عناوين ونصوص القصائد   أسماء الشعراء 
شعراء الفصحى في العصر الحديث > غير مصنف > عازار نجار > الشهيد الحي ( وليم السعد )

غير مصنف

مشاهدة
450

إعجاب
0

تعليق
0

مفضل
0

الأبيات
0
إغلاق

ملحوظات عن القصيدة:
بريدك الإلكتروني - غير إلزامي - حتى نتمكن من الرد عليك

إرسال
انتظر إرسال البلاغ...

الشهيد الحي ( وليم السعد )

نِصْفُ قَرنٍ وَ لَمْ أُبدِّلْ حِذَائِي
وَ رِدِائِي قَدْ صَارَ مِنْ أَعْضَائِي
نِصْفُ قَرْنٍ ونَيِّفٍ وَ الرَّزَايَا
تَنْفُثُ القَهْرَ وَ الأَسَى في دِمَائِي
نِصْفُ قَرْنٍ لَمْ يَرْتَسِمْ لِيَ ظِلٌّ
وَ كَأنِّيْ أَهِيمُ في دَهْمَاءِ
أَتَلَوَّى وَ البُؤْسُ يَنْهَشُ أَحْشَائِيْ
بَأَنْيَابِ حَيَّةٍ رَقْطَاءِ
صَامِتٌ وَاجِمٌ أُدَنْدِنُ أَوْجَاعِيْ
أُغَنِّيْ أُنْشُوْدَةَ الأَشْقِيَاءِ
لَيْتَنِيْ لَمْ أَكُنْ أَتَيْتُ إلى الدُّنْيَا
فَكُنْتُ اسْتَرَحْتُ مِنْ أَعْبَائِي
يُقْبِلُ اللَّيْلُ وَ النَّهَارُ وَ يَمْضِيْ
وَ شَقَائِيْ يَجْتَرُّ مُرَّ شَقَائِي
شَاءَنِيْ الدَّهرُ أَنْ أَكُوْنَ تَعِيْسَاً
فاسْتَضَافَ الآلامَ في أَحْشَائِي
كَفَحِيْحِ الحَيَّاتِ بَيْنَ ضُلُوْعِيْ
وَ عَوِيْلِ الرِّيَاحِ في البَيْدَاءِ
وَ سَعِيْرٌ في دَاخِلِيْ يَتَلَظَّى
كَلَهِيْبِ النِّيْرانِ في الرَّمْضَاءِ
أَوْغَلتْ غَضْبَةُ الحَيَاةِ فَأَصْبَحْتُ
رَمِيْمَاً يَمْشِيْ عَلَى الأَشْلاءِ
كُنْتُ أُصْغِيْ إِلَيْهِ وَ اللَّيْلُ دَاجٍ
وَ فُؤَادِيْ يَنُوْءُ بِالأَرْزَاءِ
وَ تَدَاعَى وَ قَدْ أَفَاقَ مِنَ الحُمَّى
وَ عَادَتْ إِلَيْهِ رُوْحُ البَقَاءِ
قالَ:
هَذِهِ قصَّتِيْ فَقُلْ أَيَّ شَيءٍ
عَنْ عَذَابِيْ وَ مِحْنَتِيْ وَ عَنَائِيْ
قُلْتُ يَا صَاحِبِيْ وَ قَدْ غَلبَتْنِيْ
هَزَّةُ العُنْفُوَانِ وَ الغُلَوَاءِ
إنَّ جُرْحَاً كَمِثْلِ جُرْحِكَ هَذَا
سَوْفَ يَبْقَى شَهَادَةً لِلوَفَاءِ
كُنْ قَوِيِّاً وَ لا تُبَالِ فَهَذِيْ
الأَرْضُ صَارَتْ أُسْطُوْرَةً لِلْفِدَاءِ
كُنْ كَمَا تَقْتَضِيْ المُرُوْءَةُ وَ اشْمَخْ
قِمَّةُ البَذْلِ مَذْهَبُ الشُّرَفَاءِ
مَنْ سِوَى التَّافِهِ الَّذِيْ يَبْتَغِيْ
الشَّأنَ وَ يَسْعَى مِنْ أَجْلِ ذُلِّ الثَّرَاءِ
مَنْ عَظِيمٌ كَمِثْلِ هَذا الَّذَيْ
أَعْطَى دِمَاهُ هَدِيَّةَ العَلْيَاءِ
عَشِقَ المَوْتَ كَيْ يَكُوْنَ عَزِيْزَاً
رُغْمَ أَنْفِ الطُّغَاةِ وَ الجُبَنَاءِ
غَضَّنَتْ وَجْهَهُ السِّنينُ وَ قَدْ
غَارَتْ بِعَيْنَيْهِ وَمْضَةُ النَّعْمَاءِ
عَزَفَتْ أَنْمُلُ القِفَارِ أَغَانِيْهِ
نَشِيْدَاً مُفَجَّعَ الأَصْدَاءِ
في وَمِيْضِ البُرُوْقِ في دَجْنَةِ اللَّيْلِ
وَ زَجْرِ الرُّعُوْدِ في الأَنْوَاءِ
أيُّهَا الفَارِسُ الَّذِيْ نَصَّبَ المَجْدُ
بِعَيْنَيْكَ عِزَّةَ العُظَمَاءِ
قُلْ لِهَذا المَدَى تَوَقَّفْ فِإِنِّيْ
لَمْ أَزَلْ كَالشُّعَاعِ في الظَّلْمَاءِ
أَنْتَ يَا صَرْخَةَ الزَّمَانِ وَ يَا صَمْتَ
اللَّيَالِيْ يَا مُلْهِمَ الشُّعرَاءِ
كَحَّلَ الفَجْرُ جَفْنَهُ بِكَ لمَّا
نَزَفَ الجُرْحُ هَازِئَاً بِالفَنَاءِ
إنَّنِيْ أَقْرَأُ الزَّمَانَ مَجِيْدَاً
بَيْنَ جَفْنَيْكَ أيُّهَا المُتَنَائِيْ
نَحْنُ أُسْدُ العَرِيْنِ أَهْلُ السَّجَايَا
نَحْنُ رِفْدُ العَطَاءِ والكِبْرِيَاءِ
قَالَ لِيْ كُلَّمَا تَذَكَّرْتُ نَفْسِيْ
في هِضَابِ الجَوْلانِ كَبْشَ فِدَاءِ
أَرْعَدَ الكِبْرُ في كَيَانِيْ وَ خلْتُ
البَرْقَ مُهْرِي وَ الحَشْرَ تَحْتَ حِذَائِي
وَ تَرَاخَى وَ أَطْبَقَ الجَفْنَ مَحْمُومَاً
وَ هَزَّتْهُ رَعْدَةٌ مِنْ حَيَاءِ
يَرْقَبُ الصُّبْحَ كَيْ يَزُفَّ إِلَيْهِ
قَبَسَاً مِنْ تَأمُّلٍ وَ رَجَاءِ
تَتَرَاءَى في مُقْلَتَيْهِ الأمَانِيْ
وَ بِعَيْنَيْهِ عَالَمٌ مِنْ شَقَاءِ
لَمْ تُزَعْزِعْ مِنْهُ الرَّزايَا مَضَاءً
فَازْدَرَاهَا بِنَظْرَةٍ خَرْسَاءِ
أَتْعَبَ الصَّبْرَ صَامِدَاً مِثْلَ طَوْدٍ
في مَهَبِّ الزَّوَابِعِ الهَوْجَاءِ
كَعُقَابٍ أَرْخَتْ جَنَاحَاً وَ نِسْرٍ
زَعْزَعَتْهُ الرِّيَاحُ في الأَجْوَاءِ
حَمَلَ الجُرْحَ بَاسِمَاً يَتَبَاهَى
بِسِلاحَيْنِ نَخْوَةٍ وَ مَضَاءِ
هَكَذَا كَانَ وَ الشُّموخُ بِعَيْنَيْهِ
رَصِيْنٌ مُضَمَّخٌ بالرَّجَاءِ
ضَاحِكَاً سَاخِرَاً يُجَرِّرُ أَذْيَالَ
المآسِيْ إلى المَتَاهِ النَّائِيْ
كَالغزَالِ الجَرِيْحِ ضَلَّ طَرِيْقَ السِّرْبِ
يَمْشِيْ مِنْ شِدَّةِ الإِعْيَاءِ
حَضَنَتْهُ مَفَازَةُ القَفْرِ مَنْهُوكَاً
كَلِيْلاً مُضَرَّجاً بِالدِّمَاءِ
فَهَوَى يَلْثُمُ التُّرَابَ وَ في عَيْنَيْهِ
عُنْفُ الحِجَارَةِ الصَّمَّاءِ
أينَ مِنْكَ العَطَاءُ يَا وَاهِبَ
النُّعْمْى لأَرْضٍ تَبَارَكَتْ بالعَطَاءِ
هَذِهِ الأَرْضُ لَنْ تُذَلَّ وَ فِيْهَا
أَلْفُ وَجْدِيْ وَ خَالِدٍ وَ سَنَاءِ
أمَّةٌ تُشْرِقُ المَكَارِمُ فِيْهَا
مِنْ سَنَاءٍ مُعَمَّدٍ بالسِّنَاءِ
فَتَمُرُّ الأَجْيَالُ تَسْأَلُ عَنْ
قَوْمٍ أُبَاةٍ تَأَزَّروا بالإِبَاءِ
حَمَلُوا رَايَةَ الجِهَادِ وَ سَارُوا
كَأُسُوْدٍ في سَاحَةِ الهَيْجَاءِ
إنَّها أُمَّةُ المَيَامِيْنِ أَرْضُ الفَخْرِ
وَ العِزِّ وَ العُلا وَ العَطَاءِ
حَبَّذَا المَوْتُ في سَبِيْلِكِ يَا أَرْضَ
البُطُوْلاتِ .. قِبْلَةَ الشُّهَدَاءِ
لَنْ تُسَمَّى الأَمْجَادُ إلاَّ إِذَا صِيْغَتْ
وَ خُطَّتْ بِأَحْرُفٍ مِنْ دِمَاءِ
عازار نجار

جلستُ أحدِّثُه عن ماضيهِ وأسألُه عن هذا الزَّمنِ الطَّويلِ الَّذي صارَ ما يعادلُ نصفَ قرنٍ ونيِّفٍ منذُ حرب 1948. وكانَ في طليعةِ المجاهدين آنذاك في هضابِ الجولان حيثُ أُصيبَ بطلقٍ ناريٍّ في رأسهِ ولكن لم يمت بل أدَّى ذلكَ إلى شللِ جسمهِ وأصبحَ مقعداً سجيناً بين أربعةِ جدرانٍ وحيداً معزولاً عن العالم. سبعٌ وخمسونَ عاماً وهو على هذهِ الحالِ ولا يزال يصارعُ الحياةَ بجبروتٍ وصمتٍ فقال :
بواسطة: مهند عازار نجار
التعديل بواسطة: مهند عازار نجار
الإضافة: السبت 2013/12/21 08:38:15 مساءً
إعجاب
مفضلة

أضف تعليق

يجب تسجيل الدخول أو الاشتراك أو تفعيل الحساب اذا كنت مشترك لإضافة التعليق


أعلى القصائد مشاهدة للشاعر
أعلى القصائد مشاهدة خلال 24 ساعة الماضية
انتظر معالجة القصيدة ...
جميع الحقوق محفوظة لبوابة الشعراء .. حمد الحجري © 2005 - برمجة وتصميم
info@poetsgate.com