في حادِياتِ اللّيالي للْفَتَى عَجَبُ | |
|
| وَفي نَوائِبِها تَفَاوَتُ الرِّيَبُ |
|
فَطالَما أَظْهَرَتْ للناسِ خَيْرَ فَتىً | |
|
| مِنْ قَبْلِها كانَ بالتَّزْويرِ يَحْتَجِب |
|
لَولا التجارِبُ ظَنَّ النّاسُ في شَبَهٍ | |
|
| بأنَّه الفِضَّةُ البَيْضاءُ والذّهَبُ |
|
إن المعادِنَ لَوْلا الحَفْرُ واحِدَةٌ | |
|
| والكُلُّ مِنْها لِوَجْهِ الأَرْضِ يَنْتَسِبُ |
|
والحُلْوُ والْمُرُّ في الشَّيْئَيْنِ مُحْتَجِبٌ | |
|
| فإِنْ بَلَوْتَهُما لم يُجْهَلِ السَّبَبُ |
|
والخَيْرُ والشَّرُّ لا يَدْرِي الفَتَى بِهِما | |
|
| حَتَّى يساوِرَهُ في دَهْرِهِ النُّوَبُ |
|
كَمْ مِنْ فَتىً تَعْشَقُ الأَبْصارَ رَوْنَقَهُ | |
|
| وَدَمْعُها بَعْدَ خُبْرٍ مِنْهُ يَنْسَكِبُ |
|
ومِنْ فَتىً تَزدَريهِ وَهُوَ إنْ صَدَقَتْ | |
|
| مِنْهُ التَّجارِبُ للْمَعْروفِ يُكْتَسَبُ |
|
اُبْلُ الرِّجالَ وَدَعْ عَنْكَ الغُرورَ بِما | |
|
| يَقْضِي بِهِ حَسَبُ الفِتيانِ والنَّسَبُ |
|
فإنْ وَجَدْتَ جَميلاً بَعْدَ تَجْربَةٍ | |
|
| فاشْدُدْ يَدَيْكَ فَهَذا عِنْدِيَ الحَسَبُ |
|
وإنْ وَجَدْتَ قَبِيحاً بَعْدَ مَخْبَرَةٍ | |
|
| فَذاكَ لَمْعُ سَرابٍ كُلُّهُ كَذِبُ |
|
وإِنَّني قَدْ حَلَبْتُ الدَّهْرُ أَشْطُرَهُ | |
|
| وَقَدْ بَلَوْتُ الأَخِلاّ فَوْقَ ما يَجِبُ |
|
وَقَدْ خَبِرتُ الوَرَى في كُلِّ حادِثَةٍ | |
|
| فَلَمْ يكُنْ عِنْدَهُمْ في مَطْلَبٍ أَرَبُ |
|
وكُلُّهُمْ مُظْهِرٌ حُبّاً لذي نَشَبٍ | |
|
| إنْ عادَ يوماً علَيْهمْ ذَلِكَ النّشَبُ |
|
يَدُومُ صَفْوُ الإخا مِنْهُمْ فإن سَلَبَتْ | |
|
| يَدُ الزَّمانِ الذي يَرْجُونَهُ سَلَبُوا |
|
إنْ كُنْتَ تَبْغي وِدادَ النّاسِ كُنْ رَجُلاً | |
|
| فيهمْ لَهُ رَغَبٌ إن شِئْتَ أو رَهَبُ |
|
فإنْ تَكُنْ راغِباً في مِثْلِ ذا رَغِبوا | |
|
| وإن تكُنْ راغِباً عَنْ مِثْلِهِ رَغِبوا |
|
ما لامْرِىء في وِدادِ النّاسِ مِنْ سَبَبٍ | |
|
| إنْ لَمْ يكُنْ عِنْدَهُ يَوْماً لَهُ سَبَبُ |
|
ومَنْ يَقُلْ غَيْرَ ذا قُلْ أَنْتَ في غَرَرٍ | |
|
| وَلَسْتَ مِنْ مَعْشَرٍ للنّاس قَدْ صَحبُوا |
|
سَتَعْرِفُ الأَمْرَ إنْ نابَتْكَ نائِبَةٌ | |
|
| أَوْ أَمْكَنَتْ فُرْصَةٌ في مِثْلِها يَثِبُوا |
|
فَلُذْ بِحَبْلِ التُّقَى والعِلْمِ مُطَّرِحاً | |
|
| كَسْبَ الإخاءِ فَهَذا الأَمْرُ مُضْطَرِبُ |
|
لا تَقْتَحِمْ لِوِدادِ النّاسِ مَهْلَكَةً | |
|
| يَغْتَالُكَ الوَيْلُ والتَّنْكِيدُ والنَّصَبُ |
|
ولَسْتُ مُسْتَثْنِياً مِنْهُمْ سِوَى نَفَرٍ | |
|
| في رَبْعِهِمْ للأَخِلاّ يُرْفَعُ الطَّنَبُ |
|
يَصْفُونَ إِنْ كُدِّرَتْ أَخْلاقُهُمْ كَرَماً | |
|
| وإنْ يَشُبْ مَحْضَ وُدِّي القَوْمُ يَشِبُوا |
|
يُقَدِّمونَ قَضا حَاجِ الصَّديقِ عَلَى | |
|
| حاجَاتِهِمْ إِذْ رَأَوْهُ بَعْضَ ما يَجِبُ |
|
ومِنْهُمُ العالِمُ السَّبّاقُ في رُتَبٍ | |
|
| حَتَّى حَوَى غايَةً تَعْنُو لَهَا والرتَبُ |
|
حِيناً يَحُلُّ رُموزَ العِلْمِ إِنْ خَفِيَتْ | |
|
| وتارةً عِنْدَهُ الأَشْعارُ والخُطَبُ |
|
يَمْشِي عَلَى نَمَطِ الأَعْرابِ إِنْ نَظَمَتْ | |
|
| يَراعُهُ كَلِماتٍ شَأْنُها عَجَبُ |
|
انْظُرْ إلى مِدَحٍ منْهُ مُجَوَّدَةٍ | |
|
| كأنّما نُظِمَتْ في سِلْكِها الشُّهُبُ |
|
وانْظُرْ حَماسَةَ نَظْمٍ منه رائِعَةً | |
|
| كأَنَّها في الطُّروسِ البِيضُ والنِّيَبُ |
|
تَحْكِي لَنا مِنْ خُطوبِ الدَّهْرِ مُعْضِلَةً | |
|
| وفِتْنَةً نارُها في السَّفْحِ تَلْتَهِبُ |
|
مِنْ جاحِدٍ نِعْمَةَ الْمَوْلَى الإمامِ وقَدْ | |
|
| أَوْلاهُ مِنْ سَيْبها ما لَيْسَ يَحْتَسِبُ |
|
لمْ يَنْهَهُ كَرَمٌ لَمْ تُثْنِهِ نِعَمٌ | |
|
| لم تُلْهِهِ نِقَمٌ في كَفِّها العَطَبُ |
|
ولم يَنَلْ مِنْهُ ما يَرْجُوهُ مِنْ ظَفَرٍ | |
|
| بِذلِكَ الحَرْبِ لا بَلْ نالَهُ الحَرَبُ |
|
خَفِّفْ عَلَيْكَ ابنَ يَحْيَى ما دَهَاك بهِ | |
|
| رَيْبُ الزَّمانِ فَما في رَيْبِهِ رَيَبُ |
|
كانَتْ سَحابَةَ صَيْفٍ ما تَأَلَّفَ في | |
|
| أطْرافِها البَرْقُ حَتَّى انْجابَتِ السُّحُبُ |
|
أو مِثْلَ صَوْت رياحٍ زَعْزَعٍ زَحَفَتْ | |
|
| عَلَى الجِبال فَما مَادَتْ لَها كُثُبُ |
|
من يَنْطَحِ الصَّخْرَةَ الصَّماءَ تَهْشِمُهُ | |
|
| والصَّخْرُ بالنَّطْحِ يَوْماً لَيْسَ يَنْشَعِبُ |
|