شكر النَسيم مِن العَذيب وَرودي | |
|
| ما بَينَ رَوض عَباهر وَورودِ |
|
نادَيتُ غب تمزقي لِبُرودي | |
|
| أَهلاً بِنشر مِن مهب زرودِ |
|
أَحيي فواد العاشق المَنجود
|
حَيي الصِبا تِلكَ الرُبى فَتَعَطَرت | |
|
| وَأَراحَ رَوحاً بِالتَواصل بَشرت |
|
أَدّى الرِسالة مثلما قَد سطرت | |
|
| وَرَوى شَذا خَبَر العَقيق فَفَجرت |
|
مِنهُ عُيون الدَمع فَوقَ خُدودي
|
كَم مُستهامٍ باتَ مِن اَلَم النَوى | |
|
| يَشكو وَفي أَحشائِهِ نار الجَوى |
|
لا سيما إِذ فاحَ عرف شَذا اللَوى | |
|
| وَنَما فَنَمَّ لَنا بِأَسرار الهَوى |
|
مِن حَيث مَنزلة الظِباء الغيدِ
|
يا سَيد الرُسل الأَماجد ياضيا | |
|
| عَيني وَيا شَمسي وَيا قَمَري وَيا |
|
بَك لا بِغَيرك يا أَجَّل الأَنبيا | |
|
| تِلكَ المَعاهد جادَها صَوب الحَيا |
|
وَسَرى النَسيم بِظِلِها المَمدودِ
|
مِن كُلِ بارِعَة الجَمال غَنيَّةِ | |
|
| في حُسنِها عَن حلة يَمنية |
|
يَرتَعنَ في غُرَفٍ لَهُنَّ سَنيَّةٍ | |
|
| فيها بَواعث مَنيَتي وَمَنبتي |
|
وَبوردها ظَمإي وَطيب ورودي
|
دارٌ سَما شَوقي إِلى أَسمائِها | |
|
| وَليَ الشِفاءُ بِتُربِها وَبِمائِها |
|
هِيَ طَيبة وَالطيب مِن أَسمائِها | |
|
| أَن تَنأَ عَن عَيني بِدور سَمائِها |
|
فَأَنا المُقيم عَلى رَسيس عُهودي
|
القد غُصنٌ بِالملاحة مُورِقُ | |
|
| وَالوَجه بَدرٌ بِالمَحاسن مونقُ |
|
يا لائِمي دَعني فَلومك موبقُ | |
|
| كَيفَ السلوُّ وَلي فوادٌ موثقُ |
|
في الحُب لا يَصغي إِلى التَفنيدِ
|
ماحيلَتي وَالنَوم عَن عَيني شَرَد | |
|
| وَالبَين قَد أَفنى التَصبر وَالجلد |
|
قربٌ وَبَعدٌ ذُبت بَينَهُما كَمَد | |
|
| وَتَأَوهٌ لَولا دُموعي لَم يَكد |
|
يَنجو الوَرى مِن جَمرِهِ الموقودِ
|
قسماً بِمَن أَذكاه بَردُ نُسيمِ | |
|
| مِن حَرّ شَوقٍ في الضُلوع مُخيمِ |
|
إِن الغَرام وَإِن حَلا لِمهيَّمِ | |
|
| داءٌ تَعوَّدهُ فواد مُتيَّمِ |
|
لَم يَلتحف غَير الأَسى بِبُرود
|
صبٌ أَثارَ هَوى العَذيب جُنونهُ | |
|
| وَأَطال بَرق الأَبرقين شُجونُهُ |
|
تَاللَهِ ما شانَ السلوُّ شُؤونهُ | |
|
| كَلّا وَلا كحل الرقاد جُفونُهُ |
|
أَيلذ مِن أَلف الهَوى بِهجودٍ
|
يا مَن نَفى عَن قَلبِهِ حُب السوى | |
|
| وَأَذاب مهجتهُ لَظى حَرّ الجَوى |
|
قُل لِلّذي يَشكو مَرارات النَوى | |
|
| ما أَعذَب التَعذيب في طُرق الهَوى |
|
ما لَم تَشب سقامُه بِصدودٍ
|
كَم في بَديع جَمال وَجهٍ باهِرِ | |
|
| طَرف يَلذ لِسامِعٍ وَلِناظِرِ |
|
يا عاذِلي في الحُب هُل مِن عاذِرِ | |
|
| نَفسي الفِداءُ لِذي قوام ناضر |
|
جَعل الحذار وَسيلة التَهديدِ
|
فَعَسى بِتَقريبي يَجود تفضلا | |
|
| كَرَماً وَيُشفي داء قَلبٍ مَعضلا |
|
ريمٌ إِذا ما رُمتَ مِنهُ توصلا | |
|
| يَلهو فَيذكر مَوعِدي مُتَنَصِلا |
|
وَمِن الوفاءِ تَذَكر المَوعودِ
|
غشى الحَياءُ خدودهُ فَتورَّدت | |
|
| وَزَهَت شُموس جَبينهِ فَتَوقَدت |
|
قَمَرٌ إِذا الاَعطاف مِنهُ تَجَرَّدت | |
|
| لَبست غَدائرهُ الدُجى وَتَقَلَّدَت |
|
لَبّاتُهُ مِن زَهرِها بِعقودِ
|
مِن أَين لِلبَدر المُنير وَلِلرَشا | |
|
| قَدٌّ يَقدُّ السمهريّ إِذا مَشى |
|
غُصنٌ بِرَوضات الجَمال قَد اِنتَشى | |
|
| رخصٌ كَجسم النور مُنهَضم الحَشى |
|
لَدن كَخوط البانَةِ الأَملودِ
|
خافَ الوشاة فَزارَني مُتَنكِراً | |
|
| قَمَرٌ بَليل مِن ذَوائِبِهِ سَرى |
|
فَقَطفت مِنهُ قَضيب بان مُزهِراً | |
|
| عَهدي بِهِ وَاللَيل منفصم العرى |
|
مُتَوَسِداً وَفق الهَوى بِزنودِ
|
حَتّى إِذا حَيّا بِبارق نَحرِهِ | |
|
| وَبِصُبح فرقٍ شَق غَيهب شَعرِهِ |
|
فَضَمَمتهُ ضَم الكمام لِزَهرِهِ | |
|
| وَالقَلب يَظمأ مِن مَراشف ثَغرِهِ |
|
ظَمأَ السَكارى بِإِبنَة العَنقود
|
ريم يَلوح البَدر تَحتَ نِقابِهِ | |
|
| وِيَفوح عرف المسك مِن جُلبابِهِ |
|
وَمُذ اِمتَلا بِالحُب كاس شَرابِهِ | |
|
| بَعَثَ الشَباب عَلى ورود رِضابِهِ |
|
فَأَتى الفراق وَحال دون وَرودي
|
أَمسي مُسيئاً بِالأَسى ذاكَ المَسا | |
|
| لَو كانَ حَيّاً صبحهُ لتنفسا |
|
فارقَت فيهِ غَزال سربٍ العَسا | |
|
| وَجَعلت زادي بَعدُهُ جرع الأَسى |
|
وَأَطَلت فيهِ تَهائِمي وَنُجودي
|
يا مَطلع البَدر المُنير بَلَعلَعِ | |
|
| حَيَّتك سارِيَة الحَيا مِن مَطلَعِ |
|
أَمسيت ذا حُزنٍ لِفَرط تَولعِ | |
|
| وَغَدَوت في شَجنٍ يُقَلقل أَضلُعي |
|
إِن الشُجون غلالة المَعمودِ
|
ما آن نَقضي بِالمَحبة دَيننا | |
|
| مِن قَبل نُلقي بِبعدك حيننا |
|
إِن كانَ فَرط الحُب أَوجَب بَيننا | |
|
| لَيتَ الَّذي مَنعَ التَداني بَينَنا |
|
وَقَضى عَليَّ بِوَحشَةِ التَبعيدِ
|
لَم يَصغِ لِلواشين إِذ كَشَفَ الغَطا | |
|
| عَن عَينهِ وَرَأى الصَواب مِن الخَطا |
|
وَعَساهُ إِذا متن الصُدود قَد اِمتَطى | |
|
| يَلوي فيسعفهُ بِتَقريب الخُطى |
|
وَيَفك مِن أَسر الفُراق قُيودي
|
روحي فَدى لَحدٍ بِطيبةَ قَد سَما | |
|
| أَرجاً وَفيهِ الأَر فاخَرَت السَما |
|
فَمَتى بِقُرب مَزارهِ أَروي الظَما | |
|
| وَأَشيم بَرق الوَصل مِن قَبل الحِمى |
|
وَأَشُمُّ روح الأُنس غَير بَعيد
|
لي في الهَوى نَفسٌ فَدَت أَحبابَها | |
|
| وَاِستَعذَبَت بِلظى الغَرام عَذابَها |
|
أَتَرى يعيد لي الزَمان شَبابَها | |
|
| وَأَرى خِيام أَحِبَتي وَقبابها |
|
كَالخود تَجلى في عراص البيد
|
أَو هَل أَرى نور النُبُوَّة قَد بَدا | |
|
| مِن مَرقَدٍ سَطَعَت بِهِ شَمس الهُدى |
|
وَعَلى الجِنان بِهِ تَسامَت سوددا | |
|
| أَرضٌ يَفوح بِتُربِها أَرج النَدا |
|
وَالمَجد مِن نوّارها المَخضودِ
|
يا طالِباً نَيل العُلى بِالروح جد | |
|
| وَاِنزل بِظل الرَوضة الحَسَنا تَسُد |
|
وَالتم ثَراها المُستَطاب وَزر وَعد | |
|
| هِيَ مَهبط الوَحي القَديم وَمَعقلُ الدِّ |
|
م ين القَويم وَمَوطن التَوحيدِ
|
جَلَّ الَّذي في صُلب آدم أَوجَدا | |
|
| نوراً لَهُ عنت المَلائك سُجدّا |
|
فَاِخضع وَلذُ بِجَنابِهِ مُستَنجِدا | |
|
| حَيث المَكارم وَالمَغانم وَالجدا |
|
حَيث المَراحم حَيث مَأوى الجود
|
حَيث السَعادة وَالسِيادة وَالعُلى | |
|
| حَيث الدِيانَة وَالأَمانة وَالوَلا |
|
حَيث البشارة وَالنذارة للملا | |
|
| حِيث الضَريح الطاهر السامي عَلى |
|
فَلَكَ العُلا وَالرفرف المَمدود
|
هَل يَعتري أَهل الثَناءِ مَلالَةٌ | |
|
| مَهما يَكُن لِلمَدح فيهِ إِطالَةٌ |
|
وَهُوَ الَّذي إِذ شَرفتهُ رِسالَةٌ | |
|
| ظَلَت عَلَيهِ مَهابةٌ وَجَلالَةٌ |
|
يَغشى العُيون بِنورِهِ المَشهودِ
|
بِجنابِهِ الرُسل الأَماجد تَقتَدي | |
|
| وَبِهَديِهِ كُل العَوالم تَهتَدي |
|
رُكنٌ إِذا ما فاضَ ناديهِ النَدي | |
|
| تَأوي إِلَيهِ الأَنبياءُ فَتَجتَدي |
|
مِن فَضلِهِ المَأمول كُل مزيدِ
|
بِقدومِهِ الحور الحِسان تَشَرَفت | |
|
| وَعَلَيهِ مِن أَعلى القُصور تَشَرَفَت |
|
وَبِعُرفِهِ أَهل النَعيم تَعَرَفت | |
|
| وَلِأَجل خدمَتِهِ الجِنان تَزَخرَفَت |
|
وَمِن السَعادة خدمة المَسعودِ
|
في غَيب علم اللَه كانَ وَلم نَكُن | |
|
| وَثَناه بِالاسرا أَتى وَبلم يَكُن |
|
مِن مِثلُهُ وَهُوَ الَّذي مِن عَهدكن | |
|
| قَد كانَ يَدَعي بِالنَبيِّ وَلَم يَكُن |
|
يَخلِقُ وَآدم لَيسَ بِالمَوجود
|
روح النِبا بِفَم الضَمائر قَبلت | |
|
| تَرباً حوَتهُ وَبِالضَريح اِستَقبَلَت |
|
وَبِصدق دَعوَتِهِ وَحينَ تَسَربَلَت | |
|
| شَهِدَت ببعثَتِهِ الوحوش فَاَقبَلَت |
|
نَثراً فَمِن شاكٍ وَمِن مصفود
|
أَنتَ الَّذي نَسَخت أَباطيل العِدى | |
|
| آياتُهُ فَتَبَينت سُبل الهُدى |
|
إِن أَنكَروا مِن مُعجزاتك ما بَدا | |
|
| فَالظَبي وافى موثقاً يَشكو الرَدى |
|
وَالعود أَبدى أَنَّهُ المَجهود
|
في الأَرض ظَلَ اللَهُ ما لِمثالِهِ | |
|
| في الشَمس مِن ظل يَرى لِخَيالِهِ |
|
وَلِفَرط عزّ جَمالِهِ وَكَمالِهِ | |
|
| قَد صينَ بِالمَلَكوت ذَيل ظَلالِهِ |
|
كَيلا يَجُرَّ عَلى بِساط صَعيدِ
|
في الحَرب أَروى الجَيش عَذباً فائِضا | |
|
| مِن راحَة بِاللَمس تَبري عارِضا |
|
وَعَلى مَلاك الكَون أَصبَح قابِضا | |
|
| وَغَدا بِأَعباء الرِسالَةِ ناهِضا |
|
وَالأَرض ملءُ ضَغائن وَحقودِ
|
فَأَعَزَّ بِالدين الحَنيف مَن اِهتَدى | |
|
| وَأَذَلَّ بِالناس الشَديد مِن اِعتَدى |
|
وَعَلَيهِ حينَ تَجَمَعت زُمر العِدى | |
|
| فَنَضا لِحَصد الشُرك مِن غَمد الهُدى |
|
بيضاً يَضئنَ عَلى اللَيالي السودِ
|
شَمس الهُدى بَزَغَت بِرَوض مَعالِمِ | |
|
| مِن نور طَلعة بَدر سَيَّد هاشم |
|
غَوثٌ أَبادَ المُشرِكينَ بِصارِمِ | |
|
| أَضحى لِبَيت الكُفر أَقوى هادِمٍ |
|
وَلقصر دين اللَهِ خَير مُشيدِ
|
كَم فَرَّجَت غاراتُهُ مِن غَمَّةِ | |
|
| عَن أُمَةٌ هِيَ فيهِ أَكرَم أُمَّةِ |
|
لا زالَ كَشّافاً لِكُلِ مُلمَّةِ | |
|
| بِعَزيمة تَردي الأُسود وَهِمَّةِ |
|
تَقضي بِهدّ شَوامخ الجلمود
|
فَهُوَ المُشفع وَالحَبيب المُتَقى | |
|
| وَالطاهر البر المُتَوَّج بِالتُقى |
|
بَدرٌ لِمولده الضَلال تَمَزَّقا | |
|
| وَبِهِ أَضاءَ الدَهرَ مِن ظُلم الشَقا |
|
وَالكَون أَشرَق مِن سَنى التَوحيد
|
كَم مادِحٍ لِعُلاه أَبدى مَدحة | |
|
| قَبلي فَنالَ مِن العِنايَة منحةً |
|
يا مَن بِهِ زَكَت المَدينة نَفحةً | |
|
| وَتَهلل البَيت المُكَرَم فَرحَةً |
|
وَغضدا يَميد بِرُكنِهِ الموطود
|
وَحيٌ بِغار حَرا حَباهُ بِقُربِهِ | |
|
| وَأَتى لَهُ بِرِسالَةٍ مِن رَبِهِ |
|
وَالشرك ذل مَخافة مِن حَربِهِ | |
|
| وَالدين أَمسى آمِناً في سربِهِ |
|
مُتَبَختِراً بِمطارف التاييد
|
كَم منحَةٍ لِلأَنبيا مَربوطَةِ | |
|
| بِجنابِهِ وَشَريعة مَضبوطةِ |
|
قُل إِن أَرَدت نَدى يَدٍ مَبسوطَةِ | |
|
| بُشرى لَنا مِن أُمة مَغبوطةِ |
|
أَبَداً بِهَذا السَيد المَحمود
|
ما خابَ مَن لِلظَن أَحسن وَالرَجا | |
|
| بِجَنابِهِ وِإِلى حِماه قَد اِلتَجا |
|
فَاِنزل بحي ذراه رمت النَجا | |
|
| فَهُوَ النَبيُّ المُستَغاث المُرتَجى |
|
مَأوى الضَعيف وَمَلجأ المَطرود
|
فرعٌ بِهِ طابَت مَغارس أَصلِهِ | |
|
| وَاللَهُ أَوجَد ذا الوجود لِأَجلِهِ |
|
وَهُوَ الَّذي بِكمال رفعة فَضلِهِ | |
|
| أَهل البَسيطة تَستَظل بِظِلِهِ |
|
مِن حَرِ يَومٍ كاشحٍ صَيخود
|
بِنَجاة أُمتِهِ العَصاة تَكفَلا | |
|
| فَضلاً وَإِن مَلَأَت جَرائِمِها العُلا |
|
أَفلا أَكون بِجاهِهِ مُتَوَسِلا | |
|
| وَبِهِ يُغاث المُرسَلون وَكَيفَ لا |
|
وَالكُل تَحتَ لِوائِهِ المَعقود
|
لَيتَ الَّذي أَضحى لِعَقلي مالِكا | |
|
| يَدني مُحبّاً لا مَحالَة هالِكا |
|
لَقيتُ خَيراً بَل وَقَيت مَهالِكا | |
|
| يا طالِباً وَجهَ النَجاح وَسالِكا |
|
جَدد الفَلاح وَمَنهج التَسديد
|
عِج بِالمطيّ إِلى فَسيح رِحابِهِ | |
|
| مُتَمَسِكاً بِاللَثم مِن أَعتابِهِ |
|
وَإِن الزَمان رَماك في أَوصابِهِ | |
|
| يَمم حِماه وَلا تَحد عَن بابِهِ |
|
فَهُناك تَبلغ غايَة المَقصود
|
فَعَسى مطاياك الَّتي هِيَ سدُّنا | |
|
| بِالفَتح وَالنَصر المُبين تَمُدُّنا |
|
فَاعطف وَقُل لا تَخشَ حَسبُكَ ودنا | |
|
| مَولاي يا غَوث البَرايا في الدُنا |
|
وَمُجيرها في المَوقف المَوعودِ
|
بِبَديع وَصفك لا يَزال تَفنني | |
|
| وَاخيبة الآمال إِن لَم تَدنِني |
|
وَأَنا الأَمين عَلى هَواك لِأَنَّني | |
|
| بَيني وَبَينك نسبة لَكِنَّني |
|
لَم أَرعَ واجب حَقها المَعهودِ
|
حاشاكَ تهملها وَأَنتَ لِوا اللَوي | |
|
| وَلَكَ اِنتَهى المَجد المُؤُثَّل مِن قصى |
|
فَكَما نَبَذت لَها بِتَفريط وَغي | |
|
| فَنَبَذت غَير مُكرَّم وَسَقَطت غَير |
|
مقوَّمٍ وَسَقمت غَير معود
|
روحٌ تَمَلكت المَحبة رقها | |
|
| وَإِلَيكَ تَنسبَ كَيفَ تَرضى عِتقَها |
|
وَلَئن قَطَعت بِسوء فعلي عِرقَها | |
|
| فَلأَنتَ أَولى مَن يُراعي حَقَها |
|
وَبِصَونِها مِن وَصمة التَأويد
|
حاشاكَ بَعد تَفضل وَتَرَحُمٍ | |
|
| تَرمي حِبال مَوَدَتي بِتَصَرَّمٍ |
|
أَنا مِن عِيالَك يا أَجلَّ مكرَّمِ | |
|
| هِب إِنَّني واصَلتُ كُل مُحرَّمِ |
|
واطلت فيهِ غِوايَتي وَجُحودي
|
وَغَرقت في البَحر الَّذي أَنا خائِفُ | |
|
| مِن خَوض لجتهِ وَها أَنا تالِفُ |
|
وَرَكبت ما عَنهُ نَهاني عارِفُ | |
|
| وَجَنيت ذَنباً ما جَناهُ قارفُ |
|
مِن عَهد شَدّادٍ وَعَهد ثَمود
|
أَو لَيسَ أَوزار الأَنام كَذَرَّةِ | |
|
| في ساحَةٍ مِن برّ واسع حَضرَةِ |
|
أَنتَ الشَفيع مَتّى مَنَنت بِنَظرةِ | |
|
| فَذُنوب أَهل الأَرض أَدنى قَطرةِ |
|
مِن فَيض بَحر نَوالك المَمدود
|
لا زِلتُ أَرتع في الذُنوب وَاَغتَدي | |
|
| في كُل مَحظورٍ قَبيح المَأخذِ |
|
فَأَنا الغَريق وَلَيسَ غَيرك مُنقذي | |
|
| غفراً رَسول اللَه لِلحَرَم الَّذي |
|
أَثقالُهُ غلبت عَلى مَجلود
|
ماذا أَقول بِوَصف ذاتك بَعدَما | |
|
| أَثنى الإِلَه عَلى علاك وَعظَّما |
|
لَكِنَّني بِالمَدح رُمت ترحما | |
|
| وَتَفَضلاً في فَك أَسري مِثلَما |
|
أَطلَقت لسر هوازن بِقَصيد
|
حِسّان مَدحك بِالدُعاءِ نَصرتُهُ | |
|
| وَبِنَفخ روح القُدس مِنكَ غَمَرتُهُ |
|
وَأَنلت نابِغَة المُنى وَجَبرتهُ | |
|
| وَوَهبت مِن كَعب دَماً أَهدَرتُهُ |
|
وَكَسَوتُهُ بِمَلابس التَرفيد
|
لِرِضاءِ رَبك كَم خطوبٍ صَعبةٍ | |
|
| كُلَّفتها وَلَقيت أَعظَم كُربَةِ |
|
وَلِهَدي قَومك كَم دَعَوت بِرَغبةِ | |
|
| وَطَلَبت غُفران الإِلَه لِعصبةِ |
|
شَجوك لا كانوا بِصَعب حَديد
|
جحدت قُريشٌ وَحي رَبك إِذ وَرَد | |
|
| فَعَموا وَصُّموا عَن مُتابَعة الرُشد |
|
وَكَذَلِكَ الأَحزاب اَضمَرَت الجَسَد | |
|
| وَبَنو ثَقيفٍ إِذ دَعوتُهُم وَقَد |
|
آذوك في يَومٍ عَلَيكَ شَديد
|
عَميت بَصائرهم كضما عَميت قَذى | |
|
| أَبصارُهُم إِذ قابَلوا لَكَ بِالأَذى |
|
وَعَلَيهُم الشَيطان حينَ اِستَحوَذا | |
|
| هَشَموا ثَناياك الحسان وَحَبَذا |
|
دُرٌّ زَها مِن ثَغرك المَنضود
|
قَومٌ أَضاعوا ماضياً وَمُضارِعا | |
|
| مِن فعلهم وَدَعوا مناةَ ضَوارِعا |
|
وَلِبغيهم في الحال شَمت مَصارعا | |
|
| وَأَتاكَ جبريل الأَمين مُسارِعا |
|
لِيبيدهم وَاللَه خَير مُبيد
|
فَأَبَت شَمائلك المكمَّل عِزُّها | |
|
| أَهلاكهم حَيث السَماح يَهزُّها |
|
وَكَشَفَت غاشِيَةً أَتاها رَجزُها | |
|
| فَعَفوت عَفواً لا يُدرهُ الزَها |
|
وَحلمت حلماً لَيسَ بِالمحدود
|
وَضَرَبت صَفحاً عِن إِساءَةِ فعلهم | |
|
| وَعَن البوار لحزنهم وَلسهلهم |
|
|
| إِذ كانَ ما نالوهُ عَنكَ بِجهلهم |
|
أَو لاتصال قرابَةٍ وَجدود
|
فَأَنا الجَهول وَبَحر حلمك طافِحُ | |
|
| وَعَليَّ إِشراق اِنتِسابك لائِحُ |
|
وَكَمالهم في الجَهل أَنتَ مُسامِحُ | |
|
| فَكَذاكَ جَهلي بِالجِنايَةِ واضِحُ |
|
وَوصول حَبلك مني غَير بَعيد
|
عِجنا نُؤُمُّ البَيت مِن أُمّ القُرى | |
|
| وَبطيبة الفَيحاءِ طابَ لَنا القَرى |
|
فَلَنا الهَناءُ بِجاهك السامي الذرى | |
|
| يا مُفزع الثقلين ياغَوث الوَرى |
|
وَأَمان كُل مشتتٍ مَبعودِ
|
اللَه أَوجب ما شَرَعت وَسنَّهُ | |
|
| وَعَليك بِالإِحسان أَجزل مِنَّهُ |
|
يا مَن بِكَ المَلهوف أَحسن ظَنَّهُ | |
|
| عَطفاً عَلى حال الشَتيت لِأَنَّهُ |
|
ضاقَ الخِناق وَقُدَّ حَبل وَريدي
|
يا فتنَةً لِأولي الفَصاحَة أَبكَمَت | |
|
| وَبِها البغاثُ عَلى البزاة تَهكَّمَت |
|
كَيفَ التَخَلُص مِن رُكوبِ أركمت | |
|
| وَقَد اِلتَقَت حلق البِطان وَأَحكَمَت |
|
أَيدي الهَوان وَثائِقي وَعُهودي
|
وَلغربة الإِسلام قُلت مؤرِّخاً | |
|
| زَمَناً لضنا لا عَدلَ فيهِ وَلا رَخا |
|
وَفَررت مِن يَوم بربعي فَرَّخا | |
|
| وَأَتيت بابك ضارِعاً مُستَصرِخا |
|
بِجَوانح تَرمي الفَضا بِوقودِ
|
يا مُرسِلاً نَطق الحَصاة بِكفِهِ | |
|
| وَلَهُ البَعير قَد اِشتَكى مِن ضَعفِهِ |
|
يا مَن يَجود لِقاصِديه بِلُطفِهِ | |
|
| أَدعوك لِلخَطب العَظيم وَكَشفِهِ |
|
عَني دُعاء الحائر المَزرود
|
يا مَن شَغَلت بِذكرِهِ عَمَن لَها | |
|
| إِن لَم تَكُن للمعضلات فَمن لَها |
|
لِعُلاك أَعرض سقم نَفس ملَّها | |
|
| وَأبثُّ شَكواي إِلَيك لَعَلَها |
|
تَحَظى بِسَمعِ مِن نَداك حَميد
|
وَدَعت لِذّاتي وَداع مَفارقِ | |
|
| سَلوانُهُ مِن بَعد شَيب مَفارِقِ |
|
وَطَمعت مِنكَ بِسَهل وَردٍ دافقِ | |
|
| وَفُؤادي المَصدوع أَعظَم واثِقِ |
|
أَن لا أَعود بِمَصَدرِ مَردود
|
هَل ثُمَّ غَيرك راحِمٌ ذو شَيبَةِ | |
|
| حارَت بِمَدح عَلاك أَعظَم هَيبَةِ |
|
يا مَن بِهِ طابَت مَعاهد طيبَةِ | |
|
| حاشا لِمَجدك إِن أَبوءَ بِخَيبَةِ |
|
وَحماك مُنتجعي وَأَنتَ عَميدي
|
أَنتَ الَّذي خَتَم الإِلَه الأَنبيا | |
|
| بكَ وَاِستَمَدَّت مِن هُداك الأَوليا |
|
مَن لي بِطَلعتك المُكملة الضِيا | |
|
| صَلّى عَلَيكَ اللَهُ ما جادَ الحَيا |
|
بِمحلجل يَروي الصُخور مَزيد
|
وَعَلى جَميع المُرسَلين وَصَحبُهُم | |
|
| وَأَولي النبا المُتَجرِدين لِرَبِهُم |
|
وَعَلى المَلائِكَة الكِرام وَحزبهم | |
|
| وَعَلى عَشيرتك الَّذين بِحُبِهم |
|
طَهَرَّت مِن دَنس العُقوق بِرودي
|
هُم آلك القُربى الَّذين بِذِكرِهم | |
|
| نطق الكِتاب مُنبئاً عَن فَخرِهُم |
|
إِنا أن عَجزت عَن القِيام بِشُكرِهم | |
|
| فَوِدادهم ديني وَطاعة أَمرِهُم |
|
نَعم العِياد إِذا أَلَّمَ همودي
|
وَعَلى خَليفَتك الأَحَق تَقَدُّما | |
|
| وَوَزيرك الفاروق مَن أَحيا الحِمى |
|
وَعلي ابن عَفانِ وَحَيدَرة وَما | |
|
| وَكَذلِكَ الصَحب الكِرام مُسلِما |
|
ما فاحَ نَشرٌ مِن مُهب زرود
|