البدرُ عن وجهِ البشاشة أسفرَا | |
|
| والجو رقَّ نسيمُهُ وتعطَّرا |
|
والنِّيلُ من طربِ المسرَّةِ ماؤُهُ | |
|
| رَوَّى بلذَّتهِ القُلُوبَ وأسكرا |
|
وكواكبُ العلياءِ زادَ وَميضُها | |
|
| وعقودُها أمسَت تفوقُ الجوهَرا |
|
وتجلَّت الهيفاءُ تَلعَبُ بالنُّهَى | |
|
| لعباً تُباعُ بهِ القُلُوبُ وتُشتَرى |
|
عَصماء كلُّ الكائناتِ غَدَت لَها | |
|
| أمةً ترى من سَعدِها أن تُؤمرَا |
|
شَخَصَت إلى الزرقاءِ منها مُقلَةٌ | |
|
| أهدَت إلى هاتُورَ لحظاً ساحِراً |
|
وعلَت على عرشِ الجمالِ بعزِّها | |
|
| فكَسَت أديمَ الأرضِ ثوباً أخضَرَا |
|
مرَّ النسيمُ بها فحيّا باسِماً | |
|
| وجرى فحَفَّ بزهرِها وتبعثَرَا |
|
والتَفَّتِ الأقمارُ تَسطَعُ حولَها | |
|
| كالخاتَم الماسيِّ زانَ الخِنصَرا |
|
واصطفَّت الحورُ الحِسانُ كأنَّها | |
|
| نظمُ الضُّفُوفِ يمجدُ الإسكندَرَا |
|
وكأنني والسَّعدُ كان مُرافقي | |
|
| زُرتُ الجِنانَ وقد وَرَدتُ الكوثَرَا |
|
فسأَلتُ نفسي هل منامٌ ما أرى | |
|
| أم يقظةٌ أم ذا خيالٌ صُوِّرا |
|
هبَّ النسيمُ فشاغَلَت حرَكاتُهُ | |
|
| سِنةَ الخيالِ وأبعدَت طيفَ الكرَى |
|
فذكرتُ شهماً قد دُعِيتُ لعرسِهِ | |
|
| في ذا المساءٍ وحُقَّ لي ألأن أحضَرَا |
|
بدَرت إليه يَدُ الزَّمانِ كأنَّها | |
|
| وجدَتهُ مشغولَ اليَراعِ مُفَكِّرَا |
|
نَثَرَت عليه قلائداً من جوهَرٍ | |
|
| جعلَتهُ نافَسَ في الجلالِ القَيصَرا |
|
وكستهُ من حُللِ المهابَةِ بُردَةً | |
|
| لجمالِها قام الزمانُ مُكَبِّرَا |
|
وَسَمَت به عرشَ البلاغةِ فاعتلَى | |
|
| بفصاحةِ التعبيرِ هاماتِ الذُّرَى |
|
خاض القَريضَ بِفُلكهِ حتى إذا | |
|
| عَبَرَ السريعَ أتى يَؤُمُّ الوَافِرا |
|
الطاهِرُ العَشِّيُّ من نفحاتُهُ | |
|
| في الشِّعرِ مِسكٌ قد يُخالِطُ عنبَرا |
|
الكاتبُ اللَّبِقُ البليغُ بيانُهُ | |
|
| الشاعرُ المطبوعُ مشدودُ العُرَا |
|
شمسُ التُّقَى وَشُعاعُ أقمارِ الهُدَى | |
|
| وسليلُ مجدٍ بالعلاءِ تفاخرَا |
|
روضٌ بزهرِ علومهِ فاقت قنا | |
|
| أترابها وغدَت مكاناً عامرا |
|
حسناتُهُ نفِدَ المدادُ لحصرِها | |
|
| وغدا اليراعُ لعدِّها مُتقاصِرَا |
|
شَغَلَت محاسِنُ فضلِهِ وخصاله | |
|
| أسبى مهاةً للقلوبِ وجُؤذَرَا |
|
جمعت مكارِمُهُ مكارِمَ حاتمٍ | |
|
| وأعاد هاطِلُها زماناً غابِرا |
|
يا مَن لجُودِ يديهِ في أموالهِ | |
|
| نِعَمٌ تفيضُ على اليتامى أنهُرَا |
|
في شأنهِ وجنانِهِ ولسانهِ | |
|
| وبنانهِ حِكَمٌ تُثيرُ الشاعِرا |
|
لو أنَّ موجَ البحرِ مَسَّ يمينهُ | |
|
| لرأيتَ ماءَ البحرِ خالَطَ سُكَّرَا |
|
يا ابن الذي ما ضَمَّ بُردٌ كابنهِ | |
|
| لا زال نجمُ عُلاكَ يبدو زاهِرا |
|
قد شِدتَ سُوقاً للثناءِ ولم تكن | |
|
| بأقلَّ من سوقِ القَريضِ مآثِرالا |
|
منك الشُّمُوسُ أخَذن ضوءَ جبينها | |
|
| وأَتَت تَقُودُ إلى الصَّباحِ العَسكَرَا |
|
صَاغَ النُّحَاةُ اللَّفظَ وَقتَ نَباتِهِ | |
|
| وَظَلِلتَ تُصلحُ فيه حتى نَوَّرَا |
|
يا طاهِرَ الأجدادِ أبلغُ خاطِبٍ | |
|
| قَلَمٌ لك اتَّخَذَ الصحائفَ مِنبَرا |
|
لو أمكن الأقلامَ أن تسعى على | |
|
| قَدَمٍ لعُرسِكَ عَزَّ أن تَتَأَخَّرَا |
|
من كلِّ مَنبِتِ شَعرَةٍ لو كان لي | |
|
| قَلَمٌ يُجيدُ الوصفَ كنتُ مُقَصِّرَا |
|
صَبري إذا ما تَمَّ بَدرُ قِرانِكُم | |
|
| وحلا لهُ التاريخُ قال مُسَطِّرا |
|
بظَريفِ عُرسِكَ طاهِرٌ وَقُدُومِهِ | |
|
| أمَّ السُّرُورُ قِنا وَزارَ الأقصُرا |
|