أَودَت حَياةُ الَّذي أَحياكِ يا مِصرُ | |
|
| بعد الجِهاد فهل هذا هو الأَجرُ |
|
قَضى وَلم يَكُ هذا الأَمرُ مُنتَظَراً | |
|
| وَخانَنا فيه عِندَ الحاجَةِ الدَهرُ |
|
فَهل تَموتينَ أَو تَبقى حياتُكِ مَع | |
|
| هذا المُصاب عَلَينا أَشكَلَ الأَمرُ |
|
فَالناسُ بين الرَجا وَاليَأسِ لا أَحدٌ | |
|
| بِالمَوتِ يحكُم أَو بِالدَهرِ يَغترُّ |
|
خَطبٌ دَهانا وقد كُنّا على حذَرٍ | |
|
| هَيهاتَ يَنفَعُ في رَدِّ القَضا حِذر |
|
رَمى المَنونُ بسهم مِن كِنانَتِهِ | |
|
| قَلبَ العُلا فَأُصيبَ القَلبُ وَالنَحرُ |
|
أَيديكَ يا بَين منا اليَوم قد كَسرت | |
|
| ظهر الشَهامَة كسراً مالَه جبر |
|
شهرُ المُحَرَّمِ فيه المُسلِمونَ رموا | |
|
| بحادِثٍ منه وجهُ الكونِ مُغبَرُّ |
|
فيه قَدِ اِستُشهدَ اثنان فَواحِدهم | |
|
| في كَربَلاء وثانٍ فيكِ يا مِصرُ |
|
يا مِصرُ قَد ماتَ مَن كُنتِ اِتَّقَيتِ بِهِ | |
|
| شَرَّ العِدا فَنَأى عَن حَيِّكَ الشَرُّ |
|
يا مِصرُ مَن بعده يَشفى السَقام وَمَن | |
|
| يَجلو الخُطوبَ وَمَن يُرجى به النصرُ |
|
يا مُصطَفى مَن لأوربّا يُناضِلُها | |
|
| وَمَن بسرِّ خَفاياها له خُبرُ |
|
وَمَن إِذا كَرَّ جَيشُ الحادِثاتِ نَرى | |
|
| له دِفاعاً بِقَلبٍ دونَهُ الصَخرُ |
|
وَمَن يُميتُ وَيُحيى في خَطابتِهِ | |
|
| وَمَن له في القُلوبِ النُهيُ وَالأَمرُ |
|
وَمَن يُنادي بِأَعلى الصَوت مُنتَصراً | |
|
| للحَقِّ ما همَّهُ زيدٌ وَلا عَمرو |
|
هلّا تَركتَ لنا يا مُصطَفى خَلَفاً | |
|
| يَذودُ عنا اِذا ما مسنا الضُرُّ |
|
يا قَومَنا مَن أَحَقُّ الناس تَعزِيَةً | |
|
| فيه أَأُسرته أم حزبهُ الحرُّ |
|
أَمِ الشَهامَةُ أَم تِلكَ العَواطِفُ أَم | |
|
| كَرامَةُ النَفسِ أَم أَخلافُهُ الغُرُّ |
|
أَمِ الأَحَقُّ هي الدُنيا بِأَجمَعَها | |
|
| فَالرُزءُ لَم يك مُختَصًّا به القُطرُ |
|
لا غَروَ كلُّ الدُنا فَالكَونُ أَجمَعُهُ | |
|
| عَراهُ حزنٌ عليه ما له نُكرُ |
|
غَضُّ الشَبيبة إِلّا أَنَّ فكرَتَه | |
|
| لكلِّ شيخ سِراجٌ إِن دَجا الأَمرُ |
|
يا ناشِراً في سَبيل اللَه أَلويَةً | |
|
| وَلَسَ إِلّا عليها يُعقَدُ النَصرُ |
|
قد كان لِلوَطَنِ المَحبوب فيكَ رجاً | |
|
| فَما سِواكَ له يا مُصطَفى ذُخرُ |
|
وَكان يَأمُلُ اَن تَبقى له عَضُداً | |
|
| فَكَيفَ ترحَلُ عنه وهو مُضطَرُّ |
|
كم طَودِ فَضلٍ سما في مِصر نَقبِرُهُ | |
|
| في كُلِّ يَومٍ فَهَلّا يُقبِرَ القَبرُ |
|
يا مُصطَفى حُزنُنا لا يَنقَضي أَبداً | |
|
| وَإِنَّما يَنقَضي من دونه العُمرُ |
|
إِنّا عَرَفنا وَكلُّ الناس قد عَرَفوا | |
|
| بِأَيِّ شَيءٍ لدينا يَعظُمُ القَدرُ |
|
تَاللَهِ عَزَّ عَلَينا أَن نَرى جَدَثاً | |
|
| يَضُمُّ مَن كان يَخشى بِأسُهُ الدَهرُ |
|
قَد كُنتَ تُحيي مِنَ الآمالِ مَيِّتها | |
|
| كَأَنَّما جاء مِن عيسى لك السِرُّ |
|
قَضَيت عُمرك في جَمعِ القُلوبِ وَلم | |
|
| تَعبَأ بما يَفتَريه المارِقُ الغِرُّ |
|
وَحينَ شَذَّ أُناسٌ قمت تَخطُبُهم | |
|
| فَكانَتِ الروح في هذا هي المَهرُ |
|
نفعتَ حَيّاً وَمَيتاً أَمةً وَرِثت | |
|
| عنكَ الحَياةَ وَفي هذا لك الفَخرُ |
|
فَلتَستَرِح مِن عنا هذا الوُجودِ وَلا | |
|
| يَشغَلكَ مِن أُمَّةٍ غادَرتَها فكرُ |
|
فَقَد بَذرتَ لها بَذرَ الحَياةِ وَلَم | |
|
| تَزَل تُراعيه حَتّى أَثمَرَ البَدرُ |
|
لَولا دُروسٌ عَلَينا كنتَ تَقرَأُها | |
|
| في الصَبرِ ما كان يُلقى عِندَنا صَبرُ |
|
قُم مِن منامِكَ وَاِنظُر كي تُسَرَّ بِما | |
|
| في وَصفِهِ لا يَفي نَظمٌ وَلا نَثرُ |
|
ترى شُعوراً وَإِخلاصاً تجسَّم في | |
|
| كُلِّ القُلوبِ فعمَّ الحُزنُ وَالبَشرُ |
|
كانَت أَمانيه إِحياءَ النفوس وَقد | |
|
| أَتَمَّها فَاِصطَفاهُ المُحسِنُ البَرُّ |
|
وَحَلَّ مقعدَ صدقٍ عندَ مقتَدرٍ | |
|
| وَفي النَعيم له قد ضوعِفَ الاجرُ |
|
لا زال يَنهَلُّ رِضوانُ الإِلهِ عَلى | |
|
| ضِريحه ما سَقى جَرعاءَه القَطرُ |
|