إِذا ما زَماني بِالقَنا وَالقَواضب | |
|
| عَليّ سَطا في مصر سَطوة غاضبِ |
|
وَبارزني مِن غَدره وَهوَ جاهلٌ | |
|
| لَقدري بِماش مِن ذَويه وراكب |
|
وَقَد حدّثته النَفس وَهيَ غَوية | |
|
| بِنَصر عَزيز فيهِ هَضم لِجانبي |
|
وَأَيقن أَني عاجز عَن لِقائه | |
|
| وَأَنيَ ضاقَت بي عَليّ مَذاهبي |
|
حَملتُ عَلى أَبطاله بِبَسالة | |
|
| وَبَددَّتُهم في شرقِها وَالمَغارب |
|
وَلي مَعْه مِن عَهد الفِطام وَقائعٌ | |
|
| بِأَيسرها تَبيضُّ سود الذَوائب |
|
فَكَيفَ بِما يَرجو يَفوز وَإِنَّني | |
|
| صَبور عَلى الهَيجاء ماضي المَضارب |
|
وَلي صارم في حدّه الحَتف كامَنٌ | |
|
| يَبلغني ما أَشتَهي مِن مَآرب |
|
وَإِني أَنا المَنصور في كُل مَعركٍ | |
|
| عَلى معتد بِالكُتب لا بِالكَتائب |
|
وَبِالذُل لا أَبغي يَساراً وَلا بقا | |
|
| وَلي العِز يَحلو فيهِ مُرّ المَشارب |
|
فَدَعني بِلا مال أَعيش منزَّهاً | |
|
| مَدى العُمر عَن نَقص وَأَدنى مَعايب |
|
وَخَلّ وَضيع الأَصل يَركض بِخَيله | |
|
| بِمضمار لَهو لاغتنام المَناصب |
|
أَلم يَدر أن الأَشقياء غِناهمُ | |
|
| سَريعاً بِهِ تودى صروفُ النَوائب |
|
وَأَن نَعيم الأَتقياء هُوَ الَّذي | |
|
| يَكون عَلى طُول المَدى غَير ذاهب |
|
أَبى اللَه أَني رَغبة في تَقدّمٍ | |
|
| أَميلُ إِلى فعل الخَنا وَالمَثالب |
|
وَأَخلع جِلباب التنسك وَالتُقى | |
|
| وَمَن دُون هَذا الخَلع قطع التَرائب |
|
وَتَهدم بُنيان العَفاف دَناءة | |
|
| بِها يَرفَع المَخفوض بَيت المَكاسب |
|
وَأَنقض بَعد الشَيب عَهد صِيانة | |
|
| وَإِنَّ اِبتِذال الحر شرّ المَصائب |
|
وَأَرفض بعد الأَربَعين أَمانة | |
|
| وَلِلمَوت أَولى مِن خِيانة شائب |
|
وَأَرغب عَما فيهِ لِلحَق نَصرة | |
|
| إِلى باطلٍ شينٍ وَخيم العَواقب |
|
وَأَرحل عَن رُكن الخُمول وَلِي بِهِ | |
|
| إِقامة ناءٍ عَن عدوّ وَصاحب |
|
وَما لي بِهِ أَبغي بَديلاً وَإِنَّهُ | |
|
| كَصَومَعة في رَأس طودٍ لراهب |
|
وَلَو أَنَّني فيهِ يُخلَّى بِلا أَذىً | |
|
| سَبيلي لَما زَحزحتُ عَنهُ رَكائبي |
|
وَلَكن بِهِ تَنساب حَولي ضَئيلة | |
|
| مِن الرقط في سرب لَها مِن عَقارب |
|
وَتَرقب مني بِالخَديعة غَفلةً | |
|
| وَإِني لَيَقظان كَثير التَجارُب |
|
وَتَنصب لي أَشراكها كَي تصيدني | |
|
| عَلى زَعمِها في حالِكات الغَياهب |
|
وَمن كل فَجٍّ تَقتفيني بِأَمرِها | |
|
| شَياطينها في مهمهٍ وَسَباسب |
|
وَأَعوانها تَنقضُّ في كُل لَحظة | |
|
| عَليّ بِسَهم للمقاتل صائب |
|
لَها الوَيل هَل أَخشى لقاها وَإِنَّها | |
|
| لَها شبه في ضعفها بِالعَناكب |
|
وَمِن عَجَب في السلم أَني بموطني | |
|
| أَكون أَسيراً في وثاق الأَجانب |
|
وَأَن زَعيم القَوم يَحسَب أَنَّني | |
|
| إِذا أَمكَنتني فُرصة لَم أُحارب |
|
وَأَنيَ أَغضي عَن مَساوٍ عَديدة | |
|
| لَهُ بَعضَها يَقضي بِخَلع المَناكب |
|
وَأضرب صَفحاً عَن مَخاز أَقلُّها | |
|
| لَدى العدّ لا تحصى بدفتر كاتب |
|
أَأَتركها مِن غَير نَشر فَينطَوي | |
|
| بِأَوطاننا فيها لِواء المحارب |
|
وَهَل يجعَلُ الأَعمى رَئيساً وَناظِراً | |
|
| عَلى كُل حَربيّ لَنا في المَكاتب |
|
وَمن أَرضه يأتي بِكُلِّ ملوّثٍ | |
|
| جَهول بِتَلقين الدُروس لِطالب |
|
فَيَمكث في مَهد المَعارف بُرهةً | |
|
| مِن الدَهر مَغموراً بِبَحر المَواهب |
|
وَيَغتَنم الأَموال لا لِمنافع | |
|
| تَعود عَلى أَبنائِنا وَالأَقارب |
|
وَلا يَنثني عَن مَصر في أَيّ حالة | |
|
| إِلى أَهله إِلّا بملء الحَقائب |
|
فَما لي أَرى هَذا المَهين قَد اِعتَدى | |
|
| وَدَبَّت أَفاعيهِ عَلى كُل ناجب |
|
وَبِالغُش وَالتَدليس سوّد وَجهه | |
|
| وَبيّض عَينيه ببول الثَعالب |
|
وَمَدّ إِلى البُهتان وَالزور باعه | |
|
| وَما صدّه لَومٌ وَلا عَتبُ عاتب |
|
وَلا قابل الإحسان إِلّا بضدّه | |
|
| وَلا قامَ لِلعرفان قَط بِواجب |
|
وَكانَ لِأَبناء المَدارس قَبله | |
|
| ضِياءُ عُلوم يَزدري بِالكَواكب |
|
فَلما بَدا في أُفقهم وَهوَ مُظلم | |
|
| تَوارى ذَكاهُم في خِلال السَحائب |
|
فَلا كانَ يَوم فاز فيهِ بِخدمة | |
|
| وَقُوبِلَ مَع أَمثاله بِالرَغائب |
|
وَأَصبَح في ثَوب الرَفاهة رافِلاً | |
|
| وَقَد كانَ عَرياناً حَليف المَساغب |
|
وَكُل امرئ في الجَيش يَعلم أَنَّهُ | |
|
|
|
| خُلاصة أَرباب الفهوم الثَواقب |
|
وَأَن فُنون العَسكرية لَم يَكُن | |
|
| بِها قَبلَهُ ما أَودَعت مِن غَرائب |
|
وَأَن رِجال الحَرب لَولا سداده | |
|
| لَكانوا سَواء مَع ذَوات العَصائب |
|
وَأَن سِلاح الجَيش لَولا ما بَدا | |
|
| بِأَحسَن سَبك في بَديع القَوالب |
|
وتاللَه لَولا أَنَّه في ذمامنا | |
|
| لَباء بِما لاقى يَسار الكَواعب |
|
وَصُلتُ عَلى الأَوباش أَبناء جنسه | |
|
| كَصَولة ضرغام حَديد المَخالب |
|
وَأَجليتُهم عَما لنا مِن مَدارس | |
|
| بِها لا تَرى مِنهُم سِوى كُل لاعب |
|
وَأَنقذتُها إِن صادَفتني عِنايةٌ | |
|
| إلهَيةٌ مِن كُلِّ غرّ مُشاغب |
|
وَنَزَّهتها عَن كُل ما فيهِ رَيبة | |
|
| وَما فيهِ للتأخير أَدنى شَوائب |
|
رُويدك يا مَغرور لَيسَ بِضائر | |
|
| لَنا مِنكَ في شَيءٍ مَقالةُ كاذب |
|
أَتنكر ما سُدنا به مِن مَعارفٍ | |
|
| عَلى حاضر مِنكُم بِمَصر وَغائب |
|
فَبينوا عَن الأَوطان فَهى غَنية | |
|
| بِأَبنائها عَن كُل لاهٍ وَلاعب |
|
وَما أَنتُم أَهل لأَدنى رِياسة | |
|
| عَلى مَن بِها مِن تُرْكِها وَالأَعارب |
|