عناوين ونصوص القصائد   أسماء الشعراء 
شعراء الفصحى في العصر الحديث > الجزائر > أحمد العلاوي المستغانمي > أيا أيُّها العشّاق للمَحضَرِ الأعلى

الجزائر

مشاهدة
8370

إعجاب
11

تعليق
0

مفضل
0

الأبيات
0
إغلاق

ملحوظات عن القصيدة:
بريدك الإلكتروني - غير إلزامي - حتى نتمكن من الرد عليك

إرسال
انتظر إرسال البلاغ...

أيا أيُّها العشّاق للمَحضَرِ الأعلى

أيا أيُّها العشّاق للمَحضَرِ الأعلى
عيدونا بوَصلِكُم فلكُم فينا وَصلا
فهذا قت النهوض للمقام الأسنى
فلِلهِ الحمدُ حيثُ كنا له أهلا
دعانا داعيُّ اللَهِ قبلَ وجودِنا
ولما كان الوجود سمعنا لهُ قولا
فحنَّ حمامُ الوصلِ من بعدِ فصلهِ
فصِرنا على جمعٍ تاللَهِ ولا حولا
فنحنُ ملوكُ الأرضِ من حيث قربُهُ
بذَلنا نفوساً في حبَّهِ ثمَّ الأهلا
فكُنّا في ضوء الشمس والغيرُ في الدجى
لنا بصَرٌ حديدٌ حيثُما تجلّى
ولنا من نور الحقِّ نورٌ على نورٍ
يهدي اللَهُ لنورِ الولي من كان أهلا
ولا تعجَبِ من هذا وقد كان قبلَنا
هداةٌ على التحقيق في الأمم الأولى
تُزكواما بين القوم لم يُسمَع قولُهُم
وقد مرَّت الأيامُ والناسُ في غفلا
وبعد وفاةِ الشيخ يظهر كمثلهِ
فهذي سُنَّةُ اللَهِ جرت فلا بدلا
فإن فاتكَ الوصولُ عندَ حياتهِ
فالفَوتُ فذاك الفوتُ صح بعد النقلا
فشمِّر عن ساق الجد وانهض لأمرهِ
وخُذ عنهُ علوماً رخيصة وقد تغلا
وذلكَ مشهودٌ لدي كلِّ عارفٍ
فمَن كان ذا عقلٍ فليستنجدِ العقلا
ويَقُل فاتَ الزمانُ عنّي يا حسرَتي
ويَنهض تجدِ الحقَّ حقّاً إن جلا
ويَقل أنا الغريقُ لالي ولا معي
وليستنجدِ أرباب الوصول إلى الوصلا
فهمُ إلى الظمآن أولى بشربهِ
لهُم فيّاضُ الرحمنِ وشرّابٌ يحلى
ومن لم يغنِ المريدَ أوَّل نظرَتهِ
فهُو في قيد الجهلِ حاط بهِ الجهلا
فلا شيخَ إلّا من يجودُ بسرِّهِ
حريصٌ على المريد من نفسه أولى
ويرفعُ عنهُ حجباً كانت لقلبهِ
منيعاً عن الوصول للمقام الأعلى
ويدخُل حضرةَ اللَهِ من بعدِ فصلهِ
ويَرى ظهورَ الحقِّ أينما تولّى
ويفنى عنِ العالمِ طُرّاً بأسرهِ
فلا ناصِراتُ الطَرف يُهوى ولا خلّا
فهذا تاللَهِ شيخٌ ليس كمثله
فهوَ فريدٌ العصرِ واحد في الجملا
فهو النجم اثاقب إن رُمتَ قربَهُ
وإن نفسُكَ عزت فهو منها أغلى
كساهُ رسول اللَهِ ثوبَ خلافةٍ
تخلى بذاك الثوب بعدَ ما تخلّى
وكفى هوَ الوارِبُ لسرِّ ربِّهِ
صفيُّ نقيُّ القلبِ بالحُسن تحلى
أخذ عن الرسول علماً كفى بهِ
أنهُ علمُ الباطنِ في القلبِ تدلّى
علمٌ كان مكتوماً عن الخلقِ جملةً
وبرٌّ كان مصوناً باللفظِ لا يُتلى
عزيزٌ حوى عزيزاً حلِّ في قلبهِ
وللَهِ العزُّ والرسول وللوُلا
هم بدلٌ للرُسُل في كلِّ أمةٍ
قاموا بدعوةِ الحقِّ نابوا عن الرُسلا
وضحوا معنى السبيل للحقِّ وقاموا
شهوداً على التوحيد كما قام الأولى
هنيئاً لهم من قومٍ قد جادَ ربُّهُم
عليهم بقربهِ وبالرضى تجلّى
همُ القوم لا يشقى جليسهُم قد قالا
نبيُّهُم في الصحيح صحَّ ما قد قالا
همُ العُروةُ الوثقى بهم فتمسَّكَن
هم أمان أهلِ الأرضِ في الخلا والملا
لهُم قلوبٌ ترى مالا يرى غيرها
أيقاظٌ وإن ناموا ففي نومهِم وصلا
تاللَهِ نومُ العارف يُغني عن ذكرهِ
فكيفَ بصلاةِ العارف إذا صلّى
يكونُ بسقفِ العرشِ حالةَ قربهِ
واقفاً مع الإلهِ يا لها من حالا
حالةٌ لو حال الحالُ بيني وبينَها
لقلتُ هذا محالٌ والحالُ لا يحلى
فكُنّا كما كنّا ولا زِلنا وعدنا
على حضرةِ التوحيد كأوَّل الوهلا
حبيبٌ قد تجلى علينا بنورهِ
فَنِلنا من ذاك النور حظّاً وإن جلّا
وقد بدا نورُ الشمس في قمر الدجى
فكنتُ منها فرعاً وكانت منّي أصلا
وقد خمر الغرام منّا عقولنا
كأنَّنا في خبل وليسَ بنا خبلا
ترانا بين الأنام لسنا كما ترى
تاللَهِ لفوق أرواحنا تجلى
لنا من عقل العقول عقلٌ فيا لهُ
جوهرٌ فريدُ الحسن يا حبَّذا عقلا
لا يعقِل ما سوى اللَهِ جلَّ ثناؤهُ
فهذا هو العقال يعقل ولو قلّا
هنيئاً لكُم من قوم خصَّكُم ربُّكُم
واصطنعكُم لِنَفسهِ صنعَه مُكملا
خصَّكُم بكَشف الصون عن نور وجهه
فهل يعادلُ الشكر كلّاً قُلتُ فلا
ألا فاعملوا شكراً لمن جادَ بالذي
أعزَّ من العزيز وبالعزّ أولى
ألا فتيهوا فخراً على العرشِ والثرى
فأنتُم عبيدُ اللَهِ أما الغيرُ فلا
تحيَ بكمُ أجسامُ حالَت في رمسها
ممزَّقة كانت رُفاتاً ونُخلا
كأنكم روحُ اللَهِ خلت في آدما
مثلَ ما لمريمَ من نفخ جبرَ اثيلا
ألا فارقصوا وجداً وتيها وطرباً
وجرّوا ذيولَ العزِّ كُنتُم لها أهلا
كلامُكُم ما أحلاهُ يُصغى لصيتهِ
كأنَّهُ تسبيحٌ من الملاءِ الاعلى
كأنه سحرُ اللَهِ للقلبِ جاذبٌ
واللَهُ يُحِقُّ الحق والباطلُ يفلا
حوَيتُم عزّاً نعم وقدراً وسطوة
فعِزُّكم عزٌّ ودولتكُم دولا
مدَحتُكُم كلا بل نَمدَح مادِحَكُم
لأنكمُ أهل والمدح فيكُم حلى
سلامُ اللَهِ عنكُم ما قال قائلُكُم
جزى اللَهُ من ان داعياً إلى المولى
وإن كُنتُ عبدكُم عبيداً لعبدكُم
فلى في ذاك فخرٌ وعزٌّ بينَ الولا
مُحبكُم حب اللَهِ من حيثُ حبِّكُم
لأنكُم بابُ اللَهِ جلَّ وتعالى
فهَل لكَ يا هذا نصيبٌ من ذوقِهم
فإن كنت مثلهُم نعم فلكَ صولا
وإن لم تجِد لدَيكَ شيئا ممّا لهُم
فأنصف من نفسِك وهذا الوصف يتلى
فهَل طويت الأكوان عنك بنظرة
وهل شاهدت الرحمن حيثُما تجلّى
وهَل اِفنَيت الأنامَ عنكَ بلَمحَةٍ
وهل تهت عن الكل والعلوي والسُفلا
وهل طُفتَ بالأكوانِ من كلِّ جانبٍ
وهل طافَ بك الكونُ وانت لهُ قبلا
وهل زالَت الحجُبُ عنكَ تكرُّماً
وهل رُفِع الرداءُ وزالتِ السدلا
وقيلَ لك أدن فهذا جمالُنا
مرحباً فتمتِّع بك أهلا وسهلا
وهل دعاك الداعي فقُمت لأمرهِ
وكنت أديب السير وخلعت النعلا
وحاطَ بكَ التعظيم من كل جانبٍ
ولما صحَّ الوصولُ ملتَ لهُ ميلا
وهل صُنتَ سر اللَهِ بعدَ ظهورهِ
وكنت أميناً عنهُ هل لبست الحلا
فهذا بعضُ الذي يدلُّ عن قربِكا
وإلّا ثم أسرار لا تفشى في الملا
فإن صح هذا الوصفُ عندكَ حبَّذا
وإلّا أنت البعيدُ من حضرةِ المولى
نحَّ عن علم القوم لست من أهلهِ
لا تقرَب مال اليتيم ذاك نفسُ البلا
كبُرَ مقتُ الإله يا خيبَةَ الذي
جعل زُخرف القول يستبدِل الفِعلا
وهل ينفَعُ التشديقُ بالقول والثنا
وهل ينفَعُ التزويقُ من شفاء العلا
وهل ينفعُ المريضَ ما سوى طبِّه
وهل يسرُّ الغريب شيءٌ دونَ الأهلا
فإن لفّقت الأقوال تحكي كقولهِم
فهذا شهدُ الزنبور أين عسلُ النحلا
فيا ليتَ شعري ما الجميلُ وما الذي
دعاهُ لهذا الزور به تحمّلا
فيا لهُ من أحمق قد ضاع عمرهُ
يرومُ جذبَ النجوم بيدهِ الشلّا
فلو صدق الإله أحسن من أنَّهُ
ضيع من العُمر حظَّهُ في الجُملا
ليَعمَل بما علِم كي يرث ما لم يعلَم
بهذا جاء الحديُث عن النبي يُتلى
وليأت بيوت اللَهِ من نحوبابها
وليجنَح عن الكذبِ لا يحسبهُ سهلا
ألا يخشى رب العرش يوم لقائهِ
حيث يدَّعي الوصولَ والحال لا وصلا
ألا تتقى الرحمن صونا لعرضه
ويحفظ نور الإيمان لئلا ترحلا
ألا يخافُ الإله من كان قولهُ
يشيرُ إلى التحقيق والمقامِ الأعلى
تسمَع لساناً يتلو ما ليسَ في قلبهِ
كأنَّهُ ذو علمٍ أحاط بما قالا
يقولُ إن العارف فوقَ مقالهِ
فهوَ مع الإله في الخلا والملا
مموَّه عندَ العوام يدعى كمِثلهِ
وهو عند الخواص مرتَكَبُ الزلّا
ولولا كشفُ الأله ينبي عن حالهِ
لكُنّا من حسنِ الظنِّ نحسبهُ أهلا
ولولا سترُ الإله نخشى لهتكهِ
لصرّختُ باسمهم تفصيلاً لا إجمالا
فهل طالبُ الإله يرضى ببُعدهِ
حشاهُ وإنَّما يحتاجُ إلى الوصلا
مريدُ المعنى لهُ سمةٌ في وجههِ
ونورٌ على الجبين ضاء فتلالا
قريباً أديباً ذا حياءٍ وثقةٍ
صفوحاً عن العُذال معتبر الخلّا
لهُ همَّةٌ تسمو على كلّلِّهمَّةٍ
فلا شيء يمنعهُ والوعر يرى سهلا
ولا لهُ وطرٌ من دون مرامهِ
فلا يهفو لأهل كما لا يرى عذلا
ولهُ وصفٌ جميلٌ يكفي في وصفهِ
أنهُ مريدُ الحق يا حبَّذا النزلا
فمن كان مريداً فهذي إرادةٌ
يجعلها نصب عينَيهِ ثمَّ يتخلّى
من كل وصفٍ مذموم يفهمُ من نفسه
وبعد تخلّيهِ بالضدِّ يتحلّى
يكونُ عبداً للّهِ في كلِّ حالةٍ
آتياً بفرضهِ ومعتبِرَ النفلا
حتّى يكونَ الحقُّ سمعَهُ وبصرَه
لساناً ونُطقاً واليدَينِ كذا الرجلا
يمُت قبل أن يموتَ يحيى بربه
وما كان بعدَ الموتِ ذاك هو النقلا
ويُحاسِب نفسه بنفسهِ قبلَ ما
ويَكُن نائِب الحقّ بنفسهِ أولى
وليرَ وجودَ الحقِّ قبل وجودهِ
وبعدَ وجودهِ وحيثُما تولّى
كان اللَهُ وحدهُ ولا شيءَ معهُ
وهو كما كان آخراً وأولّا
فأينما رأيت رأيتَ وجودهُ
ففي مطلقِ التوحيد ليس فيه إلّا
فكيفَ بذاتِ اللَهِ يحصُرها حاجبٌ
فما ثمِّ من حجاب سوى النور تجلّى
وليس لك هذا إلّا بصحبة من
لهُ مقامٌ يسمو وقدرٌ مبجلى
فإن صادفت الداعي محقّاً في زعمهِ
مشيراً إلى التحقيق والمقام الأعلى
فإياك الاهمال ما فحص عن قولهِ
وسلهُ عن الوصول هل يعكس الوصلا
فإن أشارَ بالبعد ذاك لبُعده
وإن أشار بالقرب فاعتبرهُ أهلا
يوضح لك السبيل للحقِّ قاصداً
بذلك وجهَ اللَهِ جلّ وتعالى
وينهض بك في الحال عند لقائه
ويضع لك قدماً في السير إلى المولى
فبتشخيص الحروف تحظى بفضله
إلى أن ترى الحروف في الأفاق تجلى
وليس لها ظهورٌ إلّا في قلبكا
وبتمَكُّنِ الإسمِ ترتحِلُ الغَفلا
فعظِّمَنِّ الحروف بقدر وسعكا
وارسمها على الجميع علويّاً وسُفلا
وبعد تشخيص الإسم ترقى بنورهِ
إلى أن تفنى الأكوان عنكَ وتزولا
لكنِّ بأمر الشيخ تفنى فلا بكا
فهوَ دليلٌ اللَهِ فاتخذهُ كفلا
يُخرجك من ضيق السجون إلى الفضا
إلى فضاءِ الفضا إلى أوَّلِ الأولى
إلى أن ترى العالم لا شيء في ذاته
أقلَّ منَ القليل في تعظيم المولى
فإن برزَ التعظيمُ تفنى في عينَيهِ
لأنك لم تكن شيء من أوَّل الوهلا
فلم تدرِ من أنتَ فكُنت ولا أنتا
فتبقى بلا أنتَ لا قوى ولا حولا
بعدَ فنائكَ ترتقي إلى البقا
إلى بقاءِ البقا إلى منتهى العُلا
لا في شهودِ الحق تنزل ركابُنا
فيا خيبةَ الذي عن هذا يتسلّى
ضيع عمراً عزيزاً من غير علّة
وقف دون عزِّهِ كأن به نكلا
ما ذاك إلّا الوَهم يخشى من دفعهِ
ولو كان ذاحزم يعوج عن الندلا
وليَنهض في طلب الحق قبلَ فواتهِ
وهل طالبُ الإله يعتمدُ الكسلا
فمن حقّق المقصود جدّ في طلبهِ
ولو كان من أجله يقتحمُ القتلا
فما أحلى شربَ القوم نخبر بطعمهِ
فلستُ أعني خمراً ولست أعني عسلا
شرابٌ قديمٌ النعت نعجزٌ عن وصفه
وكلُّ واصف الحسن عن وصفهِ كلا
كأسهُ من جنسهِ يساعدُ في شربه
وهل كأسهُ يكفي دونهُ قلتُ بلى
عجبتُ لهذا الكأس يسقى بنفسهِ
يطوفُ على العُشّاق هذا فيه خصلا
ومن نعته سحرٌ رسم في طرفهِ
من نظر ختمهُ تخلّى عن الصولا
ومن عجب إنّي ما بحتُ بسرِّهِ
ولو سقيَ غيري ما صامَ ولا صلا
ولو نظرَ الإمام نورَ جمالهِ
لسجدَ إليه بدلا عن القِبلا
ولو شمَّت العلّامُ في الدرس نشرهُ
لطاشَت عن التدريس حالاً بلا مهلا
ولو شاهد الساعي سناؤُ لما سعى
ولا طاف بالعتيق ولا قبِّلا قبلا
نعم يأمر بالتقبيل كلّاً لرُكنهِ
حيثُ يرى معن القصد من نفسهِ يجلى
وكيفَ يطيقُ الصبر من كان ظنُّه
أنهُ خسيسُ القدرِ صارَ مبجَّلا
نعم يبوحُ فخراً وتيها وطرباً
وعزّاً وغراماً فرحاً أعنى جذلا
وليسَ فيه حرٌّ ولا هوَ باردٌ
وليسَ فيه نزفٌ بالمعنى نعني فشلا
رقيقٌ دقيق النعت نعجزُ عن وصفهِ
وليسَ واصفِ الحسنِ عن وصفِه كلّا
نقطةٌ منه نكفي من كان تحت الثرى
وما كان فوق الفوق إلى منتهى العلا
لهم نقطةٌ مالَت من رقِّ زجاجةٍ
خمس عقول الخلق حالت بهم
تراهُم ما ترى سكارى في حبِّهِم
وكلٌّ له معشوق ولا كنزا معطلا
ولولا جمال الحق في كل صورة
لما بليَ قيسٌ بالشوق إلى ليلى
ولا عشقَ العشّاقُ حسنَ مليحةٍ
ولا مالتِ الحسان جرَّت الذبلا
ولولا جمالُ الحقِّ يظهر في صُنعهِ
رأيت جمل الحسنِ كأنهُ دُملا
وفي الدمل جمال بديهٌ لغيركا
فذلك معشوقُ الذبابِ كذا النملا
فلا مظهرٌ في الكون إلّا وسرُّهُ
معشوقٌ لغيره ولو حبِّةُ الرُملا
فلا غرو أنهُم سكارى في حُبِّهِ
قصدُّهُم قصدٌ وفصلهُم وصلا
خمرهُم كأس الحبِّ قبل وجودهم
فهذا به جدُّ وذاك هوى هزلا
وهذا به عشقٌ وليس بعاشقٍ
وهذا يروم السيروالرجل محتجلا
وهذا ضعيفُ النفسِ يرثى لحالهِ
والآخر باكي العين ينعنى نعيي الثكلى
والآخر عظيمُ القدر يعجَب بحالهِ
وهذا جميدُ الفكر كأنهُ حزلا
وهذا مالكُ القوم تاه بنصرهِ
والناسُ لهُ طوعٌ بقُربه محتفلا
وهذا وهيُّ الحزك كل بشر بها
والأخر قويُّ البطش له فيها صولا
وهذا شهيُّ القرب غاب عن قربه
كأنَّ به فصلا والحالةُ لا فصلا
فكلُّ عبيد اللَهِ غابوا في حبِّه
فليس لهُم قصدٌ سواهُ ولا ميلا
إلا من حيثُ الظروف ضاق نطاقهُم
لمّا لاحظوا في الكون لطفاً تشكّلا
تأوّهوا أسفاً على ما كان لهُم
قبل دخول الأرواح أعني ذا الهيكلا
ناداهُم داعي القربِ إنيَ معكُم
فأينما تولّوا فثمَّ نوري يجلى
فإني واحدُ الذاتِ في الكل ظاهرُ
وهل ظهر غيري فكلا ثمّ كلا
جعلت حجاب الخلق للحق ساتراً
وفي الخلق أسرارٌ بديهَةٌ منهلا
فمن جهل عيني في غيني قل أيني
وإني ولا أيني والبينونه لا فلا
تقل نقطة الزين للرّينِ وانظروا
فما الشين إلّا الزينُ بالنقطة يُكملّا
فحيّ على جمع القديم فهلَ لهُ
نقيضٌ فحاشاهُ قد كان ولا زالا
فكُنتُ مطلقَ الذاتِ غيرَ محيَّزٍ
مكاني إني منيِّ والعلم به جهلا
وليسَ لفوقِ الفوقِ فوقٌ ولا غايَة
وليسَ لنحت التحت تحتٌ ولا سُفلا
وإنّي غميضُ الكُنهِ كنزٌ مطلسَمٌ
ولا منتهى عرضاً ولا منتهى طولا
ظهرت في ذا البطون قبل ظهورهِ
سألتُ عن نفسيَ بنفسي قال بلى
فهل للسوى ظهورٌ يمكنُ في حقِّه
فهال ثم مالَ وصال ثمّ قالا
فإنّي واحدُ الذاتِ شيءٌ مفرّدٌ
فلا يمكن تحييزي لشيءٍ وإن قلّا
وهل لي فسحةٌ تكونُ إلى غيري
وهل يكونُ الفراغُ كلّا ولا ولا
فإنّي باطنُ الكنه من حيثُ عينهِ
وإنّي ظاهرُ النعت جمله مفصّلا
ولا وجهةٌ إلا وإنّي مولّيها
وهل للسوى وجودو هل من نعتي خلا
فذاتي ذاتُ الوجود كانت كما ترى
تعظيمي غير محدود بكقدر خردَلا
فأين يظهرُ الخلقُ والحقُّ واسعٌ
وأينَ يكونُ الغير والكلُّ ممتلا
فالجمعُ عينُ التفريق من حيثُ أصلهُ
والخلقُ عينُ التحقيق حقٌّ مؤولا
فأوّل تأويلَ القربِ تحظى بقربه
فما ثمّ من حلول محالٌ وما حلّا
فنزّه ذات الإله عن مس غيرها
فليس لها حامل ولا عليها حملا
بطَنت في ذا الظهور بدت في عينهِ
جعلَت لعزِّها حجباً تتوالى
وإيّاكَ والحجابَ ترضى بهتكه
فتلك حدود اللَهِ حصناً واقفالا
ومن فشى سر اللَهِ باء بغضبه
ومن كتم الأسرار كان مبجّلا
ألا في كتمان السر فضلٌ وهيبةٌ
وفخرٌ وتعظيمٌ وعزٌّ بين الولا
وكفي بخير الخلق حيث أتى به
من اللَه مكتوماً وكنزاً معطّلا
يكفيكُم فخراً وعزاً وشرفاً
سُقيتُم من الرسول عذبا ومنهلا
رموا بدين الحقِّ وانصروا شرعَهُ
وكونوا كما يهواهُ قولاَ ومفعلا
هل لهذا الرسول قدرٌ يُساويهِ
وهَل له من شبيهِ حاشا فلا فلا
فريدُ الحسنِ حوى في نفسه
ما حوت عباد اللَه نبيٌّ ومرسلا
بحرٌ جامعٌ كلٌّ كموجهِ
وهو نورٌ لامعٌ من حضرةِ المولى
يا هذا الرسول جاوزت مدحنا
فكلُّ ما يحوي الوصفُ أنت منهُ اغلا
أن نور الحق أنت مظهره
ما ودعك الإله كلا وما قلى
رب سلِّم ثمَّ بارك وعظِّما
ومجِّد ثمَّ فخِّم وصل كل الصلا
أعلم ربي بما حل في الحشا
لك الأمر تصريفاً وحكما ثم نصلا
تحفظه حفظا يليقُ بحالهِ
وتقبَل منه عذراً فأنتَ به أولا
من باهى الإله بهِ كلّ الورى
ما غرَّد طائرٌ وصال وصلصلا
أحمد العلاوي المستغانمي
بواسطة: حمد الحجري
التعديل بواسطة: حمد الحجري
الإضافة: الجمعة 2013/05/17 01:00:25 صباحاً
التعديل: الجمعة 2013/05/17 01:01:52 صباحاً
إعجاب
مفضلة


أعلى القصائد مشاهدة للشاعر
أعلى القصائد مشاهدة خلال 24 ساعة الماضية
انتظر معالجة القصيدة ...
جميع الحقوق محفوظة لبوابة الشعراء .. حمد الحجري © 2005 - برمجة وتصميم
info@poetsgate.com