سَما فَوقَ أَعناق الرِجال عبابُ | |
|
| وَتَحتَ تخوم الأَرض غاض سَحابُ |
|
وَقَد حجبت شَمسَ العُلوم غَمامةٌ | |
|
| وَأَربى عَلى بَدر الفُنون ضَباب |
|
وَأَصبَحت الآداب تَبكي إمامَها | |
|
| وَينعيه مِنها دَفترٌ وَكِتاب |
|
وَغاب شِهاب الدين عَنها فَنالَها | |
|
| عَلى فَقده دُون الأَنام مُصاب |
|
وَأَصمت سِهامُ الدَهر مِنها فؤادَها | |
|
| فَعاشَت بِلا قَلب وَذاكَ عُجاب |
|
وَأَركانها مِن بَعده قَد تهدّمت | |
|
| وَلاحَ عَلَيها يَوم فاظَ خَراب |
|
وَآوى إِلَيها البوم في عَرصاتها | |
|
|
فَلا كانَ يَومٌ سار عَنها ركابُه | |
|
| وَواراه عَنها جَندل وَتُراب |
|
لَقَد كانَ في مضمارها لَيث غابة | |
|
| يَكرّ فَلا تلوي عَلَيهِ ذئاب |
|
أَما وَمعانٍ كان أَوّل مُبدع | |
|
| لَها وَمَبان فَوقهنّ قباب |
|
وَرقة أَلفاظ وَحُسن سَلاسة | |
|
| تحلَّى بِها طُرس وَراق شَراب |
|
وَدرّ فَريد في عُقود بَديعة | |
|
| بِأَجياد حُور ما لهنّ حِجاب |
|
لَئن ماتَ هَذا السَيد الحبر وَاِنقَضى | |
|
| فَما ماتَ تَأليف لَهُ وَصَواب |
|
وَكَيفَ لَدى الأَحيا يَموت وَذكرُه | |
|
| مَدى الدَهر باق يَقتفيهِ ثَواب |
|
وَمِن عَجَب تَحويه أَرض وإنه | |
|
| لَهُ في السَما بَين النُجُوم حِساب |
|
أَيا راجِياً لِلفَوز بِالسَبق بَعدَه | |
|
| تَأخَّر فَما كُل الطُيور عُقاب |
|
وَهَيهات يَوماً أَن تَكون مدانياً | |
|
| لَهُ في ضُروب الفَضل وَهوَ عباب |
|
فَمَن رامَ يَحذو حَذوه فَهوَ قاصر | |
|
| وَلَو أَنَّهُ بَينَ الأَنام نقاب |
|
وَلِلوارد الظَمآن ماءُ علومِه | |
|
| فُراتٌ وَماء المدّعين سَراب |
|
فَكَم هَذب الانشا بنظم عَقائدٍ | |
|
| لَها بَيننا في الخافِقين طلاب |
|
وَكَم في رَسول اللَه صاغَ فُوائِداً | |
|
| بِها في جِنان المُتقين يثاب |
|
وَكَم بِنَسيم الأُنس سارَت سَفينة | |
|
| لَهُ في بِحار الوفق وَهيَ حباب |
|
وَقَد فازَ في الدُنيا بعز ورفعة | |
|
| وَنالَ بِها الآمال وَهيَ صِعاب |
|
وَهامَ لَهُ المَعقول عِندَ فِطامه | |
|
| فَأَظهَر في المَنقول مِنهُ شَباب |
|
وَلا زالَ هَذا الفاضل الحبر يَرتقي | |
|
| إِلى أَن دُعِي للخلد وَهوَ مُهاب |
|
وَجاور في دار الكَرامة رَبه | |
|
| فَطُوبى لَهُ مِن حَيث طاب مآب |
|
وَبُشراه فالرضوان قال مؤرّخاً | |
|
| إِلى الحُور في الفَردوس راح شِهاب |
|