عناوين ونصوص القصائد   أسماء الشعراء 
شعراء الفصحى في العصر الحديث > مصر > علي الجارم > يا نَسْمَة رنّحتْ أعطافَ وادينا

مصر

مشاهدة
2631

إعجاب
4

تعليق
0

مفضل
0

الأبيات
0
إغلاق

ملحوظات عن القصيدة:
بريدك الإلكتروني - غير إلزامي - حتى نتمكن من الرد عليك

إرسال
انتظر إرسال البلاغ...

يا نَسْمَة رنّحتْ أعطافَ وادينا

يا نَسْمَة رنّحتْ أعطافَ وادينا
قِفي نُحيِّيك أو عوجي فحيِّينا
مرَّتْ مع الصبح نَشْوَى في تكسُّرها
كأنَّما سُقِيتْ من كفِّ ساقينا
أرختْ غدائرَها أخلاطَ نافِجةٍ
وأرسلتْ ذيلَها ورداً ونِسْرينا
كأنّها روضةٌ في الأفقِ سابحةٌ
تمجُّ أنفاسُ مَسْراها الرياحينا
هبَّتْ بنا من جنوبِ النيلِ ضاحكةً
فيها من الشوقِ والآمالِ ما فينا
إنّا على العهدِ لا بعدٌ يحوِّلنا
عن الودادِن ولا الأيامُ تُنْسينا
أثرتِ يا نسمَة السودانِ لاعجةً
وهِجْتِ عُشَّ الهَوى لو كنتِ تدرينا
وسرت كالحلم في أجفان غانية
ونشوة الشوق في نجوى المحبينا
ويحي على خافقٍ في الصدر محتبسٍ
يكاد يطفر شوْقاً حين تسرينا
مرّت به سنواتٌ ما بها أَرَجٌ
من المُنَى فتمنّى لو تمرّينا
نبّهتِ في مصرَ قُمْريَّاً بِمُعشبةٍ
من الرياض كوجهِ البِكْر تلوينا
فراح في دَوْحِهِ والعودُ في يده
يردّد الصوتَ قُدْسيا فيشْجينا
صوتٌ من اللّه تأليفاً وتهيئةً
ومن حفيفِ غصونِ الروْضِ تلحينا
يَطيرُ من فَنَنٍ ناءٍ إلى فَنَنٍ
ويبعَثُ الشدْوَ والنجوَى أفانينا
يا شاديَ الدَوْحِ هل وعدٌ يقربُنا
من الحبيبِ فإنَّ البعدَ يُقْصينا
تشابهت نَزَعاتٌ من طبائعنا
لما التقتْ خَطَراتٌ من أمانينا
فجَاءَ شعريَ أنّاتٍ مُنَغَّمةً
وجاء شعرُك غَمْرَ الدمع محزونا
شعرٌ صَدَحنا به طبعاً وموهِبَةً
وجاشَ بالصدرِ إلهاماً وتلقينا
والنَّفسُ إنْ لم تكنْ بالشعرِ شاعرةً
ظنَّتْه كلَّ كلامٍ جاء موزونا
تعزّ يا طيرُ فالأيامُ مقبلةٌ
ما أضيقَ العيشَ لو عزّ المُعَزّونا
خُذِ الحياةَ بإيمانٍ وفلسفةٍ
فربّ شرٍّ غدا بالخيرِ مقرونا
فَكمْ وزنّا فما أجدتْ موازنةٌ
في صَفْحةِ الغيبِ ما يُعْيي الموازينا
الكون كوَّنه الرحمنُ من قِدَمٍ
فهل تريدُ له يا طيرُ تكوينا
إن المْنَى لا تُواتى من يهيمُ بها
كالغيدِ ما هجَرتْ إلاّ الملحّينا
تبكي وبينَ يديْكَ الزهرُ من عَجَبٍ
والأرضُ تبراً وروْضاتُ الهَوى غِينا
والماءُ يسبَحُ جذْلانَ الغديرِ إلى
منابتِ العُشْبِ يُحييها فيُحيينا
والزهرُ ينظرُ مفتوناً إلى قَبَسٍ
يُطِلُّ بين ثنايا السحْبِ مفتونا
قد حزْتَ مُلْكَ سليمانٍ ودولتَه
لكَ الرياحُ بما تختارُ يجرينا
ما أجملَ الكونَ لو صحّتْ بصائرُنا
وكيف نُبْصِرُ حُسْنَ الشيءِ باكينا
اللّه قد خلق الدنيا ليُسعدنا
ونحن نملؤُها حُزناً وتأبينا
إن جُزْتَ يوماً إلى السودانِ فارْع له
مودّةً كصفاءِ الدرِّ مكنونا
عهدٌ له قد رَعَيْنَاهُ بأعيُنِنا
وعُرْوةٌ قد عقدناها بأيدينا
ظِلُّ العُروبةِ والقرآنِ يجَمعُنا
وسَلْسَلُ النيل يُرويهم ويُروينا
أشعّ في غَلَسِ الأيام حاضرُنا
وضاء في ظُلْمةِ التاريخِ ماضينا
مجدٌ على الدهر فاسألْ مَن تشاءُ به
عَمْراً إذا شئتَ أو إنْ شئتَ آمونا
تركتُ مِصْرَ وفي قلبي وقاطرتي
مراجلٌ بلهيبِ النار يَغْلينا
سِرْنا معا فُبخارُ النار يدفَعُها
إلى اللقاء ونارُ الشوقِ تُزجينا
تَشقُّ جامحةً غُلْبَ الرياضِ بنا
كالبرقِ شقَّ السحاب الحُفَّلَ الجونا
وللخمائِل في ثوب الدجَى حَذَرٌ
كأنّها تتوقَّى عينَ رائينا
كأنهنّ العَذارَى خِفْن عاذلةً
فما تعرّضْنَ إلاَّ حيثُ يمضينا
وللقُرَى بين أضْغاثِ الكَرَى شَبَحٌ
كالسرِّ بين حنايا الليلِ مدفونا
نستبعدُ القُرْبَ من شوقٍ ومن كَلَفِ
ونستحث وإنْ كنَّا مُجدّينا
وكم سألْنا وفي الأفْواهِ جَابتُنا
وفي السؤالِ عَزاءٌ للمشوقينا
وكم وكم ملَّ حادينا لجاجتنا
وما علينا إذا ما ملَّ حادينا
حتَّى إذا ما بدتْ أَسْوانُ عن كَثبٍ
غنّى بحمدِ السُّرَى والليلُ سارينا
وما شجانيَّ إلاّ صوتُ باخرةٍ
تستعجلُ الركبَ إِيذانا وتأذينا
لها ترانيمُ إنْ سارتْ مُهَمْهَمةً
كالشعرِ يُتْبعُ بالتحريكِ تسكينا
يا حسنَها جنَّةً في الماء سابحةً
تلقى النَّعيمَ بها والحورَ والعينا
مرَّتْ تهادَى فأمواجٌ تُعانقها
حيناًن وتلثِمُ من أذيالها حينا
والنَّخلُ قد غَيبتْ في اليمِّ أكثرَها
وأظهرتْ سَعَفاًَ أحْوى وعُرْجونا
ما لابنةِ القَفْرِ والأمواه تسكُنُها
وهل يجاورُ ضَبُّ الحرَّة النونا
سِرْ أيُّها النيلُ في أمْنٍ وفي دَعَةٍ
وزادك اللّه إعزازاً وتمكينا
أنْتَ الكتابُ كتابُ الدهر أسطرُهُ
وَعَتْ حوادثَ هذا الكون تدوينا
فكم مُلوكٍ على الشَطْينِ قد نزلوا
كانوا فراعينَ أو كانوا سلاطينا
فُنونُهم كنّ للأيام مُعْجِزةً
وحُكمهم كان للدنيا قوانينا
مرّوا كأشرطةِ السّيما وما تركوا
إلا حُطاماً من الذكرى يُؤَسِّينا
إنا قرأنا الليالي من عواقِبها
فصار ما يُضحكُ الأغْرارَ يُبكينا
ثم انتقلنا إلى الصحراءِ تُوسِعُنا
بُعْداً ونُوسعُها صبراً وتهوينا
كأنّها أملُ المأفون أطلقهُ
فراح يخترق الأجواءَ مأفونا
والرملُ يزخَرُ في هَوْلٍ وفي سَعَةٍ
كالبحرِ يزخَرُ بالأمواج مشحونا
تُطلُّ من حَوْلها الكُثبانُ ناعسةً
يمدُدْنَ طَرْفاً كليلاً سفينا
وكم سَرابٍ بعيدٍ راح يخدَعُنا
فقلت حتى هُنا نلقى المُرائينا
أرضٌ من النوم والأحلام قد خُلِقتْ
فهل لها نبأٌ عند ابن سيرينا
كأنما بسط الرحمنُ رُقْعتَها
من قبل أن يخلُقَ الأمواهَ والطينا
تسلَّبَتْ من حُلِيِّ النَبْتِ آنفةً
وزُيِّنت بجلالِ اللّه تزيينا
صمْتٌ وسحرٌ وإرهابٌ وبعدُ مدىً
ماذا تكونين قولي ما تكونينا
صحراءُ فيكِ خَبيئاً سرُّ عِزَّتِنا
فأفصحي عن مكانِ السرِّ واهدينا
إنّا بنو العُربِ يا صحراءُ كم نَحتت
من صخركِ الصلْدِ أخلاقاً أوالينا
عزّوا وعزتّ بهم أخلاقُ أمّتهِم
في الأرضِن لمّا أعزّوا الْخُلقَ والدّينا
مِنَصّة الحكم زانوها ملائكة
وجَذْوَة الحرب شبّوها شياطينا
كانوا رُعاةَ جِمالٍ قبلَ نهضتِهم
وبعدها مَلأوا الآفاق تمدينا
إن كَبّرتْ بأقاصي الصين مِئْذَنةٌ
سمعتَ في الغربِ تهليلَ المصلّينَا
قف يا قِطارُ فقد أوهى تصبُّرنا
طولُ السفارِ وقد أكْدَتْ قوافينا
وقد بدتْ صفحةُ الْخُرْطوم مُشْرقةً
كما تجلَّى جلالُ النورِ في سينا
جئنا إليها وفي أكبادنا ظمأٌ
يكاد يقتُلُنا لولا تلاقينا
جئنا إليها فمن دار إلى وطنٍ
ومن منازِل أهلينا لأهلينا
يا ساقيَ الحيِّ جدّد نَشْوَةً سلفتْ
وأنت بالجَنَباتِ الحُمُرِ تسقينا
واصدَحْ بنونيةٍ لما هتفتُ بها
تشرّق السمع شوقي وابنُ زيدونا
وأحْكِم اللحنَ يا ساقي وغنِّ لنا
إنَّا محيّوكِ يا سلمى فحيينا
علي الجارم
بواسطة
المشرف العام
الإضافة: الثلاثاء 2013/09/10 11:01:44 مساءً
إعجاب
مفضلة

أضف تعليق

يجب تسجيل الدخول أو الاشتراك أو تفعيل الحساب اذا كنت مشترك لإضافة التعليق


أعلى القصائد مشاهدة للشاعر
أعلى القصائد مشاهدة خلال 24 ساعة الماضية
انتظر معالجة القصيدة ...
جميع الحقوق محفوظة لبوابة الشعراء .. حمد الحجري © 2005 - برمجة وتصميم
info@poetsgate.com