أَسَمِعْت شَدْوَ الطائر الغِرِّيدِ | |
|
| هَزِجاً يُنَاغي فَجْرَ يَوْمَ العِيدِ |
|
وَبَدَا عَمُودُ الصُّبح أَبْيَضَ ناصِعاً | |
|
| كالسَّلْسَلِ الضَّحْضَاحِ فَوْق جَلِيدِ |
|
أو كاليدِ البَيْضَاءِ تَنْضَح بالنَّدَى | |
|
| والغيث أو جِيدِ العَذَارَى الغِيدِ |
|
أَو كاقْتِبَالِ الْحُسنِ بعد تَحَجُّبٍ | |
|
| أو كابتسام الدَّلِّ بعد صُدُودِ |
|
وإِذا لَمحْتَ الشَّرْقَ خِلْتَ عَرَائِساً | |
|
| مَاسَتْ بثوبٍ كالشَّباب جَدِيدِ |
|
يَرْفُلْنَ في ضَافِي الضِّيَاءِ نَوَاعِماً | |
|
| في سِحْرِ أنغامٍ وَلينِ قُدُودِ |
|
وَدَمُ الشّباب له روائعُ نَشْوَةٍ | |
|
| ما نَالَها يوماً دَمُ العُنْقُودِ |
|
ما بين طَرْفٍ بالخديعة ناعِسٍ | |
|
| ثَمِلٍن وآخَرَ في الهوى عِرْبِيدِ |
|
وَدَّعْتُ أيام الشباب حَوَافِلاً | |
|
| من بعدها عَصَفَ المشِيبُ بعُودِي |
|
فإِذا خَطَرْنَ فَهُنَّ رُؤْيَا نَائِمٍ | |
|
| وإِذا هَمسْنَ فَهُنَّ رَجْعُ نَشِيدِ |
|
أَرْنُو إِلى عَهْدٍ لَهُنَّ كأَنمَا | |
|
| أَرْنُو لِنَجْمٍ في السَّمَاءِ بَعِيدِ |
|
وأَرَى الحياة بلا شَبَابٍ مِثْلَمَا | |
|
| لَمَعَ السَّرابُ بِمُقْفِرَاتِ البِيدِ |
|
إنَّ الشَّبَابَ رَحِيقُ أَزْهَارِ الرُّبا | |
|
| وَحَفِيفُ غُصْنِ الْبَانَةِ الأُمْلُودِ |
|
ومَطِيَّةُ الآمال في رَيْعَانِهَا | |
|
| وسِرَاجُ لَيْلِ السَّاهِدِ المَجْهُودِ |
|
وبَشَاشَةُ الدُّنيا إذا ما أقْبَلَتْ | |
|
| ونجاةُ وَعْدٍ مِنْ أَكُفِّ وَعِيدِ |
|
هو في كتاب العمرِ أَوَّلُ صَفْحَةٍ | |
|
| بُدِئتْ بِبِسْمِ اللّهِ وَالتَّحْمِيدِ |
|
وربيعُ أيَّام الحياةِ تَبَسَّمَتْ | |
|
| رَوْضَاتهُ عن ضَاحِكاتِ وُرُودِ |
|
أَهْدَى لها الوَسْمِيُّ نَسْجَ غَلاَئِلٍ | |
|
| وَأتَى الوَلِيُّ لها بوَشْيِ بُرُودِ |
|
وسَرَى النَّسِيم بهَا يُغَازِلُ أَعْيُناً | |
|
| من نَرْجِسٍ ويَشَمُّ وَرْدَ خُدُودِ |
|
إِنَّ الشباب ومَا أُحَيْلَى عَهْدَه | |
|
| كالواحَةِ الْخَضْرَاءِ في الصَّيْهُودِ |
|
تَلْقَى بها ماءً وظِلاً حَوْلَهُ | |
|
| جَدْبُ الْجَفَافِ وقَسْوَةُ الْجُلْمُودِ |
|
إِنّي طَرَحْتُ مِنَ الشباب رِدَاءَهُ | |
|
| وثَنَيْتُ عَنْ لَهْوِ الصَّبَابَةِ جِيدِي |
|
وَاخْتَرْتُ من صُحُفِ الأَوائِلِ صَاحِبي | |
|
| وجَعَلْتُ مأثُورَ البَيَانِ عَقِيدِي |
|
ومَرَرْتُ بالتاريخِ أَملأُ نَاظِرِي | |
|
| منه وأُحْيِي بالفناءِ وُجُودِي |
|
كَمْ عَالمٍ قابَلْتُ في صَفَحَاتِه | |
|
| ولَكَمْ ظَفْرتُ بفاتِحٍ صِنْدِيدِ |
|
وإِذا التمسْتَ مِن الدُّهورِ رِسَالةً | |
|
| فصَحَائِفُ التَّاريخِ خَيْرُ بَرِيدِ |
|
أَحْنُوا إلى قَلَمي كأنّ صَرِيرَه | |
|
| في مِسْمَعي المكْدُودِ رَنَّةُ عُودِ |
|
وأَعيشُ في دُنْيَا الْخيالِ لأنَّني | |
|
| أَحْظَى بها بالفائت المفْقُودِ |
|
كَمْ لَيْلَةٍ سامَرْتُ شِعْرِيَ لاَهِياً | |
|
| وَالنَّجمُ يَلْحَظُنَا بعين حَسُودِ |
|
حِيناً يُراوغُنِي فأَنْظُرُ ضَارِعاً | |
|
| فَيَلِينُ بعد تَنَكُّرٍ وجُحُودِ |
|
ولقد أُغَرِّدُ بالقرِيض فَيَنْثَنِي | |
|
| فأَنَالُ قَادِمَتَيْهِ بالتَّغْرِيدِ |
|
طَهَّرْته ةمن كلِّ مَا تأبى النُّهَى | |
|
| ويَعَافُهُ سَمْعُ الحِسَانِ الْخُودِ |
|
وَبَعَثْتُ فِيهِ تَجَارِباً مَذْخُورَةً | |
|
| هِيَ كلُّ أَمْوَالي وكلُّ رَصِيدِي |
|
وَجعلْتُ تَشْبِيبِي بمِصْرَ ومَجْدِهَا | |
|
| وشمَائِلَ الفَارُوقِ بَيْتَ قَصِيدِي |
|
مَلِكٌ زَهَا الإِسلامُ تَحْتَ لِوَائِه | |
|
| وَأَوَى لِرُكْنٍ من حِمَاهُ شَدِيدِ |
|
إِنْ فَاتَ عَهْدُ الراشدينَ فَقَدْ رَأَى | |
|
| في دَوْلَةِ الفَارُوق خَيْرَ رَشِيدِ |
|
قَرَنَتْ مَنَابِرُه جَلاَئِلَ سَعْيِهِ | |
|
| وَجِهَادِهِ بِشَهَأدَةِ التَّوْحِيدِ |
|
وصَغَتْ مَسَاجِدُه لتَرْدِيدِ اسْمِهِ | |
|
| فكأنما يَحْلُو عَلَى التَّرْدِيدِ |
|
مَنْ يَجْعَلِ الإِيمَانَ صَخْرَةَ مُلْكِهِ | |
|
| رَفَعَ البِنَاءَ عَلَى أَشَمَّ وَطِيدِ |
|
كَمْ وقفةٍ لك في المَحَارِبِ جَمَّلَتْ | |
|
| عِزَّ المُلوك بِخَشْيَةِ الْمعبُودِ |
|
سَجَدَتْ لك الأيَّامُ حِينَ تَلَفَّتَتْ | |
|
| فرأتك بينَ تَشَهُّدٍ وسُجُودِ |
|
وتَطَلَّعَ الإِسْلاَمُ في أَمْصَارِهِ | |
|
| يَهْفُو لِظلِّ لِوَائِكَ المَعْقُودِ |
|
سَعِدَ الصِّيَامُ وشَهْرُهُ بمُجَاهِدٍ | |
|
| عَبِقَ الوُجُودُ بِذِكْرِهِ المَحْمُودِ |
|
فَنَهارُه للصَّالحاتِ ولَيْلُهُ | |
|
| لِلْبَاقياتِ وللنَّدَى والْجُودِ |
|
حَيَّيْتَ في المِذْيَاعِ أَوَّلَ لَيْلَةٍ | |
|
| مِنْهُ بقَولٍ مُحْكَمِ التَّسْدِيدِ |
|
جَمَعَ السِّيَاسَةَ كُلَّها في أَحْرُفٍ | |
|
| كالعِقْدِ أَلَّفَ بَيْنَ كُلِّ فَرِيدِ |
|
وكَقَطْرَةِ العِطْرِ الّتي كَمْ جَمَّعَتْ | |
|
| من نَوْرِ أَغْوَارٍ وَزَهْرِ نُجُودِ |
|
قَوْلٌ بِهِ الْحِكَمُ الغَوَالي نُسِّقَتْ | |
|
| ما بينَ منْثُورٍ وبَينَ نَضِيدِ |
|
أصْغَى إليه الشَّرْقُ يَسْمَعُ دَعوَةً | |
|
| قُدْسِيَّةً للبَعْثِ والتَّجْدِيدِ |
|
وَزَهَتْ بهِ العَزَمَاتُ بَعْدَ ذُبُولِهَا | |
|
| وَصَحَتْ به الآمالُ بَعْدَ رُقُودِ |
|
للّهِ صَوْتكَ في الأَثِيرِ فَإِنّه | |
|
| أَخَذَ الهُدَى والْحُسْنَ عَنْ دَاوُدِ |
|
لَبَّيْكَ يا مَلِكَ القلوب فَمُرْ نَكُنْ | |
|
| لَكَ طاعَةً واللّهُ خَيْرُ شَهِيدِ |
|
إِنَّا بدَرْسِ الدِّينِ أَبْصَرْنَا الهدَى | |
|
| نُوراً يُشِعُّ بِجَمْعِهِ المحشُودِ |
|
وَبدَا المْلِيكُ بهِ يُمَجِّدُ رَبَّهُ | |
|
| للّهِ مِنْ نُسْكٍ وَمِنْ تَمْجِيدِ |
|
أَبْصَرْتُه والشَّعْبُ حَوْلَ بِسَاطِهِ | |
|
| كَالطَّيْرِ رَفَّ لِوَرْدِهِ المَوْرُودِ |
|
مَا أَسْمَحَ الإِسْلامَ يَجْمَعُ رَحْبُهُ | |
|
| في اللّهِ بَيْنَ مُسَوَّد ومَسُودِ |
|
حَرَسَتْهُ أَفْئِدَةٌ تُفْدِّي عَرْشَهُ | |
|
| وَالْحُبُّ أَقْوَى عُدَّةٍ وعَدِيدِ |
|
إِنَّ الْجُنُودَ بِه تَلُوذُ وَتَحْتَمِي | |
|
| وَلَكَمْ عُرُوش تحْتَمِي بِجُنُودِ |
|
يُصْغِي ويُنْصِتُ للكِتَابِ وَآيِهِ | |
|
| في سَمْتِ مَوْفُورِ الجَلاَلِ حَمِيد |
|
يا قُدْوَةَ الجِيل الْجَديِدِ وَذخْرَهُ | |
|
| عِشْ لِلْمُنَى فَرْداً بِغَيرِ نَديدِ |
|
حَارَ القَرِيضُ وكيفَ أَبْلُغُ غَايةً | |
|
| هي فَوْقَ طَوقِ يِرَاعَتي وجُهُودِي |
|
أَعْدَدْتُ أَلْوَانِي لأَرْسُمَ صُورَةً | |
|
| أَيْنَ السُّهَا من سَاعِدِي المكْدُودِ |
|
حِلْمٌ كما تُغْضِي الأُسُودُ تَكَرُّماً | |
|
| وَعَزائِمٌ فِيهَا نِجَارُ أُسُودِ |
|
وَفِرَاسَةٌ سَبَقَتْ حَوادِثَ دَهْرِهَا | |
|
| حَتَّى كَأنَّ الغَيْبَ كالمَشْهُودِ |
|
وإِرَادَةٌ تَفْرِي الصِّعَابَ شَبَاتُهَا | |
|
| وَتَهُدُّ عَزْمَ الصَّخْرَةِ الصَّيْخُودِ |
|
وَذكَاءُ قَلْبٍ لَوْ رَمَى حَلَكَ الدُّجَى | |
|
| لَمضَى يُهَرْوِلُ في المُسُوحِ السُّودِ |
|
مَوْلاَي إِنَّ الشِّعْرَ يَشْهَدُ أَنَّهُ | |
|
| بَلَغَ المَدَى في ظِلِّكَ المَمْدُودِ |
|
أَلْفَى خِلاَلاً لقَّنَتْهُ بَيَانَهُ | |
|
| فَأَعَادَهَا كَالصَّادِحِ الغِرِّيدِ |
|
فَلكَمْ بَعَثْتُ مَعَ الأَثِيرِ وَحِيدَةً | |
|
| في فَنِّهَا تَشْدُو بِمُلْكِ وَحِيدِ |
|
فَاهْنَأْ بِمِيلاَدِ الأَمِيرَةِ إِنَّهَا | |
|
| عُنْوَانُ مَجْدٍ طَارِفٍ وَتَلِيدِ |
|
وانْعَمْ بِعِيدِ الفِطْرِ واسْعَدْ بالمُنَى | |
|
| في طالِعٍ ضَافي النَّعيمِ سَعِيدِ |
|