حَيّا نَسيمُكَ حَتّى كادَ يُحييني | |
|
| يا تونِسَ الأُنسِ يا خَضرا المَيادينِ |
|
سَرى عَليلاً وَوافى بالسَلام إِلى | |
|
| مُضنىً بِحُبِّك نائي الدارِ مَغبونٍ |
|
فَجَدَّ بي الشَوقُ واِستَولى عَلى جَلدي | |
|
| وَصِرتُ أَخفيهِ حَتّى كادَ يُخفيني |
|
وَبِتُّ في حُرَقٍ وَالطَرفُ في أَرقٍ | |
|
| وَالنَومُ أَعصيهِ أَحياناً وَيَعصيني |
|
سَقى رُبى تونِسَ الخَضرا وَساكِنَها | |
|
| سُحبٌ منَ السَعدِ تُرضيهِم وَتُرضيني |
|
وَلا أَذاقَني الرَحمانُ فُرقَتَها | |
|
| فَبُعدُها موجِبٌ ضَعفي وَتَوهيني |
|
رَبعُ الأَماني وَمأوى كُلّ ذي أَدَبٍ | |
|
| وَمَسكَنٌ لِلمَها وَالخُردِ العينِ |
|
مَنشا شَبابي وَأَترابي وَمُرضِعَتي | |
|
| ثَديُ السُرورِ الَّذي لا زالَ يُرويني |
|
قُم يا نَديمي نُباكِر رَوضَها سَحَراً | |
|
| فالسَعدُ نادى بِنا مِن بابِ سضعدون |
|
أَهدى الرَبيعُ لَنا ظَرفاً وَتَكرِمَةً | |
|
| شَميمَ أَنفاسِهِ ضِمنَ الرَياحينِ |
|
أَما تَرى أَعيُنَ الأَزهارِ شاخِصَةً | |
|
| لِلَّهوِ وَالأُنسِ وَالأَفراحِ تَدعوني |
|
ساعِد أَخاكَ إِلىَ أَريانَةٍ فَبِها | |
|
| رَوضٌ تَوَشّى بوَردي وَنسرينِ |
|
واِغنَم بِها نَفَسَ الأَزهارِ مُصطَحِباً | |
|
| مِن خَمرَةٍ عُتِّقَت في دَيرِ عَبدونِ |
|
وَمِل لِشُطرانَة عِندَ الغَبوقِ وَقِف | |
|
| واشرَطِ بِها ما تَشا يأتيك في الحينِ |
|
وَجَعفَرٍ لا ذوَت أَغصانُهُ وَسَقَت | |
|
| ثُغورَ أَزهارِهِ بِنتُ الزراجينِ |
|
ظِلّ ظَليلٌ وَماءٌ كالسّلاف عَلى | |
|
| رَجعِ النَواعيرِ رَبّاتِ التَلاحينِ |
|
واِرتَد لِنَفسِكَ في رَوّادَ مَنزِلَةً | |
|
| واِخلَع عِذَارَكَ فيها خَلعَ مأمونِ |
|
واِحمل إِلى شاطىء المَرسى وَقُبَّتها | |
|
| خَمراً مُشَعشَعَةً مِن خَمر بَرزونٍ |
|
وَواصِلِ القَصفَ وارفُل في مَلابسه | |
|
| واِترِع بِها الكأسَ واِشرَبها وأسقيني |
|
وَسَرّحِ الطَرفَ مُرتاحاً وَمُبتَهِجاً | |
|
| في خُضرَةِ البَحرِ أَو خُضرِ البَساتينِ |
|
وَالغيد تَمرَحُ وَالغُزلانُ تَسبَحُ ما | |
|
| في البَرِّ ضَبّ وَلا في البَحرِ مِن نون |
|
تُلفي العَذول عَذيراً في خلاعَتها | |
|
| إِذ حُسنُها نابَ عَن نَصَبِ البَراهِنِ |
|
وَاِسلُك إِلى جَبَلِ الباجي وَتُربَتهِ | |
|
| وَاسأل هُناكَ عَطاءٌ غَيرَ مَمنونٍ |
|
حَتّى إِذا ما بَلَغتَ الحَدّ مِن طَرَبٍ | |
|
| وَأَبتَ لِلجدّ بَعدَ اللَهوِ وَاللينِ |
|
فاِسرِع إِلىَ حَلقِ واديها وَشمهُ تَرَ | |
|
| ما خَلَّدَتهُ يَدُ الشم العَرانينِ |
|
تَرى بِهِ الفُلكَ بالأَبراجِ مُحدقَة | |
|
| مِثلَ البَيادِقِ طافَت بالفَرازينِ |
|
تَزَيَّنَت بِصُنوفٍ مِن مَدافِعَها | |
|
| سودٍ فَواغِر أَمثالَ الثَعابينِ |
|
وَاِسأل أَبا لحيَةٍ ذاكَ المُجاهِدَ عَن | |
|
| أَفعالِهِ في أَعاديهِ المَلاعين |
|
وَادخُل إِلى القِشلَةِ الكُبرى فَإِنَّ بِها | |
|
| جُنداً مَفاخرُهُم بالمَدحِ تُغريني |
|
أُسدُ العَساكِرِ في غَيلِ السِلاحِ جَثوا | |
|
| لِنَصرِ سُلطانهم وَالقُطرِ وَالدينِ |
|
في سورَةِ الصفِّ مِن أَحوالهم مَثَلٌ | |
|
| لا زالَ سَعدُهُم في حَرزِ ياسينِ |
|
واِركُض إِلى قشلَةِ المُركاضِ تُلفِ بِها | |
|
| قَوماً كِراماً عَلى غُرٍّ مَيامينِ |
|
تَحكي قَواضِبُهُم لَمعَ البُروقِ دُجىً | |
|
| بِكُلِّ عَضبٍ بِماء النَصرِ مَسنون |
|
وَفي فَنا قشلَةِ القَنديلِ أسدُ شَرى | |
|
| قَد تاجَروا اللَهَ تَجراً غَيرَ مَغبونِ |
|
الحَزمُ وَالصَبرُ وَالإِذعانُ دأبُهُمُ | |
|
| في حُسنِ سَمتٍ بعز النَصرِ مَقرون |
|
وَإِن وَصَلتَ إِلى قَصرِ الخِلافَةِ قُل | |
|
| حُيِّيتَ حُييتَ يا مأوى السَلاطينِ |
|
يا قُبَّةَ العَدلِ يا دارَ الإِمارَة يا | |
|
| مَلجا لِكُلِّ غَريبِ الدارِ مَسكينِ |
|
لا زِلتَ تَخلُدُ في عز وَمَكرُمَةٍ | |
|
| لسادَة المصرِ أَربابِ الدواوينِ |
|
فَيا مَنازِلَ ذي فتكٍ وَذي نُسُك | |
|
| وَيا مَعالِمَ تَلحينٍ وَتأذينِ |
|
أَنتِ المُنازِلُ حَقاً لا مَنازِلُ مَن | |
|
| يَقولُ يا نَسمَةً مِن نَحوِ دارين |
|
ما شادَ ذِكرَكَ قَبلي مَن يَقولُ بِها | |
|
| باكر سُعودَكَ لَيسَ الوَقتُ بالدون |
|
حَذَوتُ حَذوَ أَبي العَبّاسِ أَحمَدَ في | |
|
| نَسيمُ تونس حَيّاي وَيُحييني |
|
فَخري وَذُخري وَأستاذي الشَهيرِ ومن | |
|
| وَجدي بِهِ في تَجاويف الشَرايينِ |
|
مُثني الوِزارَةِ مِن سَيفٍ وَمِن قَلَمٍ | |
|
| وَمَنصِبٌ غَير مُحتاجٍ لِتَبيينِ |
|
يَدومُ في العَز فَذّا لاَبساً أَبَداً | |
|
| سَعادَةً مِن إِلَهِ الكافِ وَالنونِ |
|