دَعوْتُ بَيانِي أن يَفيضَ فَأَسْعَدا | |
|
| وَنادَيْتُ شِعري أن يُجيبَ فغرَّدا |
|
وأبْدعْتُ نَظْماً كالرَّبيع مفوَّفاً | |
|
| يُجَمِّلُ عَصْراً كالشَّبابِ مُجدَّدا |
|
وما الشِّعرُ إلاّ تَرْجُمانٌ مُخلَّدٌ | |
|
| يَقُصُّ على الأجْيالِ مَجداً مُخلَّدا |
|
فَلَولا السَّجايا الغُرُّ ما قال قَائِلٌ | |
|
| ولولا فؤادٌ ما غَدَا النِّيلُ مُنْشِدَا |
|
فَسَلْسَالهُ أَضْحَى بِنُعْمَاهُ كَوْثَراً | |
|
| وقِيعَانُه أمستْ بِمَسْعاه عَسْجَدا |
|
مَليكٌ حَبَتْه مِصرُ مَحْضَ وَلاَئِها | |
|
| صَمِيماً وأوْلَى مِصرَ عِزّاً وسُؤدَدا |
|
أصَالةُ عَزْمٍ أَخْجَلَتْ كلَّ صَارِم | |
|
| مِنَ البيضِ حَتّى خاف أنْ يَتَجرَّدا |
|
ورَأْيٌ كَوَجْهِ الصُّبْحِ ما ذَرَّ نُوره | |
|
| على مُدْلَهِمِّ الْخطْبِ حتَّى تَبَدَّدا |
|
ووَجْهٌ كأنوارِ اليَقِينِ رَأيْتُه | |
|
| فأبْصَرتُ فيه المجْدَ والنُّبْلَ والنَّدَى |
|
أَلَمْ يُعْلِ صَرْحَ العِلْمِ شُمّاً قِبَابُه | |
|
| تُطَالِعُهَا زُهْرُ الكواكِبِ حُسَّدَا |
|
فَمِنْ مَعْهَدٍ يُبنَى على إِثْرِ مَعْهَدٍ | |
|
| إلى أنْ غَدَتْ أرضُ الكنَانةِ مَعْهَدا |
|
زُهِينَا على الدُّنْيا بِجامِعَةٍ غَدَتْ | |
|
| حَدِيثاً بأُذْنِ الشَّرْقِ حُلْواً مُرَدَّدا |
|
تَرُدَّ الشَّبَابَ الغَضَّ حَزْماً وَحِكْمَةً | |
|
| وتَصْقُلُه صَقْلَ القُيونِ المُهَنَّدا |
|
تُزَوِّدُهُ التَّوفيقَ في كلِّ مَطْلَبٍ | |
|
| وَمَنْ طَلَبَ العِلْمَ الجلِيلَ تَزَوَّدا |
|
غَدَتْ دَوْحَةً فَيْنَانَةً حُلْوَةَ الْجَنَى | |
|
| بَعيدَةَ مَدِّ الظِّلِّ فَيَّاحَةَ المَدَى |
|
غَرَسْتَ وهذا فضلُ ما قد غَرَسْتَه | |
|
| وهذا هوَ الغُصْنُ الذي كان أَمْلَدا |
|
تَعَهَّدْتَه كالزَّارعِ الطَّب نَوْمُه | |
|
| غِرَارٌ إلى أن يُبْصِرَ الزَّرْعَ أَحْصَدا |
|
بِكَفٍّ من الإِحْسانِ وَالرِّفقِ صُوِّرَتْ | |
|
| وعَيْنٍ تَرَى في يَوْمها ما تَرَى غَدَا |
|
كَذاكَ ابنُ إسماعيلَ يَنْتَهِبُ المُنَى | |
|
| دِرَاكاً ويَمْضِي لِلْمَحَامِدِ مُصْعِدَا |
|
وَيُدْرِكُ ما يُعْيِي الْجَحَافِلَ وَحْدَهُ | |
|
| وَيَبْلُغُ شَأْواً يُعْجِزُ الْجْمعُ مَفْرَدا |
|
وَيَسعى إلى أنْ يُذْهِلَ النَّجْمَ سَعْيُه | |
|
| ويَبذُلُ حَتى يُدْهِشَ الْجُودَ وَالْجَدا |
|
ويَرْقب رَبَّ العَرْشِ فِيما يُريدُه | |
|
| ويَنْصُرُ دِينَ الْحَقِّ والنُّورِ والهُدَى |
|
وَأصبحتَ رَمْزاً عالَمِيّاً سَعتْ له | |
|
| جَهابِذُ أهلِ الأرضِ مَثْنَى وَمَوْحَدا |
|
رُوَيْدَكَ أجهَدْتَ المؤَرِّخَ ما وَنَى | |
|
| ولا فَارَقَتْ يَوْماً يَرَاعَتُه اليَدَا |
|
هَزَزْتَ إلى التَّأْليفِ كُلَّ مُبَرِّزٍ | |
|
| أَدِيبٍ إذَا مَا أَرْسلَ الفِكْرَ سدَّدا |
|
فَفَاضَتْ بَجَدْواكَ العقولُ وَبلَّلتْ | |
|
| بمصْرَ ظمِاءً كان حَرَّقَها الصَّدَى |
|
فَفي كلِّ يومٍ لِلْعُلُومِ مُجَلَّدٌ | |
|
| حَقيقٌ بما أسْدَيْتَ يَتْلُو مُجلَّدا |
|
سَلوا مكْتَباتِ الْعِلْمِ تَنْطِقُ كُتْبُهَا | |
|
| بآثارِ مَجْدٍ يَنْتَمِينَ لأَحْمَدَا |
|
وَمَنْ بَيْنِ فَوْقَ العِلمِ وَالعدلِ مُلكَه | |
|
| رَفيعاًن فَقَدْ أَرسَى الأساسَ وَوطَّدا |
|
بَهْرْتَ رِجالَ العلمِ في الغَرْبِ فَانْثَنَوْا | |
|
| إليكَ يَسوقونَ الثَناءَ المَنضَّدا |
|
وأَوْلَوْكَ أَلْقَاباً نَواصعَ كالضُّحا | |
|
| ضِخاماً على آثارِ فَضْلكَ شُهَّدا |
|
وَأصبحتَ رَمْزاً عالَمِيّاً سَعتْ له | |
|
| جَهابِذُ أهلِ الأرضِ مَثْنَى وَمَوْحَدا |
|
فِخاراً أبا الفارُوقِ لم يَبْقَ مَنهَجٌ | |
|
| إلى العلمِ إلاّ صار سَهْلاً مُعَبَّدا |
|
تَطَلَّعتِ الآمالُ شرْقاً وَمَغْرِباً | |
|
| فَلم تَجدِ الآمالُ إِلاّكَ مَعقِدا |
|
وحامَتْ قُلوبُ الشَّعبِ حَولكَ مِثْلمَا | |
|
| تَحومُ عِطَاشُ الطّيْرِ أَبْصَرنَ مَوْرِدا |
|
فَعِشْ لِبني مِصرٍ غِياثاً وَرحمةً | |
|
| فآمالهمْ في أن تَعيشَ وَتَسْعَدا |
|
وَعاشَ وَلِيُّ العهدِ قرَّةَ أَعْيُنٍ | |
|
| وَدامَ مِنَ اللّهِ العزيزِ مُؤَيَّدا |
|