قَطعَتْ بنا حُجُبَ المكان بدائعٌ:
|
بدع العُروبةِ تستضيءُ غِلاسا
|
أرضُ الحجاز وفَيْضُ نورٍ وسْمُها
|
مِن روْض شاعرها اقتطعْتُ غِراسا
|
نشِطتْ به روح ُ الزمان تآنُسا
|
وجرى النّدى ..في حوضها ميّاسا
|
خيْرٌ من البحْرين عاتٍ موجُه
|
مِن همسة النجْوَى همَى جوّاسا
|
واستكْشَفَ النظمَ المُطرّزَ دُرُّهُ
|
وبماءِ عِطرٍ داعَبَ الجُلاسا
|
وتَراقَصَ الظبْيُ البَهِيّ ُ بمسقطٍ
|
فشدا دُبيّ ٌ ..طرّب الأجناسا
|
وبليبيا الإخوانُ والخِلانُ والْ
|
مُختارُ كَم يعْتامُها الأهواسا
|
حتى استبانتْ نائباتٍ لا تَنِي
|
وأذلّتِ الدجّالَ والنخّاسا
|
مليونُ صيّادٍ يَتامَى دهْرِهِم
|
حذِقُوا الرّماية في البحار مِراسا
|
ونُواقُ شطٍ ّ لا يُطال مَجالُها ..
|
يا لَلنِّياق تغالب الأفراسا
|
ومراكِشٌ.. من سحْر جوْهرها ازدَهَتْ..
|
زادت على الدّرَرِ النِّفاسِ نِفاسا
|
آياتُ فجْرٍ في الرباط مُصِيخة ٌ
|
للْجامع القرَويِّ تعْشق فاسا
|
وبطنجة الهِمَمُ الشِّماخُ مُنيبة ٌ..
|
فأجازها ابنُ بطوطةٍ مِكناسا
|
وبِشارِدِ الأبعادِ يَرسُم شاعرٌ
|
ويُلمْلمُ التّرديدَ والأنْباسا
|
كلُّ ُ الرؤوسِ الشامخاتِ جزائرٌ ..
|
والشِّعْرُ يهفو هائما نوّاسا
|
يستنْبس التاريخَ أمجادا خَلَتْ
|
أمْست لترْسيم العُجاب قياسا
|
قطْرُ النّدَى ينثال مِن قطَرِ الجَوَى
|
ويُحَرّك الوجدانَ والإحساسا
|
وسْمٌ على الأكتاف بلَّغَنا الذرَى:
|
حَرْفُ الجزيرة لم يعُدْ همّاسا
|
صَدّاحُ رأيٍ يَرتدي أكفانَه
|
لا يعْرف التَّكْتيم والإحْباسا
|
تابوتُه عنوانُ مجْدٍ صارخٍ:
|
مَضْغُ العظام يُكَسّرُ الأضراسا
|
وشَدا الكويتُ على الرّوابي ساجيًا
|
يدعو الضياء ويرْجُم الأغلاسا
|
العاتياتُ من الدهور تبدّدتْ ..
|
هُوجُ النِّبال تُراقِصُ الأقواسا
|
والبلبلُ المجروح في الصومال ما
|
فقَدَ الكلامَ ولا الفنونَ تناسى
|
بالحُلْمِ يسْتمْري الرّوِيّ مُحلِّقا
|
كيْ لا يُهانَ وبالفُجور يُداسا
|
نهْرٌ على الأردُنِّ يمْرُد ساجيا
|
متَرصّدا شيخا أناخ وقَاسَى
|
مرّ الزمانُ ولم يزل متعطشا..
|
أشواقُنا مُلئتْ له أنفاسا
|
مالت إلى النيل المتيَّمِ رحلتي
|
في خاطري لم تحْتملْ إحْباسا
|
خرطومُه يَرْوِي الثرَى من موْجِه
|
خيرًا يُوحّد رَكعة ً وقُداسا
|
آمونُ والهرَمُ المشمّخُ راصد
|
تاريخ َ مجدٍ أنْطَق الأرْماسا
|
وتحيَّرتْ حِقَبُ الدهور وما درَتْ
|
|
ذاك اِبنُ عاصٍ عاصمٌ لمْ ينْحَنِ
|
ومُعزّ مصرٍ أوقدَ النِّبراسا
|
يا نجْمَ بلقيسٍ.. سليمانٌ هفا
|
والهدهدُ السّاري غدا حَرَّاسا
|
أنتِ النفائسُ والصروح عرائسٌ
|
والشِّعر يرقص مطْربا مئناسا
|
مِن منْهَل اليَمَن المضمّخ كوثرا
|
|
|
لله أبطالٌ بلبنانَ العَصِي
|
بلَغُوا السماءَ وقبّلوا الأشماسا
|
خلعوا رداءَ الذلّ عن متثائبٍ
|
يتعشّق النوْم َ الكئيبَ لِباسا
|
رفعوا الرؤوس وحرّكوا فينا الجوَى..
|
ولَكَم حسِبْناه الجوَى إفلاسا
|
وإلى الشّآم عطفْتُ أشعارا جرَتْ
|
تستعجلُ الأنْواق والأفراسا
|
وعلى القوافي الحالمات رحيلُنا
|
صوْبَ العيون الشاربات نعاسا
|
تُغْري بكحْلٍ ليس يزعجه النوَى
|
لكنْ صُراخُ اللوْمِ صمْتُه جاسا
|
في ذروة الجُولانِ صُبّوا آهَتي
|
كي تُنْبتَ الآقاحَ والأوراسا
|
عانِقْ لنا الشرفَ الأبيّ بغزّةٍ
|
والضفّةِ العصماءِ بأْسًا باسَا:
|
بِنْتٌ على التاريخ مِن دمِها عوَى
|
عُنُقُ الجبابرِ راكعًا خَنّاسا
|
لم تنتظرْ هِممًا .. ولا هِمَمٌ بَدتْ..
|
هيَّ الحجارة ُ ..تَرجُم الأنْجاسا
|
وتوثّبتْ من دجلةٍ آهاتُه..
|
وتفجّرتْ أرضُ الفرات شِراسا
|
فهفا القصيدُ إلى الرصافة ناغيًا
|
وعلى جِنان الكرْخ غازَل آسا
|
عَلّ العراق وقد هَوى ..منه الهوَى
|
يَجْتاحُ يوما قلبَه الحسّاسا
|
وبمهجتي أرضي الحبيبة تونسٌ
|
مِن أنْسها نستلهم الإيناسا
|
ونوزّعُ الحبَّ الذي صعِد الذرَى:
|
نُورَ العلوم مدوّيًا جّراسا
|
قَطعَ الأباعدَ واستقرّ مهلّلا
|
يبْني الصروح ويَدْعَمُ الآساسا
|
عِبرٌ تُخَبّرُعن مبادئ عالَم
|
هبّ ابنُ خلدونٍ لها أسّاسا
|
يا ليلَ صبٍّ عاشقٍ مترقِّبٍ
|
أوقِدْ مع الحُصَرِي الحُروفَ قباسا
|
مِن قبْلِ ما اليومُ المرقّبُ ينْبرِي
|
ونظلّ ُ في الوجَع العميق حِباسا
|
يا منتدى الأحباب ..روحي منتشٍ
|
مِن عشق خلاني شربْتُ هُلاسا
|
هذا الفؤادُ مُضمّخٌ بعصيركمْ..
|
فخُذوا فؤادي.. هائما هَوّاسا.
|
حتى الجنونُ بحبّكمْ متعقِّلٌ
|
في القمقم السحريِّ مُسّ مَساسا
|