يا مَن أَذابَ نَواهُم مُهجَةَ المُضنى | |
|
| وَبعدهُم عَن عُيوني أَسهَرَ الجَفنا |
|
أَلا رَحِمتُم أَخا الشَجوى بِقُربِكُمُ | |
|
| فَالقَلبُ مُنذ نَأيتُم طالَما أَنّا |
|
بِنتُم وَحلّ الضّنى في أَضلُغي خَلفاً | |
|
| وَالدَهرُ بِالقُربِ مِنكُم وَيحَهُ ضَنّا |
|
أَبيتُ أَرعى بِكُم نَجمَ السُها سحراً | |
|
| أُسامِرُ الدَمع وَالأَشجانَ وَالوَهنا |
|
مَن لي بِهِم أَخَذوا قَلبي وَما رَحِموا | |
|
| وَغادَروا مُدنَفاً يَستَوطِنُ الحُزنا |
|
ما خِلتُ أَنَّ النَوى يَرمي وَمُذ هَجَروا | |
|
| سَمِعتُ سهمَ النَوى في مُهجَتي رَنّا |
|
يا جيرَةً بَعدوا وَالقَلبُ مسكَنَهُم | |
|
| بِاللّهِ جودوا وَعودوا لِلِّقا مِنّا |
|
لَم أَنسَ ساعَةَ أَن فارَقتُ حيَّكُمُ | |
|
| وَالوَجدُ يَشرح شَوقاً أَوهَنَ المَتنا |
|
جَفَّت بُحورُ دُموعي مِن جَوى كبِدي | |
|
| وَلَم تَكُن أَدمُعي لَولا الجَوى تَفنى |
|
لأَشكُوَنَّ النَوى شَكوى يُعيرُ لَها | |
|
| قُضاةُ شَرعِ الغَرامِ القَلبَ وَالأُذنا |
|
وَأُجرِيَنَّ عَقيقَ الدمع مِن أَسَفٍ | |
|
| دمعاً يُسابِقُ في هَتّانِه المُزنا |
|
وَأَهجُرَنَّ الكَرى هَجرَ المُتَيَّم في | |
|
| ظَبيٍ أَخي كَحَلٍ ذي مُقلَةٍ وَسنا |
|
يُمسي وَيُصبِحُ مِنهُ في الغَرامِ فذا | |
|
| يَعقوبُ حُزناً وَهذا يوسفٌ حُسنا |
|
يَرنو فَيَخجَلُ منهُ الظَبيُ مُلتَفِتاً | |
|
| وَإِن تَرَنَّحَ قَدّا أَخجَلَ الغُصنا |
|
قَضت بِأَن الهوى فرضٌ شريعته | |
|
| وَسُنةَ العِشقِ قِدماً لِلوَرى سَنّا |
|
أَقامَ شَرعَ الهَوى جَهراً وَحينَ دَعا | |
|
| بِمُرسَلِ الشَعرِ وَالأَلحاظِ آمَنّا |
|
وَقامَ فيهِ بِلالُ الخالِ مُرتَقِباً | |
|
| صُبح الجَبينِ به يَستَشرِفُ الإِذنا |
|
في وَجنَتَيهِ تَرى نارَ اللَظى وَتَرى | |
|
| في وَجهِهِ الفِردَوس أَوعَدنا |
|
وَكَوثَرُ الريق يُروى حَرَّ مُرتَشِفٍ | |
|
| وَنَرجِسُ اللَحظِ في كَفِّ الصَفا يُجنى |
|
إِن ماس في الحُلَّةِ الخَضراءِ قام عَلى | |
|
| أَغصانِ قامَته قُمرى اليها غَنّى |
|
دَيجورُ طُرَّتِهِ يُحكي بِظُلمَتِهِ | |
|
| يَومَ اِفتِراقىَ مِن سُكّان ذا المَغنى |
|
قَومٌ لإِصلاح أَمرِ النَشءِ قَد وَقَفوا | |
|
| نُفوسَهُم وَلِهذا أَسهَروا الجَفنا |
|
تَعَشَّقوا الفَضلَ وَالآدابَ اِذ شَهِدَت | |
|
| لَهُم بِذلكَ فينا السيرَةُ الحَسنا |
|
لا يُعرَفُ الطيبُ إِلا مِن شَمائِلِهِم | |
|
| وَالحَقُّ في كُلِّ ما قالوا لنا عَنّا |
|
لهُم نُفوسٌ عَلى حُبِّ الوَفا جُبِلَت | |
|
| قومٌ رَأَينا لهُم كَسبَ العُلا فَنّا |
|
فَعن طَريقِ الُهدى ما نَكَّبوا أَبداً | |
|
| يَوماً وَلا عَرَفوا حِقداً وَلا ضِغنا |
|
لِلخَيرِ قد وُفِّقوا في كُلِّ ما عَمِلوا | |
|
| بِنورِ أَفكارِهِم فاقوا الوَرى ذِهنا |
|
عَن رَغبَةٍ مَدَّتِ العَليا لَهم يَدها | |
|
| فَبايَعوها وَقَد كانوا لها عَونا |
|
مَن أمَّ ساحتهم يولونَهُ مِنَناً | |
|
| وَلا يَرى مِنهُمُ فَخراً وَلا مَنّا |
|
نالوا بِإِخلاصِهِم كُلَّ الَّذي طَلَبوا | |
|
| فَإِنَّهُم خَيرُ مَن يَدري له مَعنى |
|
لا سِمَّما الناظِرُ المَحمودُ سيرَتُهُ | |
|
| مَن طيبُ ذِكره فينا عَطَّر الكَوانا |
|
هو اللَبيبُ أَخو العَليا له مِننٌ | |
|
| غَرّاءُ تُعجِزُ مَن طولَ المَدى أُثنى |
|
هذي مَآثِره تُغنيكَ بيِّنةً | |
|
| فَإِنَّ مَنطِقَها لا يَعرِفُ المَينا |
|
كَذا المُمَجَّدُ مَحمودُ الفِعالِ وَمَن | |
|
| بِحُسنِ أَخلاقِهِ من بَينِنا يُعنى |
|
لا زِلتُم يا بُدورَ الفَضلِ في نِعَمٍ | |
|
| وَاللّهُ يوليكُم التَوفيقَ وَاليُمنا |
|