حاذِرِ الحُبَّ إِنَّ في الحُبِّ شَرّا | |
|
| فَهوَ نارُ القَلبِ تصهُر صَهرا |
|
إِن يَكُن في الرِجال قَلبٌ غدور | |
|
| فَقُلوبُ النِساءِ أَقرَبُ غَدرا |
|
وَفَتاةٍ أَعارَها البَدرُ نوراً | |
|
| فَأَضاءَت بَينَ الكَواكِبِ بَدرا |
|
تَغمِزُ الكُحل في غضاضَة جَفنَي | |
|
| ها دَلالاً فَيرجِع الكحلُ سِحرا |
|
رامَ مِنها فَتى مراماً شَريفاً | |
|
| كلُّ ما شاءَه الفَتى كانَ طُهرا |
|
وَالهَوى شارِد البَصائِر أَعمى | |
|
| ليسَ يَدري بِما بهِ العَقل أَدرى |
|
قَد أَحبَّ الفَتيُّ فيها جمالاً | |
|
| وَأَحَبَّت فيه ثَراءً وَقَدرا |
|
ما مَضى بَعضُ أَشهُرِ الحُبِّ حَتّى | |
|
| ماتَ عَن ثَروَةٍ أَبوهُ فَأَثرى |
|
أُمهُ وَهيَ في العَفافِ مثالٌ | |
|
| ردَعته عَنها فَظلَّ مُصِرّا |
|
نَصَحتَه فَما أَرادَ اِنتِصاحاً | |
|
| وَغَدا يَبذر الدَنانيرَ بَذرا |
|
قالَ يا أُمِّ أَيُّ شَيءٍ معيبٌ | |
|
| في غَرامي وَأَيُّ شَيءٍ أَضَرّا |
|
أَنا أَهوى فيها فُؤاداً أَبرّاً | |
|
| وَهيَ تَهوى فيَّ الفُؤادَ الأَبرا |
|
فَأَجابَتهُ لا أَلومُك يا اِبني | |
|
| فَرَبيعُ الشَبابِ بِالحُبِّ أَحرى |
|
غَير أَنَّ الفَتاةَ لا خَيرَ فيها | |
|
| فَجَمالُ الأَخلاقِ مِنها تَعَرّى |
|
مِل إِلى غَيرِها إِذا رمتَ تَهوى | |
|
| وَاِختَبِر قَبل أَن تَهوّرَ خُبرا |
|
فَالصبياتُ قَد تكنَّ عهارى | |
|
| وَأَزاهيرُ قَد تَكنَّ وتبرا |
|
قالَ تِلكَ الفَتاةُ غرس فُؤادي | |
|
| فَدَعيها في الحُبِّ تُزهِرِ زَهرا |
|
إِنَّها لي وَلَن تَكونَ لِغَيري | |
|
| وَعليَّ العُقبى إِذا جِئتُ وِزرا |
|
هذهِ قِطعَةُ من الماسِ يا هِن | |
|
| دُ وَذي قِطعَةٌ من الماسِ أُخرى |
|
زَيِّني صِدرَكِ الجَميلَ وَسُرّي | |
|
| فَغَداً تَنظُرينَ في الجَيد عشرا |
|
وَاِرتَمي في ذِراعَها مُستَهاماً | |
|
| فَتَمَنّى هُناكَ لَو نامَ شَهرا |
|
فَهوَ سَكرانُ من غَرامٍ شَريف | |
|
| وَهيَ بِالجَوهَرِ المُشَعشِعِ سَكرى |
|
هِندُ إِنَّ الرَبيعَ في الحَقلِ بَسّا | |
|
| مٌ وَعَرف الزهورِ يُنشَر نَشرا |
|
فَاِنشُقيهِ فَفيهِ عطر زَكيٌّ | |
|
| وَاِسكَبيهِ عَلى إِهابيَ عطرا |
|
كلّ ما في الحَياةِ يَرنو إِلَينا | |
|
| بِحنوٍّ عَساهُ أَن يَستَمِرّا |
|
فَفُؤادي قَفرٌ بِغَير هِيامي | |
|
| وَحَياتي بِغَير حُبِّيَ قَفرا |
|
هِندُ يا هِندُ أَنشِدي ليَ أَيضاً | |
|
| وَاِنظُري مَوكِبَ الدُجى كَيف مرّا |
|
وَأَفاقَ الفَجرَ الجَميلُ عَلى صَو | |
|
| تِكِ يُلقي عَلى غَرامِيَ فَجرا |
|
مرَّ عام وَالحُبّ يَزدادُ يَوماً | |
|
| بَعدَ يَومٍ وَالمالُ يَزداد هَدرا |
|
وَعَدا الفَقرُ في طَريق هَواهُ | |
|
| وَأَتاهُ الهَوى فَصادَفَ فَقرا |
|
عِندَ هذا تَبَدَّلَت حالُ هِندٍ | |
|
| وَاِستَمَرَّت إِلَيهِ تَنظُرُ شزرا |
|
لَو أَتاها وَبَينَ أَضلُعُه العَط | |
|
| فُ للاقى في صَدرِها الصَلبِ صَخرا |
|
جاءَها في مَساءِ يَومٍ وَلكِن | |
|
| قَبلَ اَن يَدخلَ اِختَشى وَاِقشَعرا |
|
ذاكَ أَنَّ الفَتى تَسرَّق أَمراً | |
|
| من حَديثٍ قَد دارَ في البَيتِ سِرّا |
|
قالَت الأُمُّ أَنتِ وِقرٌ ثَقيلٌ | |
|
| وَبَقاءُ الحَبيبِ أَثقَلُ وَقرا |
|
فَمن الجَهلِ بَعد أَن سيمَ خسفاً | |
|
| أَن يَكونَ الفَتى لأمِّكِ صِهرا |
|
فَالجنينُ الَّذي دفنّاهُ بِالأَمسِ | |
|
| اِجعَليهِ في سِرٍّ صَدرِك قَبرا |
|
فَاِحذَري أَن يُقالَ إِنَّك عار | |
|
| وَاِحذَري أَن يُقالَ إِنك عُرّى |
|
دخل الصبُّ غَيرَ أَنَّ شراراً | |
|
| كانَ في مُقلَتَيه يسعُر سعرا |
|
فَاِعتَرى الأُمَّ عند مرآه ذعرٌ | |
|
| وَرَأى في الفَتاةِ خوفاً وَذُعرا |
|
قالَ عذراً يا هِندُ إِنَّ فُؤادي | |
|
| أَخطَأَ السَيرَ معكِ يا هندُ عذرا |
|
أَنا لم أَهوَ فيكِ عهراً لِأَني | |
|
| طاهِرُ الذيلِ لَستُ أُدركُ عهرا |
|
وَاِنثنى هائِماً عَلى نَفسِهِ الثَك | |
|
| لى فَلَم يُستَفق وَلم يُستقرّا |
|
وَسَرى السَقم بَعدَ ذلِكَ فيهِ | |
|
| وَمَشى في العِظامِ يَنخُر نَخرا |
|
وَلَدي لَيسَ عِندَنا اليَومَ فِطرٌ | |
|
| وَمنَ الأَمسِ لَم نَذُق قَطُّ فِطرا |
|
فَالخَوابي فَرَغنَ من كُلِّ شَيءٍ | |
|
| وَمنَ الخُبزِ لا نُصادِفُ نَزرا |
|
أُترِكيني يا أُمِّ لا تُزعِجيني | |
|
| بِحَديثٍ قَد شاخَ حَتّى اِسبطرّا |
|
فَأَنا كافِرٌ وَسَوفَ يَراني | |
|
| كلُّ مَن مَرَّ بي أُزَوِّدُ كُفرا |
|
وَمَضى وَالظَلامُ يسدلُ ستراً | |
|
| فَوقَهُ وَالعَذابُ يسدلُ سَترا |
|
ضَعضَعته ذِكرى أَمرَّت عَلَيهِ | |
|
| جَنحَها وَاِستَفاقَ يَنفُثُ جَمرا |
|
فَرَأى نَفسَهُ أَمامَ فَتاةٍ | |
|
| أَنشَبَت من غَرامِها فيهِ ظِفرا |
|
فَاِنتَسى ما مَشى عَلَيهِ وَأَحيا | |
|
| حُبَّهُ عامِلُ الجَمالِ فَخرّا |
|
حَدَّقَت فيهِ فَترَةً فَتَراءى | |
|
| في لماهُ أَمامِها طَيفُ ذِكرى |
|
فَتَناسَت وَحَوَّلَت عَنهُ جِفناً | |
|
| كانَ بِالأَمسِ يَنثُرُ الحُبَّ نَثرا |
|
هِندُ إِنّي عَطشان جُرعَةُ ماءٍ | |
|
| فَشفاهي الصَفراءُ يا هِندُ حرّى |
|
فَمشى في جَبينِها شبحُ الغَدرِ | |
|
| وَفي عَينِها اِستَوى وَاِكفَهَرّا |
|
وَأَتَتهُ بِكَأسِ خَمرٍ وَقالَت | |
|
| إِشرَبِ الكَأسَ إِنَّ في الكَأسِ خَمرا |
|
ثُمَّ قالَت في نَفسِها إِنَّ سُمّي | |
|
| سَوفَ يُبقي سِرّي بِصَدرِكَ دَهرا |
|