مَلَّ مِنْ وَجْدِهِ وَمِنْ فَرْطِ مَا بِهْ | |
|
| وَأرَاقَ الشَّرَابَ مِنْ أَكْوَابِهْ |
|
وَإذَا الْقَلْبُ أَظْمَأَتْهُ الأَمَانِيُّ | |
|
| فَمَاذَا يُرِيدُهُ مِنْ شَرَابِهْ |
|
وَإِذَا النَّفْسُ لَمْ تَكُنْ مَنْبِتَ الأُنسِ | |
|
| تَنَاءَى الْقرِيبُ مِنْ أَسْبَابِهْ |
|
وَأَشَدُّ الآلاَمِ أَنْ تُلْزِمَ الثَّغْرَ ابتسَاماً | |
|
| والْقَلْبُ رَهْنُ اكتِئَابِهْ |
|
كُلَّما اخْتَالَ فِي الزَّمانِ شَبَابٌ | |
|
| عَصفَتْ رِيحُهُ بِلَدْنِ شَبَابِهْ |
|
وَالنُّبُوغُ النُّبُوغُ يَمْضِي وَتَمْضِي | |
|
| كلُّ آمَالِ قَوْمِهِ فِي رِكَابِهْ |
|
غَرِدٌ مَا يكَادُ يَصْدَحُ حَتَّى | |
|
| يُسْكِتَ الدَّهْرُ صَوْتَهُ بِنُعَابِهْ |
|
وَحَبَابٌ إِذَا عَلاَ الْمَاءَ وَلَّى | |
|
| فَاسْأَلِ الْمَاءَ هَلْ دَرَى بِحَبَابِهْ |
|
وَسَفِينٌ مَا شَارَفَ الشَّطَّ حَتَّى | |
|
| مزَّقَ الْيَمُّ دُسْرَهُ بِعُبَابِهْ |
|
بَخِلَ الدَّهْرُ أَنْ يُطَوِّلَ لِلْعَقْلِ | |
|
| فَيَجْرِي إلَى مَدَى آرَابِهْ |
|
كلَّمَا سَارَ خُطْوَةً وَقَفَ الْمَوْ | |
|
| تُ فَسَدَّ الطَّرِيقَ عَنْ طُلاَّبِهْ |
|
وَابْتِدَاءُ الْكَمَالِ في عَمَلِ الْعَا | |
|
| مِلِ بَدْءُ الشَّكاةِ مِنْ أَوْصَابِهْ |
|
ضِلَّةً نَكْتُمُ الْمَشِيبَ فَيَبْدُو | |
|
| ضَاحِكاً سَاخِراً خِلاَلَ خِضَابِهْ |
|
أَيْنَ مَنْ يَسْتَطيعُ أَنْ يُرْشِدَ الدُّنيا | |
|
| وَسَوْطُ الْمَنُون في أَعْقَابِهْ |
|
أَيُّهَا الْمَوْتُ أَمْهِلِ الْكَاتِبَ | |
|
| الْمِسْكِينَ يُرْسلْ أَنْفَاسَه في كِتابِهْ |
|
آهِ لَوْ يَشْتَري الزَّمَانُ قَرِيضي | |
|
| بِسِنينٍ تُعَدُّ لِي في حِسَابِهْ |
|
مَا حَيَاتِي وَالْكَوْنُ بَعْدَ جِهَادٍ | |
|
| لَمْ أَزَلْ وَاقِفاً عَلَى أبْوابِهْ |
|
تَظْمَأُ النَّفْسُ في حَيَاةٍ هِيَ الْقَفْرُ | |
|
| فَرْضَى بِنَهْلَةٍ مِنْ سَرَابِهْ |
|
أنَا قَلْبِي مِنَ الشَّبَابِ وَجِسْمِي | |
|
| أَثْخنَ الشَّيْبُ رَأْسَهُ بِحِرَابِهْ |
|
أَمَلٌ هَذِهِ الْحَياةُ فَهَلْ يَعْثُرُ بِي | |
|
| الْمَوتُ دُونَ وَشْك طِلاَبِهْ |
|
كُلَّمَا رُمْتُ لَمْحَةً مِنْ سَنَاهُ | |
|
| هَالَنِي بُعْدُهُ وَطُولُ شِعَابِهْ |
|
مَا الَّذِي تَبْتَغِي يَدُ الدَّهْرِ مِنِّي | |
|
| وَدَمِي لا يَزَالُ مِلءَ لُعَابِهْ |
|
دَعْ يَرَاعِي يا دَهْرُ يَمْلأ سَمْعَ النَّيِل | |
|
| مِنْ شَدْوِهِ وَعَزْفِ رَبَابِهْ |
|
كُلُّ شَيْءٍِ لهُ نِصَابٌ سِوَى الْفَنِّ | |
|
| فَلاَ حَدَّ يَنْتَهِي لِنِصَابِهْ |
|
عَصَفَتْ صَيْحَةُ الرَّدَى بِخطِيبٍ | |
|
| وَهْوَ لَمْ يَعْدُ صَفْحَةً مِنْ خِطَابِهْ |
|
سَكْتَةٌ أسْكَتَتْ نَشِيجَ خِضَمٍ | |
|
| عَقَدَ النَّوْءُ لُجَّهُ بِسَحَابِهْ |
|
سَكْتَةٌ أَطْفَأَتْ مَنَارَ طَرِيقٍ | |
|
| كَمْ مَشَتْ مِصْرُ في ضِيَاءِ شِهَابِهْ |
|
وَمَضى قَاسِمٌ وَخَلُّف مَجْدّاً | |
|
| تَفْرَعُ النَّجْمَ رَاسِيَاتُ قِبَابِهْ |
|
قَدْ نَكِرْنَاهُ حِين قَامَ يُنَادِي | |
|
| وَفَهِمْنَا مَعْنَاهُ يَوْمَ احْتِسَابِهْ |
|
رُبَّ مَنْ كُنْتَ في الْحَيَاةِ لَهُ حَرْ | |
|
| باً شَقَقْتَ الْجُيُوبَ عِنْدَ غِيابِهْ |
|
وَتَحدَّيْتَ شَمْسَهُ فَإِذا وَلَّى | |
|
| تَمنَّيْتَ لَمْحَةً مِنْ ضَبَابِهْ |
|
لَمْ يَفُزْ مِنْكَ مَرَُّّةً بِثنَاءٍ | |
|
| فَنَثَرْتَ الأزْهَارَ فَوْقَ تُرَابِهْ |
|
يُعْرَفُ الْوَرْدُ حِينَمَا يَنْقَضِي الصَّيْفُ | |
|
| وَيُبْكي النُّبُوغُ بَعْدَ ذَهَابِهْ |
|
كَمْ نَدَبْنَا الشَّبَابَ حِينَ تَولى | |
|
| وَشُغِفْنَا بالْبَدْرِ بَعْدَ احْتِجَابِهْ |
|
كَتَبَ اللّهُ أَنْ يَعَيشَ غَريباً | |
|
| كُلُّ ذِي دَعْوَةٍ إلى الْحَقِّ نَابِهْ |
|
لا تَرَى فَوْقَ قِمَّةِ الطَّوْدِ إِلاَّ | |
|
| بَطَلاً لا يَهَابُ هَوْلَ صِعَابِهْ |
|
كُلُّ ذَاتِ الْجَنَاحِ طَيْرٌ وَلَكِنْ | |
|
| عَرَفَ الْجَوُّ نَسرَهُ مِن غُرَابِهْ |
|
كَمْ رَأَيْنا في النَّاسِ مَن يَبْهَرُ الْعَيْنَ | |
|
| وَمَا فِيهِ غَيْرُ حُسْنِ ثِيابِهْ |
|
يَمْلأُ الأرضَ وَالسَّماءَ رِيَاءً | |
|
| وَعُيُوبُ الزَّمَانِ مِلءُ عِيابِهْ |
|
نَقَدَ النَّاسَ قَاسِماً فَرَأَوْهُ | |
|
| أَصبَرَ النَّاسِ في تجَرُّعِ صَابِهْ |
|
حُجَّةُ الْجَاهِلِ الْمِرَاءُ فَإِنْ شَا | |
|
| ءَ سُمُوّاً أَمَدَّهَا بِسِبَابِهْ |
|
قَدْ يُغَشِّي الْوِجْدَانُ بَاصِرَةَ الْعَقْلِ | |
|
| فَيُعْمِيِه عَنْ طَرِيقِ صَوَابِهْ |
|
صَالَ بِالرَّأْيِ قَاسِمٌ لاَ يُبَالِي | |
|
| ومَضَى فِي طَريقِهِ غَيْرَ آبِهْ |
|
كمْ جَريءٍ لا يَرْهَبُ السَّيْفَ إنْ سُلَّ | |
|
| وَنِكْسٍ يَخافُ مَسَّ قِرَابِهْ |
|
وَالشُجَاعُ الَّذي يُجَاهِرُ بِالْحَقِّ | |
|
| وَلَوْ كَانَ فِيهِ مُرُّ عَذَابِهْ |
|
كَيْفَ يَهْدِي النَّصِيحُ إِنْ ريعَ يَوْماً | |
|
| مِنْ قِلَى مَنْ يُحِبُّ أَوْ إِغْضَابِهْ |
|
وَطَريقُ الإِصْلاَحِ في كُلِّ شَعْبٍ | |
|
| عَسِرُ الْمُرْتقَى عَلَى مُجْتَابِهْ |
|
يَعْشَقُ الشُّعْبُ مِنْ يُدَلِّلُهُ زُو | |
|
| راً بِمَذْقٍ مِنْ سُخْفِهِ وَكِذَابِهْ |
|
قُمْتَ لِلْجَهْلِ تَقْلِمُ الظُّفْرَ مِنْهُ | |
|
| وَتَفُضُّ الْحِدَادَ مِنْ أنْيَابِهْ |
|
فِي زَمَانٍ كَانَ الْقَديِمُ بِهِ قُدْ | |
|
| ساً يُذَادُ الْجَدِيدُ عَنْ مِحْرَابِهْ |
|
يَا نَصِيرَ النِّسَاءِ وَالدِّينُ سَمْحٌ | |
|
| لَوْ وَعَيْنَا السَّرِيَّ مِنْ آدَابِهْ |
|
قَدْ خَشِينَا عَلَى الْحَمائِمِ في الدَّوْ | |
|
| حِ أَظَافِيرَ بَازِهِ أَوْ عُقَابِهْ |
|
إِنْ أَرَدْتَ الظِّبَاءَ تَمْرَحُ فِي السَّهْلِ | |
|
| فَطَهِّرْ أَكْنَافَهُ مِنْ ذِئابِهْ |
|
كَمْ ضِرَاءٍ وَسْطَ الْمَدَائِنِ أَنْكى | |
|
| مِنْ ضِرَاءِ الضِّرْغَامِ في وَسْطِ غَابِهْ |
|
وَشِبَاكٍ مِنَ الْجَرائِمِ وَالْختْلِ | |
|
| حَوَاهَا شَيْطانُهُمْ فِي جِرَابِهْ |
|
وَإذَا مَا الْحَيَاءُ لَمْ يَسْتُرِ الْحُسْنَ | |
|
| فَمَاذَا يُفِيدُهُ مِنْ نِقَابِهْ |
|
قُمْتَ تَدْعُو الْبَنَاتِ لِلْعِلْمِ فَانْظُرْ | |
|
| كَيْفَ حَلَّقْنَ فَوْقَ شُمِّ هِضَابِهْ |
|
وَزَهَا النِّيلُ بابْنَةِ النِّيلِ فَاخْتَا | |
|
| لَ يَجُرُّ الذُّيُولَ مِنْ إِعجَابِهْ |
|
وَغَدَا الْبَيْتُ جَنَّةً بِالَّتي فِيهِ | |
|
| خَصِيباً بِالأُنْسِ بَعْدَ يَبَابِه |
|
يَا فَتَى الْكُرْدِ كَمْ بَرَزْتَ رِجَالاً | |
|
| مِن صَميمِ الْحِمَى وَمِنْ أَعرَابِه |
|
نَسَبُ الْمَرْءِ مَا يَعُدُّ مِنَ الأْعمَالِ | |
|
| لا مَا يَعُدُّ مِنْ أَنْسَابِه |
|
كَمْ سُؤَالٍ بَعَثْتَ إِثْرَ سُؤَالٍ | |
|
| أَيْقَظَ النَّائِمينَ رَجْعُ جَوَابِه |
|
كُنْتَ فِي الْحَقِّ لِلإِمَام نَصِيراً | |
|
| وَالْوَفِيَّ الصَّفِيَّ مِنْ أَصْحَابِه |
|
نَمْ هنِيئاً فَمِصْرُ نَالَتْ ذُرَا الْمَجْدِ | |
|
| وَفَازَتْ بِمَحْضِهِ وَلُبَابِه |
|
مِنْكَ عَزْمُ الدَّاعي وَفَضْلُ الْمُجَلِّي | |
|
| وَمِنَ اللّهِ مَا تَرَى مِنْ ثَوَابِه |
|