مَسامِعُ مَنْ نادَيتَ يا عُمْرُو سُدَّتِ | |
|
| وصُمَّتْ لَدَى صَفْوٍ مِنَ النُّصْحِ صُمَّتِ |
|
لَعَمْرُكَ ما في الّركْبِ ذُو لَوْعَةٍ وَلا | |
|
| بِذا الْحَيّ مَنْ تُزْجَى إلَيْهِ مَطِيَّتي |
|
فيَا طَالَ ما قَدْ صِحٍْتُ هَلْ مِنْ مُساعِدٍ | |
|
| ويا طَالَ ما قَدْ دُرْتُ بَيْنَ البَريَّةِ |
|
فَلَمْ أَرَ إلا شارِقاً ببَلاهَةٍ | |
|
| يَطيشُ بِها أو مُصْمتاً بتَقيَّةِ |
|
فَهَذا يَرَى طُرْق الصّوابِ أمامَهُ | |
|
| فَيَدأبُ في تَصْحيحِ ذاتٍ سَقيمَةِ |
|
وَهَذا عَلِيمٌ بالجُليَّةِ عارِفٌ | |
|
| ولكِنَّهُ لا يَشْترِيها بِبَيْسَةِ |
|
فَمَن لكَ بالمَلاّكِ مِقْودَ نَفْسهِ | |
|
| يَحُلُّ بِها حَيْثُ الْحَقيقَةُ حَلَّتِ |
|
يُهاجِرُ في حُبِّ الملِيحَةِ إلْفَهُ | |
|
| ويَقْطَعُ فيها حَبْلَ كُلِّ وَصِيلَةِ |
|
ويَبْعُدُ إنْ رَامَ الْقَريبُ فِراقَها | |
|
| ويَقْرُبُ إنْ مَا أَلْسُنُ الْعَذْلِ لَجّتِ |
|
ويَلْبسُ للتَّعْنيفِ دِرعاً حَصِينَةً | |
|
| ويَنْزِعُ عَنْ أعْطافِهِ ثَوْبَ شُهْرَةِ |
|
ويَطَّرِحُ الآمالَ غَيْرَ مُعَرِّجٍ | |
|
| عَلَى ما بِهِ عَنْ رُتْبَةِ الْمَجْدِ ألْهَتِ |
|
يَجوسُ دِيارَ الْحَيِّ في كُلِّ ساعَةٍ | |
|
| ويَنْزِلُ في أرْجائها بالسَّوِيَّةِ |
|
يَحُطُّ بِدارِ الباهِليَّةِ رَحْلَهُ | |
|
| صَبَاحاً ويأْتي دَارَهُ بالعَشِيَّةِ |
|
يُصَمِّمُ عَزْماً كالحُسامِ وهِمَّةً | |
|
| مَدَى الدَّهْرِ لا يَرْضَى لَهُ بالمَذَلّةِ |
|
إلَى أَنْ يَرَى الْمُبيَضَّ مِنْ طُرُقِ الْهُدى | |
|
| وتَنْجابَ مِنْ دَاعِي الْهَوَى كُلُّ ظُلْمَة |
|
فَيُلْقي عَصَا التَّرْحالِ عَنْ كاهِلِ الصِّبا | |
|
| ويَحْمدَ ما لاَقَى بِهِ مِنْ مَشَقَّةِ |
|
ويَلْتَذَّ ما قَدْ نَالَهُ مِنْ أَذَى الْهَوَى | |
|
| ويَشْكرَ مَسَراهُ عَلَى الأبَدِيَّةِ |
|
فَكْلُّ أَذىً في جانِبِ الْغِزِّ هَيِّنٌ | |
|
| وكُلُّ عَناً في شَاْنِهِ غَيْرُ حَسْرَةِ |
|
فَلَسْتَ ابنَ حُرٍّ إنْ تَهَيَّبْتَ في الْعُلاَ | |
|
| مَتالِفَ حالَتْ دُونَ عِزٍّ ورِفْعَةِ |
|
ولَسْتَ مِنَ الْعُرْبِ الصَّمِيمِ نجارُهُ | |
|
| إذا لَمْ تَنَلْ في الْمَجْدِ أَرْبَحَ صَفْقَةِ |
|
أَيَرْضَى بإعْطاءِ الدَّنيَّة ماجِدٌ | |
|
| ويَجْعَلُها يَوْماً مَكانَ الْعَلِيَّةِ |
|
ويَقْنَعُ مِنْ وِرْدِ الصَّباءِ بِشُرْبَةٍ | |
|
| عَلى الضَّيْمِ شِيَبتْ بالقَذَى والْكُدُورَةِ |
|
وَيَرْضَى بِتَقْلِيدِ الرِّجالِ مُصَرِّحاً | |
|
| بسَدِّ طَرِيقٍ سُهِّلَتْ للْبَرِيَّةِ |
|
وما سُدَّ بابُ الْحَقِّ عَنْ طالِبِ الْهُدَى | |
|
| ولكِنَّ عَيْنَ الأَرْمَدِ الْفَدْمِ سُدَّتِ |
|
رِجالٌ كَأمثالِ الْخَفافِيشِ ضَوْؤُها | |
|
| يَلُوحُ لَدَى الظلَّمْا وتَعْمَى بضَحْوَةِ |
|
تَجُولُ بِهِ ما دَامَ في كُلِّ وُجْهَةٍ | |
|
| فإنْ طَلَعَتْ شَمْسُ النَّهارِ تَخَفَّتِ |
|
وَهَلْ يُنْقِصُ الْحَسْناءَ نُقْصانُ رَغْبَة | |
|
| إلى حُسْنِها مِمَّنْ أَصِيبَ بِعُنَّةِ |
|
وهل حط قدر البدر عند طلوعه | |
|
|
وما إنْ يَضُرُّ الْبَحْرَ إنْ قامَ إَحْمَقٌ | |
|
| عَلَى شَطِّهِ يَرْمِي إلَيْهِ بِصَخْرَةِ |
|
فَخُضْ في بِحارِ الاِجُتهادِ وعَدِّ عَنْ | |
|
| رجالٍ تَسَلَّتْ عَنْ سَناهُ بِفِرْيَةِ |
|
تُصيخُ إلى دَاعي التَّعَصُّبِ رَغْبَةٌ | |
|
| وإنْ يَدْعُها يَوْماً إلى النِّصْفِ فرَّتِ |
|
إذا رَجُلٌ أَهْوَى إليها بِربْقَةٍ | |
|
| أمالَتْ إلى التَّقْليدِ جِيداً ولَبَّتِ |
|
وإنْ رُمْتَ فَكَّ الأَسْرِ عَنْها تَمَنَّعَتْ | |
|
| وقالَتْ دَعونِي في الإسارِ ونِسْعَتي |
|
فَعَيْنَي عَنْ طُرْقِ الصَّوابِ عَمِيَّةٌ | |
|
| وأذْنيَ عَنء داعي النَّصيحَةِ صُمَّتِ |
|
وَهاتِ كَلامَ الشَّيْخِ لَسْتُ بسامِعٍ | |
|
| سِواهُ وَدَعْني مِنْ كِتابٍ وسُنَّةٍ |
|
فأشياخُنا السُّبّاقُ في كُلِّ غايَةٍ | |
|
| وأَسْلافُنا أَربابُ كُلِّ فَصِيلةِ |
|
فَلا قَوْلَ إلا ما تَقُولُ غَزيَّةٌ | |
|
| وَلا رأْي إلا ما يَلوحُ لِعَزَّةِ |
|
وَدَعْ عَنْكَ عِلْماً لا يَهُزُّ قَنَاتَهُ | |
|
| كما قِيلَ إِلا فِرْقَةُ الْحَشَوِيَّةِ |
|
فَهذَا جَوَابُ الْبُكْمِ يا عَمْرُو إنْ دعا | |
|
| إلى طُرُقِ الإرْشادِ دَاعي الْمَبَرَّةِ |
|
فبادِرْ بإلقاءِ القِلادَة مُسْرِعاً | |
|
| فإنّ الرّضا بالأسْرِ أعْظَمُ خِزْيَةِ |
|
وإنْ كُنتَ سَهْماً نافِذاً مُتَبَصِّراً | |
|
| فَدَعْ ما بِهِ عَيْنٌ مِنْ الْعُمْي قَرَّتِ |
|
فما جاءَنا نَقْلٌ بِقَصْرٍ ولا أتَى | |
|
| بذلِكَ حُكْمٌ للعُقُولِ الصَّحِيحةِ |
|
وَما فَاضَ مِنْ فَضْلِ الإلَهِ عَلَى الألي | |
|
| مَضَوْا فَهْوَ فَيَّاضٌ عَلَيْهمْ بِحِكْمَةِ |
|
وَلاتَكُ مِطْواعاً ذَلولاً لِرائِضٍ | |
|
| تَصِير بِهذا مشْبهاً للبَهيمَةِ |
|
فَهَذا هُوَ الدَّاءُ الْعُضالُ الذي سَرَى | |
|
| بِهَذا الْوَرَى بَلْ أَصْلُ كُلِّ بَلِيَّةِ |
|
فلا خَيْرَ في عِلْمٍ يُضِلُّ عَنِ الْهُدَى | |
|
| ويَجْذِبُ أَهْلِيهِ إلى الْعَصَبِيَّةِ |
|
وفي الْجَهْلِ عَن بَعْضِ المعارِفِ راحَةٌ | |
|
| إذا لم تَقُدْ أَرْبابَها نَحْوَ نِصْفَةِ |
|