أَلا تبصرُ الأَغصانَ بلَّلها القطرُ | |
|
| فَمالَت سَكارى لا رَحيقَ وَلا خَمرُ |
|
أَطَلَّت عَذارى الشِعر من فُرَجاتِها | |
|
| لَها من بَنانِ العِشبِ أَقلامُها الخضرُ |
|
أَطَلَّت وَكانَت هاجِعاتٍ عُيونُها | |
|
| يُذَوَّبُ في أَحلامِها ذلِك السحرُ |
|
كَأَنَّ نِداءً من صَديقٍ أَفاقَها | |
|
| فَهَبَّت وَفي سيمائِها يَبسَمُ البَشرُ |
|
وَلمّا رَأَتهُ حَدَّقَت في جَبينِه | |
|
| فَأَبصَرَتِ التِذكارَ آلمهُ الهَجرُ |
|
وَلم تَقوَ عَن مَسكِ الدُموعِ فَأَسبَلَت | |
|
| عَلى خَدِّها الوَردِيِّ أَدمُعُها الحُمرُ |
|
خَليلُ وَفي تُرب البِلادِ شَهادَة | |
|
| هِيَ المَجدُ باقٍ في بِلادِكَ وَالفَخرُ |
|
أَجِل مُقلَةَ الإِلهامِ في عَرَصاتها | |
|
| تَجد أَثرَ الأَفراخِ يا أَيُّها النِسرُ |
|
هيَ الأُسدُ حالُ الصَمتُ دونَ زَئيرها | |
|
| فَسالَت مَآقيها وَلَيسَ لَها زأرُ |
|
لَئِن جَنحت أَرواحها عَن لبانَةٍ | |
|
| فَما جُنح المَجدُ المُخَلِّدُ وَالذِكرُ |
|
بِلادُك هذي يا خَليلُ فَإِنَّها | |
|
| حَليلَتُك الأولى إِذا فَخرت مِصرُ |
|
فَمن مائِها رَوَّيتَ شعرَك رَيِّقاً | |
|
| وَفي رَوضِها شَبَّت قَصيدَتُك البكرُ |
|
هُنا تَحت هذا الأَرزُ تَحتَ جلالِه | |
|
| وَتَحت غُصونٍ قَد تَقَيَّأها الدَهرُ |
|
سَجَدَت خُشوع القَلب في ريِّق الصبا | |
|
| تُناجي لهاثَ الأَنبِياءِ وَقَد مَرّوا |
|
فَكَم وَقفَةٍ في بَعَلبَكَّ وَقفَتَها | |
|
| تُراقِب مَسرى البَدر تتبِعُه الزُهرُ |
|
كَمَوكِب جِنٍّ قَد أَطَلَّ من الفَضا | |
|
| لِيَشهَدَ أَطلالَ الرَدى وَبِهِ ذُعرُ |
|
أَما بعلبكُّ اليَومَ كَالأَمسِ زِخرها | |
|
| يكلِّلُها في كُلِّ دارِسَةٍ زخرُ |
|
أَما بَرِحت في لُبَّةِ المَجدِ زَهرَةً | |
|
| يُقَبِّلُها التاريخُ وَهيَ لهُ فَجرُ |
|
فَما تلكمُ الأَنقاضُ إِلّا حَوادِثٌ | |
|
| عَلى جَبهَةِ الأَيّامِ سَطَّرَها السِرُّ |
|
وَما الهَبواتُ السودُ في جنباتِها | |
|
| سِوى عَبر الأَزمانِ تَلفَظها الجُدرُ |
|
أَلا فَاِنفَضِ الأَيّامَ عَنها بِفِكرةٍ | |
|
| هِيَ النورُ من زَيتِ النُبُوَّةِ وَالشعرُ |
|
لِتُطلِعَ جوبيتارَها فَهو رابِضٌ | |
|
| كنيرون لكِن لَيسَ في صَدرِهِ غدرُ |
|
وَكم وَقفَةٍ في رُبعِ زَحلَةَ أَطلَعَت | |
|
| عَلَيكَ قَريضاً دونَهُ الماسُ وَالتبرُ |
|
فَتنثُرُهُ في الكرمِ طوراً وَتارَةً | |
|
| عَلى هَضَبِ الوادي يُشَتِّتهُ النَثرُ |
|
وَفي قُطر مِصرٍ كَم تَذَكَّرتَ زَحلَةً | |
|
| فَأَبكاكَ بردونيَّها ذلِكَ القُطرُ |
|
لَدُن كُنتَ مع صَنوٍ صَغير مغنجٍ | |
|
| لهُ طَلعَةٌ حَسناءُ يَغبَطُها البَدرُ |
|
لَدُن كنتَ طِفلاً وَالحَبيبَةُ طِفلَةً | |
|
| حَوالَيكُما حبٌّ وَبَينَكُما إِصرُ |
|
وَنَكهَة عودِ المندَلِيِّ شَذِيَّة | |
|
| عَلى ضِفَّةِ النَهرِ الجَميلِ لَها نَشرُ |
|
فَزَحلَة ما زالَت وَما زالَ نَهرُها | |
|
| فَذاكَ هُوَ الوادي وَذاكَ هوَ النَهرُ |
|
فَأَنشَدكما أَنشَدت في سُحرة الهَوى | |
|
| فَمن ذِكرياتِ الأَمسِ في زَحلة شطرُ |
|