ألا مبلغ ما بين صنعا إلى مصر |
من العرب العربا سلاماً بلا حصر |
ومن بعد تبليغ السلام عليهم |
فأهدى لهم نصحا صحيحاً بلا نكر |
ألا إن سلطان البسيطة لم يزل |
حريصا على الإسلام من ملل الكفر |
ولولاه كان الكفر عمّ ممالكا |
وطمّ عليكم سالبا أحسن العمر |
فبادر بالجند الكثيف إليكم |
لنفعكم لا للمشقة والقهر |
وراحة مسكين وغوث مروع |
وتأمين ذي خوف وردع ذوى الغدر |
وما بادر السلطان حرصاً لمالكم |
وجمع حطام فهو كالعود في البحر |
وما دخلكم كافٍ لخرجٍ أموركم |
وكل بهذا منكم جهرة يدرى |
أتاكم من الحفظى نصحا مصححا |
سليماً من الغش المحقق والغدر |
وإني بحمد اللّه قد عشت بينكم |
كثيرا وما خالفت ما قلت في السطر |
وإن زور الحساد في أساطراً |
فقد نسبوا المختار للكذب والسحر |
وشجوا له وجها وسبوه عنوة |
وبعض ثناياه تناهت إلى الكسر |
وقد أمر المولى إذا جاء فاسق |
بأنبائه أن يستبين أولى الأمر |
فلما استبانوا إنني غير قابل |
أقاويل أهل الافترا عظموا قدرى |
بعفوٍ وإن أبقيت في دار غربة |
فقد شرح الرحمن من فضله صدرى |
ولا ذنب لي في أرض قومي وغيرها |
سوى البحث في علم الفوائد والنشر |
وتعليم ذي جهل وإرشاد طالب |
وتحكيم هذا الوحي بالطوع والقهر |
وما رعرعت قلبي أقاويل فاسق |
ولا زعزعت نفسي أقاويل ذي الغدر |
وما ضرني ألا تفرق شملكم |
فمن ذاك أصبحتم كخط على البحر |
ولو أنكم قمتم لطاعة من له |
وجوب استماع القول في النهى والأمر |
لكنتم بخير في نعيم وراحة |
وما كان مقتولا ولا كان ذا أمر |
ولكن لما فرق اللّه شملكم |
رأيتم من الأهوال قاصمة الظهر |
ولا سيما ما بين صنعا وريمة |
وما بين زهران بين بنى بكر |
وأما أراضي الحجاز ومن بها |
ففيها بنو المختار واسطة السطر |
فما خالفوا السلطان قدما ولا خفا |
ولا فعلوا شيئا قبيحا من النكر |
وكيف وهم خير الأنام ومنهم |
تنورت الأكوان في البر والبحر |
بحبهمو قلبي ونفسي تودهم |
وهم خيرتي حتى أوسد في القبر |
محبهم الإيمان قد حل قلبه |
ومبغضهم يدعى إلى الخزى والشر |
سفينة نوح قد نجا راكب لها |
وتاركها لم ينجه أيما أمر |
وقد أمنوا تلك البقاع وطهروا |
معالمها فاسمع إذا كنت لم تدر |
رجال كرام من سلالة هاشم |
ملوك تعالوا عن جفاء وعن غدر |
عليهم سلام اللّه في كل ساعة |
دواما مدى الأفلاك في فلكها تجري |
وأنعم بمصر لست أشتم أهلها |
هي الأرض في ذكر المناقب والقدر |
فيا من بقى من نسل أزد شنوءةٍ |
ومن غيرهم عودا عن الغي والنكر |
ولا تسمعوا ممن قتلتم رجالهم |
وصاروا حصيداً كالهشيم من النثر |
قلوبهم مما فعلتم مريضة |
وإن طال هذا العهد فالقوم في ذكر |
وأنهم لمّا سمعتم مقالهم |
تبروا وقالوا أنتم قدوة الغدر |
وخابوا فقد دلوكم برثاثة |
حبال عراها لا تمنع من يدرى |
فعودا إلى الرحمن فهو الذي به |
تقوم معالى الدين في البر والبحر |
وينصر مظلوما ويقمع ظالما |
ودين ذوي الإسلام يعلو على الكفر |
إليكم بنى قحطان نظمى مذكّراً |
قديم عهاد لست أنساه من عمري |
وقولوا لشهران وهمدان مثلما |
ذكرت لكم من كل نهى ومن أمر |
وأوصيكموا أيضا ونفسي أولاً |
بطاعة ذي الأحسان في اللف والنشر |
فمن يطع الرحمن لم يلق كربة |
ولا ناله تكدير زيد ولا عمر |
وكونوا على التقوى ككف وساعد |
تنالوا لجمع الشمل خيرا بلا حضر |
أما تنظرون النحل حال اجتماعها |
نمت عسلا يشفى العليل من الصدر |
وما كان للذبان عند افتراقها |
سوى الخزى والتدمير والذل والخسر |
كفى مثلا هذا لمن كان عاقلا |
فلا تهملوه في حياتي وفي قبري |
ولا تسمعوا من غرة القرد في الذرى |
يحوم مع الغربان في طيشة الفكر |
يود بأن يلقى بأفعال نفسه |
سرورا وهذا قائد الخزى والضر |
فمن ناطح السلطان كسر قرنه |
وهل ضرر يلقى أشد من الكسر |
ونحن بحمد اللّه تعرف حقه |
قديما وبالطاعات للمرتضى ندري |
ولكنه قد حال ما بيننا الذي |
يحق لنا من ذاك واسعة العذر |
وإلا فكل منكم عارف له |
فضائله لكن بليتم من القهر |
ومن يبله الكيد الخئون بنكبة |
فمرهما التقوى مع الصدق والصبر |
إليكم أتت تختال في حلل لها |
من النصح والإخلاص والنهى والأمر |
أتتكم من الروم الذي شاع صيته |
بعيد عن الأهلين في قبضة الأسر |
ولكنني والحمد للّه صابر |
ولا أتمنى فائتاً مدة العمر |
ولي حسن ظن أن يعجل غارة |
علي بفك الأسر من حيث لا أدري |
وما أنا أشتاق البلاد وأهلها |
وإن إخوتي كانوا بها وبها أمرى |
فما بلدي أمي ولا الروم والدي |
ولا يمنٌ عمى ولا شامنا صهرى |
ولا أتغنى بالبكاء لوصلها |
ولا بالتشكى فهو بالمبتلى يدري |
وإني من قوم كرام أعزة |
مناقبهم جلّت عن العد والحصر |
ولكن ذنب يكنت منه مشردا |
سأغسله إن عشت في السرو والجهر |
وإني بحمد اللّه معترف به |
ومن لطفه ما زلت في نعم تجرى |
ولست بذي عييٍّ إذا كنت ساكنا |
وإن ابتدى بالنطق كنت به أدرى |
وبدء نظامى والختام اسم ربنا |
تعالى عن الإشراك مرتفع القدر |
وأيضا صلاة والسلام على الذي |
به تنجلى الأهوال في موقف الحشر |
وآل كرام ثم صحب وتابع |
وتابع إرشاد إلى منتهى الدهر |
عليهم صلاة اللّه ما قلت جهرة |
ألا مبلغ ما بين صنعا إلى مصر |