|
الآنَ أُعلِنُ وَحدَتي في وَحدَتي
|
|
مَعْ كُلِّ أَوراقِ الخَريفِ المُستعارَةِ
|
مِنْ دَمِ الأَشجارِ وَالعُشبِ المُدنَّسِ بِالخُطى:
|
|
وَالآنَ أَبكي في قِفارِ الأَرضِ وَحدي
|
فَوقَ عَرشٍ مِنْ تُرابٍ كانَ لحَمي
|
تائهاً في عَتمةِ اللَّيلِ التي نامَتْ عَلى كَتِفي
|
وَأُعلِنُ عَن هُروبي في سُحاقِ الرُّوحِ مَع ماءِ الجَسَدْ
|
صَحراءُ قَلبي وَالِّلسانُ مِنَ الحَجَرْ
|
وَالدَّمعُ بَحرٌ حائرٌ والشَّوكُ أَينَعَ في دَمي
|
تَعِبَتْ يَدايَ وَلَم تَزَلْ تَبني خِياماً مِن ضُلوعي لِلرُّسُلْ
|
كَم مِنْ نَبيٍّ تاهَ قَبلي وَاندَثَرْ؟
|
كَم مِنْ نَبيٍّ سَوفَ يَسكُنُ خَيمَتي؟
|
كَم مِنْ نَبيٍّ سَوفَ يمَشي حافِياً
|
فَوقَ الرِّماحِ لِيَشرَبَ الأَرضَ القَتيلةَ في عُروقي
|
ثُمَّ يَبني مِن تُرابي قَلعَةً لِلتّائبينَ وَينتَصِرْ؟
|
كَم مِنْ نَبيٍّ سَوفَ يَصرُخُ باكِياً:
|
|
وَتَهدَّمَتْ أَسوارُ بَيتِ العَنكَبوتْ؟
|
|
فَخَبِّئوا مِثلَ النَّعامِ وُجوهَكمْ بَينَ الرِّمالِ
|
وَبلِّلوا قُمصانَكمْ بِدِماءِ ذِئبٍ
|
وَارفَعوا أَعلامَكمْ فَوقَ المَدينَةِ غَيمَةً
|
لَن تَشرَبوا مِن ماءِ قَلبِهِ مَرَّتينْ
|
|
وَتَناثَرَتْ أَشلاءُ جِسمي تَحتَ أَسوارِ المَدينَةِ
|
وَالتَقيتُ مَلامِحي فَوقَ الصِّراطِ أَبيعُ شَيئاً مِن دَمي
|
|
كَي أَشتَري رُمحاً وَقلباً يابِساً
|
|
|
وَذَريعَةً لِلصَّبرِ وَالنِّسيانِ وَالحُلُمِ الجَديدْ
|
وَأَعودُ مِن مَوتي لأَسأَلَ ما تَبقّى مِن رَمادٍ في سَريري:
|
|
هَل مَرَّ حُزني مِن هُنا؟
|
هَل جاءَ قَلبي مُثقَلاً بِالصَّمتِ يَشكو وَحدَتي؟
|
|
|
|
|
|
وَفي ثِيابي أَحمِلُ المُدُنَ القَديمَةِ شارِدَ الخُطُواتِ
|
أَمشي خَلفَ ظِلّي مُثقَلاً بِالذِكرياتِ
|
أَعُدُّ أَنفاسي وَأَحلُمُ بِالوَصايا
|
|
وَسَحابَةٌ تَمشي وَرائي مِثلَ ظِلّي سُورَةً لِنُبوَّتي
|
وَحَمامَةٌ بَيضاءُ أَتعَبَها السَّفَرْ
|
فاستوطَنَتْ قَلبي وَنامَتْ وَهيَ تَهمِسُ لِلشَّجرْ:
|
أَيُّوبُ عادَ مَعَ العَصافيرِ الحَزينَةِ كَي يُغَنّي لِلمَطَرْ
|
أَيُّوبُ خَلفَ البابِ ماءٌ
|
وَانتِماءُ البَحرِ لِلمُدُنِ الغَريبَةِ
|
وَارتِعاشُ القَلبِ في صَدرِ الحَمامَةِ
|
وَاحتِراقُ الظِلِّ فَوقَ الرَّملِ وَالسِّفرُ الأَخيرْ
|
أَيُّوبُ أَشهِرْ وَجهَكَ الحِنطيِّ ماءً
|
مِن حُدودِ البَحرِ حَتّى نَهرِ حُزني
|
حَيثُ أُمّي لَم تَزَلْ تَبكي وَتسعى سَبعَةً بَينَ الشَّظايا
|
|
وَالرَّملُ خُبزٌ، وَالقَمَرْ
|
|
|
يَرثو خِيامَ اللاجِئينَ بِرُمحِهِ
|
وَالخَيلُ تجَري فَوقَ أَشلاءِ الضَّحايا
|
في حَوافِرِها خُيوطُ الشَّمسِ تَصعَدُ مِن غُبارِ الأَرضِ لاهِثَةً
|
تُفَتِّشُ في رُكامِ الضُّوءِ عَن قَلبٍ مِنَ البَلّورِ
|
|
|
وَلَم يَأكُلْهُ مِلحُ البَحرِ في هذا الخَرابِ
|
وَنوحُ يَبني مِن عِظامِ التّائهينَ سَفينةً
|
|
|
والهُدهُدُ المَغلوبُ ماتْ
|
وَتَوزَّعَتْ بَين القَبائلِ في سَبأ
|
|
|
وَقَواعِدُ البَيتِ الحَزينِ تَهَدَّمَتْ
|
|
قِطَعاً مِنَ اللَّحمِ المُمَزَّقِ تَحتَ أَفيالِ الغُزاةِ
|
|
وَتَدوسُ جُرحاً في ثِيابٍ غادَرَتْ أَجسادَها
|
وَتَعَلَّقَتْ عَلمَاً مِنَ الأَحزانِ وَالذِّكرى
|
أَصيحُ قُبَيلَ آذانِ الغُروبِ مُنادِياً
|
مِن تَحتِ أَقدامِ الحَجيجِ وَخيلِ هِرْقلَ
|
في زِحامِ المَوتِ فَوقَ الرَّملِ
|
يا أَيُّوبُ أَشهِرْ وَجهَكَ المَذبوحِ فينا
|
|
فَتُرَدِّدُ الصَّحراءُ أَنّاتي
|
|
|
أَشهِرْ وَجهَكَ المَوعودِ فينا كَي نَراكْ
|
وَنمَوتَ مِثلَكَ مَرَّتينْ
|
وَنَبيعَ مِثلَكَ ما وَرِثنا مِن ضَفائرَ مَرَّتينْ
|
كَي نَشتَري رُمحاً وَقلباً يابِساً
|
|
|
وَذَريعَةً لِلصَّبرِ وَالنِّسيانِ وَالحُلُمِ الجَديدْ
|