إبلاغ عن خطأ
ملحوظات عن القصيدة:
بريدك الإلكتروني - غير إلزامي - حتى نتمكن من الرد عليك
انتظر إرسال البلاغ...
|
لا تُسَافِرْ.. |
أرجُوكَ مَهلاً لا تُسَافِرْ |
فَالقَلْبُ تُدمِيهِ الخَنَاجِرْ |
هَلْ سَوفَ تُبعِدُنا السُّنُونْ |
وَأنْتَ في الأحْداقِ حَاضِرْ |
وَالدَّربُ تَطويهِ الشُّجُونْ |
كَأنَّها حَشْدُ العَسَاكرْ |
هَل سَوفَ أبْقَى دَمعَةً |
طَافَتْ علَى وَجَنَاتِ شَاعِرْ..؟ |
أرجُوكَ لا تَذْهَبْ شَريدا |
قد كُنتَ لِي طِفلاً عَنيدا |
وَأنْتَ نَبضي.. |
وَيَلُومُ بَعضي فِيكَ بَعضِي |
وَأدورُ حامِلَةً حَنيني وَاشْتعالاتِي وَرَفْضِي |
وَاشْتِياقاتِ الطُّفُولَةِ وَالشَّبابِ |
الأرْضُ تُنْكِرُنِي لأنَّكَ لم تُعانِقْني وَتُلبِسْني ثِيابِي |
كُلُّ البَلابِلِ قَد وَقَفْنَ |
وَها سَكَبْنَ الدَّمعَ أمطاراً ببابِي |
إذ كُلَّما نَادَيتُ طَيفَكَ هَزَّني لَحنُ الغِيابِ |
وَبَذرتُ دَمعيَ في بَساتِينِ المحبَّةِ .. |
زَنْبقاً قَد رَاعَهُ أثَرُ النُّدُوبْ |
فَالأهلُ ضَاعُوا في دَهالِيزِ الغُرُوبْ |
وَأنا إلى عَينَيكَ مِثلُ حَمامةٍ بَيضاءَ خَائِفَةٍ أؤُوْبْ |
وَلَمْ أزَلْ وَطَناً تُجَرجِرُهُ الخَسائِرُ وَالحُرُوبْ |
فَأينَ تَسْكُنُ يا حَبِيبُ..؟ |
وَلمْ تَكُنْ يَوماً بَعيداً عَنْ دَمِي |
إِذْ أنْتَ يا أمَلِي قَريْبُ |
فَمَتَى تَجيءُ إلى تُرابِكَ |
كَيفَ يُنْكِرُني صَدَاكْ..؟ |
سَأبِيعُ أسوِرَتي وَبَيتِي كَي أراكْ..؟ |
فَمَتَى أراكَ..؟ |
يَا عَاشِقاً مَا كانَ لِي إلاَّ نَشيداً خَالِدا |
إنِّي رَأيتُكَ عِبرَ أسوارِ اشْتِعالِي عَائِدا |
وَرَأيتُ حُلْمَكَ أمْنِياتٍ قَد ذَوَيْنَ فَراقِدا |
وَرَأَيتُ شَعبَكَ جائِعاً وَمُحَارَباً وَمُشَرَّدا |
قَد صَارَ فَجرُكَ أحْمراً لا يَسْتَقِيلُ |
مِنَ النَّزيفِ علَى خُطَايا |
إنَّ المرايا أدْمَنَتْكَ تَضُمُّني.. |
هَلْ سَوفَ تَنْساكَ المرايا..؟ |
وَضَفائِرِي لَمّا تَزَلْ.. |
تَشْتَاقُ مُشطَك وَالهَدايا |
وَلَذِيذُ هَمسِكَ مُوجِعٌ |
كَقَصِيدَةٍ سِحْرِيَّةٍ سَكرَتْ بها حتَّى الزَّوايا.. |
وَحنينُ كَفّكَ وَهْيَ حَتْماً مِثلُ عُصْفُورٍ |
يُغَرِّدُ فَوقَ أغْصانِي وَصَدْري |
وَبُكاءُ أطفالٍ يَضِجُّ البَيتُ فِيْهِمْ.. |
قَد ضَيَّعُوا أفْراحَهُمْ مِنْ بَعْدِ أنْ ضَيّعتَ عُمْري |
كَبُرَتْ بِيَ الأحزانُ أطفالاً عَلَيكَ يُوَلْوِلُوْنْ |
يَجْتاحُهمْ وَهمٌ مَريرٌ عَن بَهائِكَ يَبْحَثُونْ |
وَعَلَى تَصاوِيرِ الزّفافِ |
كَانُوا حَماماً يَهْدِلُونْ |
فَمَتَى تَعُود..؟ |
فَمَتَى تَعُودُ..؟ |
مَتَى تَعُودُ إلَى صِغارِكَ أيُّها الطَّيرُ الشَّريدْ |
أيَّامُنا مَسجُونةٌ قَدْ لَفّها الموتُ الجَحُودْ |
تَتَقاذَفُ الوَطَنَ المآسي وَالكَوارثُ وَالرُّعُودْ |
وَمِثل قَلبِكَ تَائِهُونَ وَشاخِصُونَ إلى الحُدُودْ |
نَمشِي إلَيكَ فَتُثقِلُ الخَطوَ القُيُودْ |
مَتَى تَعُودْ..؟ |
بَغدادُ تَطْمُرُها القَذَائِفْ |
كَعَرُوسَةٍ ذَبِحَتْ أمانِيها العَواصِفْ |
وَالموتُ فِيها حَاكِمٌ.. |
سَيفٌ علَى الأعنَاقِ وَاقِفْ |
وَفُؤادِ طِفلِكَ مِن عَويلِ القَصْفِ رَاجِفْ |
وَعُيونُ أُمّكَ لا تَرَى بَيضَاءَ صَارَتْ |
مِثلَ يَعقُوبٍ علَى الأسوارِِ دَارتْ |
وَضَريحُ وَالِدِكَ الغُبارُ يَضُمُّهُ |
أنَا مَا غَسَلْتُه |
مُذْ كُنتَ أنْتَ تَشُمُّهُ |
وَتُرْيقُ دَمْعَكَ فَوْقَ شَاهِدَةِ الضَّريحْ |
وَأحِسُّ قَلبَكَ فَوقَهُ جُرحاً يَسيحْ |
فَتَرُومُ لَمْلَمَةَ الأماني الذَّابِلاتْ |
أوّاهُ.. يَا فَجْراً تَسَرَّبَ أُغْنِياتٍ دَامِعاتْ |
يَرسُمنَ خَارِطةَ العِراق |
أَسرابَ طَيرٍ مُبْحِرٍ بِدِمائِه |
وَدُخَانَ أسئِلَةٍ وَقَتْلى مُضَرَمينَ يَجُوبُ خَوْفَاً في فَضَائِه |