أتَتْكَ وَقَدْ هَزَّ الدّجَى مَضْجِعَ الْفَجْرِ | |
|
| بِكَأْسَيْنِ مِنْ رِيقٍ بَرُودٍ وَمِنْ خَمْرِ |
|
وَأَبْهَجَتِ الأَبْصَارَ وَالْحُسْنُ مُبْهِجٌ | |
|
| بِدُرَّيْنِ مِنْ عِقْدٍ نَفِيسٍ وَمِنْ ثَغْرِ |
|
وَكَمْ سُتِرَ الْبَدْرُ الْمُنِيرُ وَوَجْهُهَا | |
|
| بِلَيْلَيْنِ مِنْ جُنْحٍ بَهِيمٍ وَمِنْ شَعْرِ |
|
وَجُلِّيَ جُنْحُ اللَّيْلِ لَمَّا بَدَتْ لَنَا | |
|
| بِنُورَيْنِ مِنْ وَجْهٍ جَمِيلٍ وَمِنْ بَدْرِ |
|
وَحَيَّتْ وَقَدْ لَذَّ السُّرَى سَحَراً لَنَا | |
|
| بِصُبْحَيْنِ مِنْ أَضْوَاءِ أُفْقٍ وَمِنْ بِشْرِ |
|
وَمِنْ عِطْفِهَا إِذْ طَابَ نَشْراً فَعطَّرَتْ | |
|
| بِطِيبَيْنِ مِنْ مِسْكٍ يَضُوعُ وَمِنْ نَشْرِ |
|
وَمَالَتْ عَلَى الرَّوْضِ النَّضِيرِ فَرَاقَنَا | |
|
| بِغُصْنَيْنِ مِنْ قَدٍّ وَمِنْ فَنَنٍ نَضْرِ |
|
وَجَادَ هَوىً بِي وَالْهَوَاءُ الَّذِي لَهُ | |
|
| بِغَيْثَيْنِ مِنْ دَمْعٍ يَصُوبُ وَمِنْ قَطْرِ |
|
وَجَدَّتْ بِعَرْضِ الْبِيدِ سَيْراً فَبَرَّحَتْ | |
|
| بِنَارَيْنِ فِيهَا مِنْ هَجِيرٍ وَمِنْ هَجْرِ |
|
وَمَا رَاعَنِي إِلاَّ القِبَابُ كَأَنَّهَا | |
|
| كَمَائِمُ رَوْضٍ يَنْطَوِينَ عَلَى زَهْرِ |
|
وَأَسْرَابُ غِزْلاَنٍ عَرَضْنَ سَوَانِحاً | |
|
| وَلاَ بُدَّ مِنْ مَرْعَىً فَكَانَ مِنَ الصَّدْرِ |
|
وَمَا بِيَ إِلاَّ أَعْيُنٌ بِسِهَامِهَا | |
|
| رَمَتْ ذَا الْهَوَى الْعُذْرِيَّ مِنْ غَيْرِ مَا عُذْرِ |
|
مُنَصَّلَةٌ بِالْغُنْجِ وَالْهَذْبُ رِيشُهَا | |
|
| تُطَاوِلُ قَوْسَ الْحَاجِبَيْنِ بِهَا ذُعْرِي |
|
وَرَكْبٍ سَرَوْا وَاللَّيْلُ قِطْعَةُ عَنْبَرٍ | |
|
| تَضُوعُ إِذَا جَلَّى لَنَا الْبَرْقُ عَنْ جَمْرِ |
|
سَوَابِحُ فِي بَحْرِ السَّرَابِ وَإِنَّمَا | |
|
| مَعَادِنُ دُرِّ اللَّفْظِ فِي ذَلِكَ الْبَحْرِ |
|
إِذَا أَطْلَعُوا عُوجَ الْمَطِيِّ أَهِلَّةً | |
|
| حِسْبْتَهُمُ مِنْ فَوْقِهَا أَنْجُمٌ تَسْرِي |
|
وَلَمْ أَنْسَ بِالشِّعْبِ الْيَمَانِي مَوْقِفِي | |
|
| عَلَى دِمَنٍ يَرْفُلْنَ فِي حُلَلٍ خُضْرِ |
|
وَقَدْ حَمَلَتْ فِيهَا السَّحَابُ كَأَنَّهَا | |
|
| مَدَامِعُ عَيْنِي أَوْ عَطَايَا بَنِي نَصْرِ |
|
تَبَابِعَةٌ مِنْ آلِ يَعْرُبَ قَادَةٌ | |
|
| لَهُمْ مَا لَهُمْ مِنْ مَكْسَبِ الْعِزِّ مِنْ وَفْرِ |
|
مِنَ الْمُتَّقِينَ اللَّهَ إِنْ نَذَرُوا فَهُمْ | |
|
| عَلَى أَكْمَلِ الْحَالاَتِ يُوفُونَ بِالنَّذْرِ |
|
بُدُورُ عُلاً مِنْ آلِ خَزْرَجَ أَذْكَرُوا | |
|
| أَجَلَّ عُهُودٍ فِي حُنَينٍ وَفِي بَدْرِ |
|
هُمُ خَيْرُ أَمْلاَكِ الزَّمَانِ وَخيْرُهُمْ | |
|
| مُحَمَّدٌ الْمَحْمُودُ فِي السِّرِّ وَالْجَهْرِ |
|
وَإِنْ يَكُ مِنْهُمْ فَهْوَ فَوْقَهُمُ عُلاً | |
|
| وَأَشْرَفُهُمْ وَالْكُلُّ ذُو شَرَفٍ كُثْرِ |
|
وَقَدْ جَاءَ فَضْلٌ فِي لَيَالٍ كَثِيرَةٍ | |
|
| وَمَجْمُوعُ ذَاكَ الْفَضْلِ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ |
|
وَلِلَّهِ جَيْشٌ أَبْهَجَتْنَا خُيُولُهُ | |
|
| بِمَا رَاقَ مِنْ كَرٍّ وَشِيكٍ وَمِنْ فَرِّ |
|
وَمَرُّوا صَبَاحاً وَالسَّبِيكَةُ كَاسْمِهَا | |
|
| بِمَا بَذَلَتْ تَجْرِي لِتُرْبِحَ لِي تَجْرِي |
|
وَقَدْ صَعَدَتْ فِي الْجَوِّ آيّةُ طَبْلَةٍ | |
|
| تُحَاكِي عَمُودَ الْفَجْرِ أَسْفَرَ لِلسَّفْرِ |
|
وَأَنْحَوْ عَلَيْهَا بِالْعِصِيِّ كَأَنَّهَا | |
|
| بُرُوقٌ وَلَكِنْ بِالْبُرُوقِ غَدَتْ تُزْرِي |
|
مِنَ الطَّبَلاَتِ الَّلائِي مَا زَالَ كَسْرُهَا | |
|
| لَدَى الْبَطَلِ الأَحْمَى يُعَدُّ مِنَ الْجَبْرِ |
|
وَضَارِبُهَا يَوْمَ الْوُفُودِ عُقُوقُهُ | |
|
| وَإِنْ كَانَ لاَ يَخْفَى يُعَدُّ مِنَ الْبِرِّ |
|
فَذَلِكَ مِنْهُ لِلْجِهَادِ تَدَرُّبٌ | |
|
| سَيَشْقَى بِهِ الْحِزْبِ الَّذِي دَانَ بِالْكُفْرِ |
|
وَقَدْ جَالَ نَقْعُ الْخَيْلِ فِي جَنَبَاتِهَا | |
|
| كَمَا جَالَ فِي الأَفْكَارِ مَعْنَىً مِنَ الشِّعْرِ |
|
وَيَوْمَ سِبَاقِ الْخَيْلِ أَبْصَرْتُ ضُمَّراً | |
|
| كَمَا طَارَ فِي الْبَيْدَاءِ سِرْبُ القَطَا الْكَدْرِ |
|
وَقُلْتُ بُرُوقٌ فِي دَيَاجٍ وَإِنَّمَا | |
|
| شَهِدْتُ اخْتِلاَطَ الشُّهْبِ مِنْهُنَّ بِالصُّفْرِ |
|
وَكَرُّوا بِهَا حُمْراً مُجَلَّلَةً فَلَمْ | |
|
| أَرَ شَفَقاً مِنْ قَبْلِهَا زِينَ بِالْفَجْرِ |
|
وَكُلُّ كُمَيْتٍ جَاءَنَا كَسَمِيِّهِ | |
|
| فَأَطْرَبَ لَكِنْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ مِنْ وِزْرِ |
|
وَمَا سَدَّ نَقْعُ الْخَيْلِ أُفْقاً وَإِنَّمَا | |
|
| رَأَى الشَّمْسَ قَدْ خَافَتْ فَنَابَ عَنِ السِّتْرِ |
|
وَقَالُوا بَدَا وَشْيٌ عَلَى الْحَطَبِ الَّذِي | |
|
| أَتَى خَيْرَ مَنْ يَقْرِي الضُّيُوفَ وَمَنْ يُقْرِي |
|
فَقُلْتُ لَعَلَّ الْغَالِبِيَّ مُحَمَّداً | |
|
| سَقَاهُ بِغَيْثٍ مِنْ مَوَاهِبِهِ ثَرِّ |
|
فَعَادَتْ لَهُ الأَوْرَاقُ وَالتَّاجُ زَهْرُهُ | |
|
| كَوَشْيٍ لَهُ صَنْعَاءُ بَاتَتْ عَلَى ذُكْرِ |
|
وَإِنْ كَانَ وَشْياً فَاعْجَبُوا لِخَلِيفَةٍ | |
|
| نَدَاهُ لِطُلاَّبِ النَّدَى بِالنَّدَى يُغْرِي |
|
وَقُولُوا وَبَعْضُ الْقَوْلِ يَشْفِي صُدُورَنَا | |
|
| وَيُعْرِبُ عَمَّا فِي الْجَوَانِحِ مِنْ سِرّ |
|
أَحَتَّى حُطَامَ الأَرْضِ أَصْبَحَ كَاسِياً | |
|
| لَهَا وَأَرَاهَا رِفْعَةَ الشَّأْنِ وَالْقَدْرِ |
|
وَقَصْرٍ بَنَاهُ خَيْرُ بَانٍ فَلَمْ يَكُنْ | |
|
| يُضَاهِيهِ فِي الأَرْضِ الْعَرِيضَةِ مِنْ قَصْرِ |
|
عَجَائِبُهُ فَوْقَ الْعَجَائِبِ إِنَّهَا | |
|
| عَجَائِبُ لَمْ تَخْطُرْ بِبَالٍ وَلاَ فِكْرِ |
|
حَكَتْ أَرْضُهُ أُفْقَ السَّمَاءِ فَزَهْرُهَا | |
|
| يَنُوبُ بِلاَ شَكٍّ عَنِ الأَنْجُمِ الزُّهْرِ |
|
وَخِلْنَا مُنِيرَ الصُّبْحِ هَامَ بِحُبِّهِ | |
|
| فَأَبْقَى عَلَيْهِ لَوْنَهُ أَبَدَ الدَّهْرِ |
|
إِذَا لَمْ أُشَاهِدْهُ وَأُبْصِرْ جَمَالَهُ | |
|
| فَإِنَّكَ يَا إِنْسَانَ عَيْنِي لَفِي خُسْرِ |
|
وَعَهْدِي بِجَارِي الْمَاءِ يَسْفُلُ دَائِماً | |
|
| فَيَحْنُو عَلَيْهِ الشَّارِبُونَ إِذَا يَجْرِي |
|
وَهَا هُوَ يَعْلُو لِلسَّمَاءِ تَشَرُّفاً | |
|
| بِمُجْرِيهِ مَسْرُوراً بِمَا نَالَ مِنْ فَخْرِ |
|
وَأُقْسِمُ لَوْلاَ وَجْهُ خَيْرِ خَلِيفَةٍ | |
|
| لَمَا مُكِّنَ الورَّادُ مِنْ عَذْبِهِ الْغَمْرِ |
|
وَلَكِنَّهُ لَمَّا بَدَا خَرَّ سَاجِداً | |
|
| وَأَهْدَى حُبَاباً زَادَ فَضْلاً عَلَى الدُّرِّ |
|
وَخِلْتُ الَّذِي يَعْلُو مِنَ الْمَاءِ غَادَةً | |
|
| أَتَتْ عُرُساً تَزْهَى بِهِ مُدَّةَ الْعُمْرِ |
|
وَأَعْجَبَهَا رَقْصٌ فَحِينَ تَمَايَلَتْ | |
|
| تَسَاقَطَ حَلْيٌ جَالَ عَنْهَا وَلَمْ تَدْرِ |
|
وَيَا حُسْنَهَا لِلنَّاظِرِينَ بُحَيْرَةً | |
|
| بِهَا رُكَّعُ الأَغْصَانِ بَاتَتْ عَلَى طُهْرِ |
|
كَأَنَّ الصَّبَا فِيهَا يَخُطُّ مَدَائِحاً | |
|
| حِسَاناً فَمِنْ سَطْرٍ يُضَمُّ إِلَى سَطْرِ |
|
وَقَدْ خِلْتُهَا أُمَّ البُحَيْرَةِ مُرْضِعاً | |
|
| عَلَى ظَهْرِهَا اسْتَلقت وَيَا لَكَ مِنْ ظَهْرِ |
|
وَخشَّتُهَا الْبَيْضَاءُ نَهْدٌ بِصَدْرِهَا | |
|
| لَهُ لَبَنٌ يَعْلُو بِدُرٍّ عَلَى دُرِّ |
|
وَيَا لَكَ مِنْ قَصْرٍ مَشِيدٍ مُقَصِّرٍ | |
|
| بِإِيَوَانِ كِسْرَى مُزْدَرٍ هَرَمَيْ مِصْرِ |
|
بِهِ هَزَّ أَعْطَافَ الزَّمَانِ وأَهْلَهُ | |
|
| صَنِيعٌ لَهُ خِصْرٌ وَنَاهِيكَ مِنْ خِصْرِ |
|
وَلَمَّا رَأَى الإعْذَارَ زَادَ مَحَاسِناً | |
|
| كَعَلْيَاءِ بَانِيهِ تَجِلُّ عَنِ الْحَصْرِ |
|
وَأَعْجَبُ مِنْ صَبْرِ الأَمِيرِ وَسِنُّهُ | |
|
| قَضَى مِثْلُهُ أَلاَّ يُطَالَبَ بِالصَّبْرِ |
|
أَمِيرٌ لَهُ فَضْلٌ سَيُرْوَى حَدِيثُهُ | |
|
| بِذِي الحَجَرِ الْمَنْصُوبِ لِلَّثْمِ وَالحِجْرِ |
|
وَلاَ زِلْتَ فينا يَا ابْنَ نَصْرٍ مُؤَيَّداً | |
|
| مِنَ اللَّهِ بِالفَتْحِ الْمُبِينِ وَبِالنَّصْرِ |
|
وَآخِرُ دَعْوَانَا أَنِ الْحَمْدُ لِلَّذِي | |
|
| هُوَ الأَهْلُ كُلُّ الأَهْلِ لِلْحَمْدِ وَالشُّكْرِ |
|