دعِي لَوْمِي عَلَى فَرْطِ الهَواءِ | |
|
| وَداوي إِنْ قَدَرْت عَلَى الدواءِ |
|
وكُوني عَنْ سُلُوِّي في سُلُوٍّ | |
|
| إِذا أَنْوَى الْحَبيبُ عَلَى النَّواءِ |
|
أَبانُوا يَوْمَ بانُوا عَنْ فُؤادي | |
|
| عُرَى صَبْري فَبَاتُوا بالعَرَاءِ |
|
فَلا حَمَلَتْ هوادِجَها الهوادي | |
|
| ولا سَمِعَت تراجِيعَ الحدَاءِ |
|
تَخُبُّ بِكلِّ عامِرَةٍ وقَفْرٍ | |
|
| وتَخْتَرِقُ الْمَوامِي للتَّنائي |
|
فأنْحَى جازِرّ يَوْماً عَلَيْها | |
|
|
وَناشَتْها السِّباعُ ومَزَّقَتْها ال | |
|
| قَشاعِمُ بَيْنَ أَدْراجِ الفَضَاءِ |
|
ويا حَادِي الْمَطيِّ ألا رِثاءّ | |
|
| وشَرُّ النّاسِ مَعْدومُ الرِّثاءِ |
|
حَدَوْتَ فَكَمْ عُقولٍ طائِشاتٍ | |
|
| وأَرْواحٍ تَروحُ إلى الفَناءِ |
|
فَلا رَفَعَتْ يَداكَ إليكَ سَوْطاً | |
|
| ولا نَقَلَتْكَ مُسْرِعَةُ الخُطاءِ |
|
تُروِّعُني بِبَيْنٍ بَعْدَ بَيْنٍ | |
|
| طويلٍ في قَصيرٍ مِنْ لِقائي |
|
أَمّا بسوَى الفِراقِ لَقيتَ قَلْبي | |
|
| لِتَعْلَم في الحوادِثِ ما غنائي |
|
فإنّي إنْ أَلَمَّ الْخَطْبُ يَوماً | |
|
| وَضاقَ بحَمْلِهِ وَجْهُ الثَّراءِ |
|
وَطاشَتْ عِنْدَهُ أَحْلامُ قَوْم | |
|
| وَحادَ الآخَرونَ إلى الوَراءِ |
|
أَقُومُ بِهِ إذا قَعَدُوا لَدَيْهِ | |
|
| وأَدْفَعُهُ إذا أَعْيا سِوائي |
|
وَمَا الْمرءُ الْمُكَمَّلُ غَيْرُ حُر | |
|
| لَهُ عِنْدَ العَنَا كُلُّ الغَنَاءِ |
|
تَسَاوَى عِنْدَهُ خَيْرٌ وشَرٌّ | |
|
| يَرَى طَعمَ الْمَنِيَّةِ كالْمُنَاءِ |
|
يَحُوزُ السَّبْقَ في أَمْنٍ وخَوْفٍ | |
|
| ويُكْرِمُ عِنْدَ فَقْرٍ أو غِناءِ |
|
تَراهُ وَهُوَ ذو طِمْرَيْن يَمْشِي | |
|
| بِهِمَّتِهِ عَلَى هَامِ السَّماءِ |
|
تُقَدِّمُهُ فَضائِلُهُ إذا ما | |
|
| تَفَاخَرَ بالمَلا كُلُّ المَلاءِ |
|
ألا إِنَّ الفَتَى رَبُّ المَعالِي | |
|
| إذا حَقَّقْتَ لا رَبُّ الثَّراءِ |
|
ومَنْ حازَ الفَضائِلَ غَيْرَ وان | |
|
| فَذاكَ هُوَ الفَتَى كُلُّ الفَتاءِ |
|
فَما الشِّرَفُ الرَّفيعُ بِحُسْنِ ثَوْبٍ | |
|
| ولا دارٍ مُشَيَّدَةِ البِناءِ |
|
ولا بِنُفُوذِ قَولٍ في البَرايا | |
|
| فإنَّ نُفوذَهُ أَصْلُ البَلاءِ |
|
فَرأْسُ الْمَجْدِ عِنْدَ الحُرِّ عِلْمٌ | |
|
| يَجُودُ به عَلَى غادٍ وجَائِي |
|
إذا ما المرْءُ قامَ بكُلِّ فَن | |
|
| قِياماً في السُّمُوِّ إلى السَّماءِ |
|
وَصارَ لَهُ بمَدْرَجَةٍ صُعُودٌ | |
|
| إلى عَيْنِ الْحَقِيقَةِ والْجَلاءِ |
|
وَهامَ لِدَفْعِن مُعْضَلَةٍ وحَلٍّ | |
|
| لِمُشْكِلَةٍ ورَفْعٍ للخَفاءِ |
|
فَذاكَ الفَرْدُ في مَلإِ الْمَعالي | |
|
| كما الفَرْدِ ابن يَحيَى في الْمَلاءِ |
|
فَتىً يَهْتَزُّ عِطْفُ الدَّهْرِ شَوْقاً | |
|
| إِليْهِ لأنَّهُ رَبُّ العَلاءِ |
|
إذا ما جَالَ في بَحْثٍ ذَكاهُ | |
|
| تَنَحَّى عنهُ أَرْبابُ الذّكاءِ |
|
وإِنْ ماراهُ ذُو لَدَدٍ أتاهُ | |
|
| بِما يُنْبِتهِ عَنْ سَوْطِ المِراءِ |
|
تَقاصَرَ عَنْ مَداهُ كُلُّ حَبْرٍ | |
|
| لما يَلْقَاهُ مِنْ بُعْدِ الْمَداءِ |
|
فَيا مَنْ صَارَ في سِلْكِ الْمَعالي | |
|
| هُوَ الدُّرُّ النَّفيسُ لكُلِّ رائي |
|
وضَمَّخَ مَسْمَعَ الأيّامِ طيِباً | |
|
| كما قَدْ طابَ مِنْ حُسْنِ الثَّناءِ |
|
وقامَ بِغَيْرةِ الآدابِ يَدْعُو | |
|
| وفي يُمْناهُ خافِقَهُ اللّواءِ |
|
بَلَغْتَ منَ العَلُوِّ إِلى مَكانٍ | |
|
| تمكَّنَ في السُّمُوِّ وفي السّناءِ |
|
فَعُدْتَ مِنَ البَلاغَةِ في مَحَلٍّ | |
|
| بِهِ الصّابي يَعُودُ إلى الصّباءِ |
|
وصُغْتَ مِنَ القَريضِ بَناتِ فِكْرٍ | |
|
| دَفَعْتَ بِها الوَرَى نَحْو الوَراءِ |
|
وَجِيهَ الدينِ دُمْتَ لِكُلِّ فَنٍّ | |
|
| يُبَهْرِجُ فيهِ أَهْلُ الإدِّعاءِ |
|
تَذودُ الشَّائِبِينَ لَهُ بِجَهْلٍ | |
|
| فيَصْفُوا العِلْمُ عَنْ شَوْبِ القَذاءِ |
|
عُلوُمُكِ زَانَها سَمْتٌ بَهِيٌّ | |
|
| وحُسْنُ السَّمْتِ مِنْ حُلَلِ البَهاءِ |
|
أَتَانِي يا بنَ يَحْيَى منكَ نَظْمٌ | |
|
| تَعَالَى عَنْ نِظامِ أبي العَلاءِ |
|
على نَمَطِ الأَعارِب في لُغاتٍ | |
|
| وفي حُسْنِ الرَّوِيَّ وفي الرُّواءِ |
|
تَحدّى مَنْ تعاورُهُ هُمُومٌ | |
|
| يَعُودُ بِها الجَلِيُّ إلى الْخفَاءِ |
|
يُعاني مِنْ خُصومٍ أو خِصامٍ | |
|
| خُطُوباً في الصَّباحِ وفي المساءِ |
|
فَحِيناً في صُرَاخٍ أَوْ عَويلٍ | |
|
| وحِيناً في شَكاءٍ أَو بُكاءِ |
|
وَإِنْ يَصْفُو لَهُ وَقْتٌ تَراهُ | |
|
| يُوقِّعُ في رِقاعِ الإدّعاءِ |
|
ويُمْضِي اللّيلَ في نَشْرٍ وطَيٍّ | |
|
| بِأَسْجالٍ قَديماتِ البِنَاءِ |
|
وقَفْنا يا بْنَ وُدِّي في شَفِيرٍ | |
|
| ومِنْ رَادَ الشّفيرَ عَلَى شَفاءِ |
|
بذَا قَدْ جاءَنا نَصٌّ صَرِيحٌ | |
|
| فما ذَاكَ السبيل إلى النجاء |
|
فإِنْ قُلْتَ النُّصوصُ بِعَكْسِ هَذا | |
|
| أَتتْنا بالأُجورِ وبالرّجاءِ |
|
كما في أَجْرِ مَنْ يَقْضي بحقٍّ | |
|
| ويَعْمَلُ باجْتِهادٍ في القَضَاءِ |
|
ويَعْدِلُ في حُكومَتِهِ برِفْقٍ | |
|
| ويَلْتَفُّ الْمَكاره بالرِّضاءِ |
|
ويَلْبَسُ بالقُنُوعِ رِدَاءَ عِزٍّ | |
|
| يُطَرِّزُهُ بِوَشْيِ الاِتّقاءِ |
|
ويَدَّرِعُ التَّبَصُّبرَ إِنْ دَهاهُ | |
|
| مِنَ الخَصْمَيْنِ داهِيَةُ البَلاءِ |
|
فَذاكَ كما يَقُولُ وأَيْنَ هَذا | |
|
| هُوَ العَنْقاءُ بَيْنَ أُولِي النُّهاءِ |
|
قُصارَى ما يَراهُ بِغَيْرِ شَكٍّ | |
|
| مِرَاءٌ أَوْ فُضُولٌ مِنْ مِراءِ |
|
ومَنْ لَمْ يَعْقِلِ البُرْهَانَ يَوْماً | |
|
| فَأَنَّى تَنْتَحِيهِ في القَضاءِ |
|
إِذا لَمْ يَفْطَنِ التركيبَ قَاضٍ | |
|
| فَقُلْ لِي كَيْفَ يَفْطَنُ بالْخَطاءِ |
|
ومَنْ خَفِيَت عَلَيْهِ الشَّمْسُ يَوْماً | |
|
| فكَيْفَ تَراهُ يَظْفَرُ بالسُّهاءِ |
|
ومَنْ أَعْياهُ نُورق مِنْ نَهارٍ | |
|
| فكَيْفَ يَرُومُ إدْراكَ الهَبَاءِ |
|
وَهَذِي نَفْثَةٌ مِنْ صَدْرِ حُرٍّ | |
|
| أَطالَ ذُيلَها صِدْقُ الإخاءِ |
|
وأبْرَزُ ما يَبُوحُ بهِ شجِيٌّ | |
|
| إلى أَحْبابِهِ بَثٌّ الشَّجَاءِ |
|
وأعْظَمُ مُسْتَفادٍ مِنْ عِهادٍ | |
|
| تَواصُلُنا بأَصْنافِ الدُّعاءِ |
|
ودُمْ يا بنَ الأكارِمِ في نَعِيمٍ | |
|
| عَظِيمٍ في الصِّفاتِ وفي الصَّفاءِ |
|