عرضتُ على ذات الدلال صبابتي |
لتقدرُني قدري وتُقْصِر عن هجري |
وحدثتها عما أقاسي من الأسى |
وعما يوارِي في جوانحهُ صدري |
فأصغت إلى شكواي وافترّ ثغرها |
وكلّ شفائي من لمى ذلك الثغر |
فعنّ لنا من جانب الحيّ فتيةٌ |
يلوح عليهم أن أمرهمُ أمري |
فقالت من العشاق قالوا غطارفِ |
ميامينُ أمجادٌ من النفر الغر |
وقلت لها إني سليلُ مَعاشرٍ |
بنوا للعلا صرحاً على البيضِ والسمرِ |
سلي عن أيادينا الزمانَ فإنه |
بما فعلتْ آباؤنا خير من يدري |
فقالت وصكت وجهها بيمينها |
وعبرتها من فوق وجنتها تجري |
علامَ التباهي بالقديم وبينكم |
تلاميذُ كادوا يهلكون من الفقر |
أليس عجباً أن يعضّهم الطوى |
وهُم في بقاعِ النيل بين بني مصرِ |
أتَوا من ديار الشام يغترفون من |
مناهل علمْ الأزهر الفائضِ القَدْرِ |
وكان ذووهم يبعثون لهم بما |
يموّنهم في كل شهرين أو شهرِ |
فمدّت إليهم هذه الحرب بأسها |
وسدّت عليهم مهيعَ البرّ والبحرِ |
فلا يستطيعون الرجوعَ لدارهم |
ولا يستطيعون المُقامُ على الضرِ |
فإن يقضِ نحباً ساغبٌ في دياركم |
فوا لعصر إنّ القُطر هذا لفي خُسرِ |
فقلت لها مهلاً كفى اللومَ إننا |
كما حدّثوا عنّا مياسير في العسر |
ورثنا عن الأسلاف إيثار جارنا |
وإنّ وفور العرض خيرٌ من الوفرِ |
فلا تجزعي إنا سنُقري ضيوفنا |
ونكرم مثواهم ولا بدع أن نُقري |
فقالت رعاك الله فادْنُ بفيها تقول لي |
تجنبَ قرى الأضياف بالكرمِ الشعري |
فقد صار خُلف الوعدِ بدعةَ معشرٍ |
فإن كنتَ منهم فأخرَجنّ من الخدْرِ |
فقلت معاذ الله ما أنا منهمو |
فإن تصبري أحمدت والخير في الصبرِ |