
و بعض الهوى كالغيث إن فاض خرّبا
أرى طيفك المعسول في كلّ ما أرى
وحدت ولكن لم أجد منه مهربا
سقاني الهوى كأسين: يأسا ونعمة
فيالك من طيف أراح وأتعبا
وخالط أجفاني على السّهد والكرى
فكان إلى عيني من الجفن أقربا
شكونا له السّمراء حتّى رثى لنا
و جرّأنا حتّى عتبنا فأعتبنا
وناولني من أرز لبنان نفحة
فعطّر أحزاني وندّى وخضّبا
وثنّى بريّا الغوطتين يذيعها
فهدهد أحلامي وأغلى وطيّبا
وهل دلّلت لي الغوطتان لبانة
أحبّ من النعمى وأحلى وأعذبا
وسيما من الأطفال لولاه لم أخف
على الشيب أن أنأى وأن أتغرّبا
تودّ النّجوم الزهر لو أنّها دمى
ليختار منها المترفات ويلعبا
وعندي كنوز من حنان ورحمة
نعيمي أن يغرى بهنّ وينهبا
يجور وبعض الجور حلو محبّب
و لم أر قبل الطفل ظلما محبّبا
ويغضب أحيانا ويرضى وحسبنا
من الصفو أن يرضى علينا ويغضبا
وإن ناله سقم تمنّيت أنّني
فداء له كنت السقيم المعذّبا
ويوجز فيما يشتهي وكأنّه
بإيجازه دلاّ أعاد وأسهبا
يزفّ لنا الأعياد عيدا إذا خطا
و عيدا إذا ناغى وعيدا إذا حبا
كزغب القطا لو أنّه راح صاديا
سكبت له عيني وقلبي ليشربا
وأوثر أن يروى ويشبع ناعما
و أظمأ في النعمى عليه وأسغبا
وألثم في داج من الخطب ثغره
فأقطف منه كوكبا ثمّ كوكبا
ينام على أشواف قلبي بمهده
حريرا من الوشي اليمانيّ مذهبا
وأسدل أجفاني غطاء يظلّه
و ياليتها كانت أحنّ وأحدبا
وحمّلني أن أقبل الضيم صابرا
و أرغب تحنانا عليه وأرهبا
فأعطيت أهواء الخطوب أعنّتي
كما اقتدت فحلا معرق الزّهو مصعبا
تأبّى طويلا أن يقاد .. وراضه
زمان فراخى من جماح وأصحبا
تدلّهت بالإيثار كهلا ويافعا
فدلّلته جدّا وأرضيته أبا
وتخفق في قلبي قلوب عديدة
لقد كان شعبا واحدا فتشعّبا
***
ويا ربّ من أجل الطفولة وحدها
أفض بركات السلم شرقا ومغربا
وردّ الأذى عن كلّ شعب وإن يكن
كفورا وأحببه وإن كان مذنبا
وصن ضحكة الأطفال يا ربّ إنّها
إذا غرّدت في موحش الرمل أعشبا
ملائك لا الجنّات أنجبن مثلهم
و لا خلدها أستغفر الله أنجبا
ويا ربّ حبّب كلّ طفل فلا يرى
و إن لجّ في الإعنات وجها مقطّبا
وهيّئ له في كلّ قلب صبابة
و في كلّ لقيا مرحبا ثمّ مرحبا
ويا ربّ: إنّ القلب ملكك إن تشأ
رددت محيل القلب ريّان مخصبا
***
ويا ربّ في ضيق الزّمان وعسره
أرى الصّبر آفاقا أعزّ وأرحبا
صليب على غمز الخطوب وعسفها
و لولا زغاليل القطا كنت أصلبا
ولي صاحب أعقيته من موّدتي
و ما كان مجنون الغرور ليصحبا
غريبان لكنّي وفي وما وفى
و نازع حبل الودّ حتّى تقضّبا
وبا ربّ هذي مهجتي وجراحها
سيبقين إلاّ عنك سرّا محجّبا
فما عرفت إلاّ قبور أحبّتي
و إلاّ لداتي في دجى الموت غيّبا
وما لمت في سكب الدّموع فلم تكن
خلقت دموع العين إلاّ لتسكبا
ولكنّ لي في صون دمعي مذهبا
فمن شاء عاناه ومن شاء نكّبا
***
ويا ربّ لأحزاني وضاء كأنّني
سكبت عليهنّ الأصيل المذهّبا
ترصّد نجم الصبح منهنّ نظرة
و أشرف من عليائه وترقّبا
فأرخيت آلاف الستور كأنّني
أمدّ على حال من النّور غيهبا
فغوّر نجم الصّبح يأسا وما أرى
على طهره حتّى بنانا مخضّبا
وقد تبهر الأحزان وهي سوافر
و لكنّ أحلاهنّ حزن تنقّبا
***
ويا ربّ: درب الحياة سلكته
و ما حدت عنه لو عرفت المغيّبا
ولي وطن أكبرته عن ملامة
و أغليه أن يدعى على الذّنب مذنبا
وأغليه حتّى قذ فتحت جوانحي
أدلّل فيهنّ الرّجاء المخيّبا
تنكّر لي عند المشيب ولا قلى
فمن بعض نعماه الكهولة والصبا
ومن حقّه أن أحمل الجرح راضيا
و من حقّه أن لا ألوم وأعتبا
وما ضقت ذرعا بالمشيب فإنّني
رأيت الضحى كالسّيف عريان أشيبا
يمزّق قلبي البعد عمّن أحبّهم
و لكن رأيت الذلّ أخشن مركبا
وأستعطف التاريخ ضنّا بأمّتي
ليمحو ما أجزى به لا ليكتبا
ويا ربّ: عزّ من أميّة لا انطوى
و يا ربّ: نور وهّج الشرق لا خبا
وأعشق برق الشام إن كان ممطرا
حنونا بسقياه وإن كان خلّبا
وأهوى الأديم السّمح ريّان مخصبا
سنابله نشوى وأهواه مجدبا
مآرب لي في الرّبوتين ودمّر
فمن شمّ عطرا شمّ لي فيه مأربا
***
سقى الله عند اللاذقيّة شاطئا
مراحا لأحلامي ومغنى وملعبا
وأرضى ذرى الطّود الأشمّ فطالما
تحدّى وسامى كلّ نجم وأتعبا
وجاد ثرى الشهباء عطرا كأنّه
على القبر من قلبي أريق وذوّبا
وحيّا فلم يخطئ حماة غمامه
وزفّ لحمص العيش ريّان طيّبا
ونضّر في حوران سهلا وشاهقا
و باكر بالنّعمى غنّيا ومتربا
وجلجل في أرض الجزيرة صيّب
يزاحم في السّقيا وفي الحسن صيّبا
سحائب من شرق وغرب يلمّها
من الريح راع أهوج العنف مفضبا
له البرق سوط لا تندّ غمامة
لتشرد إلاّ حزّ فيها وألهبا
يؤلفها حينا وتطفر جفّلا
و حاول لم يقنط إلى أن تغلّبا
أنخن على طول السماء وعرضها
يزاحم منها المنكب الضخم منكبا
فلم أدر هل أمّ السماء قطيعه
من الغيم أو أمّ الخباء المطنّبا
تبرّج للصحراء قبل انسكابه
فلو كان للصحراء ريق تحلّبا
وتعذر طلّ الفجر لم يرو صاديا
و لكنّه بلّ الرّمال ورطّبا
ويسكرها أن تشهد الغيم مقبلا
و أن تتملاّه وأن تترقّبا
كأنّ طباع الغيد فيه فإن دنا
قليلا . نأى حتّى لقد عزّ مطلبا
ويطمعها حتّى إذا جنّ شوقها
إليه انثنى عن دربها وتجنّبا
تعدّ ليالي هجره وسجيّة
بكلّ مشوق أن يعدّ ويحسبا
ويبده بالسقيا على غير موعد
فما هي إلاّ لمحة وتصبّبا
كذلك لطف الله في كلّ محنة
و إن حشد الدّهر القنوط وألّبا
إلى أن جلاها كالكعاب تزيّنت
لتحسد من أترابها أو لتخطبا
***
ومرّت على سمر الخيام غمامة
تجرّ على صاد من الرّمل هيدبا
نطاف عذاب رشّها الغيم لؤلؤا
وتبرا فما أغنى وأزهى وأعجبا
حبت كلّ ذي روح كريم عطائها
فلم تنس آراما ولم تنس أذؤبا
وجنّت مهاة الرّمل حتّى لغازلت
و جنّ حمام الأيك حتّى لشبّبا
وطاف الحمام السمح في البيد ناسكا
إلى الله في سقيا الظماء تقرّبا
عواطل مرّ المزن فيهنّ صائغا
ففضّض في تلك السّهول وذهّبا
وردّ الرّمال السمر خضرا وحاكها
سماء وأغناها ورشّ وكوكبا
وردّ ضروع الشاء بالدرّ حفّلا
لترضع حملانا جياعا وتحلبا
وحرّك في البيد الحياة وسرّها
فما هامد في البيد إلا توثّبا
ولا عب في حال من الرّمل ربربا
و ضاحك في غال من الوشي ربربا
وجمّع ألوان الضياء ورشّها
فأحمر ورديّا وأشقر أصهبا
وأخضر بين الأيك والبحر حائرا
و أبيض بالوهج السماوي مشربا
ولونا من السّمراء صيغت فتونه
بياضا نعم لكن بياضا تعرّبا
أتدري الرّبى أنّ السماوات سافرت
لتشهد دنيانا فأغفلت على الربى
ألمّ بكفي النجوم وأنتقي
مزرّرها في باقتي والمعصّبا
دياري وأهلي بارك الله فيهما
و ردّ الرّياح الهوج أحنى من الصبا
وأقسم أنّي ما سألت بحبّها
جزاء ولا أغليت جاها ومنصبا
ولا كان قلبي منزل الحقد والأذى
فإنّي رأيت الحقد خزيان متعبا
***
تغرّب عن مخضلّة الدوح بلبل
فشرّق في الدنيا وحيدا وغرّبا
وغمّس في العطر الإلهيّ جانحا
و زفّ من النّور الإلهيّ موكبا
تحمّل جرحا داميا في فؤاده
و غنّى على نأي فأشجى وأطربا
بدوي الجبل
بواسطة
المشرف العام
الإضافة: الجمعة 2007/02/02 12:36:16 صباحاً
التعديل: الثلاثاء 2021/11/16 12:37:48 صباحاً
إعجاب
مفضلة

أضف تعليق

يجب تسجيل الدخول أو الاشتراك أو تفعيل الحساب اذا كنت مشترك لإضافة التعليق


أعلى القصائد مشاهدة للشاعر
أعلى القصائد مشاهدة خلال 24 ساعة الماضية
انتظر معالجة القصيدة ...
جميع الحقوق محفوظة لبوابة الشعراء .. حمد الحجري © 2005 - برمجة وتصميم
info@poetsgate.com