عناوين ونصوص القصائد   أسماء الشعراء 
شعراء الفصحى في العصر الحديث > سورية > أمين الجندي الحمصي > شكر النَسيم مِن العَذيب وَرودي

سورية

مشاهدة
1800

إعجاب
0

تعليق
0

مفضل
0

الأبيات
0
إغلاق

ملحوظات عن القصيدة:
بريدك الإلكتروني - غير إلزامي - حتى نتمكن من الرد عليك

إرسال
انتظر إرسال البلاغ...

شكر النَسيم مِن العَذيب وَرودي

شكر النَسيم مِن العَذيب وَرودي
ما بَينَ رَوض عَباهر وَورودِ
نادَيتُ غب تمزقي لِبُرودي
أَهلاً بِنشر مِن مهب زرودِ
أَحيي فواد العاشق المَنجود
حَيي الصِبا تِلكَ الرُبى فَتَعَطَرت
وَأَراحَ رَوحاً بِالتَواصل بَشرت
أَدّى الرِسالة مثلما قَد سطرت
وَرَوى شَذا خَبَر العَقيق فَفَجرت
مِنهُ عُيون الدَمع فَوقَ خُدودي
كَم مُستهامٍ باتَ مِن اَلَم النَوى
يَشكو وَفي أَحشائِهِ نار الجَوى
لا سيما إِذ فاحَ عرف شَذا اللَوى
وَنَما فَنَمَّ لَنا بِأَسرار الهَوى
مِن حَيث مَنزلة الظِباء الغيدِ
يا سَيد الرُسل الأَماجد ياضيا
عَيني وَيا شَمسي وَيا قَمَري وَيا
بَك لا بِغَيرك يا أَجَّل الأَنبيا
تِلكَ المَعاهد جادَها صَوب الحَيا
وَسَرى النَسيم بِظِلِها المَمدودِ
مِن كُلِ بارِعَة الجَمال غَنيَّةِ
في حُسنِها عَن حلة يَمنية
يَرتَعنَ في غُرَفٍ لَهُنَّ سَنيَّةٍ
فيها بَواعث مَنيَتي وَمَنبتي
وَبوردها ظَمإي وَطيب ورودي
دارٌ سَما شَوقي إِلى أَسمائِها
وَليَ الشِفاءُ بِتُربِها وَبِمائِها
هِيَ طَيبة وَالطيب مِن أَسمائِها
أَن تَنأَ عَن عَيني بِدور سَمائِها
فَأَنا المُقيم عَلى رَسيس عُهودي
القد غُصنٌ بِالملاحة مُورِقُ
وَالوَجه بَدرٌ بِالمَحاسن مونقُ
يا لائِمي دَعني فَلومك موبقُ
كَيفَ السلوُّ وَلي فوادٌ موثقُ
في الحُب لا يَصغي إِلى التَفنيدِ
ماحيلَتي وَالنَوم عَن عَيني شَرَد
وَالبَين قَد أَفنى التَصبر وَالجلد
قربٌ وَبَعدٌ ذُبت بَينَهُما كَمَد
وَتَأَوهٌ لَولا دُموعي لَم يَكد
يَنجو الوَرى مِن جَمرِهِ الموقودِ
قسماً بِمَن أَذكاه بَردُ نُسيمِ
مِن حَرّ شَوقٍ في الضُلوع مُخيمِ
إِن الغَرام وَإِن حَلا لِمهيَّمِ
داءٌ تَعوَّدهُ فواد مُتيَّمِ
لَم يَلتحف غَير الأَسى بِبُرود
صبٌ أَثارَ هَوى العَذيب جُنونهُ
وَأَطال بَرق الأَبرقين شُجونُهُ
تَاللَهِ ما شانَ السلوُّ شُؤونهُ
كَلّا وَلا كحل الرقاد جُفونُهُ
أَيلذ مِن أَلف الهَوى بِهجودٍ
يا مَن نَفى عَن قَلبِهِ حُب السوى
وَأَذاب مهجتهُ لَظى حَرّ الجَوى
قُل لِلّذي يَشكو مَرارات النَوى
ما أَعذَب التَعذيب في طُرق الهَوى
ما لَم تَشب سقامُه بِصدودٍ
كَم في بَديع جَمال وَجهٍ باهِرِ
طَرف يَلذ لِسامِعٍ وَلِناظِرِ
يا عاذِلي في الحُب هُل مِن عاذِرِ
نَفسي الفِداءُ لِذي قوام ناضر
جَعل الحذار وَسيلة التَهديدِ
فَعَسى بِتَقريبي يَجود تفضلا
كَرَماً وَيُشفي داء قَلبٍ مَعضلا
ريمٌ إِذا ما رُمتَ مِنهُ توصلا
يَلهو فَيذكر مَوعِدي مُتَنَصِلا
وَمِن الوفاءِ تَذَكر المَوعودِ
غشى الحَياءُ خدودهُ فَتورَّدت
وَزَهَت شُموس جَبينهِ فَتَوقَدت
قَمَرٌ إِذا الاَعطاف مِنهُ تَجَرَّدت
لَبست غَدائرهُ الدُجى وَتَقَلَّدَت
لَبّاتُهُ مِن زَهرِها بِعقودِ
مِن أَين لِلبَدر المُنير وَلِلرَشا
قَدٌّ يَقدُّ السمهريّ إِذا مَشى
غُصنٌ بِرَوضات الجَمال قَد اِنتَشى
رخصٌ كَجسم النور مُنهَضم الحَشى
لَدن كَخوط البانَةِ الأَملودِ
خافَ الوشاة فَزارَني مُتَنكِراً
قَمَرٌ بَليل مِن ذَوائِبِهِ سَرى
فَقَطفت مِنهُ قَضيب بان مُزهِراً
عَهدي بِهِ وَاللَيل منفصم العرى
مُتَوَسِداً وَفق الهَوى بِزنودِ
حَتّى إِذا حَيّا بِبارق نَحرِهِ
وَبِصُبح فرقٍ شَق غَيهب شَعرِهِ
فَضَمَمتهُ ضَم الكمام لِزَهرِهِ
وَالقَلب يَظمأ مِن مَراشف ثَغرِهِ
ظَمأَ السَكارى بِإِبنَة العَنقود
ريم يَلوح البَدر تَحتَ نِقابِهِ
وِيَفوح عرف المسك مِن جُلبابِهِ
وَمُذ اِمتَلا بِالحُب كاس شَرابِهِ
بَعَثَ الشَباب عَلى ورود رِضابِهِ
فَأَتى الفراق وَحال دون وَرودي
أَمسي مُسيئاً بِالأَسى ذاكَ المَسا
لَو كانَ حَيّاً صبحهُ لتنفسا
فارقَت فيهِ غَزال سربٍ العَسا
وَجَعلت زادي بَعدُهُ جرع الأَسى
وَأَطَلت فيهِ تَهائِمي وَنُجودي
يا مَطلع البَدر المُنير بَلَعلَعِ
حَيَّتك سارِيَة الحَيا مِن مَطلَعِ
أَمسيت ذا حُزنٍ لِفَرط تَولعِ
وَغَدَوت في شَجنٍ يُقَلقل أَضلُعي
إِن الشُجون غلالة المَعمودِ
ما آن نَقضي بِالمَحبة دَيننا
مِن قَبل نُلقي بِبعدك حيننا
إِن كانَ فَرط الحُب أَوجَب بَيننا
لَيتَ الَّذي مَنعَ التَداني بَينَنا
وَقَضى عَليَّ بِوَحشَةِ التَبعيدِ
لَم يَصغِ لِلواشين إِذ كَشَفَ الغَطا
عَن عَينهِ وَرَأى الصَواب مِن الخَطا
وَعَساهُ إِذا متن الصُدود قَد اِمتَطى
يَلوي فيسعفهُ بِتَقريب الخُطى
وَيَفك مِن أَسر الفُراق قُيودي
روحي فَدى لَحدٍ بِطيبةَ قَد سَما
أَرجاً وَفيهِ الأَر فاخَرَت السَما
فَمَتى بِقُرب مَزارهِ أَروي الظَما
وَأَشيم بَرق الوَصل مِن قَبل الحِمى
وَأَشُمُّ روح الأُنس غَير بَعيد
لي في الهَوى نَفسٌ فَدَت أَحبابَها
وَاِستَعذَبَت بِلظى الغَرام عَذابَها
أَتَرى يعيد لي الزَمان شَبابَها
وَأَرى خِيام أَحِبَتي وَقبابها
كَالخود تَجلى في عراص البيد
أَو هَل أَرى نور النُبُوَّة قَد بَدا
مِن مَرقَدٍ سَطَعَت بِهِ شَمس الهُدى
وَعَلى الجِنان بِهِ تَسامَت سوددا
أَرضٌ يَفوح بِتُربِها أَرج النَدا
وَالمَجد مِن نوّارها المَخضودِ
يا طالِباً نَيل العُلى بِالروح جد
وَاِنزل بِظل الرَوضة الحَسَنا تَسُد
وَالتم ثَراها المُستَطاب وَزر وَعد
هِيَ مَهبط الوَحي القَديم وَمَعقلُ الدِّ
م ين القَويم وَمَوطن التَوحيدِ
جَلَّ الَّذي في صُلب آدم أَوجَدا
نوراً لَهُ عنت المَلائك سُجدّا
فَاِخضع وَلذُ بِجَنابِهِ مُستَنجِدا
حَيث المَكارم وَالمَغانم وَالجدا
حَيث المَراحم حَيث مَأوى الجود
حَيث السَعادة وَالسِيادة وَالعُلى
حَيث الدِيانَة وَالأَمانة وَالوَلا
حَيث البشارة وَالنذارة للملا
حِيث الضَريح الطاهر السامي عَلى
فَلَكَ العُلا وَالرفرف المَمدود
هَل يَعتري أَهل الثَناءِ مَلالَةٌ
مَهما يَكُن لِلمَدح فيهِ إِطالَةٌ
وَهُوَ الَّذي إِذ شَرفتهُ رِسالَةٌ
ظَلَت عَلَيهِ مَهابةٌ وَجَلالَةٌ
يَغشى العُيون بِنورِهِ المَشهودِ
بِجنابِهِ الرُسل الأَماجد تَقتَدي
وَبِهَديِهِ كُل العَوالم تَهتَدي
رُكنٌ إِذا ما فاضَ ناديهِ النَدي
تَأوي إِلَيهِ الأَنبياءُ فَتَجتَدي
مِن فَضلِهِ المَأمول كُل مزيدِ
بِقدومِهِ الحور الحِسان تَشَرَفت
وَعَلَيهِ مِن أَعلى القُصور تَشَرَفَت
وَبِعُرفِهِ أَهل النَعيم تَعَرَفت
وَلِأَجل خدمَتِهِ الجِنان تَزَخرَفَت
وَمِن السَعادة خدمة المَسعودِ
في غَيب علم اللَه كانَ وَلم نَكُن
وَثَناه بِالاسرا أَتى وَبلم يَكُن
مِن مِثلُهُ وَهُوَ الَّذي مِن عَهدكن
قَد كانَ يَدَعي بِالنَبيِّ وَلَم يَكُن
يَخلِقُ وَآدم لَيسَ بِالمَوجود
روح النِبا بِفَم الضَمائر قَبلت
تَرباً حوَتهُ وَبِالضَريح اِستَقبَلَت
وَبِصدق دَعوَتِهِ وَحينَ تَسَربَلَت
شَهِدَت ببعثَتِهِ الوحوش فَاَقبَلَت
نَثراً فَمِن شاكٍ وَمِن مصفود
أَنتَ الَّذي نَسَخت أَباطيل العِدى
آياتُهُ فَتَبَينت سُبل الهُدى
إِن أَنكَروا مِن مُعجزاتك ما بَدا
فَالظَبي وافى موثقاً يَشكو الرَدى
وَالعود أَبدى أَنَّهُ المَجهود
في الأَرض ظَلَ اللَهُ ما لِمثالِهِ
في الشَمس مِن ظل يَرى لِخَيالِهِ
وَلِفَرط عزّ جَمالِهِ وَكَمالِهِ
قَد صينَ بِالمَلَكوت ذَيل ظَلالِهِ
كَيلا يَجُرَّ عَلى بِساط صَعيدِ
في الحَرب أَروى الجَيش عَذباً فائِضا
مِن راحَة بِاللَمس تَبري عارِضا
وَعَلى مَلاك الكَون أَصبَح قابِضا
وَغَدا بِأَعباء الرِسالَةِ ناهِضا
وَالأَرض ملءُ ضَغائن وَحقودِ
فَأَعَزَّ بِالدين الحَنيف مَن اِهتَدى
وَأَذَلَّ بِالناس الشَديد مِن اِعتَدى
وَعَلَيهِ حينَ تَجَمَعت زُمر العِدى
فَنَضا لِحَصد الشُرك مِن غَمد الهُدى
بيضاً يَضئنَ عَلى اللَيالي السودِ
شَمس الهُدى بَزَغَت بِرَوض مَعالِمِ
مِن نور طَلعة بَدر سَيَّد هاشم
غَوثٌ أَبادَ المُشرِكينَ بِصارِمِ
أَضحى لِبَيت الكُفر أَقوى هادِمٍ
وَلقصر دين اللَهِ خَير مُشيدِ
كَم فَرَّجَت غاراتُهُ مِن غَمَّةِ
عَن أُمَةٌ هِيَ فيهِ أَكرَم أُمَّةِ
لا زالَ كَشّافاً لِكُلِ مُلمَّةِ
بِعَزيمة تَردي الأُسود وَهِمَّةِ
تَقضي بِهدّ شَوامخ الجلمود
فَهُوَ المُشفع وَالحَبيب المُتَقى
وَالطاهر البر المُتَوَّج بِالتُقى
بَدرٌ لِمولده الضَلال تَمَزَّقا
وَبِهِ أَضاءَ الدَهرَ مِن ظُلم الشَقا
وَالكَون أَشرَق مِن سَنى التَوحيد
كَم مادِحٍ لِعُلاه أَبدى مَدحة
قَبلي فَنالَ مِن العِنايَة منحةً
يا مَن بِهِ زَكَت المَدينة نَفحةً
وَتَهلل البَيت المُكَرَم فَرحَةً
وَغضدا يَميد بِرُكنِهِ الموطود
وَحيٌ بِغار حَرا حَباهُ بِقُربِهِ
وَأَتى لَهُ بِرِسالَةٍ مِن رَبِهِ
وَالشرك ذل مَخافة مِن حَربِهِ
وَالدين أَمسى آمِناً في سربِهِ
مُتَبَختِراً بِمطارف التاييد
كَم منحَةٍ لِلأَنبيا مَربوطَةِ
بِجنابِهِ وَشَريعة مَضبوطةِ
قُل إِن أَرَدت نَدى يَدٍ مَبسوطَةِ
بُشرى لَنا مِن أُمة مَغبوطةِ
أَبَداً بِهَذا السَيد المَحمود
ما خابَ مَن لِلظَن أَحسن وَالرَجا
بِجَنابِهِ وِإِلى حِماه قَد اِلتَجا
فَاِنزل بحي ذراه رمت النَجا
فَهُوَ النَبيُّ المُستَغاث المُرتَجى
مَأوى الضَعيف وَمَلجأ المَطرود
فرعٌ بِهِ طابَت مَغارس أَصلِهِ
وَاللَهُ أَوجَد ذا الوجود لِأَجلِهِ
وَهُوَ الَّذي بِكمال رفعة فَضلِهِ
أَهل البَسيطة تَستَظل بِظِلِهِ
مِن حَرِ يَومٍ كاشحٍ صَيخود
بِنَجاة أُمتِهِ العَصاة تَكفَلا
فَضلاً وَإِن مَلَأَت جَرائِمِها العُلا
أَفلا أَكون بِجاهِهِ مُتَوَسِلا
وَبِهِ يُغاث المُرسَلون وَكَيفَ لا
وَالكُل تَحتَ لِوائِهِ المَعقود
لَيتَ الَّذي أَضحى لِعَقلي مالِكا
يَدني مُحبّاً لا مَحالَة هالِكا
لَقيتُ خَيراً بَل وَقَيت مَهالِكا
يا طالِباً وَجهَ النَجاح وَسالِكا
جَدد الفَلاح وَمَنهج التَسديد
عِج بِالمطيّ إِلى فَسيح رِحابِهِ
مُتَمَسِكاً بِاللَثم مِن أَعتابِهِ
وَإِن الزَمان رَماك في أَوصابِهِ
يَمم حِماه وَلا تَحد عَن بابِهِ
فَهُناك تَبلغ غايَة المَقصود
فَعَسى مطاياك الَّتي هِيَ سدُّنا
بِالفَتح وَالنَصر المُبين تَمُدُّنا
فَاعطف وَقُل لا تَخشَ حَسبُكَ ودنا
مَولاي يا غَوث البَرايا في الدُنا
وَمُجيرها في المَوقف المَوعودِ
بِبَديع وَصفك لا يَزال تَفنني
وَاخيبة الآمال إِن لَم تَدنِني
وَأَنا الأَمين عَلى هَواك لِأَنَّني
بَيني وَبَينك نسبة لَكِنَّني
لَم أَرعَ واجب حَقها المَعهودِ
حاشاكَ تهملها وَأَنتَ لِوا اللَوي
وَلَكَ اِنتَهى المَجد المُؤُثَّل مِن قصى
فَكَما نَبَذت لَها بِتَفريط وَغي
فَنَبَذت غَير مُكرَّم وَسَقَطت غَير
مقوَّمٍ وَسَقمت غَير معود
روحٌ تَمَلكت المَحبة رقها
وَإِلَيكَ تَنسبَ كَيفَ تَرضى عِتقَها
وَلَئن قَطَعت بِسوء فعلي عِرقَها
فَلأَنتَ أَولى مَن يُراعي حَقَها
وَبِصَونِها مِن وَصمة التَأويد
حاشاكَ بَعد تَفضل وَتَرَحُمٍ
تَرمي حِبال مَوَدَتي بِتَصَرَّمٍ
أَنا مِن عِيالَك يا أَجلَّ مكرَّمِ
هِب إِنَّني واصَلتُ كُل مُحرَّمِ
واطلت فيهِ غِوايَتي وَجُحودي
وَغَرقت في البَحر الَّذي أَنا خائِفُ
مِن خَوض لجتهِ وَها أَنا تالِفُ
وَرَكبت ما عَنهُ نَهاني عارِفُ
وَجَنيت ذَنباً ما جَناهُ قارفُ
مِن عَهد شَدّادٍ وَعَهد ثَمود
أَو لَيسَ أَوزار الأَنام كَذَرَّةِ
في ساحَةٍ مِن برّ واسع حَضرَةِ
أَنتَ الشَفيع مَتّى مَنَنت بِنَظرةِ
فَذُنوب أَهل الأَرض أَدنى قَطرةِ
مِن فَيض بَحر نَوالك المَمدود
لا زِلتُ أَرتع في الذُنوب وَاَغتَدي
في كُل مَحظورٍ قَبيح المَأخذِ
فَأَنا الغَريق وَلَيسَ غَيرك مُنقذي
غفراً رَسول اللَه لِلحَرَم الَّذي
أَثقالُهُ غلبت عَلى مَجلود
ماذا أَقول بِوَصف ذاتك بَعدَما
أَثنى الإِلَه عَلى علاك وَعظَّما
لَكِنَّني بِالمَدح رُمت ترحما
وَتَفَضلاً في فَك أَسري مِثلَما
أَطلَقت لسر هوازن بِقَصيد
حِسّان مَدحك بِالدُعاءِ نَصرتُهُ
وَبِنَفخ روح القُدس مِنكَ غَمَرتُهُ
وَأَنلت نابِغَة المُنى وَجَبرتهُ
وَوَهبت مِن كَعب دَماً أَهدَرتُهُ
وَكَسَوتُهُ بِمَلابس التَرفيد
لِرِضاءِ رَبك كَم خطوبٍ صَعبةٍ
كُلَّفتها وَلَقيت أَعظَم كُربَةِ
وَلِهَدي قَومك كَم دَعَوت بِرَغبةِ
وَطَلَبت غُفران الإِلَه لِعصبةِ
شَجوك لا كانوا بِصَعب حَديد
جحدت قُريشٌ وَحي رَبك إِذ وَرَد
فَعَموا وَصُّموا عَن مُتابَعة الرُشد
وَكَذَلِكَ الأَحزاب اَضمَرَت الجَسَد
وَبَنو ثَقيفٍ إِذ دَعوتُهُم وَقَد
آذوك في يَومٍ عَلَيكَ شَديد
عَميت بَصائرهم كضما عَميت قَذى
أَبصارُهُم إِذ قابَلوا لَكَ بِالأَذى
وَعَلَيهُم الشَيطان حينَ اِستَحوَذا
هَشَموا ثَناياك الحسان وَحَبَذا
دُرٌّ زَها مِن ثَغرك المَنضود
قَومٌ أَضاعوا ماضياً وَمُضارِعا
مِن فعلهم وَدَعوا مناةَ ضَوارِعا
وَلِبغيهم في الحال شَمت مَصارعا
وَأَتاكَ جبريل الأَمين مُسارِعا
لِيبيدهم وَاللَه خَير مُبيد
فَأَبَت شَمائلك المكمَّل عِزُّها
أَهلاكهم حَيث السَماح يَهزُّها
وَكَشَفَت غاشِيَةً أَتاها رَجزُها
فَعَفوت عَفواً لا يُدرهُ الزَها
وَحلمت حلماً لَيسَ بِالمحدود
وَضَرَبت صَفحاً عِن إِساءَةِ فعلهم
وَعَن البوار لحزنهم وَلسهلهم
مَولاي هِب إِني كَنهلهم
إِذ كانَ ما نالوهُ عَنكَ بِجهلهم
أَو لاتصال قرابَةٍ وَجدود
فَأَنا الجَهول وَبَحر حلمك طافِحُ
وَعَليَّ إِشراق اِنتِسابك لائِحُ
وَكَمالهم في الجَهل أَنتَ مُسامِحُ
فَكَذاكَ جَهلي بِالجِنايَةِ واضِحُ
وَوصول حَبلك مني غَير بَعيد
عِجنا نُؤُمُّ البَيت مِن أُمّ القُرى
وَبطيبة الفَيحاءِ طابَ لَنا القَرى
فَلَنا الهَناءُ بِجاهك السامي الذرى
يا مُفزع الثقلين ياغَوث الوَرى
وَأَمان كُل مشتتٍ مَبعودِ
اللَه أَوجب ما شَرَعت وَسنَّهُ
وَعَليك بِالإِحسان أَجزل مِنَّهُ
يا مَن بِكَ المَلهوف أَحسن ظَنَّهُ
عَطفاً عَلى حال الشَتيت لِأَنَّهُ
ضاقَ الخِناق وَقُدَّ حَبل وَريدي
يا فتنَةً لِأولي الفَصاحَة أَبكَمَت
وَبِها البغاثُ عَلى البزاة تَهكَّمَت
كَيفَ التَخَلُص مِن رُكوبِ أركمت
وَقَد اِلتَقَت حلق البِطان وَأَحكَمَت
أَيدي الهَوان وَثائِقي وَعُهودي
وَلغربة الإِسلام قُلت مؤرِّخاً
زَمَناً لضنا لا عَدلَ فيهِ وَلا رَخا
وَفَررت مِن يَوم بربعي فَرَّخا
وَأَتيت بابك ضارِعاً مُستَصرِخا
بِجَوانح تَرمي الفَضا بِوقودِ
يا مُرسِلاً نَطق الحَصاة بِكفِهِ
وَلَهُ البَعير قَد اِشتَكى مِن ضَعفِهِ
يا مَن يَجود لِقاصِديه بِلُطفِهِ
أَدعوك لِلخَطب العَظيم وَكَشفِهِ
عَني دُعاء الحائر المَزرود
يا مَن شَغَلت بِذكرِهِ عَمَن لَها
إِن لَم تَكُن للمعضلات فَمن لَها
لِعُلاك أَعرض سقم نَفس ملَّها
وَأبثُّ شَكواي إِلَيك لَعَلَها
تَحَظى بِسَمعِ مِن نَداك حَميد
وَدَعت لِذّاتي وَداع مَفارقِ
سَلوانُهُ مِن بَعد شَيب مَفارِقِ
وَطَمعت مِنكَ بِسَهل وَردٍ دافقِ
وَفُؤادي المَصدوع أَعظَم واثِقِ
أَن لا أَعود بِمَصَدرِ مَردود
هَل ثُمَّ غَيرك راحِمٌ ذو شَيبَةِ
حارَت بِمَدح عَلاك أَعظَم هَيبَةِ
يا مَن بِهِ طابَت مَعاهد طيبَةِ
حاشا لِمَجدك إِن أَبوءَ بِخَيبَةِ
وَحماك مُنتجعي وَأَنتَ عَميدي
أَنتَ الَّذي خَتَم الإِلَه الأَنبيا
بكَ وَاِستَمَدَّت مِن هُداك الأَوليا
مَن لي بِطَلعتك المُكملة الضِيا
صَلّى عَلَيكَ اللَهُ ما جادَ الحَيا
بِمحلجل يَروي الصُخور مَزيد
وَعَلى جَميع المُرسَلين وَصَحبُهُم
وَأَولي النبا المُتَجرِدين لِرَبِهُم
وَعَلى المَلائِكَة الكِرام وَحزبهم
وَعَلى عَشيرتك الَّذين بِحُبِهم
طَهَرَّت مِن دَنس العُقوق بِرودي
هُم آلك القُربى الَّذين بِذِكرِهم
نطق الكِتاب مُنبئاً عَن فَخرِهُم
إِنا أن عَجزت عَن القِيام بِشُكرِهم
فَوِدادهم ديني وَطاعة أَمرِهُم
نَعم العِياد إِذا أَلَّمَ همودي
وَعَلى خَليفَتك الأَحَق تَقَدُّما
وَوَزيرك الفاروق مَن أَحيا الحِمى
وَعلي ابن عَفانِ وَحَيدَرة وَما
وَكَذلِكَ الصَحب الكِرام مُسلِما
ما فاحَ نَشرٌ مِن مُهب زرود
أمين الجندي الحمصي
بواسطة: حمد الحجري
التعديل بواسطة: حمد الحجري
الإضافة: الاثنين 2013/06/17 11:45:03 مساءً
إعجاب
مفضلة

أضف تعليق

يجب تسجيل الدخول أو الاشتراك أو تفعيل الحساب اذا كنت مشترك لإضافة التعليق


أعلى القصائد مشاهدة للشاعر
أعلى القصائد مشاهدة خلال 24 ساعة الماضية
انتظر معالجة القصيدة ...
جميع الحقوق محفوظة لبوابة الشعراء .. حمد الحجري © 2005 - برمجة وتصميم
info@poetsgate.com