عناوين ونصوص القصائد   أسماء الشعراء 
شعراء الأندلس > غير مصنف > ابن جابر الأندلسي > بِطَيبَةَ انزِل وَيَمِّم سَيِّدَ الأُمَمِ

غير مصنف

مشاهدة
6056

إعجاب
12

تعليق
0

مفضل
0

الأبيات
0
إغلاق

ملحوظات عن القصيدة:
بريدك الإلكتروني - غير إلزامي - حتى نتمكن من الرد عليك

إرسال
انتظر إرسال البلاغ...

بِطَيبَةَ انزِل وَيَمِّم سَيِّدَ الأُمَمِ

بِطَيبَةَ انزِل وَيَمِّم سَيِّدَ الأُمَمِ
وَانشُر لَهُ المَدحَ وَاِنثُر أَطيَبَ الكَلِمِ
وَابذُل دُموعَكَ واعذُل كُلَّ مُصطَبِرٍ
وَالحَق بِمَن سارَ وَالحَظ ما عَلى العَلَمِ
سَنا نَبيٍّ أَبيٍّ أَن يُضَيِّعَنا
سَليلِ مَجدٍ سَليمِ العِرضِ مُحتَرَمِ
جَميلِ خَلقٍ عَلى حَقٍّ جَزيلِ نَدىً
هَدى وَفاضَ نَدى كَفَّيهِ كالدِّيَمِ
كَفَّ العُداةَ وَكَدَّ الحادِثاتِ كَفى
فَكَم جَرى مِن جَدا كَفَّيهِ مِن نِعَمِ
وَكَم حَبا وَعَلى المُستَضعَفينَ حَنا
وَكَم صَفا وَضَفا جوداً لِجَبرِهِمِ
ما فاهَ في فَضحِهِ مَن فاءَ لَيسَ سِوى
عَذلٍ بِعَدلٍ وَنُصحٍ غَيرِ مُتَّهَمِ
حانٍ عَلى كُلِّ جانٍ حابٍ إن قَصَدوا
حامٍ شَفى مِن شَقا جَهلٍ وَمِن عَدَمِ
لَيثُ الشَّرى إِذ سَرى مَولاهُ صارَ لَهُ
جاراً فَجازَ وَنَيلاً مِنهُ لَم يَرُمِ
كافي الأَرامِلِ وَالأَيتامِ كافِلُهُم
وافي النَدى لِمُوافي ذَلِكَ الحَرَمِ
أَجارَ مِن كُلِّ مَن قَد جارَ حِينَ أَتى
حَتّى أَتاحَ لَنا عِزّاً فَلَم نُضَمِ
وَعامَ بَدرٍ أَعامَ الخَيلَ في دَمِهِم
حَتّى أَباتَ أَبا جَهلٍ عَلى نَدَمِ
وَحاقَ إِذ جَحَدوا حَقَّ الرَّسولِ بِهِم
كَبيرُ هَمٍّ أَراهُم نَزعَ هامِهِمِ
فَهدَّ آطامَ مَن قَد هادَ إِذ طَمِعوا
في شَتِّهِ فَرَماهُم في شَتاتِهِمِ
وَجَلَّ عَن فَضحِ مَن أَخفى فَجامَلَهُم
ما رَدَّ رائِدَ رِفدٍ مِن جُناتِهِمِ
مَن زارَهُ يَقِهِ أَوزَارَهُ وَنَوى
لَهُ نَوافِلَ بَذلٍ غَيرِ مُنصَرِمِ
كالغَيثِ فاضَ إِذ المَحلُ اِستَفاضَ تَلا
أَنفالَ جودٍ تَلافى تالِفَ النَّسَمِ
سَل مِنهُمُ صِلَةً لِلصَّبِّ واصِلَةً
والثَم أَنامِلَ أَقوامٍ أَنا بِهِمِ
أَقِم إِلى قَصدِهِم سوقَ السُرى وَأَقِم
بِدارِ عِزٍّ وَسوقَ الأَينُقِ التَثِمِ
وَالحَق بِمَن كاسَ واحتُث كاسَ كُلِّ سُرى
فالدَّهرُ إِن جارَ راعى جارَ بَيتِهِمِ
عُج بي عَلَيهِم فَعُجبي مِن جَفاءِ فَتىً
جازَ الدِّيارَ وَلَم يُلمِم بِرَبعِهِمِ
دَع عَنكَ سَلمى وَسَل ما بِالعَقيق جَرى
وَأُمَّ سَلعاً وَسَل عَن أَهلِهِ القُدُمِ
مَن لي بِدارِ كِرامٍ في البِدارِ لَها
عِزٌّ فَمَن قَد لَها عَن ذاكَ يُهتَضَمِ
بانوا فَهانَ دَمي وَجداً فَها نَدَمي
فَقَد أَراقَ دَمي فيما أَرى قَدَمي
يُولونَ ما لَهُمُ مَن قَد لَجا لَهُمُ
فاِشدُد يَداً بِهِمِ وانزِل بِبابِهِمِ
يا بَردَ قَلبي إِذا بُردُ الوِصالِ ضَفا
وَيا لَهيبَ فُؤادي بَعدَ بُعدِهِمِ
ما كانَ مَنعُ دَمي بُخلاً بِهِ لَهُمُ
لَكِن تَخَوَّفتُ قَبلَ القُربِ مِن عَدَمِ
أَهلاً بِها مِن دِماءٍ فيهِم بُذِلَت
وَحَبَّذا وِردُ ماءٍ مِن مياهِهِمِ
مَن نالَهُ جاهُهُم مِنّا لَهُ ثِقَةٌ
أَن لا يُصابَ بِضَيمٍ تَحتَ جاهِهِمِ
بدارِ وَالحَق بِدارِ الهاشِميِّ بِنا
قَبلَ المَماتِ وَمَهما اِسطَعتَ فاِغتَنِمِ
جَزمي لَئِن سارَ رَكبٌ لا أُرافِقُهُ
فَلا أُفارِقُ مَزجي أَدمُعي بِدَمي
فَأيُّ كَربٍ لِرَكبٍ يُبصِرونَ سَنا
بَرقٍ لِقَبرٍ مَتى تَبلُغهُ تُحتَرَم
مَتى أَحُلُّ حِمى قَومٍ يُحِبُّهُمُ
قَلبي وَكَم هائِمٍ قَبلي بِحُبِّهِمِ
جارَ الزَمانُ فَكَفّوا جَورَهُ وَكَفوا
وَهَل أُضامُ لَدى عُربٍ عَلى إِضَمِ
وَحَقِّهِم ما نَسينا عَهدَ حُبِّهِمِ
وَلا طَلَبنا سِواهُم لا وَحَقِّهِمِ
لا يَنقَضي أَلَمي حَتّى أَرى بَلَداً
فيهِ الَّذي ريقُهُ يَشفي مِنَ الأَلَمِ
وَقَد تَشَمَّرَ ثَوبُ النَقعِ عَن أُمَمٍ
شَتّى يَؤمُّونَ طُرّاً سَيِّدَ الأُمَمِ
مَتى أُرى جارَ قَومٍ عَزَّ جارُهُم
عَهدٌ عَلَيَّ السُرى حِفظاً لِعَهدِهِمِ
صَبُّ الدُموعِ كأَمثالِ العَقيقِ عَلى
وادي العَقيقِ اشتياقاً حَقُّ صَبِّهِمِ
أَبَحتُ فيهِم دَمي لِلشَوقِ يَمزُجُهُ
بِماءِ دَمعي عَلى خَدّي وَقُلتُ دُمِ
وَلَيسَ يَكثُرُ إِن آثَرتُ نَضخَ دَمِي
حَيثُ المُلوكُ تَغُضُّ الطَّرفَ كالخَدمِ
مِن سائِلِ الدَّمعِ سالٍ عَن مَعاهِدِهِ
نَعيمُهُ أَن يُرى يَسري مَعَ النّعَمِ
لِلسَّيرِ مُبتَدِرٍ كالسَّيلِ مُحتَفِرٍ
كالطَّيرِ مُشتَمِلٍ بالليلِ مُلتَئِمِ
قَصداً لِمُرتَقِبٍ لِلَّهِ مُنتَصِرٍ
في الحَقِّ مُجتَهِدٍ لِلرُّسلِ مُختَتِمِ
مَن لي بِمُستَسلِمٍ لِلبيدِ مُعتَصِمٍ
بِالعيسِ لا مُسئِمٍ يَوماً وَلا سَئِمِ
لِلبَرِّ مُقتَحِمٍ لِلبرِّ مُلتَزِمٍ
لِلقُربِ مُغتَنِمٍ لِلتُّربِ مُلتَثِمِ
يَسري إِلى بَلَدٍ ما ضاقَ عَن أَحَدٍ
كَم حَلَّ مِن كَرَمٍ في ذَلِكَ الحَرَمِ
دارٌ شَفيعُ الوَرى فيها لِمُعتَصِمٍ
جارٌ رَفيعُ الذّرا ناهٍ لِمُجتَرِمِ
فَهَجرُ رَبعي لِذاكَ الرَّبعِ مُغتَنَمي
وَنَثرُ جَمعي لِذاكَ الجَمعِ مُعتَصَمي
وَمَيلُ سَمعي لِنَيلِ القُربِ مِن شِيَمي
وَسَيلُ دَمعي بِذَيلِ التُّربِ كالدِّيَمِ
يَقولُ صَحبي وَسُفنُ العيسِ خائِضَةٌ
بَحرَ السَّرابِ وَعَينُ القَيظِ لَم تَنَمِ
يَمِّم بِنا البَحرَ إِنَّ الرَكبَ في ظَمأٍ
فَقُلتُ سيروا فَهَذا البَحرُ مِن أمَمِ
وافٍ كَريمٌ رَحيمٌ قَد وَفى وَوَقى
وَعَمَّ نَفعاً فَكَم ضُرٍّ شَفى وَكَمِ
فَقُم بِنا فَلَكَم فَقرٍ كَفى كَرَماً
وَجودُ تِلكَ الأَيادي قَد ضَفا فَقُمِ
ذو مِرَّةٍ فاِستَوى حَتّى دَنا فَرأى
وَقيلَ سَل تُعطَ قَد خُيِّرتَ فاِحتَكِمِ
وَكانَ آدَمُ إِذ كانَت نُبَوَّتُه
ما بَينَ ماءٍ وَطينٍ غَيرِ مُلتَئِمِ
صافح ثَراهُ وَقُل إِن جِئتَ مُستَلِماً
إِنّا مُحَيّوكَ مِن رَبعٍ لِمُستَلِمِ
قَد أَقسَمَ اللَّهُ في الذِّكرِ الحَكيمِ بِهِ
فَقالَ وَالنَجمِ هَذا أَوفَرُ القَسَمِ
ما بَينَ مِنبَرِهِ السّامي وَحُجرَتِهِ
رَوضٌ مِنَ الخُلدِ نَقلٌ غَيرُ مُتَّهَمِ
مُهَنَّدٌ مِن سُيوفِ اللَّهِ سُلَّ عَلى
عِداه نورٌ بِهِ إِرشادُ كُلِّ عَمِ
إِنَّ الَّذي قالَ يُستَسقى الغَمامُ بِهِ
لَو عاشَ أَبصَرَ ما قَد عَدَّ مِن شِيَمِ
تَلوحُ تَحتَ رِداءِ النَّقعِ غُرَّتُهُ
كَأَنَّ يُوشَعَ رَدَّ الشَّمسَ في الظُّلَمِ
وَتَقرَعُ السَّمعَ عَن حَقٍّ زَواجِرُهُ
قَرعَ الرِّماحِ بِبَدرٍ ظَهرَ مُنهَزِمِ
قالَت عِداهُ لَنا ذِكرٌ فَقُلتُ عَلى
لِسانِ داودَ ذِكرٌ غيرُ مُنصَرِمِ
إِنّي لأَرجو بِنَظمي في مَدائِحِهِ
رَجاءَ كَعبٍ وَمَن يَمدَحهُ لَم يُضَمِ
وَإِنَّ لَيلِيَ إِلّا أَن أُوافِيَهُ
لَيلُ امرئِ القَيسِ مِن طولٍ وَمِن سأَمِ
نامَ الخَليُّ وَلَم أَرقُد وَلي زَجَلٌ
بِذِكرِهِ في ذرا الوَخّادَةِ الرُّسُمِ
أَقولُ يا لَكَ مِن لَيل وَأُنشِدُهُ
بَيتَ ابنِ حُجرٍ وَفَجري غَيرُ مُبتَسِمِ
فَقُلتُ لِلرَّكبِ لَمّا أَن عَلا بِهِمُ
تَلَفُّتُ الطَّرفِ بَينَ الضّالِ وَالسَّلَمِ
أَلَمحَةٌ مِن سَنا بَرقٍ عَلى عَلَمٍ
أَم نُورُ خَيرِ الوَرى مِن جانِبِ الخِيَمِ
أَغَرُّ أَكمَلُ مَن يَمشِي عَلَى قَدَمٍ
حُسناً وَأَملَحُ مَن حاوَرت في كَلِمِ
يا حادِيَ الرَّكبِ إِن لاحَت مَنازِلُهُ
فاِهتِف أَلا عِم صَباحاً وادنُ واِستَلِمِ
واسمَح بِنَفسِكَ وابذُل في زيارَتِهِ
كَرائِمَ المالِ مِن خَيلٍ وَمِن نَعَمِ
واسهَر إِذا نامَ سارٍ وامضِ حَيثُ وَنى
وَاسمَح إِذا شَحَّ نَفساً واسرِ إِن يَقُمِ
بِواطئٍ فَوقَ خَدِّ الصُبحِ مُشتَهِرٍ
وَطائِرٍ تَحتَ ذَيلِ اللَّيلِ مُكتَتِمِ
إِلى نَبيٍّ رأى ما لا رأى مَلِكٌ
وَقامَ حَيثُ أَمينُ الوَحي لَم يَقُمِ
جَدّوا فَأَقدَمَ ذو عِزٍّ وَرامَ سُرى
فَلَم تَجِدَّ وَلَم تُقدِم وَلَم تَرُمِ
فَسَوَّدَ العَجزُ مُبيَضَّ المُنى وَغَدا
مُخضَرُّ عَيشِكَ مُغبَرّاً لِفَقدِهِمِ
في قَصدِهِم رافِقِ الإِلفَينِ أَبيَضَ ذا
بِشرٍ وَأَسوَدَ مَهما شابَ يَبتَسِمِ
قَد أَغرَقَ الدَّمعُ أَجفانِي وَأَدخَلَني
نارَ الأَسى عَزمِيَ الوانِي فَوانَدَمِي
ما ابيَضَّ وَجهُ المُنى إِلّا لأَغبَرَ مِن
خَوضِ الغُبارِ أَمامَ الكُومِ في الأَكَمِ
فَلُذ بِبَرٍّ رَحيمٍ بالبَريَّةِ إِن
عَقَّتكَ شِدَّةُ دَهرٍ عاقَ واِعتَصِمِ
يُروى حَديثُ النَّدى وَالبِشر عَن يَدِهِ
وَوَجهُهُ بَينَ مُنهَلٍّ وَمُبتَسِمِ
تَبكي ظُباهُ دَماً وَالسَّيفُ مُبتَسِمٌ
يَخُطُّ كالنونِ بَينَ اللامِ وَاللِّمَمِ
دَمعٌ بِلا مُقَلٍ ضِحكٌ بِغَيرِ فَمٍ
كَتبٌ بِغَيرِ يَدٍ خَطٌّ بِلا قَلَمِ
جاوِرهُ يَمنَع وَلُذ يَشفَع وَسَلهُ يَهَب
وَعُد يَعُد واِستَزِد يَفعَل وَدُم يَدُمِ
لَم يَخشَ قِرناً وَيَخشى القِرنُ صَولَتَهُ
فَهوَ المَنيعُ المُبيحُ الأُسدَ لِلرَّخَمِ
وَالشَّمسُ رُدَّت وَبَدرُ الأُفقِ شُقَّ لَهُ
والنَّجمُ أَينَعَ مِنهُ كُلُّ مُنحَطِمِ
وَإِذ دَعا السُّحبَ حالَ الصَّحو فاِنسَجَمَت
وَمِن يَدَيهِ ادعُها إِن شِئتَ تَنسَجِمِ
سَقاهُمُ الغَيثُ ماءً إِذ سَقى ذَهَباً
فَغَيرُ كَفَّيهِ إِن أَمحَلتَ لا تَشِمِ
قَد أَفصَحَ الضَّبُّ تَصديقاً لِبعثَتِهِ
إِفصاحَ قُسٍّ وَسَمعُ القَومِ لَم يَهِمِ
الهاشِمُ الأُسدَ هَشمَ الزّادِ تَبذُلُهُ
بَنانُ هاشِمٍ الوَهّاب لِلطُّعمِ
كَأَنَّما الشَّمسُ تَحتَ الغَيمِ غُرَّتُهُ
في النَّقعِحَيثُ وجوهُ الأُسدِ كالحُمَمِ
إِذا تَبَسَّمَ في حَربٍ وَصاحَ بِهِم
يُبكي الأُسودَ وَيَرمي اللُّسنَ بِالبَكَمِ
قَلّوا بِبَدرٍ فَفَلُّوا غَربَ شانِئهِم
بِهِ وَما قَلَّ جَمعٌ بِالرَّسولِ حمِي
فابيَضَّ بَعدَ سَوادٍ قَلبُ مُنتَصِرٍ
واسوَدَّ بَعدَ بَياضٍ وَجهُ مُنهَزِمِ
فاِتبَع رِجالَ السُّرى في البيدِ واسرِ لَهُ
سُرى الرِّجالِ ذَوي الأَلبابِ وَالهِمَمِ
خَيرُ اللَّيالي لَيالي الخَيرِ في إِضَمٍ
وَالقَومُ قَد بَلَغوا أَقصى مُرادِهِمِ
بِعَزمِهِم بَلَغوا خَيرَ الأَنامِ فَقَد
فازوا وَما بَلَغوا إِلّا بِعَزمِهِمِ
يَقومُ بالأَلفِ صاعٌ حينَ يُطعِمُهُم
وَالصّاعُ مِن غَيرِهِ بِاثنَينِ لَم يَقُمِ
مَنِ الغَزالَةُ قَد رُدَّت لِطاعَتِهِ
لَو رامَ أَن لا تَزورَ الجَديَ لَم تَرُمِ
داني القُطوفِ جَميلُ العَفوِ مُقتَدِرٌ
ما ضاقَ مِنهُ لِجانٍ واسِعُ الكَرَمِ
لا يَرفَعُ العَينَ لِلرّاجينَ يَمنَحُهُم
بَل يَخفِضُ الرّاسَ قَولاً هاكَ فاِحتَكِمِ
يا قاطِعَ البيدِ يَسريها عَلى قَدَمٍ
شَوقاً إِلَيهِ لَقَد أَصبَحتَ ذا قَدَم
قَدِ اِعتَصَمتَ بِأَقوامٍ جُفونُهُمُ
لا تَعرِفُ السَّيفَ خِلواً مِن خِضابِ دَمِ
جَوازِمُ الصَّبرِ عَن فِعلِ الجَوى مُنِعَت
وَرَفعُهُ حالَ إِلّا حالَ قُربِهِمِ
في القَلبِ وَالطَّرفِ مِن أَهلِ الحِمى قَمَرٌ
مَن يَعتَصِم بِحماهُ الرَّحبِ يُحتَرمِ
يا مُتهِمينَ عَسى أَن تُنجِدوا رَجُلاً
لَم يَسلُ عَنكُم وَلَم يُصبِح بِمُتَّهَمِ
أَغارَ دَهرٌ رَمى بِالبُعدِ نازِحَنا
فأَنجِدوا يا كِرامَ الذَّاتِ وَالشِيَمِ
إِنَّ الغَضى لَستُ أَنسى أَهلَهُ فَهُمُ
شَبُّوهُ بَينَ ضُلوعِي يَومَ بَينِهِمِ
جَرى العَقيقُ بِقَلبي بَعدَما رَحَلوا
وَلَو جَرى مِن دُموعِ العَينِ لَم أُلَمِ
حَيثُ الَّذي إِن بَدا في قَومِهِ وَحَبا
عُفاتَهُ وَرَمى الأَعداءَ بِالنّقَمِ
فالبَدرُ في شُهبِهِ وَالغَيثُ جادَ لِذي
مَحلٍ وَلَيثُ الشَّرى قَد صالَ في الغَنَمِ
وَإِن عَلا النَّقعُ في يَومِ الوَغى فَدَعا
أَنصارَهُ وَأَجالَ الخَيلَ في اللُّجمِ
تَرى الثُّرَيا تَقودُ الشُّهبَ يُرسِلُها
لَيثٌ هَدى الأُسدَ خَوضَ البَحرِ في الظُّلَمِ
أَخفوا في الإنجيلِ وَالتَّوراةِ بِعثَتَهُ
فأَظهَرَ اللَّهُ ما أَخفَوا بِرَغمِهِمِ
قَد أَحرَزَ البأسَ وَالإِحسانَ في نَسَقٍ
وَالعِلمَ وَالحِلمَ قَبلَ الدَّركِ لِلحُلُمِ
لا يَستَوي الغَيثُ مَع كَفَّيهِ نائِلُ ذا
ماء وَنائِلُ ذا مال فَلا تَهِمِ
غَيثانِ أَمّا الَّذِي مِن فَيضِ أَنمُلِهِ
فَدائِمٌ وَالَّذي لِلمُزنِ لَم يَدُمِ
جَلا قُلوباً وَأَحيا أَنفُساً وَهَدى
عُمياً وَأَسمَعَ آذاناً ذَوي صَمَمِ
يُرِيكَ بِاليَومِ مِثلَ الأَمسِ مِن كَرَمٍ
وَلَيسَ في غَدِهِ هَذا بِمُنعَدِمِ
فَلُذ بِمَن كَفُّهُ وَالبَحرُ ما اِفتَرَقا
إِلّا بِكَفٍّ وَبَحرٍ في كَلامِهِمِ
وَالمالُ وَالماءُ مِن كَفَّيهِ قَد جَرَيا
هَذا لِراجٍ وَذا لِلجَيشِ حينَ ظمِي
فازَ المُجِدّانِ دانٍ أَو مُديمُ سُرىً
فَذاكَ ناجٍ وَذا راجٍ لجودِهم
مِن وَجهِ أَحمَدَ لي بَدرٌ وَمِن يَدِهِ
بَحرٌ وَمِن فَمِهِ دُرٌّ لِمُنتَظِمِ
كَم قُلتُ يا نَفس ما أَنصَفتِ أَن رَحَلوا
وَما رَحَلتِ وَقاموا ثُمَّ لَم تَقُم
يَمِّم نَبيّاً تُباري الرِّيحَ أَنمُلُهُ
وَالمُزنَ مِن كُلِّ هامِي الوَدقِ مُرتَكِمِ
لَو قابَلَ الشُّهبَ لَيلاً في مطالِعِها
خَرَّت حَياءً وَأَبدَت بِرَّ مُحتَرِمِ
تَكادُ تَشهَدُ أَنَّ اللَّهَ أَرسَلَهُ
إِلى الوَرى نُطَفُ الأَبناءِ في الرَّحِمِ
لَو عامَتِ الفُلكُ فيما فاضَ مِن يَدِهِ
لَم تَلقَ أَعظَمَ بَحراً مِنهُ إِن تَعُمِ
تُحيطُ كَفّاهُ بِالبَحرِ المُحيطِ فَلُذ
بِهِ وَدَع كُلَّ طامي المَوجِ مُلتَطِمِ
لَو لَم تُحِط كَفُّهُ بالبَحرِ ما شَمِلَت
كُلَّ الأَنامِ وَأَروَت قَلبَ كُلِّ ظَمِي
لَم تَبرُقِ السُّحبُ إِلّا أَنَّها فَرِحَت
إِذ ظَلَّلَتهُ فَأَبدَت وَجهَ مُبتَسِمِ
وَالماءُ لَو لَم يَفِض مِن بَينِ أَنمُلِهِ
ما كانَ رِيُّ الظَّما في وردِهِ الشَّبِمِ
يَستَحسِنُ الفَقرَ ذو الدُّنيا لِيَسأَلَهُ
فَيأمَنَ الفَقرَ مِمّا نالَ مِن نِعَمِ
وَالبَدرُ أَبقى بِمَرآهُ لِيُعلِمَنا
بالانشِقاقِ لَهُ آثار مُنثَلِمِ
أَزالَ ضُرَّ البَعيرِ المُستَجيرِ كَما
بِهِ الغَزالَةُ قَد لاذَت فَلَم تُضَمِ
مِن أَعرَبِ العُربِ إِلّا أَنَّ نِسبَتَهُ
إِلى قُرَيشٍ حُماةِ البَيتِ وَالحَرَمِ
لا عَيبَ فيهِم سِوى أَن لا تَرى لَهُمُ
ضَيفاً يَجوعُ وَلا جاراً بِمُهتَضَمِ
ما عابَ مِنهُم عَدُوٌّ غَيرَ أَنَّهُمُ
لَم يَصرِفوا السَّيفَ يَوماً عَن عَدُوِّهِمِ
مَن غَضَّ مِن مَجدِهِم فالمَجدُ عَنهُ نأى
لَكِنَّهُ غُصَّ إِذ سادوا عَلَى الأُمَمِ
لا خَيرَ في المَرءِ لَم يَعرِف حُقوقَهُمُ
لَكِنَّهُ مِن ذَوي الأَهواءِ وَالتُّهَمِ
عِيبَت عِداهُم فَزانوهُم بِأَن تَرَكوا
سُيوفَهُم وَهيَ تِيجانٌ لِهامِهِمِ
تَجرِي دِماءُ الأَعادِي مِن سُيوفِهِم
مِثلَ المَواهِبِ تَجري مِن أَكُفِّهِمِ
لَهُم أَحاديثُ مَجدٍ كالرِياضِ إِذا
أَهدَت نَواسِمَ تُحيي بالِيَ النّسَمِ
تَرى الغَنِيَّ لَدَيهِم وَالفَقيرَ وَقَد
عادا سَواءً فَلازِم بابَ قَصدِهِمِ
قُل لِلصَّباحِ إِذا ما لاحَ نُورُهُمُ
إِن كانَ عِندَكَ هَذا النورُ فَابتَسِمِ
إِذا بَدا البَدرُ تَحتَ اللَّيلِ قُلتُ لَهُ
أَأَنتَ يا بَدرُ أَم مَرأى وُجوهِهِمِ
كانوا غُيوثاً وَلَكِن لِلعُفاةِ كَما
كانوا لُيوثاً وَلَكِن في عُداتِهِمِ
كَما قائِلٍ قالَ حازَ المَجدَ وارِثُهُ
فَقُلتُ هُم وارِثوهُ عَن جُدودِهِمِ
قَد أَورَثَ المَجدَ عَبدَ اللَّهِ شَيبَةُ عَن
عَمروِ بنِ عَبدِ مَنافٍ عَن قُصَيِّهِمِ
فَجاءَ فيهِم بِمَن جالَ السَّماءَ وَمَن
سَما عَلى النَّجمِ في سامي بُيوتِهِمِ
فالعُربُ خَيرُ أُناسٍ ثُمَّ خَيرُهُمُ
فُرَيشُهُم وَهوَ فيهِم خَيرُ خَيرِهِمِ
قَومٌ إِذا قيلَ مَن قالوا نَبيُّكُمُ
مِنّا فَهَل هَذِهِ تُلفى لِغَيرِهِمِ
إِن تَقرأِ النَّحلَ تُنحِل جِسمَ حاسِدِهِم
وَفي بَراءةَ يَبدو وَجهُ جاهِهِمِ
قَومُ النَّبِيِّ فإن تَحفِل بِغَيرِهِمِ
بَينَ الوَرى فَقَدِ استَسمَنتَ ذا وَرَمِ
إِنتَجحَدِ العُجمُ فَضلَ العُربِ قُل لَهُمُ
خَيرُ الوَرى مِنكُمُ أَم مِنصَميمِهِمِ
مَن فَضَّلَ العُجمُ فَضَّ اللَّهُ فاهُ وَلَو
فاهوا لَغصّوا وَغَضّوا مِن نَبيِّهِمِ
بَدءاً وَخَتماً وَفيما بَينَ ذَلِكَ قَد
دانَت لَهُ الرُّسلُ مِن عُربٍ وَمِن عَجَمِ
لَئِن خَدَمتُ بِحُسنِ المَدحِ حَضرَتَهُ
فَذاكَ في حَقِّهِ مِن أَيسَرِ الخِدَمِ
وَإِن أَقَمتُ أَفانِينَ البَديعِ حُلىً
لِمَدحِهِ فَبِبَعضِ البَعضِ لَم أَقُمِ
وَما مَحَلُّ فَمي وَالشِّعرِ حَيثُ أَتى
مَدحٌ مِنَ اللَّهِ مَتلوٌّ بِكُلِّ فَمِ
لَكِنَّني حُمتُ ما حَولَ الحِمى طَمَعاً
مَن ذا الَّذي حَولَ ذاكَ الجودِ لَم يَحُمِ
يا أَعظَمَ الرُّسلِ حاشا أَن أَخيبَ وَإِن
صَغُرتُ قَدراً فَقَد أَمَّلتُ ذا عِظَمَ
لَعَلَّنِي مَعَ عِلّاتي سَتُغفَرُ لي
كُبرُ الكَبائِرِ وَالإِلمامُ بِاللَّمَمِ
أَنتَ الشَّفيعُ الرَّفيعُ المُستَجيبُ إِذا
ما قالَ نَفسِيَ نَفسِي كُلُّ مُحتَرَمِ
مالي سِواكَ فآمالي مُحَقَّقَةٌ
وَرأسُ مالِي سُؤالي خَيرَ مُعتَصَمِ
فَاشفَع لِعَبدِكَ وادفَع ضُرَّ ذي أَمَلٍ
يَرجو رِضاكَ عَسى يَنجُو مِنَ الأَلَمِ
حَسبي صِلاتُ صَلاةٍ سُحبُها شَمِلَت
آلاً وَصَحباً هُمُ رُكنِي وَمُلتَزَمِي
بِصِدقِ حُبّيَ في الصِّديقِ فُزتُ وَلا
أُفارِقُ الحُبَّ لِلفاروقِ لَيثِهِمِ
وَقَد أَنارَ بِذي النُورَينِ صَدرِيَ هَل
نَخافُ ناراً وَإِنّا أَهلُ حُبِّهِمِ
بِغَيثِهِم يَومَ إِحسانٍ أَبي حَسَنٍ
غَوثِي وسِبطَيهِ سِمطي جيدِ مَجدِهِمِ
أُطفِي بِحَمزَةَ وَالعَبّاسِ جَمرَةَ ذي
بأسٍ وَأَطوي زَمانِي في ضَمانِهِمِ
صَحبُ الرَّسولِ هُمُ سُولِي وَجودَهُمُ
أَرجو وَأَنجو مِنَ البَلوى بِبالِهِمِ
أُحِبُّ مَن حَبَّهُم مِن أَجلِ مَن صَحِبوا
أَجَل وَأُبغِضُ مَن يُعزَى لِبُغضِهِمِ
هُمُ مَآلي وَآمَالِي أَمِيلُ لَهُم
وَلا يَمَلُّ لِسانِي مِن حَدِيثِهِمِ
لَكِن وَإِن طَالَ مَدحِي لا أَفِي أَبَداً
فأَجعَلُ العُذرَ وَالإِقرارَ مُختَتَمِي
ابن جابر الأندلسي
بواسطة: حمد الحجري
التعديل بواسطة: حمد الحجري
الإضافة: الثلاثاء 2013/04/02 12:40:15 صباحاً
التعديل: الثلاثاء 2013/04/02 12:46:17 صباحاً
إعجاب
مفضلة

أضف تعليق

يجب تسجيل الدخول أو الاشتراك أو تفعيل الحساب اذا كنت مشترك لإضافة التعليق


أعلى القصائد مشاهدة للشاعر
أعلى القصائد مشاهدة خلال 24 ساعة الماضية
انتظر معالجة القصيدة ...
جميع الحقوق محفوظة لبوابة الشعراء .. حمد الحجري © 2005 - برمجة وتصميم
info@poetsgate.com