أرَكباً سَرى إِذ شامَ بَرقاً يَمانيا | |
|
| لِيَهنِكُم أَنّا بَلَغنا الأَمانيا |
|
تَأَلَّق في ظَلمائِهِ فَكَأنَّهُ | |
|
| مَباسِمُ تَحكِي في سَناها اللّآلِيا |
|
زَجَرنا بِهِ الآمالَ فَاِبتَسَمَت لَنا | |
|
| وَضاءَت كَما أَضحى يُضِيءُ الدَياجِيا |
|
وَروَّع أَحشاءً تَحِنُّ لِمَعهَدٍ | |
|
| تَقَضَّت بِهِ عَهدَ الشَباب تَقاضيا |
|
وَما زالَ هَذا البينُ يُوقِدُ لَوعَةً | |
|
| أَبَت في فُؤاد الصَبِّ إِلّا تَماديا |
|
فُؤادٌ دَعاه الحُبُّ مِن بَعد كَبوَةٍ | |
|
| وَما لِلهَوى بَعدَ المَشيبِ وَما ليا |
|
وَلَكنَّ أَدواءَ الهَوى إِن تَمكَّنَت | |
|
| لَواعِجُها لَم تُلف مِنهنّ شافيا |
|
أَلا حَيِّ مَغنىً لِلحَبيب وَإِن نَأى | |
|
| وَماذا عَلى صَبِّ يُحيِّي المَغانيا |
|
وَنَحنُ وَقَد حَقَّ الكتابُ مَعاشِرٌ | |
|
| رَضينا الهَوى فليَقض ما كانَ قاضيا |
|
رَعى اللَهُ أَهل الحُبِّ مِن كُلّ حادثٍ | |
|
| وَلا راعَهُم عَذلٌ لِمَن كانَ لاحِيا |
|
نَرُدُّ عَلى الأَعقاب صَوبَ مَدامع | |
|
| حَذار رَقيبٍ لَيسَ يَبرحُ وَاشيا |
|
وَلولا عُيونُ الكاشِحينَ لَأَخلَفَت | |
|
| مَدامِعُ نُجرِيها الغَمامَ الغَوادِيا |
|
وَهَيهاتَ إِطفاءُ الهَوى بِجَوانِحٍ | |
|
| تَذوب إِذا ما الرَكبُ أَصبَحَ غاديا |
|
يَهيج الصَبا أَن هَبَّ مِن أَرض حاجِرٍ | |
|
| كَوامِنَ أَشواقٍ تُزِيلُ الرَواسيا |
|
عَذير غَريرٍ في الهَوى لَعبت بِهِ | |
|
| صَباباتُ ذِكراه الرُبوع القَواصِيا |
|
إِذا غَرَّدَت في الأَيكِ وَهناً حَمامَةٌ | |
|
| تَذكَّرَ نَجداً وَالنَقا وَالمَغانيا |
|
وَبَيتاً عَتيقاً في أَباطِحِ مَكَّةٍ | |
|
| رَفيعاً مِن الدِيباجِ ما زالَ حاليا |
|
إِذا ما دَنا مِنها الرِّكابُ تَجَرَّدوا | |
|
| وَطافوا بِها شُعثاً ظِماءً بَواكيا |
|
وَأَيقَن كُلٌّ أَنَّهُ بِبُلوغه | |
|
| لِذاك الحِمى نالَ المُنى وَالأَمانيا |
|
وَأَضحى أَميناً مِن عَذاب إِلاهِهِ | |
|
| وَمِن بَعد سُخط يَستَبيح المَراضيا |
|
هَنيئاً لِقَومٍ ناظِرينَ جَمالَها | |
|
| عُكوفاً عَلَيها يَحمَدون المَساعيا |
|
قَضوا تَفَثاً بَعدَ الإِفاضة وَاِنثَنوا | |
|
| لِطَيبَةَ يُزجون القِلاصَ النَواجيا |
|
وَراحُوا عَلى إِثر الوَداع وَحَصَّبوا | |
|
| عَلى مَرَحٍ يَطوون تِلكَ الفيافيا |
|
وَما فَصَلُوا حَتّى تَراءَت بَعيدَةً | |
|
| مِن الغَور أَنوارٌ تُنيرُ المَحانيا |
|
وَهَبَّت رِياحٌ عاطِراتٌ بِليلة | |
|
| كَما فاحَ رَوضٌ بِالأَزاهِر حاليا |
|
فَجدَّت عَلى الأَينِ الرِكابُ وَهَيمَنَت | |
|
| رَكائِبُهُم كَيما تَنال التَدانيا |
|
وَلَمّا دَنَت أَرض الحَبيب تَرجَّلُوا | |
|
| وَأَظهَرَتِ الأَشواقُ ما كانَ خافيا |
|
وَعَفَّرَ كُلٌّ في التُراب وُجوهَهُم | |
|
| تُراب بِهِ خَيرُ الوَرى كانَ ماشيا |
|
وَخَرَّت مُلوكُ الأَرض فيهِ جَلالَةً | |
|
| لِمَن كانَ فيهِ يَسحَبون النَواصيا |
|
أَلا يا بقاعاً في البَقيعِ وَوادِياً | |
|
| بِهِ خِيرَةُ الرَحمَنِ حُيِّيتَ واديا |
|
فَوَاللَهِ لا أَنسى زَمانا قَطَعتُهُ | |
|
| بِمَغناكَ حَيثُ السَعد كانَ مواتيا |
|
وَيا وافِداً قَد أَنزَلَته عِنايَةٌ | |
|
| هُناكَ فَأَضحى بِالكَرامَة راضيا |
|
لَكَ اللَهُ ما أَهنا وَأَكرَم مَوطِناً | |
|
| ثَوَيتَ بِهِ حَيّاك رَبّي ثاويا |
|
فَعَنّي لِخَير الرُسل أَدِّ رِسالَةً | |
|
| وَإِيّاك تَنسى أَو تُرى مُتَناسيا |
|
فَقُل بَعدَ إِهداءِ السَلام تَحِيَّة | |
|
| تَعُمُّ ضَجِيعَيه الكرام المَواليا |
|
إِلَيك رَسول اللَه مِن أَرضِ مَغرب | |
|
| عَنِ المُذنب الجاني أَتيتُك شاكيا |
|
عَن ابنِ هِشامٍ الأَسير لِنَفسه | |
|
| وَأَهوائِهِ يَبغي لَديكَ التَفاديا |
|
عَن ابنِ هِشامٍ الَّذي قَد تَقاعَدَت | |
|
| بِهِ عَنكَ أَشغالٌ أَصارَته عانيا |
|
عَنِ ابنِ هِشام الَّذي لَيسَ يَرتَجي | |
|
| سِواك فَحَقِّق فيكَ ما كانَ راجيا |
|
يُحاوِلُ إِصلاحاً لِأُمَّتِكَ الَّتي | |
|
| رَجَوناك تَنفي عَن حِماها الأَعاديا |
|
رَجَوناكَ تَكفِينا المَخاوف كُلَّها | |
|
| فَما زِلتَ في كُلّ المَخاوف كافيا |
|
رَجَونا لَدَيك النَصرَ في كُلِّ حالَةٍ | |
|
| عَلى مَن غَدا بِالغَيِّ في الناس باغيا |
|
رَجَوناك تَرعانا مِنَ الفِتَن الَّتي | |
|
| غَدا أَهلُها فيها الأُسود الضَوارِيا |
|
فَلَيسَ لِهَذا السَرح غَيرُك كالِئاً | |
|
| فَكُن يا رَسول اللَه لِلسَرح كاليا |
|
وَلَيسَ لَنا إِلّا بِمِلَّةِ أَحمَدٍ | |
|
| دُعاءٌ إِذا ما الغَيرُ أَصبَحَ داعيا |
|
وَحاشاكَ مَن يُنمى إِلَيك تَملُّه | |
|
| وَتُسلِمُه إِن أَصبَحَ الهَولُ داجيا |
|
وَحاشى نَدى كفَّيك وَهوَ مُفَجَّر | |
|
| عَلى سائر الأَكوان يَترُك صاديا |
|
أَلا يا رَسولَ اللَهِ إِنّي خائفٌ | |
|
| وَأَنتَ مُجيرُ الخائِفين الدَواهيا |
|
وَلي رَحِمٌ مَوصُولة بِكَ أَبتَغي | |
|
| لَها صِلَةً تُولي لَدَيك التَراضيا |
|
وَمثلُكَ لِلأَرحام يَرعى ذِمامَها | |
|
| وَلا شَكَّ تَرعى لِي كَذاكَ ذماميا |
|
فَرُحماك لِلرُحم القَريب وَعَطفةً | |
|
| فَأَولى بِعَطفٍ مِنكَ مَن كانَ دانيا |
|
وَعَوناً لَنا مِن صَولَةِ الدَهر أَنَّنا | |
|
| بِغَيرِك لا نَرجُو مِن الدَهر واقِيا |
|
فَقَد أَحكَمت فينا المَقاديرُ حُكمَها | |
|
| سِياسَة أَقوام تُحاكي الأَفاعيا |
|
وَقَد أَلزَمَتنا أَن نُعاشِرَ مَعشَراً | |
|
| يُسِرُّون شَيئاً غَيرَ ما كانَ باديا |
|
عَلى قِلَّةِ الإِنصاف وَالخَير فيهم | |
|
| وَكَثرة أَقوالٍ تُطيل التَناجيا |
|
سَوابِقُ للأَطماع يَنتَهبونها | |
|
| كَواسِلُ عِندَ الرَوع تَخشى التَلاقيا |
|
عَزائِمُهُم في نَيلِ مِلءِ بُطونِهم | |
|
| فَندعُوهم رَبّي بِطاناً بَواطيا |
|
وَلا عَونَ إِلّا مِن عِنايتك الَّتي | |
|
| بِها نَتَّقي هذي الذِيابَ العَواديا |
|
وَلا مَلجأ إِلّا إِلى عزِّك الَّذي | |
|
| نَلوذُ بِهِ حِصناً مِن الضَيم عاليا |
|
بِجاهِك يا قُطبَ العَوالم كُلِّها | |
|
| وَيا مَنبعَ الإمداد نَرجو الأَمانيا |
|
فَوَجِّه مِن النَصر إِلهي عاجِلاً | |
|
| لَنا مَدداً ما دامَ عزُّك باقيا |
|
وَصلّى عَلَيكَ اللَهُ في كُلّ لَمحةٍ | |
|
| بِكُلّ صَلاةٍ لا تَروم التَناهيا |
|