تألَّقَ النصْرُ فاهتزّتْ عَوَالينا | |
|
| واستَقْبَلتْ مَوْكِبَ البُشْرَى قَوافِينَا |
|
غَنّى لَنا السَّيْفُ في الأعناقِ أغْنيةً | |
|
| عَزَّتْ على الأيكِ إيقاعاً وتلْحِينَا |
|
هَزَّتْهُ كَفٌّ من الفُولاذِ قَبْضتُهَا | |
|
| في الهَوْلِ ما عَرَفَتْ رِفْقاً ولا لِينَا |
|
من صَخْرِ خُوفُو لها دُونَ الْوَرى عَضَلٌ | |
|
| جرى به دَمُ عَدْنانٍ شَرايينا |
|
نفسي فِدَى الفارِسِ المصرِيّ إن خطَرَتْ | |
|
| به المواكِبُ أو خَاضَ الميادينَا |
|
تلقَاهُ في السِلْمِ ماءً رفَّ سلسَلُهُ | |
|
| وفي الحُروبِ إذا ما ثَارَ أَتُّونَا |
|
يرى الدِّماءَ عقيقاً سَالَ جَامِدُهُ | |
|
| ويحسَبُ النقْعَ فيها مِسْكَ دارِينا |
|
ما بَيْنِ عمرو ومينا زانَهُ نَسَبٌ | |
|
| فمن كآبائِهِ عُرْباً فَراعِينَا |
|
سَلْ مِصْرَ عنهم سَلِ التاريخَ إنَّ بهِ | |
|
| سِرّاً من المجدِ لا يَنْفَكُّ مكْنُونَا |
|
سُيُوفُهم كُنَّ للطغيَانِ ماحِقَةً | |
|
| وعدْلُهُمْ كانَ للدنيا مَوازِينَا |
|
وجيْشُهُمْ هزَّتِ الدُّنيا كتائِبُهُ | |
|
| وحكمهُمْ مَلأَ الآفاقَ تمدِينَا |
|
إنَّا بَني الأُسْدِ أمضَى مِخْلباً ويداً | |
|
| لَدَى الصِّراعِ وأحْمَى الناسِ عِرْنينَا |
|
إذا دَعَا الحقُّ لبَّتْهُ جحافِلُنا | |
|
| وإن سَطَا الجَوْرُ ردَّتهُ مَواضِينا |
|
عِشْنَا أعِزَّاءَ مِلءَ الأرضِ ما لمسَتْ | |
|
| جِبَاهُنَا تُرْبَهَا إلاَّ مُصِلّينَا |
|
لا ينْزِلُ النصرُ إلاَّ فوْقَ رايتنا | |
|
| ولا تمسُّ الظُّبَا إلاّ نَواصِينَا |
|
ألَيْسَ من أُحْجِياتِ الدَّهْرِ قُبَّرةٌ | |
|
| رَعْنَاءُ تَزْحَمُ في الوَكْرِ الشَواهينَا |
|
وتائِهٌ مالَهُ دَارٌ ولاَ وطنٌ | |
|
| يسْطُو على دارِنا قَسْراً ويُقْصِينَا |
|
فيا جبالُ اقذفي الأحجارَ من حُمَمٍ | |
|
| ويا سَمَاءُ امْطِري مُهْلاً وغِسْلينَا |
|
ويا كواكبُ آنَ الرَّجْمُ فانطلقي | |
|
| ما أنتِ إنْ أنتِ لم تَرْمِ الشياطينا |
|
ويا بحارُ اجْعَلي الماءَ الأُجَاجَ دَماً | |
|
| إذا عَلَتْ رَايةٌ يَوْماً لصهيونَا |
|
العَهْدُ عِنْدهُمُ خُلْفٌ ومجحدَةٌ | |
|
| فما رأيناهُمُ إلاّ مُرَائينَا |
|
ما ذَلِكَ السمُّ في الآبارِ ويْلكُمُ | |
|
| وَمَنْ نُحارِبُ جُنْداً أم ثَعابينَا |
|
مَرْحَى بدولتهِمْ ماتت لمولدِها | |
|
| فكانَ ميلادُها حُزْناً وتأبينَا |
|
جاءوا مُهَنِّينَ أرْسالاً على عَجلٍ | |
|
| فحينمَا نطَقُوا كانُوا مُعزِّينا |
|
وآضَ تَصفِيقُهُمْ نَوْحاً ومندَبةً | |
|
| وأصبحَ البِشْرُ تقطيباً وتَغْصِينَا |
|
رِوايةٌ ما أقامُوا سَبْكَ حَبْكَتِها | |
|
| ولا أجَادُوا لها لَفْظاً وتلقِينَا |
|
قد حيَّرتْنَا أمأساةٌ أَمهزلَةٌ | |
|
| فالسُّخْفُ يُضْحِكُنا والجهلُ يُبكينَا |
|
أهْلاً بِها دوْلةً ضاقَ الفضاءُ بها | |
|
| فَتْحاً وغَزْواً وإِعْزازاً وتمكينَا |
|
لها قوانينُ من عَدْلٍ ومَرْحَمَةٍ | |
|
| قد نَفَّذُوا بعْضَها في دَيْرِ يا سينَا |
|
أسْطُولُها يملأُ البحر المحيطَ دَماً | |
|
| وجيشُهَا يملأُ الآطَامَ تَحصينَا |
|
نفسي فِدَاءُ فلسطينٍ وما لَقِيتْ | |
|
| وهل يناجي الهوى إلاّ فِلسْطينا |
|
نفسي فِدَاءٌ لأُولَى القبلتين غدتْ | |
|
| نَهْباً يُزاحِمُ فيه الذئبُ تِنِّينَا |
|
قلبُ العروبَةِ إن تَطعنْهُ زِعنِفَةٌ | |
|
| كُنَّا لها ولأشقاهَا طَواعينَا |
|
وقلعَةُ الشرقِ إن مُسَّتْ جوانِبُها | |
|
| خُضْنَا لها جُثثَ القتْلَى مَجَانينَا |
|
وأسْطُرٌ من تَواريخٍ مُخَلَّدةٍ | |
|
| كانت لمجدِ بَني الفُصْحَى عَنَاوينَا |
|
فقبِّلُوا تُرْبَ حطِّينٍ فإنَّ بهِ | |
|
| دَمَ البُطُولةِ مِنْ أيام حطينَا |
|
أرْضٌ بذَلْنَا بهَا الأرواحَ غاليةً | |
|
| داعين للّهِ فيها أو مُلَبّينَا |
|
ومسجِدٌ نزلَ المختارُ ساحتَه | |
|
| نمُوتُ فيه ونحْيَا مُسْتميتينَا |
|
أنرتَضِي أنْ نَرى مِيراثَنا بَدَداً | |
|
| وتكتفي بدموعٍ في مآقِينَا |
|
ما قيمةُ النَّفسِ إن هانَتْ لطائفةٍ | |
|
| اللّه صَوَّرَ فيها الذُّلَّ والهُونَا |
|
وما نقولُ لأبطالٍ لنا سَلَفوا | |
|
| إذا تَهدَّم ما كانُوا يَشيدونَا |
|
وما نقولُ لعمرٍو حينَ يسأَلُنا | |
|
| إن لم نُجِبْ قبلَهُ بالسيفِ غازِينَا |
|
أتلكَ أندَلُسٌ أُخْرى فقد نبشَتْ | |
|
| من حقدِ ساداتِهمْ ما كان مدفُونَا |
|
سُحْقاً لسكِّينِ فرديناند كم ذَبحتْ | |
|
| واليومَ تشحَذُ أمريكا السكاكينَا |
|
قد شرَّدُوا العُرْبَ واستاقُوا حرائِرَهُمْ | |
|
| فأينَ فِتيانُنا أيْنَ المحامُونا |
|
من كُلِّ عَادٍ له في الشرِّ فلسفةٌ | |
|
| أسرارُها عند مُوشَى وابن غُرْيونا |
|
لا يَعْرِفُ الرُّزْءَ في أهلٍ ولا ولدٍ | |
|
| ولا يرى غيرَ جمعِ المالِ قانونَا |
|
الألفُ تصبِحُ في كفَّيهِ بين رِباً | |
|
| وبينَ ما لستُ أدريهِ ملايينَا |
|
إن كان يحميهمُ المالُ الذي جمعُوا | |
|
| فإنَّ خالقَ هذا المال يَحمينَا |
|
قالوا أسُودٌ فقُلنَا في الجحورِ نَعَمْ | |
|
| فإن خرجتُمْ يَعُدْ كُوهينُ كُوهينَا |
|
بني العُرُوبة هذا اليومُ يومُكُمُ | |
|
| سيرُوا إلى الموتِ إنّ الموتَ يُحيينَا |
|
وخلفُوا للعُلا والمجدِ خالدةً | |
|
| تبقى حديثَ اللَّيالي في ذَرَارينا |
|
لقد صَدِئْنا ودُون الغِمدِ منفسَحٌ | |
|
| فجرِّدُوا حَدَّ مَاضينا لآتينَا |
|
وقَرِّبُوهُمْ قرابيناً مُحَوَّرةً | |
|
| للسيفِ إن يَرْضَ هاتيكَ القرابينَا |
|
ماذا إذا مَا فَقدنا إرْثَ أُمَّتِنَا | |
|
| وما الذي بعدَهُ يبقى بأيْدِينَا |
|
ذُودُوا كما يدفَعُ الضِّرغَامُ في غضبٍ | |
|
| عن العرينِ أُبَاةً شَمريينَا |
|
لا ترهَبُوا القومَ في مالٍ وفي عددٍ | |
|
| إن الفقاقيعَ تطْفُو ثم يَمْضينَا |
|
إن لم تَصونُوا فَلِسْطِيناً وجبهتها | |
|
| ضاعت عُرُوبتُنا وانفضَّ نَادينَا |
|
فإنَّ للشرقِ أعْدَاءً ذوِي إحَنٍ | |
|
| اللّهُ يكفيهِ نجواهُمْ ويكفينَا |
|
لهُمْ سِهامٌ خفياتٌ مسممةٌ | |
|
| من السياسة تَرْميهِ وتَرْمينَا |
|
كم نمقوا صُوَراً شتَّى وكَمْ خلَقُوا | |
|
| للغدْرِ والفتكِ أشكالاً أفَانينَا |
|
يا جَيْش مِصْرَ ولا آلوكَ تهنئةً | |
|
| حققْتَ ظَنَّ الليالي والمُنَى فينَا |
|
وصَلْتَ آخِرَ عُلْيانا بأوَّلِهَا | |
|
| فما أواخِرُنَا إلاَّ أوالينَا |
|
أعَدْتَها وثبةً بدريَّةً صرعَتْ | |
|
| دُهَاةَ جيشِ يهوذا والدَّهاقينَا |
|
شجاعَةٌ مزَّقتْ أحلامَ ساستِهمْ | |
|
| وعلَّمتْ مُترفيهِم كيفَ يصْحُونَا |
|
تسيرُ من ظَفَرٍ حُلْوٍ إلى ظفرٍ | |
|
| مُبَارَكَ الفتحِ والرّاياتِ ميمُونَا |
|
فيكَ الملائِكُ أجْنَأدٌ مُسوَّمَةٌ | |
|
| أعْلامُها تتهادَى حَوْلَ جِبْرينَا |
|
وفيكَ من مُهجَاتِ النيلِ ناشئَةٌ | |
|
| فيها مَطامِحُنا فيها أَمَانينَا |
|
يمشون للموتِ في شوقٍ وفي جَذَلٍ | |
|
| لأنَّهُمْ في ظِلال اللّهِ يمشُونَا |
|
إن شَكَّ في عَزمةِ المضرِيّ مُخْتَبَلٌ | |
|
| فبيْن فِتْيانِنا يلْقى البَراهينَا |
|
لا يستطيعُ خَيالٌ وصْفَ جُرْأتِهمْ | |
|
| ويعجزُ الشعرُ تصويراً وتَلْوينَا |
|
هُمُ رياحينُ مصرٍ نَضْرَةً وشذاً | |
|
| لا أذْبَلَ اللّهُ هاتيكَ الرياحينَا |
|
صانَ الإلَهُ لجيشِ الشرقِ عزَّتَهُ | |
|
| وصَانَ أبطالَهُ الغُرَّ الميامينا |
|